مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

منى صفوان تكتب: مشروع الشام قيادة مصر وعودة العراق

نشر
الأمصار

لعلها المرة الأولى التي نشهد فيها تكتلا اقتصادياً عربياً منذ ما يقرب من أكثر من ثلاثة عقود، فمنذ سقوط العراق وقطع الدومينو تتساقط، والمنطقة برمتها سقطت في صراع إقليمي انتزع السيادة العربية.

مصر تعود لقيادة تكتلات سياسية واقتصادية، وحضورها في حرب غزة أعطاها دفعة إلى الأمام، ما يعكس استقرارها الداخلي وقوة دعمها العربية.

مشروع الشام الجديد، ليس جديداً، فهو مشروعٌ قديمٌ، لم تسمح ظروف المنطقة بتدشينه، وبرغم طريقة التدشين العربية بإطار رسمي كقمة ثلاثية في بغداد جاءت كإعلانٍ سياسي، إلا أنه لم يبدأ بعد ومازال ناقصًا.

فمشروع الشام يدشن بدون الشام (سوريا ولبنان)، حيث مازالت أرضها غير مستقرة، وخطوة القاهرة، بغداد، وعَمان، تأتي لتحريك المياه الراكدة، واستباق الأحداث، وتشجيع دول نفطية كبرى كالسعودية للدخول فيه، فهو طريق النفط العربي الجديد، الذي ستراقبه الصين بحذر، مع أنه لا يصطدم مع المشروع الصيني في المنطقة، لكن معارضته الأشد سوف تكون من إيران وتركيا.

إن الهدف هو نقل النفط العراقي عبر الأردن إلى مصر، مقابل خدمات في الطاقة الكهربائية ومشاريع اقتصادية وإعادة الإعمار.

وهنا قد تجد إيران أنه يمثل تهديداً مباشراً لها، ولقوتها في العراق، لكنها قد تتريث في الحكم، كون مصر والأردن ليست بحالة صراع مع إيران، وليست دول معادية لها، فهي تُصنف كدول وسطية.. لكن مصالحها لن تصب بمصالح إيران حين يتعلق الأمر بالنفط العراقي.

العراق سيستفيد اقتصادياً بشكل كبير في حال نجاح المشروع، وهو أكثر المتحمسين لإيجاد أسواق جديدة وبناء مدن اقتصادية جديدة على طريق النفط العربي الجديد.
وهذا يعني استقلال العراق اقتصاديًا وهو ما قد يزعج إيران، وفي الضفة الأخرى يمكن لتركيا أن تشعر بذات التهديد، من عراق قوي يستعيد مكانته الاقتصادية، وحديث الرئيس المصري عن الحقوق المائية في العراق يستهدف به تركيا.

وهنا تكون تركيا أمام اختبار تضعه مصر، لتثبت جديتها بتحسين علاقتها مع القاهرة التي مازالت موضع اختبار كما تصرح القيادة المصرية.
المشروع ليس سهلًا ، ويعمل في بيئة ملغمة، وقرار العراق السيادي ليس مستقلاً بالكامل مقارنة بمصر والاردن، فالتكتلات المسلحة المدعومة من الخارج فيه يمكنها فرض ما تريده على خلاف التصريحات الرسمية العراقية.
وهذا يزيد احتمال قوة المعارضة داخل العراق وهي العائق الحقيقي أمام تنفيذ المشروع، إن تحركت المليشيات العراقية المدعومة من إيران ضد المشروع!.. وهنا تبدو مصر في الواجهة، فنجاح المشروع لا ينقذ العراق فقط، بل يزيد قوة مصر الإقليمية في مواجهة قوى إقليمية كبرى، وتمثل مصر فرصة العراق للعودة إلى قوة القرار العربي.

المشروع طُرح مع البنك الدولي قبل سبع سنوات، كأحد الحلول الاقتصادية، ولكن مازال الاتحاد الأوربي وأمريكا دون رؤية واضحة بشأنه، وهو يأتي استنساخًا لتجربة الاتحاد الأوربي الاقتصادية.

ومن النقاط التي ستطرح للإطاحة بالمشروع انه يهدف للتطبيع مع إسرائيل، وهو أمر ليس مطروحا بإدخال إسرائيل كشريك اقتصادي حاليًا؛ لأن الأمر مرهون بالحل العادل للقضية الفلسطينية كما تطرحها مصر، وتراها الأردن التي تعاونت مع مصر لإيقاف الحرب على غزة، ولديها رؤية واضحة فيما يخص القدس وقضية التهويد له، وحقوقها التاريخية هناك، وهي محل صراع ليس فقط مع إسرائيل بل مع تركيا أيضًا.

وسط هذه التعقيدات.. جاء التدشين السياسي بعد تأجيل وتردد.. كخطوة عربية جريئة.. تحتاج لمزيد من الدعم العربي.

ماذا عن اليمن.. ؟!!

هذه المرة مصر ، العراق والأردن بدون اليمن!، ففي 1989 أعلن مجلس التعاون العربي بين مصر ، العراق، الاردن، واليمن.. وانتهى بالحرب على العراق في 1991.. وكان أحد أهم التكتلات العربية التي سقطت سريعًا.

فوجود اليمن في أي تكتل عربي مهم واستراتيجي، لموقعها أولا، وقوتها البشرية، والأهمية التي تمثلها في عملية التوازن، لكن اليمن خارج كل قواعد اللعبة حاليًا، إنه بلا قرار سيادي، نظامه السياسي منهار وأرضه محروقة، وينسحب عليه وضع سوريا ولبنان، لذا تم استبعادهم مؤقتًا.

يحتاج اليمن أن يستقر، ويستقل، ليدخل في اللعبة، فالقوة الاقتصادية وتكتلات المصالح المشتركة هي الحل الوحيد لقوة أي بلد وازدهاره.