بين مؤيد ومعارض.. انقسام وتقارب مع رئيس الوزراء السوداني
فجّر الميثاق السياسي الجديد الذي طرحته بعض مكونات الحرية والتغيير, خلافات بين مكونات التحالف التي انقسمت بين مؤيدٍ للميثاق الجديد ورافض، لاعتقاده أن الميثاق الجديد يؤسس لعودة الشراكة مع المكون العسكري، حيث تضمن الميثاق السياسي الجديد بعض النقاط لتجاوزه الأزمة السياسية وحالة الاحتقان التي نشبت بسبب قرارات 25 أكتوبر التي اعتبرتها مكونات قوى الحرية والتغيير انقلاباً أفضى للاتفاق الإطاري بين القائد العام للقوات المسلحة الفريق البرهان ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك.
ورغم نفي بعض مكونات المجلس المركزي لقوى الحرية، طرح إعلان سياسي جديد يمهد لاتفاق جديد مبني على الاتفاق الموقع بين البرهان وحمدوك وحالة الانقسام التي ظهرت داخل قوى الحرية والتغيير, غير أن بعض مؤشرات الحراك الذي ينتظم الساحة السياسية خاصةً على صعيد قوى الحرية والتغيير جميعها تكشف خلف أستارها عن حالة الانحدار من قمة هرم التصعيد الى نفق الخروج من مأزق الأزمة الناشبة منذ (25) أكتوبر.
ويُعد اجتماع المجلس المركزي الذي عُقد بدار حزب المؤتمر السوداني أبرز مؤشرات هذا الحراك, حيث تمت مناقشة الوضع الراهن وطرحت خلاله بعض المكونات التحالف رؤيتها السياسية للوضع القائم وطرحت رؤية سياسية للخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه السودان، وفيما طلب من جميع المشاركين في الاجتماع تقديم رؤية وتصور لإدارة الفترة الانتقالية في الاجتماع القادم حتى يتم دمجها في رؤية مُوحّدة لتصبح ميثاقا سياسيا، في مقابل ذلك وصف القيادي بحزب المؤتمر السوداني وزير الصناعة السابق إبراهيم الشيخ, علاقتهم المتأرجحة مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (بشعرة معاوية), وقال إنهم لن يقطعوها, هناك كوة ما زالت مفتوحة بينهم، مشترطاً على رئيس الوزراء تصحيح موقفه بالتعامل مع ما حدث في 25 أكتوبر باعتبارها انقلاباً، وفي هذه المواقف المنحدرة باتجاه التوافق, أصدر رئيس الوزراء، توجيهات رئيس اللجنة القانونية بالحرية والتغيير نبيل أديب، بوضع ميثاق سياسي جديد ينظم العلاقة بين رئيس الوزراء والقوى السياسية بما فيهم أطراف السلام.
ومن بين ثنايا مواقف القوى السياسية المتأرجح, تبرز العديد من التساؤلات ملازمة لحالة الترقب في انتظار ملامح الإعلان السياسي الجديد ومراميه، أبرز التساؤلات مآلات هذا الإعلان والتحولات التي من المُتوقّع أن يحدثها على المستوى السياسي السوداني المضطرب، وانعكاسه المُحتمل على الخلافيات داخل قوى الحرية والتغيير.
ومن جهة أخرى, بيّن رئيس الوزراء وقوى الحرية والتغيير, مدى قدرة هذا الإعلان على إيقاف التراشقات والتجاذبات التي كانت تدور بين مكونات المشهد السياسي السوداني وإعادة الشراكة بين المكونين المدني والعسكري لمسارها الطبيعي عبر التوافق على برامج تسهم في تحقيق شعارات الثورة وإنجاح الانتقال الديمقراطي.
وقطع القيادي بقوى الحرية والتغيير بشرى الصائم في حديثه لـ( لموقع الامصار ) بأن الإعلان السياسي الجديد الذي اعلن عنه تمت صياغته ووضعه بالاتفاق والتشاور مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة.
