مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ماذا وراء انسحاب قوات البتاغون من الشرق الأوسط؟

نشر
الأمصار

كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، السبت الماضي عن سبب سحب بعض المعدات والأسلحة من دول عربية من بينها العراق.

ونقل عن المتحدثة باسم البنتاغون، جيسيكا ماكنولتي، قولها، إن”‎المعدات المسحوبة ستعاد إلى الولايات المتحدة للصيانة، مشيرة إلى أن القرار تم بالتنسيق مع البلدان المستضيفة‎.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، قد ذكرت أن واشنطن بدأت في خفض وجودها العسكري في منطقة ‏الشرق الأوسط‎.‎

وتأتي هذه الخطوة ضمن الإجراءات التي بدأها البنتاجون مع بداية حكم الرئيس جو بايدن، حيث تبحث الولايات المتحدة إعادة توجيه الجيش نحو التنافس مع الصين وروسيا، كما تأتي تلك الخطوة مع سحب الولايات المتحدة لكامل قواتها من أفغانستان، تماشيا مع أوامر بايدن بإنهاء تلك الخطوة في سبتمبر المقبل.

سحب القوات العسكرية

يرى بايدن أن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة يجب تقليصه إلى أدنى درجة ممكنة وفي حال الحاجة يجب أن يظل هناك ما بين ألف وخمسمائة إلى ألفي عسكري من القوات الخاصة للعمل مع الشركاء المحليين لمواجهة الجماعات الإرهابية مثل الدولة الاسلامية في كل من سوريا والعراق.

 

وقال بايدن، إن عصر الحروب اللانهائية يجب أن ننتهي منه: “يجب أن تنتهي هذه الحروب التي لا نهاية لها، وأؤيد تخفيض القوات في الخارج لكن لا يجب أن نغفل عن مسألة الإرهاب والدولة الاسلامية.

 

ويؤكد بايدن، أن مهمة القوات الأمريكية يجب أن تقتصر على مساعدة الشركاء المحليين في مواجهة التنظيمات والجماعات التي يمكن أن تهدد مصالح الولايات المتحدة وشركائها ولا يجب أن تلعب أي دور سياسي في هذه الدول، ففي سوريا على سبيل المثال يجب أن تقتصر مهمة هذه القوات على التصدي لبقايا تنظيم الدولة الاسلامية وتخفيف حدة العنف والوصول الى تسوية سياسية للأزمة السورية.

 

ووصف الرئيس الأمريكي، الأوضاع في البلدان التي تنتشر فيها القوات الأمريكية، سوريا والعراق وأفغانستان بأنها معقدة، موضحًا أنه لا يمكنه التعهد بسحب القوات الأمريكية منها بشكل كامل في المستقبل القريب.

قوات البنتاغون في الشرق الأوسط

ينتشر حول العالم نحو 200 ألف جندي أمريكي خارج حدود بلدانهم، يتمركز من بينهم ما بين 60 إلى 70 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط. ويتراوح هذا العدد الضخم من العسكريين ما بين موظفين دائمين في وزارة الدفاع الأمريكية، وما بين قوات مقاتلة ذات مهمة عمل محددة بالزمان والمكان.

 

وتكشف تبعات هذا العدد الضخم من العسكريين عن وجود قواعد عسكرية تمتد من تونس غربًا إلى سلطنة عمان شرقًا، مرورًا بالدول المشهورة بالقواعد العسكرية الضخمة من تركيا والأردن شمالًا إلى “العديد” في قطر حتى جيبوتي والصومال جنوبا، فضلا عن بلدان تمنح تسهيلات ما بين المغرب غربا، وحتى العراق شرقا، مرورا بدول مثل مصر وإسرائيل.

 

وتتمركز القوات الأمريكية المقاتلة في الشرق الأوسط في الكويت، قطر، البحرين، العراق، الإمارات، جيبوتي، السعودية، الأردن، ليبيا.

السعودية

توجد في الأراضي السعودية بصفة دائمة 555 شخصية من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 314 عسكريا و241 مدنيا، وفق بيانات مكتب المعلومات التابع لوزارة الدفاع الأمريكية.

 

وتحيط السعودية الوجود العسكري بها بقدر عال من الكتمان، وهو أمر مفهوم بالنظر لدواعي أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما أعقب انتهاء الحرب على العراق من تفجيرات بحق مناطق تمركز القوات الأمريكية في السعودية، وهو ما أدى لنقلها بصورة أساسية إلى قطر وإلى حد ما الإمارات، إلا أن ارتفاع عدد العسكريين الدائمين يشير إلى أن وجودهم يرتبط بإدارة وجود عسكري قائم أو محتمل.

 

من بين هذه القواعد، قاعدة “حفر الباطن” التي يوجد بها قاعدة خاصة بطائرات “إف 111″ المتقدمة جدا في أعمال التجسس واستعملت للطائرات العمودية الفرنسية وطائرات الإسناد الجوي القريب، وطائرات التدريب الأمريكية، بالإضافة لـ”قاعدة النعيرية” حيث حفرت الكهوف في بطون هذه المرتفعات لتموين الوقود والذخائر بأنواعها هذا بالإضافة لقاعدة الأمير سلطان في شرق العاصمة السعودية الرياض، والتي كانت أهم القواعد الأمريكية في السعودية، واتجهت إليها القوات التي أرسلت للمملكة في أكتوبر 2019.

