بين صعود وانخفاض.. الليرة التركية تنهار
تخلت الليرة التركية عن مكاسبها التي حققتها في مستهل تعاملات الأيام الماضية، وتراجعت بنحو اثنين في المئة مسجلة مستوى قياسيًا منخفضًا جديدًا.
وتراجعت الليرة التركية بعد يوم من هبوطها بنحو 6%، عندما خفض البنك المركزي تحت ضغط من الرئيس رجب طيب أردوغان أسعار الفائدة مرة أخرى وأشار إلى أن المزيد من التيسير النقدي في الطريق حتى مع تزايد مخاطر التضخم.
وارتفعت في البداية إلى 10.83 ليرة مقابل الدولار قبل أن تتراجع إلى 11.32، لتتراجع لأدنى مستوى على الإطلاق للجلسة الثامنة على التوالي.
وفي الساعة 16.32 بتوقيت غرينتش جرى تداولها عند 11.2، وهو ما يزيد المخاطر على الاقتصاد والمستقبل السياسي لأردوغان.
وهوت العملة التركية، الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة، أكثر من 12 بالمئة هذا الأسبوع فقط، متأثرة بقرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة 100 نقطة أساس إلى 15 بالمئة برغم ارتفاع التضخم قرب 20 بالمئة.
صعود وانخفاض في الليرة التركية
وحدث أنه صعدت الليرة لتسجل أقل من 11.2 مقابل الدولار، وذلك بعدما بلغت مستوى منخفضا غير مسبوق أواخر الأسبوع الماضي.
وانخفضت العملة بعد أن خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة مرة أخرى تحت ضغط من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأشار إلى أن المزيد من التيسير النقدي قادم.
وبحلول الساعة 04:50 بتوقيت غرينتش، بلغت العملة التركية 11.17 ليرة مقابل الدولار، بارتفاع 0.5 بالمئة عن إغلاق يوم الجمعة الماضي البالغ 11.2995 ليرة للدولار.
وفقدت العملة ثلث قيمتها هذا العام، وكان مستواها الأضعف على الإطلاق الذي بلغته خلال يوم الجمعة الماضي عند 11.32 ليرة للدولار يمثل ثامن جلسة على التوالي من تسجيل انخفاضات قياسية.
الاستثمارات الأجنبية والنمو الاقتصادي
أدى توسع الأسواق العالمية وتوافر الائتمانات الرخيصة عقب أزمة 2001 المالية إلى زيادة كبيرة في تدفق رؤوس الأموال من الأسواق المالية إلى الدول النامية.
خلال هذه الفترة، جعل توافر السيولة الواسع في الأسواق العالمية، مع ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية في تركيا، البلاد وجهة جذابة لرؤوس الأموال.1 نتيجة لذلك.
سجل الاقتصاد نموًّا بنسبة 6.2 بالمئة في 2002 متعافيًا من انكماش بلغ 5.7 بالمئة في 2001. بالمثل، شهدت البلاد نموًّا بلغت نسبته 5.3 بالمئة في 2003، و9.4 بالمئة في 2004، و8.4 بالمئة في 2005، و6.9 بالمئة في 2006. خلال هذه الفترة، لم يكن النمو الاقتصادي راجعًا فقط إلى زيادة حجم السلع والخدمات المصدرة، بل لانتعاش الطلب المحلي كذلك.
في الوقت نفسه، أسهمت استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة في الإنتاج المحلي. بفضل هذه الأسباب كلها، فضلًا عن التدابير الوقائية المتنوعة وبرنامج التقشف الاقتصادي بعد الأزمة، اكتسب الاقتصاد التركي مرونة ضد الصدمات الخارجية وسجل إحدى أسرع فترات النمو منذ 1950 بين 2002 و2007.
أثرت أزمة 2008 المالية العالمية في الاقتصاد التركي بشكل رئيس من حيث العلاقات التجارية بدرجة ما، وأدت في 2009 إلى ركود بلغ 4.8 بالمئة.
