تونس.. إعفاء قيادات أمنية وغليان في الشارع في ظل مواجهة ساخنة مع “كورونا”
تشهد تونس حاليًا، استنفار أكثر من جبهة على المستوى الداخلي، فبين تردي الوضع الصحي، طبقًا لمسؤولين صحيين في القيروان، وغليان الشارع التونسي والدعوات للانتخابات الرئاسية المبكرة والغضب حول سلوكيات حكومة المشيشي، وإعفاء قيادات أمنية بعد خروج إرهابي دون جواز صرف، يعيش المواطن التونسي، وفي هذا التقرير نستعرض هذه الجبهات.
مرور إرهابي من المطار
قررت السلطات التونسية، اليوم الثلاثاء، إعفاء عدد من المسؤولين الأمنيين في تونس، وإدخال تحويرات على إدارة محافظة مطار تونس قرطاج الدولي، وعدد من المصالح والإدارات الراجعة بالنظر إلى المحافظة.
وأشارت وسائل إعلام تونسية، إلى أن الإعفاءات تمت على خلفية تمكين الإرهابي، جمال الريحاني، من المرور من مطار تونس قرطاج الدولي دون جواز سفر.
وكان الريحاني، قد جاء من تركيا (حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لـ 6 سنوات)، ومر من مطار قرطاج الدولي، دون جواز سفر إلى أن أوقفته دورية أمنية وأحالته لإحدى المصالح الخاصة لإخضاعه إلى جملة من التحقيقات، الجمعة الماضية.
وشملت هذه الإعفاءات، رئيس محافظة مطار تونس قرطاج، ورئيس مصلحة الاستعلامات، ورئيس مصلحة الإرهاب، ورئيس مصلحة الإرشاد، ورئيس مصلحة الإجراءات الحدودية.
تونس في مواجهة كورونا
أما عن الوضع الصحي، فبعد أسابيع من تحذيرات صحية للجنة العلمية لمجابهة كورونا في تونس، بأن تشهد البلاد موجة رابعة للبلاد أشد فتكًا من سابقاتها، فقد تأزم الوضع الصحي في عدد من المحافظات وسط تونس وشمالها.
وبلغت نسبة الحالات التي كانت نتائج تحاليلها إيجابية (مصابة بفيروس كورونا)، 60%، من إجمالي حالات التقصي، فيما بلغ إجمالي المصابين 30% من إجمالي عدد السكان.
وأشارت وزارة الصحة، وفقًا لوسائل إعلام تونسية، إلى أن المستشفيات التونسية، تستقبل يوميًا ما يتراوح بين 1500 و2000 مريض مصاب بكورونا المستجد، كما فاقت الحاجة لأسرة الإنعاش طاقة الاستيعاب بكثير ما أدى إلى تسجيل معدل وفيات قدر بـ2000 شخص شهريًا.
فيما أوضح مسؤولون صحيون، إلى أن الوضع أكثر من كارثي، لافتين إلى أن الوضع أصبح مأساويا خصوصًا مع انعدام تام لاحترام الإجراءات الوقائية وفرض تطبيقها من قبل السلطات.
وأعلن وزير الصحة فوزي المهدي خلال ندوة صحفية، اليوم الثلاثاء، أن معدل الإصابات بفيروس كورونا بلغ 203 حالة على كل 100 ألف ساكن، وفي المحافظات التي شملها الحجر الصحي الإجباري تجاوز العدد 400 حالة لكل 100 ألف ساكن.
وكشف المهدي عن وجود عدد مرتفع من الإصابات في محافظات منوبة والقصرين وسيدي بوزيد وهو ما يتطلب تدخلًا عاجلًا لتفادي تأزم الوضع.
وأكد أن المسح الذي قامت به وزارة الصحة كشف أن 30 بالمئة من التونسيين أصبحت لديهم مناعة ضد كورونا، كما أثبت أن سكان الجهات التي تشهد انتشارًا واسعًا للعدوى لديهم أقل مناعة من غيرهم.
وأضاف وزير الصحة، أن نسبة استغلال أسرة الإنعاش بلغت 83.2 بالمئة من بين 750 سرير إنعاش ونسبة استغلال أسرة الأكسجين بلغت 70.6 بالمئة من إجمالي 2431 سرير أكسجين.
