العراق وسوريا.. سياسة “بايدن” تجاه الشرق الأوسط في 2021
تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2021، وقد أكد اتجاهًا في سياسته الداخلية والخارجية مؤداه “أمريكا عادت”.
ومن هذا المنطلق حرص بايدن على إعادة ترتيب البيت الأمريكي الداخلي ليستطيع تنفيذ أجندته الخارجية حيث تضمنت أجندته الداخلية أولويات عدة أولها الحد من وباء كورونا، وإلى جانب ذلك توفير اللقاحات وتحفيز وتيرة الاقتصاد المتأثرة جراء فيروس كورونا.
وعلى الصعيد الخارجي أعطى بايدن منطقة آسيا والمحيط الهادئ اهتمامًا خاصًا حيث اهتم بروسيا والصين باعتبارهما أكثر المنافسين له على النظام الدولي.
علاوة على ذلك انتهج مبدأ العودة إلى آسيا استكمالًا لهذه السياسة التي بدأت في عهد الرئيسين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب؛ لتسهيل الوصول إلى تنفيذ أهدافه في منطقة الشرق الأوسط.
ومن هذا المنطلق تحاول الدراسة التالية بحث طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص، من خلال ثلاث محاور هم:
- رؤية عامة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط.
- السياسة الخارجية الأمريكية خلال 2021
رؤية عامة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية استراتيجية خاصة للولايات المتحدة الأمريكية فسعي أمريكا للوجود بها مرتبط بأهداف اقتصادية وعسكرية وجيوسياسية كما يهدف إلى تأمين حلفائها في المنطقة، خصوصًا مع سعي أعدائها للتواجد الصريح في المنطقة وهما روسيا والصين ؛ ولذا فإن تطور علاقات دول الشرق الأوسط بروسيا والصين يؤدي إلى زيادة التنافس مع أمريكا بالنسبة لإدارة بايدن، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى رفع وتيرة التنافس الدولي في المنطقة.
حيث عززت الصين نفوذها في الشرق الأوسط من خلال مبادرة الحزام وطريق الحرير الصيني، كما وقعت الصين اتفاقية مدتها 25 عاماً مع إيران بقيمة 400 مليار دولار.
الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية للشرق الأوسط
للشرق الأوسط أهمية اقتصادية كبرى دائمًا ما تكون ضمن حسابات القوى الكبرى فهى غنية بالمواد الطبيعية، حيث أنّ النفط والغاز وموارد الطاقة هي من أهم عناصر الجذب التي تستقطب نفوذ الدول وصراعتها، كما أن منطقة الشرق بطبيعتها الجغرافية تتحكم في أهم الممرات المائية والمضايق المهمة كقناة السويس ومضيق باب المندب كما أن البحر الأحمر من الأهداف الاقتصادية والأمنية للدول الكبرى لاحتوائه على أهم الثروات الموجودة في العالم.
ولذلك فإن تأجيج الصراعات المسلحة في هذه المنطقة ساعد الدول الكبرى على السعي للاستحواذ على هذه الثروات، وبالأخص في المناطق المطلة على الممرات المائية التي تحتوي على هذه الثروات.
السياسة الخارجية الأمريكية 2021
منطقة الشرق الأوسط منطقة ملتهبة بشدة بالأزمات فهى مليئة بالصراعات والحروب والأزمات، وفيما يلي تعرض الدراسة المفات والقضايا المتأججة في منطقة الشرق الأوسط ويمكن تقسيمها كالتالي:
- قضايا عربية وتتمثل في:
- الحرب في سوريا: منذ ما يقرب من 11 عامًا قامت احتجاجات في سوريا ضد النظام وتحولت مسار تلك الاحتجاجات إلى حرب أهلية، تدخلت القوى الكبرى فيها وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أهم هذه الدول كمنافس لعدوتها روسيا، حيث:
- قبل عام 2021:
- شنت الولايات المتحدة أولى ضرباتها في سوريا في 23سبتمبر 2014 بمساعدة حلفائها، لتكون أول خطوة لها حيث نشرت حوالي 2000 جندي معظمهم من القوات الخاصة.
- فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على العديد من المسؤولين السوريين بعد شهر من أول مظاهرات في عام 2011.
- دعوة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى قيادة عملية الانتقال أو الانسحاب.
- خلال 2013: تم توجيه اتهامات للنظام السوري بشن هجوم كيميائي قرب دمشق أودى بنحو 1400 شخص .
- في عام 2014: سيطرت الجماعات الجهادية والإرهابية على أجزاء كبيرة في سوريا والعراق، وفي العام ذاته بدأت واشنطن مع تحالف دولي بتوجيه أولى ضرباتها إلى سوريا.
- في 2018 :
- بدعم من فرنسا والمملكة المتحدة، الولايات المتحدة تطلق ضربات موجهة ضد النظام السوري بعد اتهامه بهجوم كيميائي ف في مدينة دوما عندما كانت خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة .
- الرئيس ترامب ونظيره التركي رجب أردوغان يتفقان على “تعاون أكثر فعالية حول سوريا”، وذلك أعقاب تهديدات جديدة من أردوغان بشن عملية عسكرية في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة منظمة “إرهابية” مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
- في أغسطس 2019: أنقرة وواشنطن تقرران إنشاء “مركز عمليات مشترك” لتنسيق إنشاء “منطقة أمنية”، وهي منطقة عازلة بين الحدود التركية والمناطق السورية التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.
- خلال عام 2021 وتوضيح سياسة بايدن الخارجية نحوها انتهجت إدارة بايدن سياسة خارجية صلبة تجاه الأزمة السورية حيث نفذت غارة جوية استهدفت “ميليشيات مدعومة من إيران” في سوريا، في أول عمل عسكري تقوم به إدارة بايدن، حيث على هذا السياق قالت وزارة الدفاع الأمريكية : “إن الجيش شن غارة جوية استهدفت ميليشيات تدعمها إيران في سوريا، وأن الهجوم أسفر عن تدمير عدة منشآت عند نقطة حدودية يستخدمها عدد من الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران”، وبذلك نرى أن هناك تشابهًا مع نفس السياسية التي عُنى بها الرئيس السابق ” ترامب”.
- الأزمة اليمنية: إن الأوضاع في اليمن ليست بأحسن حال من سوريا حيث الحرب في اليمن قائمة بين جماعة الحوثيين المدعومة من إيران من جهة والحكومة الشرعية والمدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ومن هذا المنطلق تكون السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الأزمة اليمنية كالتالي:
- في عهد أوباما وبايدن:
- لعبت الإداة الأمريكية في الأزمة اليمينة على مسألة عامل الدين حيث تعزيز الخلافات المذهبية ؛ ومن هذا المنطلق دعمت وجود الشيعة؛ كمنافس رئيسي للجماعات السنية كداعش والقاعدة.
- انتهاج سياسة تحالف الأعداء بمعنى خلق تحالف بين جماعة الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وذلك لخلق واقق في اليمن من الصعب حله.
- ضعف سيطرة الحكومة الشرعية، وتعدد جماعات الحراك الجنوبي وقد ساهم كل ذلك في عدم قدرة السلطة الشرعية على بسط نفوذها على الأرض، وبالتالي فعملية الصراع معقدة وتركيبة الجماعات أكثر تعقيدًا.
- خلال عهد بايدن في عام 2021
عبرت إدارة الرئيس بايدن عن موقف معارض لاستمرار الحرب في اليمن، كما أنها لا تضمن التوصل لاتفاق سلام نهائي بسبب تباعد مواقف الأطراف ،ومن ثم لم ينجح الرئيس بايدن حتى الان في إيقاف الحرب الدائرة في اليمن رغم تعهده بذلك.
- الأوضاع في العراق: العراق بلد يشهد صراعات داخلية صعبة بسبب المحاصصة الطائفية كما أن العراق يعد ساحة لتصفية الخلافات الأمريكية الإيرانية لأن هناك الكثير من الفصائل العراقية موالية لإيران وكان اغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس قرب مطار بغداد في عهد الرئيس ترامب يدل على أن العراق لا يزال فريسة أمام القوات الأمريكية التي تتواجد في العراق منذ مطلع الألفينات لأسباب اقتصادية وأمنية.
