رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

العلاقات «الجزائرية – الصينية».. صفقات طائرات وشراكة استراتيجية

نشر
الأمصار

تجمع الجزائر والصين علاقات صداقة منذ القدم على المستويات المختلفة سواء سياسية ، اقتصادية، عسكرية وأمنية، حيث قد أعطى التوقيع على إعلان الشراكة الإستراتيجية الشاملة فى مايو 2014 دفعة قويًة للعلاقات بين البلدين.

فلقد كشف موقع «ديفونس اكسبريس»المختص في الشأن العسكري أن الجزائر حصلت على 5 طائرات بدون طيار من طراز CH-5 التي تتميز بأنها يمكنها البقاء في الهواء لمدة تصل إلى 30 ساعة دون انقطاع بينما تغطي مسافة تصل إلى 10000 كيلومتر بسرعات تصل إلى 220 كم / ساعة، ويتطرق التقرير التالي إلى الجانب الأمني والعسكري في العلاقات بين البلدين فيما يلي:

 

صفقات متعددة

إلى الآن باعت الصين طائرات استطلاع بدون طيار للجزائر بما في ذلك 5 طائرات من طراز CH-3، و5 طائرات من طراز CH-4 في عام 2018، كما أنه بنهاية 2022، سيكون للجيش الجزائري أسطول من 60 نوعًا مختلفًا من الطائرات بدون طيار، حسب المصدر ذاته، وليست هذه الصفقة هى الأولى بل هى امتداد لعدد من الصفقات العسكرية حيث أشار الموقع أن الجزائر مشتري منتظم للأسلحة وأنظمة الأسلحة الصينية حيث أنه في عام 2020 ، أصبحت الجزائر الدولة العربية الأولى التي تحصل على أنظمة مكافحة الدبابات الصينية المحدثة Red Arrow-12 ، والمعروفة أيضًا باسم HJ-12.

واتصالًا بذلك كشف موقع  «مينا ديفونس» المختص في الشأن العسكري عن اقتناء الجيش الجزائري لأحدث منظومة دفاع إلكترونية متطورة، والدليل على ذلك أنه قد ظهر في نهاية العام الماضي نظام جديد بالجيش الجزائري عبارة عن منظومة متكاملة للحرب الإلكترونية، أنتجته شركتا ELINC وCEIC الصينيتان.

وقد دخل هذا النظام الخدمة في الجيش الجزائري مؤخرًا، كما أنه ليس نظام الحرب الإلكترونية الوحيد الذي يستخدمه الجيش الجزائري، بل يجمع بين ترسانة من المعدات الصينية والروسية، ويتميز نظام هذه المنظومة الدفاعية بعدة خصائص هى:

  • القدرة على الدفاع والهجوم، وهو أكثر حداثة من منظومة LDK-190، وكشف رادارات العدو لمسافة 600 كم وتحديد المواقع وتصنيف تحركات العدو على هذه المسافات وحماية الرادارات والأنظمة المضادة للطائرات من الصواريخ المضادة للإشعاع من خلال “تغطية” ترددات الرادار ومنع الاتصالات لمسافة 300 كم ومنع العدو في الجو والبحر والبر من استخدام أنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية لمسافة 300 كم وترددات التدافع من 0.5 إلى 40 جيغا هرتز.
  • كشف الطائرات والسفن الشبحية علاوة على كشف الطائرات بدون طيار التي يتم توجيهها عن بعد وإزالة ارتباط البيانات الخاص بهم بالأرض فضلًا عن طائرات AEW على مسافة 500 كم وحرق وإتلاف بعض المعدات اللاسلكية بقوة نقل موجهة تبلغ 500 كيلو واط.

ويتصل هذا بصفقات الأسلحة السابقة بين البلدين حيث أنه في  2017 عرض الجيش الجزائرى صورًا لمدافع هاوتز ذاتية الدفع صينية الصنع من طراز LZ 45155، كما تعاقدت الجزائر مع الصين من أجل تزويدها ب 50 صاروخاً مضادًا للسفن من طرازCC – 802 ، وأيضًا صواريخ أرض جو من طراز FM 90  ، وفى شهر يوليو 2017 تسلمت البحرية الجزائرية ثالث وأخر طراد من طراز C28A  والتى تم التعاقد عليها منذ شهر مارس 2012، ولم يتوقف التعاون الصينى الجزائرى عند حد الصفقات العسكرية ليمتد إلى الفضاء فقد أطلقت الجزائر عام 2017 أول قمر صناعى موجه للاتصالات السلكية واللاسلكية والبث الاذاعى والتلفزيون والانترنت من قاعدة فضائية فى الصين، ويحمل القمر إسم “ألكوم سات”.

