المشهد السياسي السوداني.. تطورات متسارعة ومبادرات للحل
يشهد الوضع الراهن حالة من الاضطراب السياسي، نتيجة لعدم الالتزام ببنود الوثيقة الدستورية، مما خلق شلل عام في الحياة العامة خصوصا عقب استقالة وزير الوزراء د. عبدالله حمدوك وعدم تشكيل حكومة جديدة والتي زعم المجلس العسكري إبان قرارت الخامس والعشرون من أكتوبر المنصرم، بتشكيل الحكومة خلال أسبوع، بينما يرفض الشارع تلك القرارات ويرفع شعار اللآت الثلاثة، وسير مليونيات تنادي بإسقاط المجلس العسكري، وخصوصا عقب رفض قوى الحرية والتغيير للحوار مع المكون العسكري، حتى وبعد مبادرة الأمم المتحدة الوصول إلى نتيجة مرضية في ظل عدم موافقة الشارع المشتعل غضبا.
ترحيب بالمبادرة
رحب حزب الأمة، بقيادة مبارك المهدي، بمحاولة الأمم المتحدة لحل الأزمة بالبلاد، مقترحا مبادرة داخلية من 10 بنود، واعتبر حزب الأمة أن حل الأزمة الحالية التي سرد حيثياتها ومسبباتها، يكمن في استعادة الانتقال إلى مساره وأهدافه المنشودة عبر جملة خطوات بينها مراجعة البرنامج الكبير المستهدف إنجازه خلال الفترة الانتقالية وفقاً للتجارب الدولية والمحلية، وأشار إلى أن إصلاح الخدمة المدنية وإعادة هيكلة وتوحيد المؤسسة العسكرية ومحاربة الفساد وتحقيق السلام، برامج متواصلة تمتد إلى عقد وعقدين من الزمان تبدأ في الفترة الانتقالية وتتواصل مع الحكومة المنتخبة”، ودعا حزب الأمة إلى إلغاء المادة رقم واحد في الوثيقة الدستورية (تنص على إلغاء العمل بدستور السودان للعام 2005) والعودة إلي دستور 2005 بعد حذف 52 تعديلا أجراها عليه النظام المعزول، وشدد على أنه “لا يعقل ترك البلاد في فراغ دستوري في خضم هذا الاضطراب السياسي”.
وقال إن “هذا الدستور شاركت في صياغته كل القوى السياسية السودانية وضمن فيه اتفاق القوى السياسية في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية وسلام نيفاشا حول خمس قضايا ظلت محل اختلاف منذ الاستقلال والقضايا الخمس محل الخلاف وفق حزب الأمة هي، النظام الرئاسي المختلط، والعلاقة بين الدين والسياسة، والهوية، والنظام الفيدرالي، ومعادلة توزيع موارد الدولة على الولايات
وتشمل خطة حزب الأمة لحل الأزمة أيضاً، وفق البيان، تشكيل حكومة انتقالية وفق برنامج محدد وواقعي من كفاءات خدمت في الخدمة المدنية، وتعيين الأجهزة العدلية خاصة المحكمة الدستورية والمفوضيات، كما تشمل تشكيل مفوضية الانتخابات وتكليفها بإعداد السجل الانتخابي وإصدار البطاقة الانتخابية والاستفادة من تجربة الهند ونيجيريا في هذا الخصوص
وتتضمن كذلك، إبعاد الأحزاب والقوى السياسية عن السلطة الانتقالية حتى يتفرغوا لإعادة بناء تنظيماتهم استعداداً للانتخابات، على أن تقوم بعثة الأمم المتحدة بالمهام التي أتت من أجلها وفي مقدمتها تقديم الدعم الفني واللوجستي المساعد في التحول الديمقراطي بالبلاد، وأكد حزب الأمة على أن المخرج الآمن للسودان يكمن في إعلان انتخابات رئاسية وبرلمانية قومية في البلاد في مطلع العام القادم ٢٠٢٣”.
والسبت الماضي، أعلنت الأمم المتحدة بالتشاور مع الشركاء السودانيين والدوليين، إطلاق مشاورات سياسية أولية بين الأطراف السودانية، تتولى الأمم المتحدة تيسيرها بهدف دعم أصحاب المصلحة السودانيين للتوصل لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على مسار مستدام نحو الديمقراطية والسلام.
وشملت مبادرة الأمم المتحدة 7 نقاط كمسار للعملية التشاورية التي تهدف إلى حل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد والعبور بالفترة الانتقالية.
ومن بين نقاط المبادرة الأممية “تعويل المنظمة الدولية على التعاون الكامل من قبل جميع الأطراف، ولا سيما السلطات، لتهيئة مناخ ملائم لهذه المشاورات. ويشمل ذلك الإنهاء الفوري لاستخدام العنف ضدّ المتظاهرين السلميين ومحاسبة مرتكبي هذا العنف والحفاظ على حقوق الإنسان للشعب السوداني وحمايتها”.
