رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن الكناني يكتب: مستقبل "الأخوان المسلمين" المعلق بحبل أردوغان

نشر
الأمصار

ستخسر تركيا قواعد نفوذها في دول الشرق الأوسط، أو تتبعثر على أقل تقدير، بعد رحيل منشئها الذي تمكن من اختراق قواعد الأمن الإقليمي في عهد مضطرب، في إطار تنفيذ إستراتيجية توسعية جديدة أسس لها أذرع ضاربة، وعناصر تسللت إلى مصادر القرار السيادي عبر كيانات تموقعت فيما يعرف بـ "الإسلام السياسي" ارتبطت بسلطة القرار في أنقرة في عهد الرئيس طيب رجب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية "الأخوان المسلمين".
المتغير المنتظر في تركيا لن يبني نظاما حاكما جديدا قائما على مبدإ علماني في الداخل فقط، بل سيغير واقعا راهنا في دول الشرق الأوسط، فسياسة أردوغان الخارجية انتزعت مناطق نفوذ مباشر لها في العراق وسوريا وليبيا والصومال ومساحات تأثير سياسي في دول أخرى عبر تنظيمات "الإسلام السياسي" الحاضرة في سلطات تشريعية وتنفيذية.
كيف ستكون سياسة تركيا الخارجية لو رحل أردوغان ؟
هل ستتخلى عن مناطق نفوذها التي خففت عليها وطأة اتفاقية لوزان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وجعل لها عمقا متنوعا في قارتي آسيا وإفريقيا ؟
اعتمد طيب رجب أردوغان على قوى "الإسلام السياسي" وأذرعها المسلحة في بناء قواعد نفوذه الخارجية، كما في العراق وسوريا وليبيا والصومال وانتعش حضورها المدني في دول عربية أخرى .
فما هو مستقبل "الإسلام السياسي" بعد رحيل راعيه الأكبر ؟
لا أحد يعتقد أن "الإسلام السياسي" سيتعامل بذات السياق مع نظام علماني له رؤى وتطلعات إستراتيجية جديدة، يسعى إلى احياء القيم التي قامت عليها الجمهورية التركية المتآكلة منذ عشرين عاما حكم خلالها الطيب رجب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، محدثا تغييرا في قواعد نظام ديمقراطي علماني أرسى قواعده الزعيم الراحل كمال أتاتورك، لم يتجرأ على تغييره أحد سواه.
كما لا يعتقد أحد أن النظام العلماني المنتظر في جولة انتخابات ثانية سيتخلى عن مكاسب السياسة الخارجية "الإستراتيجية"  التي حققها أردوغان، وجعلت من تركيا قوة إقليمية مؤثرة بطموحاتها المتعالية، وربما يميل إلى تطوبع "الإسلام السياسي" كأداة اختراق وتغلغل مضمونة.
اعتاد "الإسلام السياسي" أن يحيا في حاضنة "عالمية" كبرى، تمده بمستلزمات القوة والتمدد والبقاء، مع أجواء التحالف المتاح بين العلمانية والليبرالية والأصولية، وما كان يوما كيانا سياسيا مستقلا في إطار خارطة وطنية، وهو يترقب ما ستؤول إليه وقائع الصراع الانتخابي التنافسي بين الزعيم الإسلامي طيب رجب أردوغان والزعيم العلماني كمال كليتشدار اوغلو، والبحث في الخيارات الأنسب لضمان بقائه .