رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

3 برلمانات عربية لم تنجُ من الإخوان وإيران

نشر
البرلمان التونسي
البرلمان التونسي

على سطح خريطة البرلمانات العربية، بصمات إخوانية وإيرانية واضحة للخراب الذي حل بمجالسها في 3 دول عربية.

تونس وليبيا والعراق، واقع أليم تعيشه الدول الثلاث، في اثنتين منها (تونس وليبيا)، لم يهدأ بال الإخوان حتى تم حل البرلمان في الأولى وحرقه في الثانية، وأخيرا الثالثة (العراق) الذي تعطل مجلس نوابه بعد احتجاجات لأنصار الصدر ردا على محاولات قوى موالية لإيران تعطيل تشكيل الحكومة.

تونس 

في الثلاثين من مارس/آذار الماضي، أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، حل البرلمان المجمد، بعد محاولة للتمرد قادتها حركة النهضة الإخوانية.

إعلان الرئيس التونسي جاء خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي قال فيه: "حل المجلس النيابي، حفاظا على الدولة وعلى مؤسساتها".

ضرب قيس سعيد بيد من حديد مستندا إلى الفصل 72 من الدستور"، الذي ينص على "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور".

قرار جريء ومصير كان ضروريا بعد اجتماع النواب الإخوان في البرلمان المُعلق عبر الإنترنت، اعتبرته الرئاسة التونسية "تآمرا على أمن الدولة وعبثا واضحا".

البرلمان التونسي

حينها قال سعيد: "لأنّهم يعرفون أن لا شرعية ولا مشروعية لهم على الإطلاق.. نجوم السماء أقرب لهم من مساعيهم تقسيم البلاد وزرع الفتنة".

واتخذت الدولة التونسية سلسلة من الملاحقات القضائية ضد قيادات حركة النهضة الإخوانية، إثر تعنت نوابها برئاسة راشد الغنوشي، وتمردهم على الدولة وتحدي قوانينها بتنظيم جلسة عامة للبرلمان المجمد.

تجميد برلمان تونس جاء ضمن إجراءات استثنائية اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز 2021، قضت بتجميد البرلمان، لكن الإخوان حاولوا القفز عليها.

وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت هيئة الانتخابات التونسية، فوز مسودة الدستور بموافقة غالبية الشعب، مشيرة إلى أن 94.60% صوتوا بـ"نعم" لصالح الدستور الجديد.

وقبيل ساعات قليلة من اليوم الثلاثاء، من مؤتمر الإعلان عن النتائج النهائية لاستفتاء دستور تونس، هبّت رياح التغيير من القضاء برفض آخر الطعون.

ففي بيان لها، قالت المحكمة الإدارية، اليوم الثلاثاء، إنها قضت "بالرفض شكلا بخصوص الطعن الذي تقدم به (حزب آفاق تونس) ضد نتائج الاستفتاء الذي جرى في الـ25 من يوليو/تموز الماضي".

ويأتي قرار المحكمة الإدارية تأكيدا لما نشرته "العين الإخبارية" في وقت سابق، حول هذا القرار.

في هذه الأثناء، أوضحت مصادر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ"العين الإخبارية" أن هذا الطعن هو الأخير، ويعني أن نتائج الاستفتاء سليمة.

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة، في مؤتمر صحفي، مساء اليوم، عن النتائج النهائية للاستفتاء، ليدخل الدستور الجديد حيز التنفيذ رسميا.

وسبق للمحكمة الإدارية، أن رفضت في وقت سابق طعنين آخرين قدمتهما منظمة "أنا يقظ"، و"حزب الشعب يريد".

ويجزم مراقبون أن قرار المحكمة برفض كافة الطعون يمثل ضربة لإخوان تونس، ومرحلة جديدة نحو "الجمهورية الجديدة".

وفي 26 يوليو/تموز الماضي، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قبول مشروع الدّستور الجديد بعد نيله ثقة المصوّتين في الاستفتاء عليه بنسبة 94.6%.