وأشار بشرى إلى أن هذا الإعلان السياسي إجراء طبيعي, يعقب الاتفاق الإطار الموقع بين البرهان وحمدوك ويؤسس لوثيقة دستورية جديدة بديلة للوثيقة الدستورية السابقة الموقعة في (2019) يُدار من خلالها ما تبقى من عمر المرحلة الانتقالية وإكمال مهامها التي في مقدمتها قيام المجلس التشريعي وتكوين المفوضيات وقانون الانتخابات وقيام المؤتمر الدستوري وهي ذات المهام التي كان منتظرا انجازها بالوثيقة السابقة.
وقال بشرى إن أبرز ما في الإعلان السياسي الجديد أنه فتح المجال لتوسيع قاعدة المشاركة التي تضم المكون العسكري ومجموعة الحرية والتغيير التي اجتمعت مع حمدوك عقب توقيعه للاتفاق الإطاري مع البرهان, بجانب الحركات المسلحة والحرية والتغيير الميثاق الوطني والإدارات الأهلية والطرق الصوفية, وكذا كافة الأحزاب التي شاركت مع النظام السابق عدا المؤتمر الوطني.
وأضاف بشرى بأن التوسع الذي يُشكِّل الحاضنة السياسية الجديدة وجد معارضة ورفضا من مجموعات المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لتمسُّكها بالوثيقة الدستورية القديمة والعودة لما قبل (25) أكتوبر, بينما تطرح لجان المقاومة التي تقود الاحتجاجات في الشارع تمسُّكها بعدم التفاوض والمشاركة مع المكون العسكري.
وقال بشرى: بجانب هذه الوثيقة التي أشار إليها, هناك وثيقتان, الأولى يطرحها الحزب الشيوعي وهي أقرب في طرحها للجان المقاومة بتمسُّكه بإسقاط النظام، والوثيقة الثانية يطرحها تجمع المهنيين وهي تتضمن فترة انتقالية أربع سنوات.
وحذر من عاقبة خطورة الانقسامات وتباين المواقف التي تكسو المشهد السياسي, وقال إن نتائجها ومآلاتها يخلق صعوبات وعقبات أمام تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وتأخير قيام الانتخابات المفضية للتحول الديمقراطي في موعدها لعدم توفر مقوماتها، وإن طال عُمر المشهد المُتأزِّم, كلها أمور تُصب في مصلحة المكون العسكري بزيادة عُمر الفترة الانتقالية.
وفيما ذهب القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير, الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي المهندس عادل خلف الله الى أن تعدد المواقف وتباينها في المشهد السياسي يعكس حجم وفداحة تأثير ما حدث في صبيحة (25) أكتوبر. وقال لـ(موقع الامصار) إن موقفهم في قوى الحرية والتغيير وحزب البعث واضحٌ في تصنيف ما تم بأنه انقلابٌ مُكتمل الأركان ومكشوف الدوافع ومعلوم الجهات التي تسنده من القوى الدولية ممثلة في العدو الصهيوني وحلفائه في الداخل ومن القوى الإقليمية, وشرعنا في مقاومته بالتضامن مع قوى الثورة الحيّة وما زلنا نرفض محاولة تجميل وجه هذا الانقلاب ومنحه الشرعية باتفاق البرهان وحمدوك.
وأشار عادل إلى أنهم في قوى الحرية والتغيير يقومون بترتيب وتجميع كافة القوى الرافض لهذا الانقلاب عبر برنامج واضح محدد بفترة زمنية دقيقة تستوعب ميثاق وبرامج قوى الحرية والتغيير, أولها إسقاط الحكومة الانقلابية عبر الحراك الشعبي السلمي المُتواصل وإقامة سلطة مدنية انتقالية لا يتجاوز عُمرها عاماً, وتكوين حكومة تسيير أعمال توفر وتنفذ مطلوبات المرحلة الانتقالية, في مقدمتها التأسيس لسلام شامل ومحاربة الفساد وتفكيك نظام المؤتمر الوطني وتأسيس أرضية صالحة لقيام انتخابات حرة ونزيهة, وأضاف ان هذا البرنامج معني به كل القِوى الحيّة في المُجتمع السُّوداني التي تؤمن بالدولة المدنية الكاملة – على حد تعبيره.