هل تفاقم الأزمة في لبنان يمنع إجراء انتخابات البرلمان في مارس المقبل
بدأت في لبنان التحضيرات الرسمية لإجراء الانتخابات النيابية، وذلك عقب موافقة البرلمان اللبناني، أكتوبر الماضي، على تقديم موعد الانتخابات لتُجرى في 27 مارس المقبل، والتي كان محددا لهذه الانتخابات أن تجرى في مايو 2022، حيث أقرّ البرلمان، تقديم الانتخابات عن موعدها بحوالي شهرين في جلسة تشريعية خصصت لهذا الموضوع.
وسقط اقتراح إقرار “الكوتا النسائية” في التصويت، وتقررت إحالتها على اللجان النيابية المختصة لدراستها.
فيما صوت البرلمان على اقتراع المغتربين لـ١٢٨ نائبا، على غرار اللبنانيين المقيمين، وهي نقطة كانت محل خلاف بين الكتل النيابية.
وبخصوص تمويل الحملات الانتخابية، أقر البرلمان مبلغ ٧٥٠ مليون ليرة لبنانية سقفاً ثابتاً للمرشح الواحد، و٥٠ ألف ليرة عن كل ناخب، كمبلغ متحرك، و٧٥٠ مليون ليرة، سقفا للإنفاق على اللائحة الواحدة.
وصوّتت معظم الكتل النيابية على تقديم موعد الانتخابات التي كان يفترض أن تجرى في شهر مايو ، باستثناء التيار الوطني الحر الذي اعترض رئيسه جبران باسيل، بحجة عواصف محتملة في التواريخ المقررة.
وتم تقديم الموعد بسبب مصادفة المهل الدستورية المتعلقة بالحملات الانتخابية بالتزامن مع شهر رمضان المبارك.
ومن المتوقع أن تحصل الانتخابات النيابية وسط تشنّج سياسي وحزبي بدأت معالمه ومعاركه الانتخابية تظهر منذ الآن، وكان آخرها خطاب أمين عام حزب الله التهديدي.
وفي ذات السياق، أكد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أن حكومته “ستبذل جهدها لإتمام الانتخابات في موعدها وتأمين الأمور اللوجستية.. وستكون شفافة وسليمة”.
وقبل الجلسة، قال النائب محمد خواجة من كتلة زعيم حركة أمل، في حديث تلفزيوني إن رئيس البرلمان نبيه بري يشدد على أن لا تنعكس الأحداث في الشارع على أجواء مجلس النواب، في إشارة إلى أحداث الطيونة الأخيرة، التي اتخذت منحى طائفيا وسقط خلالها قتلى وجرحى.
ومن جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنه لن يوقع على أي تفويض لإجراء انتخابات تشريعية في مارس ، فيما يثير مزيدا من الشكوك حول موعد إجراء التصويت وسط الانهيار الاقتصادي والاضطراب السياسي.
وأضاف عون أن الموعد المبكر للانتخابات الذي أقره مجلس النواب في أكتوبر سيحرم آلاف الناخبين من بلوغ سن الاقتراع وهو 21 عاما.
وأوضح أن تساقط الثلوج في مارس آذار ستترتب عليه صعوبات قد يواجهها الناخبون في الوصول إلى مراكز الاقتراع عبر الطرق الجبلية المسدودة.
ومن شأن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 27 مارس أن يضيق المساحة الزمنية أمام حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لمحاولة تأمين خطة التعافي وتقديمها لصندوق النقد الدولي، قال الرئيس اللبناني “لن أُوقّع سوى مرسوم 8 أو 15 مايو”.
وفي سياق متصل، انسحب جبران باسيل، زعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس عون، مع كتلته النيابية من الجلسة البرلمانية في أكتوبر عندما تمت الموافقة على الموعد مرة أخرى.
وتقدم التيار الوطني الحر بشكوى قانونية إلى المجلس الدستوري يطعن فيها في موعد الانتخابات وقانون الانتخابات المقترح.
ووسط تفاقم الأزمة المالية في لبنان، التي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ حالات الركود في التاريخ الحديث، بسبب الجمود السياسي والخلاف حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع العام الماضي وأودى بحياة أكثر من 200 شخص، يؤكد البرلمان اللبناني على إجراء الإنتخابات في الموعد الذي حدد في مارس المقبل.
حيث فقدت الليرة اللبنانية 90% من قيمتها ودفعت الأزمة ثلاثة أرباع السكان إلى هاوية الفقر. وبسبب نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية تحولت الحياة إلى صراع يومي.