خلال عام 2021:
تعد عملية اغتيال قاسم سليماني أحد أهم الأزمات التي تواجه الرئيس بايدن في سياسته تجاه العراق، كما أنه خلال عام 2021 جرى اتفاق بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على إنهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية في العراق بنهاية 2021 ، وفي هذا السياق أكد البيان المشترك للجولة الرابعة من “الحوار الاستراتيجي” بين بغداد وواشنطن أن: “العلاقة الأمنية سوف تنتقل بالكامل إلى دور خاص بالتدريب وتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية”.
مضيفًا: “لن تكون هناك قوات أمريكية تقوم بدور قتالي في العراق بنهاية الحادي والثلاثين من ديسمبر / كانون الأول عام 2021.”
ولكن هذا الاتفاق لن يعني انسحاب القوات الأميركية من العراق وهو الأمر الذي يطالب به حلفاء ايران في العراق، كما أن الانسحاب الأمريكي يكون حدثًا سلبيًا في ظل سيطرة التنظيمات الإرهابية كداعش على العراق.
- الأزمة في ليبيا:
الأزمة الليبية منذ 2011 دفعت الولايات المتحدة للتدخل في ليبيا وعند تولي بايدن الرئاسة أعلنت الولايات المتحدة موقفها تجاه ليبيا حيث طلب القائم بأعمال المبعوث الأمريكى فى مجلس الأمن :” خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا فى تحول واضح للسياسة الأمريكية تجاه ليبيا فى عهد إدارة بايدن عن السياسة التى اتبعتها إدارة ترامب كما أنه يعكس انخراطا أمريكيا أكبر فى الفترة المقبلة”.
مفارقة واضحة:
اتسمت سياسة إدارة ترامب بعدم الوضوح وعدم الانخراط بشكل مباشر فى تفاعلات الأزمة الليبية ومن ثم غضت النظر عن التدخل التركى فى ليبيا تحت زعم أن الوجود التركى سيوازن الوجود الروسى هناك من جهة ويعتبر حفاظًا مع العلاقات مع تركيا من جهة أخرى
وقد ترتب على التجاهل الأمريكى عن الأنشطة التركية فى ليبيا تداعيات سلبية سواء على الأزمة الليبية وصعوبة التوصل إلى حل سياسى.
كما كانت أهداف أوباما وترامب فى ليبيا مرتكزة على عدم الوجود المباشر بعد مقتل القنصل الأمريكى فى بنغازى عام ٢٠١٢، علاوة على الاعتماد على النفط الليبى لتعويض إمدادات النفط الإيرانية بعد فرض العقوبات على ايران، ومحاربة الإرهاب، دون الانخراط المباشر فى التفاعلات السياسية .
- القضية الفلسطينية، وتأمين الوجود الإسرائيلي:
إن الولايات المتحدة الأمريكية هى الشريك الاستراتيجي الأول لإسرائيل والذي يدعمها في الشرق الأوسط فالدعم الأمريكي لإسرائيل يعد أهم سمات الصراع العربي الإسرائيلي؛ ومن هذا المنطلق تعمل الولايات المتحدة على دعم الوجود الإسرائيلي في فلسطين؛ ولذا واصلت الإدارة الأمريكية دعم اتفاقات أبراهام ، كما تسعى للتواصل مع الفلسطينيين لإنهاء رفضهم لصفقة القرن، ولأن يكونوا على استعداد للمشاركة مرة أخرى.
و نهج بايدن تجاه القضية الفلسطينية يمثل عودة إلى السياسة الأمريكية ما قبل ترامب والتي تتمثل بالدعم لحل الدولتين، واستئناف تقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين، ومتابعة الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط لإسرائيل.
