ما بين كورونا وأميكرون.. توقعات الاقتصاد العالمي 2022
على مدار عامين من ظهور فيروس كورونا والذي عصف بالاقتصاد العالمي خلال عام 2020 حيث وصف الخبراء الاقتصاديون الآثار التي حدثت في الاقتصاد بأنها الأشد أثرًا والأكثر قوة من الأزمة المالية العالمية 2008 ، ومع حلول العام 2021 بدأت التوقعات تشير إلى تحسن في الأداء الاقتصادي تزامنًا مع ظهور اللقاح وبدء البلدان في تلقيح مواطنيها والتخفيف في إجراءات الإغلاق، ولكن ظهور المتحور أوميكرون في اواخر 2021 ازدادت مخاوف العودة مرة أخرى إلى سياسيات الإغلاق خاصة مع تداول التقارير الطبية التي تفيد بسرعة انتشار أوميكرون أكثر من كورونا ومن ثم ذلك يؤثر على توقعات الاقتصاد العالمي في العام 2022 ، وفي هذا السياق يحاول التقرير توضيح رؤية للتوقعات العالمية للاقتصاد العالمي 2022 كالتالي:
الآفاق الاقتصادية العالمية
لا يزال التعافي الاقتصادي العالمي يعاني من أزمة كوفيد 19 مستمرًا؛ لأن الآثار التي خلفها الفيروس ربما تكون بعيدة المدى، فالاقتصاديات المتقدمة تحاول السيطرة على تلك الآثار كما أنها لم تستطيع في الاستمرار في الإمداد للبلاد منخفضة الضغط جرّاء ديناميكيات الجائحة، ويزداد عم اليقين بخصوص مدى القدرة على تلك الجائحة وآثارها رغم قطع العديد من الدول شوطًا كبيرًا في معدلات التلقيح؛ وذلك بسبب ظهور متحورات للفيروس من حين لآخر كانتشار سلالة متحورة “دلتا” و”دلتا بلس” ومؤخرًا متحور أوميكرون ومن ثم يصبح الاختيار بين مختلف البدائل المتاحة صعبًا للغاية.
فمن الرؤية العامة للاقتصاد العالمي يتضح توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الاقتصاد العالمي لتحقيق نسبة نمو تصل إلى 4.9 في المئة خلال العام 2022، مقارنة بنسبة بـ5.9% في 2021.
وأبرز التحديات التي تواجهه هى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل شبه مضاعف، بما يؤثر على أسعار الغذاء والنقل والمواد الأخرى، و جائحة كورونا وما صاحبها من تداعيات، وقال اقتصاديون إن “المخاطر المتوقعة في 2022 مرتبطة بمدى قدرة البنوك المركزية على التحكم في الاقتصاد العالمي وأسواق المال، مع تواصل نسب التضخم المرتفعة وسط سياسات معارضة لرفع سعر الفائدة في أوروبا تحديدًا”.
مضيفين في السياق ذاته: “سوف تضطر البنوك المركزية الكبرى لرفع سعر الفائدة في الربع الثاني أو الثالث من العام، وسنرى تقلبات وتذبذبات بأسواق المال، ومن الممكن أن يحدث انخفاض في النمو العالمي، قد يصل إلى حد الركود وهو مرتبط بطبيعة السياسات المالية والاقتصادية المتخذة”.
ورؤية للتوقعات الإقليمية ووسط توقعات بانتشار سريع لأوميكرون يوضح تقرير البنك الدولي أن عام 2022 فإنه لا تزال التوقعات الاقتصادية العالمية عرضة لمخاطر هبوط بسبب مخاوف تفشي الفيروس وذلك في ظل ارتفاع مستوى الديون في اقتصاديات الأسواق الناشئة والبلاد النامية، حيث من المتوقع أن يكون التوقعات الاقتصادية كالتالي:
- شرق آسيا والمحيط الهادئ: من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 5.3% في 2022.
- وبالنسبة إلى أوروبا وآسيا الوسطى فمن المتوقع نمو اقتصاد المنطقة بنسبة 9% في العام 2022 .
- ومنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي فمن المتوقع نمو النشاط الاقتصادي للمنطقة بنسبة 2.9% في عام 2022.
- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيتوقع نمو النشاط الاقتصادي فيها بنسبة 5% العام المقبل 2022.
- وفي منطقة جنوب آسيا فإنه من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 6.8% 6.8% في 2022.
- وأخيرًا منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فالتوقعات أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 3.3% في 2022
تحديات رئيسية
التهديد الذي تمثله متحورة أكثر خطورة، فيواجه الاقتصاد العالمي ككل تحديات متعددة تزيد العائق على الاقتصاديين في تفاديها وتتمثل هذه التحديات فيما يلي:
-
متحور أوميكرون
تزداد مخاوف تأثير أوميكون على الاقتصاد العالمي نظرًا لارتفاع توقعات عودة الإغلاق نتيجة لسرعة انتشاره، وكانت جمهورية جنوب إفريقيا أول من أعلنت عن تسجيلها أولى حالات الإصابة بـ”أوميكرون” ، وتوالت العديد من البلاد إعلانها تسجيل حالات على أراضيها حيث:
– السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة الأمريكية، النمسا، بلجيكا، جمهورية التشي، إسبانيا، النرويج، البرازيل، اليابان، السويد، نيجيريا، كوريا الجنوبية، الدنمارك، هونغ كونغ، كندا، أستراليا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، البرتغال، هولندا، بوتسوانا، مصر/ المملكة المتحدة.
