مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

روسيا والولايات المتحدة.. محادثات جنيف إلى أين؟

نشر
الأمصار

ازدادت التصعيدات في الأزمة الأوكرانية الروسية مؤخرًا بعد أن شهدت الفترة الأخيرة توترات بين روسيا وأوكرانيا وسط دخول من قبل حلف شمال الأطلنطي وذلك في سياق طرح أقاويل حول خطط روسية لغزو كييف إضافة إلى الحشد العسكري قرب حدود أوكرانيا.

ويأتي ذلك رُغم نفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك والذي قد هدد في الوقت نفسه بإتخاذ إجراءات عسكرية للتصدي لتوسع الناتو نحو الحدود الروسية، وعلى هذا النحو دفع هذا الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن يحذر الرئيس الروسي من “عواقب وخيمة” حال غزو روسيا لأوكرانيا، وفي هذا السياق يناقش التقرير التطورات الأخيرة للأزمة الأوكرانية الروسية كالتالي:

عودة إلى الوراء

قامت روسيا في أكتوبر 2021 بتعليق مهمتها في حلف الناتو وأغلقت مكتب الحلف في موسكو، وعلى الصعيد نفسه دعا الرئيس بوتين: ” الغرب إلى تقديم ضمانات أمنية فورية من أجل نزع فتيل الأزمة على الحدود الأوكرانية-الروسية”؛ وهذا يعكس مخاوف روسيا التي دفعتها نحو غزو أوكرانيا نابعة من انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو ولذلك فهى تسعى إلى تأمين حدودها من القوات الأطلسية.

وقد أثار ذلك مخاوف الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية من استحواذ روسيا على الأراضي الأوكرانية، وقد أدت هذه الازمة العالقة إلى تداعيات اقتصادية حيث ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا؛ ما دفع إلى محاولات تهدئة للأزمة خيث محاولات تهدئة روسية- ألمانية، ومحاولات تهدئة أمريكية- روسية في يناير 2022.

محادثات جنيف

يجري الجانبان الروسي والأمريكي  حاليًا محادثات حول وضع الصواريخ فى أوكرانيا وحجم التدريبات العسكرية الإقليمية، بحسب ما قال اثنان من مسئولى الإدارة الأمريكية لمجلة “بولتيكو الأمريكية”.

وأعلن مسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة مستعدة لمناقشة قضيتين منفصلتين:

  • الأولى تتعلق بمخاوف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من أن الولايات المتحدة ستضع صواريخ فى أوكرانيا رُغم أن الرئيس الأمريكى جو بايدن قد أخبر بوتين أن أمريكا لا تنوى ذلك.
  • الثانية متعلقة بموضوع التدريبات العسكرية التى ساهمت فى تصعيد التوترات بين واشنطن وموسك، حيث أن روسيا كثفت حجم وقوة تدريباتها العسكرية قرب الأراضى التابعة للناتو.

فى حين أن روسيا تشتكي من تدريبات الناتو فى منطقة البلطيق، والتى تشمل عادة وحدات أمريكية مدرعة ومدفعية متحركة، وقد تشمل هذه التدريبات أحيانا حلفاء من خارج الناتو مثل السويد وفنلندا، والذين اقتربوا من الحلف فى السنوات الأخيرة، كما وقامت كل من روسيا والولايات المتحدة بزيادة عدد رحلات القاذفات ذات القدرات النووية على جانبى حدود أوكرانيا.

الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية

خلافات قائمة

بمناسبة اقتراب المفاوضات الأمريكية الروسية، ثمة هناك خلافات شديدة بين الدولتين تعكس أن المفوضات ربما لا تُجدي شيئًا إلى حد كبير حيث:

  • الجانب الروسي:

مع اقتراب المحاداثات المرتقبة في جينيف بين الولايات المتحدة ورسيا، أعلنت روسيا أن تستبعد تقديم أي تنازل، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي يشارك في المفاوضات، في تصريحات لوكالات الأنباء الروسية (تاس):  “لن نقبل بأي تنازل، هذا أمر مستبعد تماما”. وأكد “خاب ظننا بالإشارات الصادرة في الأيام الأخيرة من واشنطن وبروكسل أيضا”.

وفي هذا السياق ينطلق أسبوع دبلوماسي بلقاء ثنائي بين نائبي وزيري خارجية البلدين، ثم  اجتماع بين حلف شمال الأطلسي وروسيا في بروكسل ثم اللقاء في فيينا مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بغية إشراك الأوروبيين الذين يخشون تهميشهم.

وعلى هذا الضوء أوضح مسؤول في البيت الأبيض أن: ” الروس والأميركيين سيجرون مباحثات تمهيدية قبل عقد الاجتماع الرئيسي في سويسرا”.

  • تبادل اتهامات
  • تلقي الدول الغربية على روسيا اللوم بحشد آلاف الجنود عند حدود أوكرانيا ما دفعها بتهديد روسيا بفرض عقوبات غير مسبوقة في حال إذا تم ذلك وتكون هذه العقوبات في منع منع روسيا من التعامل مع النظام المالي العالمي أو منع وضع خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الذي تريده موسكو وضعه في الخدمة بقوة.
  • لم يصمت الرئيس بوتين على الجهة المقابلة على هذه الاتهامات والتهديدات الغربية حيث وصف فرض العقوبات الجديدة بـ”الخطأ الفادح”، مهددًا بردٍّ “عسكري وتقني في حال استمرار خصومه بـ “النهج العدائي”.