ومثال على الدعم الأمريكي لإسرائيل فقد اتضح في سياسة بايدن تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال الصراع بين إسرائيل وغزة في مايو 2021، حيث ركزت إدارة بايدن على حل الدولتين، وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في الصراع ضد غزة، على الرغم من استئناف بايدن المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
- العلاقات مع دول الخليج العربي:
تعد دول الخليج العربي حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وما تعكس ذلك احتوائها على قواعد أمريكية؛ ومن هذا المنطلق هناك اختلاف واضح بين إدارة ترامب وإدارة بايدن تجاه الإمدادت العسكرية لدول الخليج العربي، وهو يتضح في أن ترامب ينظر إلى دول الخليج العربية بشكل أساسي كعملاء للسلع والخدمات العسكرية الأمريكية، وعلى الجانب الآخر فإن إدارة بايدن لها اتجاه آخر تجاه هذه القضية حيث تزايدت مواقف بايدن والعديد من الديمقراطيين بشأن الحرب في اليمن، والحد من مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية في ظل استمرار هذه الحرب.
وقد أعلن بايدن: ” سوف أنهي دعم الولايات المتحدة لهذه الحرب المأساوية، التي تقودها السعودية في اليمن، وأطلب إعادة تقييم علاقتنا مع المملكة العربية السعودية”.
وفي السياق ذاته أطلقت وزارة الخارجية أيضا مراجعة للقرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة حيث :” تعليق واشنطن مبيعات الأسلحة الجارية حتى “إعادة التدقيق فيها للتأكد من أنها تحقق “أهدافها الاستراتيجية”، وبين هذه الصفقات التي جمدت ذخيرة دقيقة للسعودية وخصوصا مقاتلات من طراز اف-35 للإمارات العربية المتحدة”.
وعلى الصعيد نفسه أكد على :” مراجعة “عاجلة جدا” لقرار إدراج الحوثيين على اللائحة الأميركية “للمنظمات الإرهابية” الذي واجه انتقادات من جميع الجهات لأنه يهدد بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق واسعة يسيطر عليها المتمردون”.
-
قضايا غير عربية وأهمها:
- الملف الإيراني:
الملف الإيراني دائرة محورية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا الشرق الأوسط حيث أوضح فريق بايدن أن الـ100 يوم الأولى في برنامجه الخاص بالشرق الأوسط سوف تركز على تقييم احتمال التوصل لاتفاق نووي جديد أو أكثر قوة مع إيران.
والاتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي هو أكثر نقاط سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط ، فهدف الولايات المتحدة يتمثل في منع إيران من امتلاك سلاح نووي لارتباط ذلك بهدف منع الانتشار النووي في العالم.
إن هدف منع امتلاك إيران لبرنامج نووي ناتج أيضًا من رؤية الولايات المتحدة من أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيطلق سباقًا للتسلح النووي في المنطقة، ويكون ذلك ضد مصلحة حلفائها في المنطقة كإسرائيل.
وبالعودة إلى الوراء فإنه عند التوصل للاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 تجاهلت إدارة الرئيس أوباما الكثير من التحفظات الجوهرية التي عبر عنها حلفاء الولايات المتحدة في الإقليم، خاصة دول الخليج العربي وإسرائيل.
وقد أظهرت الفترة الأخيرة أن التحفظات التي أطلقها حلفاء أمريكا كانت صحيحة والدليل على ذلك هاجمت إيران منشآت نفطية سعودية في 2019، وقامت بتصدير صواريخ من إنتاجها لميلشيات مختلفة حول المنطقة، من الحوثيين لحزب الله لمنظمات فلسطينية في قطاع غزة، علاوة على ذلك دعم الملف النووي إيران من التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة من خلال المليشيات التي ساهمت في تكوينها في لبنان والعراق.
وعلى هذا الضوء، بدأت المفاوضات بين الطرفين وهو ما عسكه لقاء جمع ممثلين للإدارة الجديدة مع ممثلين لإيران، بما يعني أن إدارة الرئيس بايدن تضع هذه القضية في مقدمة أولوياتها. وربما تبادر الولايات المتحدة باتخاذ خطوات لإظهار حسن النوايا تجاه إيران لتشجيع الأخيرة على التصرف بطريقة إيجابية.
خلاف معلق:
رُغم أن بايدن فتح باب المفاوضات بشكل غير مباشر بشأن الاتفاق النووي مع إيران، إلا أنه كان أبطأ من المتوقع إذ تزال بعض القضايا مثل ملف الصواريخ الباليستية الإيرانية، وملف دعمها لوكلائها في بعض الدول العربية، تمنع بايدن من رفع العقوبات عن إيران.