-
ارتفاع معدلات التضخم
هناك توقعات بارتفاع معدلات التضخم من أوميكرون وعلى وجه التحديد ارتفاع أسعار الغذاء، وارتفاع معدلات التضخم من ثم يؤثر على الاقتصاد العالمي.
-
أسعار الفائدة الأمريكية
هناك تحذيرات بشأن إدام (البنك المركزي) الأمريكي على زيادة أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية إلى ضربة قوية للأسواق الصاعدة، فارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يؤدي عادة إلى ارتفاع سعر الدولار وخروج الاستثمارات المالية، وربما إلى أزمات عملة في الاقتصادات النامية.
- أزمة ديون “إيفرغراند”، إحدى أكبر الشركات العقارية في الصين، حيث يعد قطاع العقارات ركيزة هامة ورئيسية في الاقتصاد الصيني إذ يساهم بقرابة 29 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي، وتخطت ديون المجموعة عتبة الـ 305 مليار دولار (264 مليار يورو) جراء التوسع الكبير في السنوات الماضية.
-
التوترات الجيوسياسية في أوروبا
تزيد التوترات الساسية في أوروبا من توقعات تأثر الاقتصاد العالمي حيث سجلت أسعار الغاز مستويات قياسية ، حيث وصل سعر الغاز في سوق «تي تي إف» الهولندية إلى 180.267 يورو، كما ارتفع الغاز البريطاني تسليم الشهر المقبل ليغلق عند 451.72 بنس للوحدة الحرارية، بعد أن ارتفع إلى 470.83.
إضافة إلى ذلك إن أزمة الحدود الروسية الأوكرانية تظل حافزًا رئيسيًا حيث أن ارتفاع الغاز طبقًا للتوقعات جاء نتيجة هذه الأزمة، وذلك وسط تبادل للاتهامات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلنطي حيث اتهمت روسيا الجانبين الآخرين
بتأجيج التوترات من خلال تسليح أوكرانيا ودعمها سياسياً وتنفيذ المناورات في البحر الأسود.
في المقابل، يتهم الجانبان موسكو بالتخطيط لغزو أوكرانيا مع حشد مئة ألف جندي قرب حدودها مع شرق أوكرانيا التي ضمت روسيا بالفعل جزءاً من أراضيها، بالإضافة إلى ذلك حذر وزير الاقتصاد الألماني البيئي روبرت هابيك من عواقب خطيرة على خط نورد ستريم 2 في حال شنت روسيا هجوماً على أوكرانيا.
وفي هذا السياق أوضح مكسيم أوريشكين، مساعد الرئيس الروسي ووزير التنمية الاقتصادية السابق، 3 سيناريوهات لتطور الوضع في الاقتصاد العالمي في ظل ظهور “أوميكرون”، وهم كالتالي:
- سيناريو وصفه بالسلبي والصعب، وهو يفترض انتشار الفيروس بشكل سريع وشدة المرض عالية، والسلالة الجديدة ستستطيع تجاوز اللقاحات الموجودة والاختبارات الحالية، وهنا يكون الأثر على الاقتصاد هو الأكثر فتكًا وتكون فيه البلاد النامية هى الضحية الأكبر.
- السيناريو الثاني هو أن فيروس “أوميكرون” لن يشكل خطرا، وبالتالي يستطيع الاقتصاد العالمي أن يستمر في تجاوز السلالة الأولى ” كورونا” وهنا تكون توقعات بنمو إيجابي.
- السيناريو الثالث فهو إيجابي، يفترض أن شدة المرض لن تكون عالية جدا ولن ينتشر الفيروس بشكل سريع، وبالتالي تكون اللقاحات ذات قدرة على التعامل معه وهو يجعل الأمر عاديًا لم يستدعي الإغلاق الكلي وبالتالي مؤشرات اقتصادية إيجابية.
خلاصة القول تتباين التوقعات حول أثار المتحور الجديد أوميكرون على الاقتصاد العالمي في عام 2022، حيث تكون هناك توقعات بأن الفيروس سيكون له أثر بالغ على الاقتصاد وهو التحدي الأكبر في عام 2022 ومن الممكن أن يعيد العالم إلى الحالة الصفرية مرة أخرى عبر إغلاق واتخاذ إجراءات مشددة وهنا تكون البلدان النامية هى فريسة هذا الاثر وهذ التوقع هو الأكثر رواجًا بين الخبراء الاقتصاديين، وعلى الجانب الموازي توقعات بأن المتحور سيلحق بمن سلفه من المتحورات كدلتا ودلتا بلس ولن يؤثر بشكل قوي خصوصًا مع زيادة معدلات التلقيح كما أن هناك دولًا وصلت لمستوى تلقيح كامل، ولن يستدعى الأمر إغلاقًا وذلك استنادًا إلى التقارير الطبية بأنه رغم سرعة انتشار أوميكرون إلا أنه أقل فتكًا مقارنة بكورونا كما أن معدل الوفاة الناتج عنه أقل بكثير.
لكن سيبقى العالم في حالة تأهب دائم لمتحورات كورونا والتي يتضح أن أثرها يمتد لسنوات عدة حتى لو أن هناك توقعات إيجابية ولكنها ستظل في نطاق التقدم البطيء نظرًا لهذه الظروف ولن تصل إلى مرحلة الطفرة الاقتصادية بل من الممكن أن نطلق عليها ” تجاوز”، ومن هنا لا يزال العالم في قبضة كورونا ولم يخرج منها بعد.