مشيرًا إلى: “الغرب هو الذي يستفز روسيا من خلال نشر قوات عسكرية عند حدودها أو من خلال تسليح الجيش الأوكراني الذي يحارب انفصاليين مؤيدين لموسكو في دونباس في شرق أوكرانيا”، مطالبًا في الوقت نفسه:” باتفاق واسع يمنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وسحب كل القوات الأميركية من الدول التي تقع في أقصى شرق حدود حلف شمال الأطلسي”.

  • رد الجانب الأمريكي:
  • كان رد الجانب الأمريكي يحمل تصعيدًا أكثر ضراوة حيث أعلن عدم استعداده لخفض عدد قواته في بولندا أو دول البلطيق، بل هدد بتعزيز وجودهم فيها في حال حصول هجوم روسي.
  • أوضح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: “أن الولايات المتحدة لن تلهى بالنقاش حول حلف شمال الأطلسي لأن موضوع الساعة هو العدوان على أوكرانيا”، مشيرًا إلى :”من الصعب جدا إحراز تقدم فعلي مع مسدس موجه إلى رأس أوكرانياوأن الحل الدبلوماسي لا يزال ممكنا في حال أرادت روسيا ذلك.
  • على جانب مواز يرى جون هرست السفير الأميركي السابق في أوكرانيا أن: ” الانتشار العسكري الروسي هو خدعة كبيرة من بوتين للحصول على تنازلات”.
  • ومن جانب آخر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قد حذّر من :” وجود خطر فعلي لاندلاع نزاع جديد، وأن موسكو تطرح شروطا غير مقبولة وتكثف التهديدات في حال عدم قبولها”.
  • وفي سياق تصعيدات الجانب الأمريكي يعمل الرئيس جو بايدن وحلفاؤه على فرض مجموعة من العقوبات المالية والتكنولوجية والعسكرية ضد روسيا، والتى يقول: ” إنها ستدخل حيز التنفيذ فى غضون ساعات من غزو أوكرانيا حال حدوثه”، وتشمل هذه الخطط:
  • عزل أكبر المؤسسات المالية الروسية عن المعاملات العالمية، وفرض حظر على التكنولوجيا أمريكية الصنع أو التصميم واللازمة للصناعات الدفاعية والاستهلاكية.
  • تسريع المعارضة فى أوكرانيا التى ستقوم بشن حرب عصابات ضد “الاحتلال العسكرى الروسى” لو وصل الأمر إلى ذلك.

وذكرت صحيفة ” نيويورك تايمز” أن مستشارى الرئيس بايدن يقولون: ” إنهم يحاولون أن يوضحوا لبوتين ما سيواجهه بالتحديد فى الداخل والخارج، أملا فى التأثير على قراراته فى الأسابيع القادمة”.

وولكن بشكل عام تشكل هذه المحادثات اختبارًا حقيقيًا لإدارة بايدن التي أثارت رغم وعودها بالتنسيق، خيبة أمل في صفوف حلفائها الأوروبيين بسبب تفردها في أفغانستان أو على صعيد استراتيجيتها لمواجهة الصين،  لكن أنتوني بلينكن يقول “لن يكون هناك أي شيء عن أوروبا من دون أوروبا”.

الرئيسين الروسي والأمريكي

تداعيات خطرة

إن استمرار التصعيدات بين الجانبين الأمريكي والروسي تضع مصير المفاوضات في موضع أكثر صعوبة من أن تصل إلى نتائج حقيقية، كما أن إعلان الجانب الروسي بعدم تقديم أي تنازلات ينبه إلى روسيا تدخل المفاوضات وهى تريد أن تربح فقط وليس على الأقل أن ينال الجانبان أنصبة متقاربة.

وفي حالة عدم وصول إلى اتفاق نهائي سيكون الوضع الأمني في المنطقة في أزمة حيث أن فرصة قيام حرب ستكون هى الأحرى وفي نفس الوقت الأخطر فقيام حرب بين دولتين كلاهما يحملان سلاحًا نوويًا يعرض القارة الأوروبية في خطر خصوصًا في ظل التصعيدات في كازاخستان والتدخل الروسي هناك كمحاولة لضبط الأمن.

خلاصة القول تشهد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي توترًا جرّاء زيادة تواجده العسكري بالقرب من الحدود الروسية بحجة حماية أوكرانيا من تهديد روسي محتمل، وهو ما تعتبره موسكو خرقا للوثيقة الأساسية للعلاقات بين الجانبين حيث  نشرت وزارة الخارجية الروسية، في 17 ديسمبر 2021 مسودة اتفاقيات بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتشمل الوثيقة تقديم حلف “الناتو” ضمانات لموسكو بعدم التوسع شرقا، وعدم السماح بانضمام أوكرانيا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى الحلف العسكري.

وفي ظل التصعيدات بين الجانبين الأمريكي والروسي فإن مصير المفاوضات يدور حوله علامات استفهام خصوصًا بعد أن أعلنت روسيا عدم تقديم تنازلات وعلى الجانب الأمريكي الذي يخطط لفرض عقوبات على روسيا فإن هذه المفاوضات تأخذ سمة ” المفاوضات المشروطة” والتي لا يُتوقع أن يخرج عنها نتائج نهائية حقيقية.