نتيجة لفترة الركود، شرعت تركيا تسعى للوصول إلى أسواق جديدة على أمل إيجاد بدائل للاتحاد الأوروبي، وهو الكتلة التجارية التي تضم الغالبية العظمى من حجم التجارة الخارجية للبلاد. أسهم إنشاء صلات تجارية مع أسواق جديدة، بالإضافة إلى ازدياد حجم الطلب المحلي والصادرات في تعافي الاقتصادي التركي.
ضمنت إعادة تركيا لهيكلة قطاعها الحقيقي وإحيائه إمكانية أن تساهم جميع قطاعاتها في النمو الاقتصادي، وأتاحت للاقتصاد أداء جيدًا للغاية في 2010 و2011. خلال هذه الفترة، سجل الاقتصاد التركي نموًّا سنويًّا بمعدل 8.5 بالمئة ليصبح ثاني أسرع اقتصاد نموًّا في العالم، بعد الصين التي بلغ نموّها 9.2 بالمئة في 2011.
واصل اقتصاد تركيا وتيرة نموّه بفضل التزام الحكومة بالانضباط المالي والسياسة الاقتصادية المتّسقة، بينما تأثرت دول منطقة اليورو تأثرًا شديدًا جراء الأزمة المالية العالمية. رغم تحقيق الاقتصاد التركي نموًّا متواضعًا بلغ 2.2 بالمئة في 2012 وأخفق في تلبية التوقعات، إلا أن هذا الأداء عرض تنويعة أنشطة اقتصادية مختلفة في تركيا وأظهر حراكًا نسبيًّا لهياكل البلاد الاقتصادية.
عقب أزمة 2001 المالية وفترةِ التراجع اللاحقة، سجل الاقتصاد التركي باستمرار نموًّا سنويًّا عاليًا حتى أزمة 2008 المالية العالمية.
وعلى مدى عقد ،2002–2011، شهد الاقتصاد نموًّا متوسطا بلغ 6.5 بالمئة – مما يعد أداءً قويًّا مقارنة بمتوسط نمو 4.7 بالمئة على مدى الثلاثين عامًا الماضية. وفقًا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ستحقق تركيا نموًّا سنويًّا بمتوسط 6.7 بالمئة بين 2011 و2017 لتصبح أسرع بلدان المنظمة نموًّا اقتصاديًّا.2 كان لأداء البلاد القوي في النمو الاقتصادي السنوي بين 2002 و2012 تأثير إيجابي أيضًا في مستويات الناتج المحلي الإجمالي للفرد خلال نفس الفترة. في 2012.
بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد 10504 دولارات أمريكية مقابل 3492 دولارًا في 2002. في الوقت ذاته، عززت تركيا مكانتها بين البلدان النامية بمساعدة نموها الاقتصادي. لكن هذا التطور جعل ترويج إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة عالية ضرورة مطلقة لهذا البلد، لضمان تراكم أكبر للمدخرات المحلية ولإتاحة نمو أكثر وتركيز جهودها على قطاع الأعمال التنافسية لتجنب الوقوع في شَرَك الدخل المتوسط، وهو مشكلة شائعة لدى الاقتصادات النامية.
بحسب تصنيف البنك الدولي للدول، الذي يُعرِّف البلدان ذات الناتج المحلي الإجمالي للفرد دون 1105 دولارات بأنها «منخفضة الدخل»، والبلدان ذات الناتج المحلي الإجمالي للفرد بين 3976 و12275 دولارًا بأنها «متوسطة الدخل»، والبلدان ذات الناتج المحلي الإجمالي للفرد فوق 12276 دولارًا بأنها «مرتفعة الدخل».
تهدف خطة تركيا متوسطة الأجل لفترة 2013-2015 إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد إلى 12859 دولارًا بحلول 2015، لتصبح دولة ذات دخل مرتفع حسب معايير البنك الدولي. إضافة إلى التحسينات السالفة في النمو الاقتصادي، اتخذت حكومة حزب العدالة والتنمية أيضًا تدابير معينة طويلة الأجل لمعالجة ارتفاع التضخم، وهو عنصر تقليدي في الاقتصاد التركي.