وقال الحزب، في بيان، إن “مبدأ الحوار والتشاور يعتبر السبيل الأمثل لتجاوز حالة الاستقطاب الحادة بين جماعة الحرية والتغيير فيما بينها وصراعها مع قيادة القوات المسلحة حول السلطة الانتقالية”
من جهته التقى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال (يونيتامس) ، فولكر بيرتس وذلك في إطار التشاور المستمر بين الحكومة وبعثة الأمم المتحدة فى السودان
وبحث اللقاء الوضع السياسي الراهن بالبلاد بعد استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك من منصبه.
واستمع رئيس البعثة الأممية خلال اللقاء إلى رؤية رئيس مجلس السيادة حول الأوضاع الراهنة بالبلاد، كما أطلعه على رؤية الأمم المتحدة للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية.
وأمن الجانبان على ضرورة استكمال هياكل الفترة الانتقالية والإسراع بتعيين رئيس وزراء جديد خلفا للدكتور عبدالله حمدوك
تسليم دعوة
وفي ذات السياق اعلن حزب “التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية” السوداني ، تسلمه دعوة من الاتحاد الإفريقي لبحث الأوضاع السياسية في البلاد، جاء ذلك في بيان صادر عن الحزب (ضمن مكونات تيار الميثاق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير)، وفي 2 أكتوبر الماضي، وقع “التحالف الديمقراطي” مع قوى سياسية أخرى وحركات مسلحة منضوية تحت تحالف قوى “إعلان الحرية والتغيير”، “ميثاقا وطنيا” لإدارة الفترة الانتقالية.
وأفاد الحزب في بيانه، بـ”تسلم دعوة من الاتحاد الإفريقي للمشاركة في اللقاء التفاكري حول الوضع السياسي الراهن في السودان، وأضاف أن “اللقاء مزمع إجرائه بالخرطوم، بحضور مفوض الإدارة المشتركة للشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الافريقي، بانكول أديوي”، طرحت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا “إيغاد الثلاثاء مبادرة “لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية”، وجاءت مبادرة “إيغاد”، عقب إعلان بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونيتامس، بدء مشاورات “أولية” منفردة مع الأطراف السودانية كافة، تمهيدا لمشاورات (لم يحدد موعدها) يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين.
رسالة واضحة
قال مكتب الناطق الرسمى لوزارة الخارجية الامريكية مساعد وزير الخارجية مولي في والمبعوث الخاص الجديد للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية والسودان وإثيوبيا في الفترة من 17 إلى 20 يناير 2022.
و اضافت اثناء وجوده في الرياض ، سيحضر مساعد وزيرة الخارجية في والمبعوث الخاص ساترفيلد اجتماع أصدقاء السودان ، بهدف حشد الدعم الدولي لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة في جهودها لتسهيل الإنتقال تحت قيادة مدنية نحو الديمقراطية.
وقال البيان .بعد اجتماع أصدقاء السودان ، سيسافر مساعد وزيرة الخارجية والمبعوث الخاص إلى الخرطوم حيث سيلتقون بالناشطين المؤيدين للديمقراطية ومجموعات النساء والشباب والمجتمع المدني والقادة العسكريين والشخصيات السياسية. و زاد ستكون رسالتهم واضحة: الولايات المتحدة ملتزمة بالحرية والسلام والعدالة للشعب السوداني
من جانب أخر أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، إن المبادرة التي أطلقتها الأمم المتحدة لتسوية الأزمة السياسية قد يكون آخر بارقة أمل في البلاد، بعد استقالة عبد الله حمدوك امن رئاسة الحكومة التي واصفا إياها أنها أحدثت فراغا كبيرا، خاصة عند المكون المدني، ولذلك دعت الأمم المتحدة بإلغاء حالة الطوارئ في السودان من أجل إيجاد حل للحوار.
وبدوره، طالب فولكر القوات الأمنية إلى الكف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين، بينما طالب من المحتجون المحافظة على سلمية حراكهم، وأعرب بيرتس، بأن هناك مجموعات مهمة في الشارع السوداني ليست على استعداد للمشاركة في الحوار الذي دعت إليه الأمم المتحدة، إلا أنه رغم ذلك تعهد بالاستمرار في الاتصال بها.
وفي السياق، أعلنت بعثة الأمم المتحدة دعمها للحكم الانتقالي بالسودان وحسب بيان، نشرته“يونيتامس” (UNITAMS) على صفحتها بفيسبوك قائلة: إن العملية السياسية التي تسيرها الأمم المتحدة في السودان ستبدأ بمشاورات أولية مع الحكومة والجهات الفاعلة وشركاء السلام والحركات المسلحة والمجتمع المدني.
وأوضح البيان، أن نتيجة هذه المرحلة الأولية من المشاورات ستساهم في تصميم الخطوات التالية للعملية فيما شددت الأمم المتحدة على أنها تعول على تعاون جميع الأطراف لتهيئة مناخ يشمل إنهاء العنف ضد المتظاهرين ومحاسبة مرتكبي العنف.
وأعرب الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع مغلق عن دعمهم للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتّحدة إلى السودان فولكر بيرثيس في مسعى لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الأطراف السياسية السودانية.
وفي السياق، أكدت الولايات المتحدة على حق الشعب السوداني في التعبير السلمي، مشددة بالوقت نفسه على أهمية وقف أعمال العنف وتأمين المظاهرات في البلاد.