وعلى جانب آخر، مع تفاقم الوضع في لبنان من أحدث شغب وإثارة، ألغيت نتائج انتخابات نقابة أطباء الأسنان التي أجريت الأحد الماضي، بعد وقوع عدة إشكالات لفظية وعراك بالأيدي بين الأطباء ورمي صناديق الاقتراع وتكسيرها.
وأفادت قناة “الجديد” بأن النتائج ألغيت بعد فوضى عارمة واعتراض بعض الأطباء لعدم قدرتهم على مشاهدة النتائج على شاشة وضعت في صالة الفرز بسبب عطل تقني، وشكاوى من عدم شفافية فرز الأصوات.
وأكد نقيب أطباء الأسنان روجيه ربيز في تصريح للقناة أنه سيدعي على مجهول بسبب ما حصل، آملا أن تكون كاميرات المراقبة قد وثقت ذلك، لافتا إلى أن النقابة ستدعو إلى انتخابات أخرى بحسب نظامها الداخلي.
وعن الحديث عن وجود أشخاص لا ينتمون إلى مهنة طب الأسنان في قاعة الفرز قال: “لا يمكن ضبط هذا العدد الكبير من الأشخاص في القاعة”.
وعلق رئيس “حزب الكتائب” سامي الجميل على الحدث في تغريدة على حسابه عبر “تويتر” قائلا: “ما حصل في انتخابات نقابة أطباء الأسنان معيب ومخز”.
وأضاف: “عناصر مسلحة من حزب الله من خارج الأطباء يعتدون على موظفي الفرز ويحطّمون الصناديق في مشهد لا يبشر خيرا للانتخابات النيابية المقبلة”.
فيما رد تجمع أطباء الأسنان في “حزب الله” على الجميل في بيان له قائلا: “جرت اليوم انتخابات نقابة أطباء الأسنان في جو ديمقراطي تنافس فيها ثلاث لوائح، لائحتان مكتملتان ولائحة غير مكتملة ترأسها المرشحة الكتائبية إيميلي حايك، وعندما بدأت عمليات الفرز الإلكتروني وجرى فرز أربعة صناديق من أصل عشرين، وبسبب تأخير إصدار النتائج حتى انقضى الوقت المخصص لانتخاب نقيب، ارتاب بعض الأطباء من هذا التأخير، وهنا تقدمت حايك وبصوت عال بطلب إجراء فرز يدوي حيث كانت نتائجها متأخرة وليست من بين العشرة الأوائل فحدث هرج ومرج واقتحم البعض صناديق الاقتراع وقاموا بتكسيرها بشكل مؤسف وغير مقبول بتاتا ومرفوض”.
وأضاف: “بدل أن يخجل السيد سامي الجميل وحلفائه من هذا الفعل، توجه كعادته بإلباس التهمة لطرف حزب الله الذي ترك الحرية لمناصريه منذ الصباح لانتخاب من يرونه مناسبا ولم يكن معنيا كغيره بالنتائج”.
وتابع أن “ما صدر عن الجميل هو محض كذب وافتراء ولا يبشر بالخير وهي حفلات الكذب التي اعتاد أن يقوم بها عند كل استحقاق يشعر فيه بالخسارة”.
وعلّق “التيار الوطني الحر” في بيان له قائلا: “الانتخابات امتحان ديمقراطي يتخطى الربح والخسارة، وقد رسب اليوم من سمح ليده بتكسير صناديق الاقتراع وهدر أصوات زملائه، خوفا من خسارة كانت واضحة ومحتمة”.
فيما دان حزب “القوات اللبنانية” ما حصل، داعيا إلى “قطع الطريق على أي تكرار للمشهد الانقلابي”.
ومع الإعلان عن تأجيل انتخابات النقابة، ينتظر مجلسها أن يحسم القضاء اللبناني الجدل القانوني الذي خلّفه يوم الأحد لجهة تحديد موعد جديد للإنتخابات، لأن هذا الأمر من صلاحية مجلس النقابة المُنتهية ولايته والذي لا يستطيع الاجتماع، وبالتالي فإن كلمة الفصل للقضاء الذي تعود إليه صلاحية تحديد موعد جديد للاستحقاق الانتخابي.
وعلى رغم إلغاء الانتخابات من دون تحديد موعد جديد، إلا أن ما جرى لن يمرّ مرور الكرام، إذ قدّم مجلس نقابة أطباء الأسنان شكوى أمام القضاء اللبناني ضد مجهول بانتظار أن يبتّ بالقضية.