خلال التسعينيات، تسبّب نقص خطير في الاستقرار الاقتصادي ارتفاعًا مفاجئًا بمعدلات الفائدة قصيرة الأجل حيث ضعفت الليرة التركية وفاقم الإنفاق العام المفرط خلال مواسم الانتخابات ارتفاع التضخم. خلال هذه الفترة، تقلصت المدخرات المحلية، وزاد الطلب المحلي، مما أدى بالحكومة لتوفير الأموال بواسطة الديون الخارجية.
كذلك، حدّثت الحكومة الأسعار والمرتبات على أساس مستويات تضخم السنوات السابقة، وبذلك أخفقت في معالجة عقبة هيكلية بوجه الحاجة الملحة لخفض معدلات التضخم. بالمثل، تسبّب الضعف السريع لليرة التركية خلال مسار أزمة 1994 الاقتصادية في زيادة التكاليف، بينما أجلت الحكومة ترتيبات التسعير للقطاع العام لتشهد على الفور معدلات تضخم من رقمين.3 أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى ضعف الليرة التركية على مرّ السنين.
ودفع الحكومات المتعاقبة لتلبية الاحتياجات النقدية عن طريق طباعة أوراق النقد عالية القيمة قبل مضي وقت طويل، حولت هذه السياسية كل مواطن– للمفارقة- إلى مليونير. كانت برامج الإصلاح الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية وتداعياتها رائدة لجهود تحول هياكل الاقتصاد الكلي التي سببت تضخمًا عاليًا في البلاد عقدين من الزمن.
حدد نظام استهداف التضخم الذي اعتمدته الحكومة التركية عقب أزمة 2001 المالية مستويات التضخم المنشودة وأعلنها. تحت هذا النظام، كانت أداة السياسة النقدية الأساسية المتاحة للبنك المركزي هي أسعار الفائدة قصيرة الأجل. مثلت توقعات البنك المركزي، بشأن التضخم والمؤشرات الاقتصادية الأخرى، إنذارًا مبكرًا ضد الضغوط التضخمية التي قد تنشأ مستقبلًا، وكانت بمثابة مبدأ توجيهي لمسؤولي البنك المركزي خلال عمليات صنع القرار بشأن أسعار الفائدة.
أدت أزمة 2001 المالية لانصراف تركيا عن «السياسة النقدية القائمة على أساس أسعار الصرف المستهدفة» واعتماد سياسة «استهداف التضخم» بديلًا عنها. سمح هذا النهج للاقتصاد التركي بتسجيل معدل تضخم أحادي الرقم (9.4 بالمئة) في 2004، عقب معدل تضخم رهيب بلغ 54.4 بالمئة في 2001. دفع الانتعاش السريع للاقتصاد، مقترنًا بالإرادة السياسية والدعم الشعبي والاستقرار الاقتصادي، حكومة حزب العدالة والتنمية في 2005 إلى إصدار قرار بإسقاط ستة أصفار من الليرة التركية.
تاريخ الليرة التركية
وتعد الليرة التركية أقدم عملة ورقية تركية أصدرتها تركيا تعود إلى العهد الجمهوري لسنة 1927 ولكنها طُبعت بالحروف العثمانية ومن ثم طبعت من جديد بالحروف اللاتينية الحديثة سنة 1937. كانت حينها من فئة 5 ليرات وهكذا بدأ تاريخ العملة الورقية التركية منذ 84 سنة.
أول دفعة من العملات الورقية كانت من فئة 5 و10 و50 و100 ليرة وكانت تحمل صورة أتاتورك وبعد وفاة هذا الأخير طُبع عليها صورة عصمت إينونو سنة 1939. وتم طباعة نقود من فئة 500 ألف ليرة سنة 1939 وتحمل أيضا صور عصمت اينونو.
الطباعة في تركيا
بدأت تركيا سنة 1950 بالتباحث حول طباعة العملات الورقية على إثر التطورات الصناعية التي شهدتها وبدأ العمل سنة 1951؛
حيث دخلت الليرة التركية مرحلة جديدة يوم 15 يونيو/ حزيران سنة 1966 لتستعمل الجيل السادس من العملة. وتعد السبعينات سنوات التضخم الاقتصادي الكبير وسنوات القحط. زاد من الأزمة الحظر الذي فُرض على النفط سنة 1974 والتدخل التركي في جزيرة قبرص والحصار الاقتصادي ضد تركيا مما أدى إلى هبوط قيمة الليرة التركية إلى مستويات منخفضة جداً.