ليبيا

منذ العام 2011، وقعت ليبيا أسيرة التحركات الإخوانية وداعميها، وأصبح شعار التنظيم الإرهابي في هذا البلد "إما الحكم وإما الفوضى".

غير أن مجلس النواب المنتخب، والممثل الشرعي لليبيين، ظل لسنوات كالشوكة في حلق الإخوان، ما جعله عرضة دائمًا للتهديدات والملاحقات الإخوانية.

ففي الأول من يوليو/تموز الماضي، خرجت مظاهرات شعبية في العديد من المدن الليبية، خاصة العاصمة طرابلس، ضد التصرفات الإخوانية، لتصل إلى عدة مدن أهمها مصراتة وبني وليد بالمنطقة الغربية وبنغازي وطبرق والبيضاء شرقا وسبها جنوبا.

مظاهرات ليبية غاضبة انتهت بإحراق الإطارات قرب المباني الرسمية، ومن بينها مقر بلدية مصراتة، ومقر مجلس النواب في طبرق، ما دفع قوات الأمن للتراجع حتى لا يحدث صدام مع المتظاهرين الذين اقتحموا المقار وحرقوا بعض المستندات.

إرث إخواني ثقيل تركه التنظيم الإرهابي على مدار أكثر من عقد من الزمان حتى باتت الاحتجاجات ضدهم وحصار مؤسسات الدولة مثلما حدث مع البرلمان أمرا اعتياديا.

أزمات متلاحقة تواجهها ليبيا بسبب عدم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كافة المدن، وتفاقم أزمة الكهرباء ورفع الدعم عن المحروقات، وتعديل حجم وسعر رغيف الخبز، وكلها أوضاع معيشية صعبة تركتها حكومات الإخوان في هذا البلد.

العراق

قادت سياسات القوى الموالية لإيران في العراق إلى احتجاجات واسعة، وسط مخاوف من عودة شبح الاقتتال للبلد العربي، انتهت بتعليق عمل البرلمان بنهاية يوليو/تموز الماضي.

حينها اقتحم المتظاهرون العراقيون المنطقة الخضراء في بغداد، ودخلوا إلى مبنى البرلمان، حيث أعلنوا عن نيتهم الدخول في اعتصام مفتوح، احتجاجًا على ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني -الموالي لإيران- لرئاسة الحكومة العراقية.

اقتحام البرلمان العراقي جاء بعد ثلاثة أيام من حدث مماثل لأنصار الصدر اعتراضا على "الإطار التنسيقي" (المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران) بتسمية "السوداني" رئيسا للحكومة.

وفي تطور ينذر باقتتال أهلي، خرج أنصار قوى الإطار التنسيقي في مظاهرات مماثلة لحماية "الشرعية والمؤسسات"، في ظل واقع تحتدم فيه الخلافات بين الصدر ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

أزمة فجرتها تسريبات منسوبة للمالكي، وتعيد إلى الأذهان صورة صراع مع الصدر يمتد إلى عام 2008، ويبدو أن التسجيلات أدخلت العلاقات بين الطرفين في طريق اللاعودة.

وقبل أيام، طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، القضاء العراقي، بحل مجلس النواب (البرلمان)، باعتبار ذلك مطلبا شعبيا وسياسيا ونخبويا "لا بديل عنه".

ولاقت دعوة الصدر تأييداً واسعاً على مستوى القوى السياسية والأوساط الشعبية بخلاف بعض الكيانات المنضوية تحت ما يسمى الإطار التنسيقي التي لا تزال ترفض المضي بذلك الخيار وتطالب باستكمال تشكيل الحكومة وفق نتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول.

وشكل الصدر مع القوى السنية الأكبر (السيادة)، والحزب الديمقراطي الكردستاني تحالف من "أجل العراق"، في مسعى لتمرير حكومة أغلبية وطنية قبل أن يقرر سحب نوابه الـ73 من البرلمان.