علاقات ممتدة

صفقات السلاح تعكس تاريخ علاقات القوي بين البلدين حيث في القدم كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة وذلك في ديسمبر 1958 وعلى الجانب الاقتصادي بدأت العلاقات التجارية بين البلدين في التوسع بعد التسعينيات وذلك بعد أن تخلت الجزائر عن الإشارات الرسمية للاشتراكية وامتدادًا لذلك ففي عهد شي جين بينغ كان منتدى التعاون الصيني ومنتدى التعاون الصيني العربي الأفريقي بمثابة المنتديات متعددة الأطراف الرئيسية للشراكة الجزائرية الصينية، فاستراتيجية الشراكة التي تبنتها بكين تعد جزءً أصيلًا من إعادة تشكيل الصين نهجها تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

دوافع الجزائر

إن حصول الجزائر على صفقة الطائرات يحمل عدة دوافع أساسية ويمكن توضيحهم كما يلي:

  • تعزيز المقدرات العسكرية للجيش الجزائرى ورفع قدراته القتالية والاستخباراتية واللحق بالركب التكنولوجي في الأسلحة الحديثة.
  • تعزيز الأمن القومي الجزائري من خطر الجماعات الإرهابية الآتية من لييبا وهنا نرجع إلى زيارة الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” والتي حملت نفس الهدف ويجدر القول هنا أن هذه الصفقة جاءت بعد أيام من الزيارة الرسمية بما يعكس عمل الجزائر على اتخاذ خطوات فعلية تجاه أمنها القومي.
  • النقطة الأهم وهى تحقيق هدف التفوق العسكري على المغرب وتعزيز مكانتها على المستوى العربي والإقليمي والقاري، هنا يتضح أن هذا الهدف يكون في إطار سباق التسلح بين الجانبين الجزائري والمغربي وسعي كل دولة لرفع قدراتها العكسرية لحسم السباق لصالحها والتفوق في سياسة الردع.
الرئيس الجزائري

تنويع مصادر

تأتي هذه الخطوة أيضًا من منطلق تنويع الجزائر لمصادر الأسلحة؛ نظرًا لأن روسيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا من الوجهات الأساسية التي تعتمد عليها الجزائر في شراء أسلحتها وأيضًا من جانب آخر وهو وجود حظر على استيراد الأسلحة من تركيا بسبب الحظر الأمريكي المقرر على الطائرات التركية بسبب موقفها في قضية أذربيجان ومن جانب آخر أن تركيا على علاقات عسكرية قوية مع المغرب منافس الجزائر وبالتالي نأت الجزائر عن من يمول الأسلحة لمنافستها.

 

سباق تسلح

يدل الحصول الجزائرى على صفقة الطائرات الصينية على رغبتها لتعزيز أمنها ضد المخاطر الإرهابية التي تتعرض لها من ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء  وأيضًا تعزيز مكانتها العسكرية، كما أنها في الوقت نفسه تعكس سباق التسلح بين الجزائر والمغرب الأمر الذي يعود بالأذهان إلى الحديث عن مخاوف قيام حرب بين البلدين فعلى الجانب المغربي حصل المغرب  على طائرات بدون طيار تركية وإسرائيلية وذلك أزعج صناع القرار داخل النظام العسكري الجزائري؛ وهو ما دفعهم إلى الانفتاح على السوق الصينية من أجل الحصول على المقاتلات نفسها حيث أن المغرب يستعد لدخول عصر الصناعات العسكرية في ظل البيئة الدولية المضطربة،  لتحقيق اكتفائه الذاتي وتقليص قاعدته الاستيرادية من الأسلحة الدفاعية.

وفي الإطار الحديث عن سباق التسلح فالصفقة الجزائرية لم تكن الأولى من نوعها حيث كشف الموقع “مينا ديفانس” عام 2020 عن توقيع الجيش الجزائري على عقود توريد خاصة بـ14 مقاتلة شبحاً من طراز “سوخوي 57″، وبـ14 قاذفة “سوخوي 34″، وبـ14 طائرة “سوخوي 35″، لتصبح بذلك الجزائر أول دولة في جنوب حوض الأبيض المتوسط تحصل على مقاتلات شبح من الجيل الخامس، وفي مقابل ذلك حصل الجيش المغربي في نفي التوقيت

على سرب طائرات “أف-16” المقاتلة، وحصل أيضًا على 400 قاذف صواريخ مضاد للدّروع من طراز “تاو”، وأكثر من 2400 قطعة من صواريخ التردد اللاسلكي، و28 صاروخ تردد الراديو، و400 صاروخ قاذفات، إضافة إلى مجموعة ذخائر وقنابل ذكية خاصة بطائرات “أف 16″، ناهيك عن 36 طائرة مروحية من نوع “أباتشي”.

سباق التسلح بين الجزائر والمغرب

خلاصة القول: صفقة الطائرات بين الجزائر والمغرب لها دلائل على المستويات الداخلية والإقليمية والقارية حيث تعكس رغبة النظام الجزائري في تخطي أزماته الداخلية ومن الناحية الإقليمية تسعى الجزائر للحصول على مكانة رائدة لك تجد لها سبيلًا سوى الصفقات الجانب العسكري، وأيضًا تقوية مكانتها القارية في مواجة مع المغرب منافسها الأول بسبب مشكلة الساحل والصحراء وبالتالي يمكن القول بأن هذا التقارب مع الصين في الجانب الأمني والعسكري يكون من دافع سباق التسلح مع المغرب وتحقيق مكانة رائدة في المغرب العربي كله.