رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. محمد محسن يكتب: الآمال الكبرى لإنقاذ العالم

نشر
الأمصار

تتجه أنظار العالم إلى شرم الشيخ بمصر، التي تفتح ذراعيها للعالم لاستضافة مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)، في ظل ظروف حرجة من نزاعات سياسية وتحديات اقتصادية ونقص شديد في الطاقة، لم يتبق سوى أيام معدودة على الحدث العالمي الكبير لإنقاذ كوكبنا من الغرق والطوفان وجفاف الأنهار والمجاعات وانهيار اقتصاديات الدول جَراء التلوث الناتج عن الانبعاثات الكربونية وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار 1,1 درجة مئوية.

مصر في هذه القمة تضع العالم المتقدم أمام مسئولياته وتعهداته والتزاماته السابقة التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، الأمر الذي قد يهدد كوكبنا بالفناء، ففي عام 2009 تعهدت الدول الصناعية الكبرى بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل التغيرات المناخية بحلول عام  2020، ولم يتم الوفاء بهذا التعهد حتى يومنا هذا!. تطالب الدول النامية وفي مقدمتها مصر، الدول المتقدمة باحترام "تعهد جلاسجو" بمضاعفة تمويل التكيف مع التغيرات المناخية بحلول عام 2025، حتى تتمكن من اتخاذ تدابير وقائية للحد من هذه التغيرات والتي ألقت بظلالها بالفعل على الجميع في كافة مناحي الحياة.

وفي ضوء الاهتمام العالمي بقضايا المناخ والحفاظ على البيئة وتماشياً مع أهداف التنمية المستدامة، يأتي مؤتمر شرم الشيخ بأهداف رئيسية من خلال إدماج تدابير التصدي للتغيرات المناخية مع خطط التنمية وبرامج الإصلاح الاقتصادي بالدول المختلفة، ويستعرض هذا المقال واحداً من أبرز المخرجات المتوقعة لمؤتمر الأطراف (COP27)  ، إلى جانب خفض الانبعاثات الكربونية وتدابير التكيف والتخفيف من الاّثار الناجمة عن الأنشطة الصناعية غير المسئولة كأحد مخرجات "تعهد جلاسجو"، وهو ما يعرف "بالاقتصاد الدائري"
يتطلع العالم كله الآن إلى تفعيل ما يعرف بالاقتصاد الدائري وهو ذلك الاقتصاد الذي يسعى إلى معالجة المشكلات من أسبابها الجذرية حيث إنه يقدم فلسفة جديدة في الاقتصاد وهي " اقتصاد خال من الملوثات والنفايات" وذلك من خلال البداية في وضع ذلك الاعتبارات من مرحلة التصميم بما يعني ديمومة الاستفادة من المواد الخام والمنتجات الأولية لأطول فترة ممكنه وأن تصبح المكونات الطبيعية في حالة متجددة ذاتياً، وذلك اتساقاً مع أهداف التنمية المستدامة وتطبيق أجندتها 2030.

إن الاقتصاد الدائري يقدم نموذجاً للإنتاج والاستهلاك أساسه المشاركة والتجديد وإعادة استخدام ودوير المواد والموارد والمخلفات والمنتجات وأشباه المنتجات لأطول مدى زمني ممكن، وأنه بذلك يعيد اكتشاف ماهية المنفعة على البيئة والإنسان الذي هو سيد مكوناتها.

لقد أضحى العالم اليوم في أمس الحاجة للتحول نحو الاقتصاد الدائري نتيجة لزيادة الضغوطات الخارجية على النظم البيئية من زيادة الاحتياج للمواد الخام وتكاثف الملوثات، مما يؤدى إلى حالة حرجة تتعاظم في محدودية المعروض من المواد الخام والموارد وبالتبعية المنتجات. إن محدودية الموارد تزيد من الاعتمادية للدول أي اعتماد دول على موارد دول أخرى مما يخلق كيانات ودول تابعة اقتصادياً ويوسع من دائرة النزاعات، كما أن استنزاف الموارد يؤدى إلى تدهور النظام البيئي وزيادة تداعيات التغير المناخي، وهنا يقدم الاقتصاد الدائري فرص عديدة ومنها تقليل الضغوط والتوتر على النظم البيئية وتأمين الإمدادات والمواد الخام وزيادة التنافسية وتشجيع الابتكار وتحسين فرص العمل وتوفير المنتجات المبتكرة التي من شأنها تحسين جودة الحياة للمستهلك.

وبذلك يكون الاقتصاد الدائري أحد الروافد الضرورية والحتمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ولمواكبة التطور العالمي والمشاركة في مواجهة تداعيات التغير المناخي، الذي يعد حجر الزاوية لتقويض البقاء المادي لكوكب الأرض.