غيث التميمي يكتب: الديمقراطية وحدها لا تكفي!
بنت الفيزياء قوانينها استنادا الى نظام الطبيعة وقوانين الوجود الحاكمة على حياتنا ولا تتوقف عند حدود المادة وحدها انما تمتد آثارها الى نظامنا الاجتماعي وسلوكنا وتحولاتنا سلبا وايجابا.
من النظريات التي قررتها الفيزياء (قانون سيمون) الذي يتحدث عن “الاواني المستطرقة” ومفاده أن المادة السائلة تنتشر في تجاويف الاواني المستطرقة بصورة متساوية مهما اختلفت صورها وحجومها وذلك بسبب الجاذبية والضغط الذي ينظم عملية توزيع المادة.
هذا القانون ينطبق بصورة كبيرة على النظام الاجتماعي وخصوصا في العلاقة بين الدولة بوصفها منظومة مدنية حضرية تهدف الى تنظيم الشؤون العامة وتحقيق العدالة والاستقرار وضمان التنمية وحماية الحريات.
نظام الدولة يستند الى قوة القانون وجاذبية حاجات المجتمع وتطلعاتهم نحو الرفاه والازدهار والكرامة وكلما كانت الدولة تضغط باتجاه فرض سلطاتها القانونية وملتزمة باهدافها الوجودية (الحياة الحرية الكرامة) كلما تشربها المجتمع وتعمقت في تجاويفه المتنوعة ديمغرافيا وطبوغرافيا وتركت آثارها واضحة في حياة الافراد والجماعات، لان العلاقة بين الدولة والشعب في جانب من جوانبها فيزيائية (فعل ورد فعل).
وبناء على ما تقدم لا يوجد مجتمع فاسد واخر نزيه ولا يوجد مجتمع فاشل واخر ناجح ولا مجتمع جاهل واخر متعلم ولا مجتمع متسامح واخر عنيف، المجتمع منتج الدولة فاذا كانت الدولة فاشلة يصبح المجتمع بالضرورة فاشلا وهكذا اذا كانت متفوقة يكون المجتمع بالضرورة متفوقا، على سبيل المثال تتحدث بعض التقارير عن معدلات الذكاء لدى الشعوب والغريب أن المجتمع العراقي يحظى بمكانة متقدمة في لائحة الشعوب الاكثر ذكاء متقدما على المجتمع الصيني لكننا حين نضع الواقع العراقي في مقاربة مع الصين نخرج بنتيجة صادمة حيث تعد الصين واحدة من أكثر دولة العالم تقدما ونجاحا في قطعات فعالة مثل الصناعة والتكنلوجيا والتعليم والاقتصاد بينما العراق غير موجود في قوائم الدول الصناعية اصلا!
تعجز الانظمة الفاشلة عن الاعتراف بفشلها وهي عادة تنتهج سياسة تثبيط شعبها والتقليل من قدره واقناعه بانه شعب عاجز فاشل منقسم متخلف وتعتمد من أجل تسويق هذه الكذبة ماكنة اعلامية بشعة تتجاهل قصص النجاح والتفوق والابداع لتستبدلها بالرثاثة والبذاءة واعلام التجهيل والكراهية والتباكي والاذلال وهذا ما يحدث في العراق بصورة ممنهجة تعتمد الفوضى والتمزيق والبؤس المستحكم.
🔴الديمقراطية وحدها لا تكفي لانها عاجزة كل العجز عن معالجة اشكالية الدولة وازمة السلطة في حال تم افراغها من القيم الليبرالية التي تقدس الانسان والحرية والعدالة والمواطنة وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص وجبر الضرر وتمكين الشرائح الضعيفة.
🔴الديمقراطية وحدها لا تكفي مالم تبني جسورا من التفاهم والتصالح بين القيم المجتمعية المتعددة والمتنوعة على أساس المصير المشترك والسلام الشامل.
🔴الديمقراطية وحدها لا تكفي مالم تزرع الأمل وتبعث الالهام وتشجع على الشعور الوطني بالفخر والانتماء والتنافس من أجل الأفضل.
🔴الديمقراطية وحدها لا تكفي مالم تقدم رؤية واقعية رشيدة واضحة قابلة للقياس ترسم ملامح المستقبل وتدعو جميع بنات وأبناء الشعب للتضامن والتعاون والوئام في سبيل تحقيق هذا المستقبل والاعتزاز به.