ولكن يشترط الرئيس بايدن على إيران الوفاء بالتزاماتها من أجل بدء المحادثات معها، بينما تريد إيران أن ترفع الولايات المتحدة عقوباتها أولاً، في الوقت الذي تطالب فيه إدارة بايدن بخفض مستويات تخصيب اليورانيوم في إيران إلى المستوى المقبول الموثق في معاهدة 2015.
- العلاقات مع تركيا:
أبدت تركيا قلقًا بشأن فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وذلك بسبب بعض النقاط الخلافية بينهما وهى كالتالي:
- ثمة اختلاف بين الجانبين التركي والأمريكي حول منظومة الدفاع الصاروخية(S-400) حيث مثّل اختبار تركيا للمنظومة إذ إن “بايدن” أبدى حرصًا على توجيه إشارات تفيد بأنه ما زال لديه طموح في تراجع أنقرة عن الاستمرار في تلك الصفقة.
ومن هذا المنطلق ، فإن موقف “بايدن” من هذا الملف سيكون حاسمًا بالاتجاه نحو تطبيق قانون “كاتسا” الصادر في عام 2017، والذي يقضي بفرض عقوبات على الدول التي تتعاون مع أعداء أمريكا، وفي الصدارة منها روسيا، حيث أن بايدن يرى أن امتلاك تركيا للمنظومة الدفاعية الروسية قد يعرض المقاتلة الأمريكية F35 للخطر.
- دعم الأكراد: دائمًا ما تسعى تركيا للحفاظ على ملف الكرد حيث أن هذا الملف يثير غضب تركيا وذلك بسبب أن الرئيس بايدن من أكثر الأمريكيين الداعمين للقضية الكردية، وقد عبّر عن تعاطفه مع القضية الكردية وتعهد بدعمه لها، في تركيا والعراق وسوريا، كما عارض العمليات العسكرية التي أطلقتها تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في أغسطس 2016 ويناير 2018.
- معارضة تمدد أنقرة واتضح في عدة نقاط:
- معارضة الرئيس “بايدن” خطط تركيا التوسعية في سوريا والعراق وشمال إفريقيا، كما اتهم الرئيس التركي “أردوغان” بتأجيج النزاع في القوقاز.
- مطالبة تركيا بالبقاء بعيدًا عن الصراع في ناغورنو كاراباخ، كما طالب بضرورة استبعاد أنقرة من أي جهود دبلوماسية في الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان، وهو ماجعل الناطق باسم الرئاسة التركية “إبراهيم قالن” لاتهام “بايدن” بــ”الاستسلام للوبي الأرميني”.
- إعلان بايدن استياءه من عمليات التنقيب والتي وصفها بالغير القانونية التي تقوم بها تركيا شرق المتوسط قبالة سواحل قبرص واليونان، وهو ما يثير قلق تركيا.
- انتقاد السياسات الداخلية للحكومة التركية وذلك على نقيض الرئيس ترامب والذي قد وُصف بصديق تركيا، كما أكد على ضرورة دعم المعارضة التركية حتى تتمكن من الإطاحة بـ”أردوغان” الذي وصفه بـ”المستبد”، كما تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطًا سياسية على تركيا لإطلاق سراح موظفين أتراك يعملون في القنصلية الأمريكية بأنقرة.
- الوضع في أفغانستان:
قام بايدن بسحب القوات الأمريكية المتواجدة في أفغانستان منذ عام 2001، وعلل سبب هذا انسحاب والذي تم التوصل إليه في عهد الإدارة السابقة بعهد ترامب، إذ أنفقت أمريكا نحو 90 مليار دولار لبناء الجيش الأفغاني البالغ عددهم 300 ألف جندي خلال 20 عاما. وعلى الرغم من أن بايدن أوفى بوعده الانتخابي بالانسحاب من أفغانستان، إلا أن حلفائه الغربيين أدركوا أن الاضطرابات التي حدثت أثناء الانسحاب الأمريكي قد أضرت بصورة السياسة الغربية بشكل عام.