 

وكان الرئيس بايدن، تعهد بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن والتي أدت حتى الآن إلى مقتل نحو 90 ألف شخص وتسببت بنشوب أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.

 

وقال بايدن، في بيان سابق خلال حملته الإنتخابية: “سنعيد تقييم علاقتنا بالمملكة السعودية وننهي الدعم الأمريكي لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن، ونتأكد من أن أمريكا لا تتراجع عن قيمها لبيع الأسلحة أو شراء النفط “.

الاردن

بينما يوجد بالأردن 100 مبعوث من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 95 قيادة عسكرية، و5 موظفين مدنيين من “البنتاجون”.

 

ويعمل العسكريون الأمريكيون في الأردن على إدارة التعاون العسكري الأمريكي الأردني، واستخدام التسهيلات الممنوحة في القواعد الجوية الأردنية الثلاثة، وهي: “قاعدة الرويشد الجوية” و”قاعدة وادي المربع الجوية” و”قاعدة الشهيد موفق الجوية، وتقع الأخيرة بمدينة “الزرقا”، وبرغم أنهما قاعدتان أردنيتان – كما هو معلن، إلا أنهما يتضمنان قوات عسكرية أمريكية، كما توجد في الأردن الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأمريكية التي تتمركز بجوار “ميناء العقبة”.

 

وكانت الأردن اتفقت مع أمريكا، على أن القوات سيكون لديها القدرة على استعمال 12 قاعدة عسكرية على أراضي الأردن، ما يعطي الأميركيين قدرة عالية على التحرك والانتشار من دون الاحتفاظ بأعداد من الجنود في قاعدة عسكرية محددة، وذلك وفقًا لبيان نشرته وزارتا خارجية البلدين سابقًا.

 

العراق 

خلال فترة الغزو الأمريكي 2003 – 2011، كان عدد من القواعد العسكرية الأمريكية بالعراق نحو 75 قاعدة، معظمها يعود للمواقع العسكرية العراقية التابعة للنظام السابق، والتي احتلتها القوات الأمريكية أثناء عملية الغزو.

 

واليوم، يمكن الحديث عن 5 قواعد أمريكية نشطة بالعراق، منها “قاعدة بلد” وهي الأكبر والأهم حيث تحتوي على منشآت عسكرية متعددة، بالإضافة إلى مدرج طائرات، وهناك أيضا “قاعدة التاجي” التي تشبه إلى حد كبير “قاعدة بلد”، وثمة أيضا “قاعدة رينج” في محافظة كركوك الكردية، وهي بمثابة معسكر نموذجي للتدريب والتأهيل العسكري.

 

وفي داخل حدود “مطار بغداد الدولي” توجد “قاعدة فكتوري” التي تستخدم للقيادة والتحكم والتحقيقات والمعلومات الاستخبارية، وأخيرًا، ثمة “قاعدة عين الأسد” في منطقة القادسية، غرب الأنبار، وهي بمثابة معسكر محصن لانطلاق العمليات الخاصة، وأخيرا هناك “قاعدة التقدم” في منطقة الحبانية، وهي قاعدة نموذجية، فيها معسكرات ومنامات ومواقع.

 

ويشار إلى أن الإدارة الأمريكية السابقة، بقيادة دونالد ترامب، قد أرسلت منظومة بطاريات “باتريوت”، في العام 2020، في أعقاب ‏اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، ابو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في الثالث من يناير/كانون الثاني ‏‏2020، في غارة أمريكية بالقرب من مطار بغداد الدولي.‎

 

وفي الأشهر الأخيرة لولاية الرئيس الأمريكي السابق ترامب، كان قد أمر بسحب القوات من العراق وأفغانستان، وتقلص عديد الجنود في البلدين الى 2500 في منتصف كانون الثاني/ يناير.

 

ويسعى الرئيس جو بايدن إلى استكمال سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، في انسجام نادر مع السياسة التي انتهجها سلفه دونالد ترامب.

 

وأكد البلدان في بيان مشترك سابقًا على أن مهمة الولايات المتحدة وقوات التحالف تحولت إلى (مهمة) تدريب ومشورة، ما يتيح تاليًا إعادة نشر أي قوة مقاتلة لا تزال في العراق.

 

وأكد البيان على أن وجود القوات الأمريكية في العراق جاء بناءً على دعوة الحكومة العراقية لغرض دعم القوات الأمنية في حربها ضد “داعش”.

 

هناك شبه اجماع بين أوساط المراقبين أن بايدن، لن يولي الشرق الأوسط الاهتمام الذي كانت تحظى به من قبل الادارات الأمريكية المتعاقبة بسبب تراجع أهمية النفط، وموقف بايدن المؤيد للحد من التغير المناخي والتوجه الى مصادر طاقة نظيفة وبسبب التحديات الأخرى التي يرى بايدن أنها تمثل مصدر تهديد مباشر لمصالح ومكانة وموقع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.