قضايا متنوعة.. ما هى الملفات المحتمل تفاقمها في عام 2022؟
يأتي عام 2022 حاملًا قضايا شائكة مطروحة على المستويات الدولية، والإقليمية، المحلية من عام 2021 والأعوام السابقة، فقد شهدت عدة مناطق صراعات متأججة حيث على الصعيد الدولي توترات بين الأقطاب الرئيسية الدولية كالولايات المتحدة، والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي ولم يكن الخلاف بين الخصوم فقط بل وصلت إلى الأقطاب المتحالفة مع بعضها البعض، وتظل العديد من القضايا مطروحة ومحتمل تفاقمها على عدة مستويات ومن هذا المنطلق يتطرق التقرير التالي إلى هذه القضايا المحتمل تفاقمها خلال عام 2021 كالتالي:
ملفات سياسية دبلوماسية
لعل الملفات السياسية أحد أهم الملفات المتوقع تفاقهما على الساحة في 2022، وفي هذا الإطار نشر موقع “فورين بوليسي”، تقريرًا بعنوان (خمسة نزاعات دبلوماسية رئيسية يمكن أن تسبب المزيد من المشاكل في عام 2022)؛ وأوضح التقرير أنه على قمة هذه النزاعات:
-
الخلاف الحلفاء الغربيين نتيجة اتفاق “أوكوس” الذي عُقِد بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وأوضح التقرير أن هذه الاتفاقية تؤثر على توازنات القوى مع الصين بسبب حصول أستراليا على غواصات نووية للمرة الأولى؛ ومن ثم التأثير على توزانات توازنات القوى في المحيط الهادئ، فضلًا عن التداعيات السلبية للعلاقات مع فرنسا.
-
الخلاف الدبلوماسي بين الصين وليتوانيا بسبب الموقف من تايوان
حيث أن ليتوانيا قد وافقت في وقت سابق في عام 2021، على تبادل المكاتب الدبلوماسية مع تايوان، وسمحت لها باستخدام اسمها في مكتبها في ليتوانيا، وهو ما يعتبر خطرًا بالنسبة إلى بكين، والتي قد ردت على هذا الموقف باستدعاء سفيرها من فيلنيوس، وإيقاف الشحن بالسكك الحديدية إلى ليتوانيا، وانطلاقًا من هذا حدث المزيد من التصعيدات حيث أن فيلنيوس ردت على هذه الخطوات بتأكيدها عدم التراجع عن القرارات التي اتخذتها.
- الصراع بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة؛ حيث أكد أن هذا النزاع أدَّى إلى تأجيج التوترات الإقليمية، وخصوصاً مع تعثر جهود الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي للتوسط في اتفاق بشأن تلك القضية الشائكة.
- الأزمة اللبنانية وأثرها على دول أوروبا، وتحديداً من ناحية احتمالية تعرض تلك الدول لأزمة لاجئين جديدة، حيث أن لبنان يعاني مشكلة بسبب تفاقم الخلاف الدبلوماسي مع المملكة العربية السعودية، بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عن دور السعودية في الحرب باليمن؛ هذا دفع إلى تصاعد المخاوف بشأن معاناة أوروبا من أزمة لاجئين جديدة، وما يبرهن ذلك وجود ملايين اللاجئين من سوريا ودول الشرق الأوسط الأخرى في لبنان وفي ظل معاناة لبنان الاقتصادية ليس أمامهم حل سوى الهروب إلى أوروبا.
- الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي حيث المخاوف من الآثار القانونية والسياسية المترتبة على ذلك وخصوصًا فيما يتعلق بترتيبات الحدود مع أيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلاوة على ذلك هناك توقعات بملفات سياسية أخرى حيث الخسارة الجيوسياسية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت الولايات المتحدة تعتزم القتال مع روسيا بأيدي أوكرانيا وجرّ أوروبا إلى مواجهة مع روسيا، وروسيا قد طالبت الولايات المتحدة بأن يقتصر دورها على كونها قوة إقليمية فقط ونجنب التصعيدات وهذا يحفز توقعات بأن يكون الصراع المحتمل بين روسيا والولايات المتحدة والصين مواجهة مباشرة، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تقدم تنازلات لروسيا والصين خلال عام 2022.
ملفات اقتصادية
يوجد العديد من القضايا الاقتصادية المتوقع حدوثها في عام 2022 تتمثل في:
- تسارع معدلات التضخم: وهذا متعلق بأن البنوك المركزية في الغرب لن تكون قادرة على منع الاقتصاد العالمي من الانهيار عن طريق إصدار النقود غير المغطاة؛ وهذا سيزيد من عدد حالات الإفلاس خارج إطار الدول الغربية.
- تفاقم مشكلات الاقتصاد الصيني حيث سيتم خفض تدفق البضائع من الصين والدول الأخرى المصدرة، وهو ما سيبقي على عجز السوق العالمية ، ونقص في المعروض وتعطّل العرض، مما يؤدي إلى ازدياد الاضطرابات الصناعة والتجارة، ما سيزيد من العجز، وسيسرع التضخم أكثر.
- التأخر في السداد بالنسبة إلى الدول النامية: حيث ستعاني هذه الدول النامية وعلى رأسها الدول العربية، وبالأخص غير النفطية من وضع هو الأسوأ، كالمعاناة من ديون كبيرة، وعجز كبير في الموازنة، وعجز تجاري كبير، بالإضافة إلى ذلك، انعدام الأمن الغذائي.
- ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والطاقة والمواد الخام، مما يستدعي تشديد الأوضاع المالية، إلى تعقيد المشكلات القائمة، مما يدفع الدول النامية على وجه الخصوص من تخفيض عملاتها.
- التوسع في مساحة استخدام اليوان الصيني في العالم: يخطط المسؤولون الصينيون أن بحلول نهاية عام 2022، سيكون لدى كل صيني محفظة رقمية، كما تعمل الصين على تحويل تجارتها من التعامل بالدولار إلى اليوان، وإدخال اليوان الرقمي لخدمة التجارة الخارجية، خاصة في حالة انضمام تايوان وفرض حصار أمريكي وعقوبات على الصين.
وفي سياق إدخال اليوان الصيني الرقمي يجعل روسيا تبدأ استخدامه في التجارة الخارجية خاصة إذا طُردت روسيا من نظام “سويفت” للتحويلات البنكية نتيجة المواجهة المتصاعدة بين الغرب وروسيا.
- هبوط قيمة الدولار الأمريكي: يعاني الاقتصاد الأمريكي من مشكلات تتمثل في أنه قد أصبح التضخم يتجاوز العائد على رأس المال المستثمر في الأدوات المالية الأمريكية، بما في ذلك ديون الحكومة الأمريكية، وحتى في سوق الأسهم الأمريكية، ما سيؤدي إلى انخفاض سعر صرف الدولار، كما أن فرص ازدياد تدفق رأس المال إلى الذهب والسلع سيزيد من التضخم.
- تفاقم الوضع حول الصين: أصبحت الصين مصدراً لمشكلات الاقتصاد العالمي، حيث قد يؤدي انهيار شركة “إيفيرغراند”، أكبر مطوّر عقاري صيني، إلى انهيار البورصات في جميع أنحاء العالم؛ كما أن الوضع سيزداد سوءً في عام 2022؛ ومن ثم تعمل الصين على استعادة تايوان والتي من شأنها أن تحل العديد من مشكلات الحكومة الصينية، وهو مايدفع إلى صراع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، عام 2022 حول تايوان.
ملفات صحية
تزداد الآمال بأن يكون عام 2022 عامًا لانتهاء جائحة كورونا حيث أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، عن أمله في “أن يكون 2022 عام نهاية وباء كوفيد-19”.
ولكن هذه الأمنيات تأتي وسط مخاوف من عدم السيطرة على الفيروس جانب واقع بانتشار كبير للمتحور أوميكرون حول في مختلف دول العالم، ويبقى كورونا بمحتوراته تحد كبير خلال عام 2022، لأن انتشاره سريعًا ربما يستدعي من الدول العودة مجددًا إلى سياسيات الإغلاق الكلية، فضلا عن أثره على الاقتصاد العالمي حيث لم يعد هناك بإمكان العودة لما قبل الجائحة ومن ثم يدفع ذلك إلى محاولات التكيف مع الجائحة، و المضى قدمًا من خلال إعادة بناء الثقة فى بين الجائحة وعلاقتها بالسياسة والصحة العامة والسياسة الاقتصادية.
ملفات بيئية
إن ملف التغير المناخي من أخطرالملفات المطروحة في عام 2022 والذي يكون العامل المكمل لفيروس كورونا من حيث التأثير على الاقتصاد العالمي، وقد حاولت الدول عبر عقد مجموعة من المؤتمرات الخاصة بتغير المناخ خلال عام 2021 والدعوات إلى تقليص استخدام الفحم، ورغم أن المؤتمؤ يشبيه في حماسه وقراراته المؤتمرات السالفة له إلا أن العالم ينتظر تطبيقًا عمليًا لسياسيات أكثر حزمًا ضد الملوثات البيئية واتخاذ خطوات تسهم في تقليل معدل درجات الحرارة تفاديًا لآثار اقتصادية وجغرافية وصحية ناتجة عن ذلك، فهناك دول ومدن معرضة للاختفاء وهناك توقعات تفيد بأن كورونا بداية لانتشار الأمراض والفيروسات الفتاكة نتيجة الاختلال البيئي ولن يكون الأخير من نوعه، كما أن أزمة التغير المناخي أصبحت تلقي بزمامها على الدول العربية وبدء بعض الدول العربية تعاني من ندرة مائية كسوريا والعراق فضلا عن التأثر الاقتصادي لدول الخليج العربي المعرضة بأن ينخفض العائد من تصدير النفط، علاوة عن تهديدها بأن تكون منطاق غير مأهولة بالسكان.
خلاصة القول هناك العديد من القضايا المتنوعة المطروحة على الساحة الدولية خلال عام 2022 والتي تنذر بالخطر الذي قد يواجه العالم في هذا العام، فكأن العالم دخل العام الجديد وسط مشهد ساخن وتعقيدات كبيرة على مختلف المستويات يكون فيها الخاسر الأكبر هو الدول النامية وبالأخص العربية التي بها أكثر الملفات الشائكة وتهديدات أمنية وعسكرية واقتصادية كبيرة، والتي ستدفع ثمن هذه الملفات الشائكة وتتحمل العبء الأكبر من المعاناة وخصوصًا مع عدم قدرة الدول العظمى تمويل هذه الدول نتيجة لتعرضها لتأثيرات اقتصادية جرّاء الجائحة ، فعام 2022 به العديد من الأزمات مما يستوجب وقفًا جادًا لهذه الأزمات فهى تعكس أن العالم يحتاج إلى سياسات رشيدة وتعاون أكثر من الصراع.