وهذا ما دفع بآلاف الأفغان التشبث بطائرة القوات المغادرة من مطار كابول وتخللها هجوم شنه تنظيم الدولة الإسلامية قتل فيها 13 جنديًا أمريكيًا ثم غارة أميركية أخيرة قتلت بالخطأ عشرة مدنيين أفغان بينهم سبعة أطفال.
- قضايا أيديولوجية كملف حقوق الإنسان
إن التدخلات الأمريكية غالبًا ما تكون نابعة من فرض هدف أيديولوجي وهو فرض حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في الشرق الأوسط؛ ومن ثم فإن إدارة بايدن لم تتخلى عن إثارة قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط والتي تُعد جزءً من هُوية الحزب الديمقراطي حيث أنها مسألة مهمة بالنسبة لعدد كبير من الأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس، كما أن إدارة بايدن لن تستطيع تجاهل الانتهاكات الجسيمة التي قد تحدث، لكنها تبدو مستعدة لتفهم أو احتمال فرض بعض القيود غير المبالغ فيها.
ومن منطلق تدعيم ملف حقوق الإنسان، وصف بايدن حرب اليمن بأنها “كارثة إنسانية واستراتيجية”، وقام بحظر بيع الأسلحة للسعودية التي من الممكن أن تستخدم في أغراض هجومية في اليمن، حتى أنه توقع أن تتخذ حكومة المملكة المتحدة خطوة مماثلة، ولكن حكومة بوريس جونسون لم تفرض حظرًا، ورُغم تواصل إدارة بايدن التعاون مع السعودية في محاربة الإرهاب وتحقيق التوازن مع إيران.
وبالتالي فإن إدارة بايدن خلال عام 2021 عملت على دعم حقوق الإنسان في الدول العربية.
خلاصة القول يعد عام 2021 عامًا مفارقًًا في السياسة الخارجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط وهو في الوقت نفسه العام الأول لرئاسة “جو بايدن” الذي تولى الحكم في يناير 2021، وتستنتج الدراسة عددًا من النتائج وهى:
- هناك مقاربات بين السياسة الخارجية الأمريكية في عهدي ترامب وبايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط وهى تقديم الدعم الكامل لإسرائيل وتدعيم نفوذها في المنطقة عبر التحليق على إيران وبرنامجها النووي، وذلك على حساب القضية الفلسيطينية، وهى عامة من سمات السياسة الخارجية الأمريكية القائمة على علاقة الصداقة والطيدة مع إسرائيل.
- وجود اختلافات بين بين سياسة بايدن وترامب في الملف العراقي واليمني والسوري والليبي حيث يرى بايدن أن دعم قوات التحالف ضد الحوثيين في اليمن يمثل خطرًا على أوضاع حقوق الإنسان هناك، علاوة على ذلك أعلن إدراج الحوثيين كمنظمة غير إرهابية.
- يرى بايدن أن تركيا تريد تمديد نفوذ لها في منطقة الشرق الأوط عبر طرق غير شرعية وكما يرى أيضًا أن النظام التركي نظامًا مستبدًا يجب دعم المعارضة التركية في التخلص منه، والعامل الأكثر أهمية يدعم بايدن الملف الكردي في تركيا والعراق وسوريا وهو ما يثير غضب تركيا.
- أما في الملف الإيراني فسياسة الرئيس بايدن اتسمت بالغموض حيث الملف قام على عدة شروط من الجانين الأمريكي والإيراني.
- وبالنسبة إلى دول الخليج فقد انتهج بايدن سياسة معارضة للدعم العسكري لدول الخليج وبالأخص السعودية التي يراهما من ترأس التحالف الذي ينفذ عمليات ضد حقوق الإنسان في اليمن.
- وعلى جانب حقوق الإنسان فإن بايدن يكمل السياسية الخارجية الأمريكية القائمة على دعم حقوق الإنسان والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.
وبشكل عام تجد الدراسة أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط في عام 2021 سياسة مضطربة تمت إثارة الغضب من قبل قادة دول المنطقة تجاه هذه السياسة كتركيا ودول الخليج والتي استمت علاقاتهم بالولايات المتحدة من قبل بالقوة.