هذا وقد أقرت السلطات، الاثنين، فرض الحجر الصحي الشامل في محافظة القيروان وسط البلاد وهي الأكثر تضررًا وقد أطلقت عدة نداءات استغاثة خلال الأسبوع الماضي لمعاضدة مجهودات المستشفى الجهوي ونجدة الأهالي.
وتوقع المدير الجهوي للصحة بالقيروان محمد رويس أن سلالة سريعة العدوى انتشرت في المدينة ولم تستثن أحدا بمن فيهم الأطفال، في انتظار صدور نتائج التقطيع الجيني من قبل معهد باستور بداية الأسبوع القادم للكشف عن طبيعة هذه السلالة.
دعوات بانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة
وكمخرج للأزمات التي تشهدها تونس مؤخرًا، شهدت البلاد دعوة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية في تونس وتصاعد الخلاف بين الحكومة ورئاسة البرلمان من جهة والرئاسة التونسية من جهة أخرى.
فيما يتوقع البعض أن تتراجع “حركة النهضة الإسلامية” الممثلة للإخوان المسلمين في تونس، عن دعمها للمشيشي، في سبيل توافق مع رئيس الجمهورية، بعد إعلان الأخير عن قبوله بحوار وطني.
وكان الرئيس التونسي، قيس سعيد، قد دعا الثلاثاء الماضي، إلى إدخال “إصلاحات سياسية، بعد أن أثبتت التجربة أن النظام الحالي أدى إلى الانقسام”، مشددا على أن الوضع في البلاد “لا يمكن معالجته بالطرق التقليدية”.
وذكر بيان صادر عن الرئاسة التونسية، أن سعيد، دعا اجتماع بقصر قرطاج، ضم رؤساء الحكومات السابقين، علي العريّض، ويوسف الشاهد، وإلياس الفخفاخ، ورئيس الحكومة الحالي هشام مشيشي.
وأشار البيان إلى أن حمادي الجبالي ومهدي جمعة تخلفا عن الاجتماع لسفرهما خارج تونس، فيما لم يتسن للحبيب الصيد الحضور بسبب وضعه الصحي.
وشددت الرئاسة على أنه لم يتم توجيه الدعوة (لحضور الاجتماع) بناء على الانتماء الحزبي، بل باعتبار التجربة التي مر بها المسؤولون.
وتناول اللقاء، كيفية الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، ولم يتم التعرض إلى تشخيص الأوضاع التي يتفق حولها الجميع، ولكن تمت مناقشة الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع، وإلى سبل تجاوزه.
واستعدادًا لهذا الحوار الوطني اقترح نور الدين الطبوبي على رئيس الحكومة هشام المشيشي، إعادة إجراء تحوير وزاري بأسماء جديدة والتخلي نهائيا عن الأسماء المزكاة من البرلمان والتي يرفضها رئيس الجمهورية بسبب شبهات فساد وتضارب مصالح، كما دعا الطبوبي رئيس الحكومة إلى ضرورة التشاور مع قيس سعيد حول الاسم المقترح لتولي حقيبة وزارة الداخلية.
وخلص الاجتماع، الذي احتضنه قصر قرطاج، بين الرئيس سعيد، وهشام المشيشي، ويوسف الشاهد، وإلياس الفخفاخ، وعلى العريض، إلى الإعلان عن انطلاق حوار وطني دون شروط مسبقة.
وتزامن هذا الاجتماع مع إطلاق سراح رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، ويعد قلب تونس الحزب الثاني في التحالف البرلماني الداعم للحكومة، بعد أن قضى أشهر في الإيقاف على خلفية تهم تتعلق بالفساد المالي.
فيما يرى مراقبون أن رحيل حكومة هشام المشيشي تأخر جدًا بعد أن فشلت في إدارة الشأن العام والتصدي لوباء كورونا وإجراء تحوير حكومي يتلاءم مع الواقع التونسي ويكون أساسه التصدي للفساد وتضارب المصالح فضلًا عن فشلها في إدارة مفاوضات الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.