وتم تداول الجيل السابع من العملة منذ سنة 1979. في نهاية السبعينات اختفت العملات فئة الألف لتصبح عملة نادرة، وبعد سنة 1980 أصبحت الألف ليرة تطبع كنقود قليلة القيمة.
وكاستمرار للجيل السابع تم طباعة عملات من فئة 5 آلاف و10 آلاف ثم 20 ألف فـ 50 ألف و100 ألف مرورا بـ 250 ألف ثم 500 ألف ليرة ذات أصفار كثيرة. وتم لأول مرة في تركيا طباعة العملة الورقية من فئة المليون ليرة سنة 1995 لتصبح الألف ليرة لا قيمة لها. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تم طباعة عملات من فئة 5 ملايين و10 مليون و20 مليون ليرة، وبحلول السنة الأولى من الألفية الثانية أصبح التعامل بالعملات من فئات المليون ليرة.
طباعة الليرة التركية
كانت العملات الورقية في ذلك الحين تطبع في إنجلترا وكانت منطقة البحر الأبيض المتوسط تتجهز للحرب العالمية الثانية فكان السفر بحرا مليئا بالمخاطر ولأجل ذلك حصلت الموافقة على طباعة العملات ذات 500 ألف ليرة بما يعادل مبلغ 100 مليون ليرة – من التي تحمل صور اينونو- جُلِبَت إلى إسطنبول يوم 30 يوليو سنة 1940 عن طريق قناة السويس في مدة ما بين ثلاث حتى خمس شهور.
تم تحميل ما يعادل 5 ملايين ليرة من فئة الليرة الواحدة وما يعادل الـ 200 مليون ليرة من فئة 100 ليرة وما يعادل 25 مليون من فئة 50 قرش إلى السفينة في شهر أكتوبر سنة 1940.
وبعدما غادرت السفينة المسماة فابيان الميناء محملة بالليرات من فئة الليرة الواحدة والسفينة سيتي أوف روبوا التي تحمل العملات من 100 ليرة و50 قرش التي تحمل صور اينونو غرقت في ميناء بيرايوس اليوناني على إثر حادث وبعد قيام اليونانيين بإخراج النقود من السفينة الغارقة أُصدر قانون بإلغاء استعمالها.
ولاقت تركيا في هذه الفترة صعوبة كبيرة في العملات الورقية مما دفعها إلى طباعة هذه العملات في البلدان التي بها اتصال بري بتركيا وقد طلبت من مطابع رايشدروكري الألمانية طباعة العملات من فئة 10 و100 ليرة و50 قرش كبداية إلا انه ظهرت حالة غريبة فيها.
فقد طلب البنك المركزي التركي من مطبعة برلين طباعة 9 ملايين من أنواع آي وبي وسي ودي تم تداولها يوم 15 اغسطس سنة 1942 ومن ثم ظهرت أنواع أخرى من طراز آي وإف وجي مما يعني أن المبالغ طُبعت دون معرفة البنك المركزي في برلين وقد تم على إثرها إلغاء الطباعة.
التعديل على الليرة التركية
في بداية الألفية الثانية؛ كان لزاما على تركيا إجراء تعديلات على عملتها بعد النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته البلاد، ولأجل ذلك أُصدر قانون تنظيم العملة للجمهورية التركية يوم 28 يناير 2004 وبرقم 5083. جرى بعدها حذف 6 أصفار من العملة بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني سنة 2005 ليبدأ الجيل الثامن من النقود؛ حيث اكتسب التسمية الجديدة “الليرة التركية” وأصبحت العملات من فئات 5، 10، 20، 50 ثم 100 ليرة. بعد حذف ستة أصفار من العملة اكتسبت الليرة استقرارها قبل أن تعصف بها رياح التغيير مطلع عام 2018 حيث وصلت لأدنى مستوى لها منذ بدء العمل بها.