مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تقرير دولي: العراق وسوريا واحتمالات عودة داعش.

نشر
الأمصار

يبقى الهجوم على سجن “غويران” بمدينة الكسحة في سوريا ذا أثر كبير على المستوى العربي والإقليمي والدولي؛ حيث تسعى مراكز الأبحاث الأوروبية لتحليل الوضع.

و منفي هذا الإطار ينشر المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية تقريرًا مجمع  لرؤى وتحليلات الخبراء والباحثين حول أهم التطورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الهجوم الداعشي على سجن الكسحة وسيناريوهاته المستقبلية بعنوان: ” العراق وسوريا .. هل تعود داعش؟”،  ويُمكن عرض التقرير فيما يلي:

هجمات التنظيم

ينطلق التقرير من القول بأن الهجوم الأخير على سجن غويران في شمال شرق سوريا ربما يكون العملية الأكثر تعقيدًا التي أطلقها التنظيم منذ عام 2019؛ لذا فإنه يثير مخاوف بشأن احتمال عودة ظهور داعش في المنطقة، موضحًا أنه في 20 يناير 2022 نفذ التنظيم هجومين متزامنين على ثكنة عسكرية في العراق وسجن الصناعة في محافظة الحسكة السورية، حيث يُعد سجن الصناعة، الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد ، أكبر منشأة لمعتقلي داعش في شمال شرق سوريا، ومع انطلاق هذه العملية  هرب 3500 سجين يُعتقد أنهم محتجزون في المجمع عن طريق تنظيم أعمال شغب كافحت القوات الكردية لاحتوائها. وخلال الأيام الستة التالية للقتال مع قوات سوريا الديمقراطية ، قُتل أكثر من 100 شخصًا واضطر عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من المدينة.

رُغم افتراض أن هذين الحدثين غير منسقين؛ فإنها أقرب دليل على التهديد الأمني ​​الذي لا يزال يمثله تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة، وفي واقع الأمر فإنه في عام 2021 فقط  تبنت الجماعة الجهادية أكثر من1000 هجوم في العراق وأكثر من 800 هجوم في سوريا.

ويُمكن توضيح عدد الهجمات والضحايا التي قام بها التنظيم على مستوى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقارة الأفريقية طبقًا للترتيب كالتالي:

  • العراق: في المرتبة الأولى حيث نفذ فيه التنظيم ما يقرب من 1079 عملية إرهابية.
  • نيجيريا: تأتي في المرتبة الثانية فقد قام التنظيم بتنفيذ حوالي 370 هجمة إرهابية.
  • سوريا: تأتي في المرتبة الثالثة سوريا حيث نفّذ التنظيم 356 هجمة إرهابية.
  • أفغانستان: تأتي في المرتبة الرابعة حيث تنفيذ ما يقرب من 340 هجمة إرهابية.

ولكن يختلف هذا الترتيب بالنسبة إلى عدد الضحايا حيث احتلت أفغانستان المركز الأول في أعداد الضحايا، بينما يأتي في المرتبة الثانية العراق، وفي المرتبة الثالثة نيجيريا، وأخيرًا في المرتبة الأخيرة سوريا.

عدد الهجمات والضحايا

مخاوف موجودة

يُثير الهروب من السجن مخاوف خاصة؛  لأن الهجوم يدعو إلى التشكيك في استدامة نظام الاحتجاز الحالي الذي من المفترض أنه مُحتجز الآلاف من سجناء داعش إلى أجل غير مسمى في سجون شديدة الحراسة ، بينما لا يزال أفراد عائلاتهم محتجزين في معسكرات منتشرة في جميع أنحاء سوريا.

قد كررت قوات سوريا الديمقراطية ووزارة الخارجية الأمريكية على مدى سنوات دعوتهما لإعادة المقاتلين الأجانب المحتجزين في سوريا إلى أوطانهم؛ إلا أن هذه الدعوات لم تسفر عن نتائج تُذكر حتى الآن، وفي سياق متصل فإن هذا الحدث له مردودات قوية؛ فإن عودة الجهادية العنيفة تشكل تهديدًا كبيرًا، حيث في غرب سوريا ، تعيد جماعة تحرير الشام الإسلامية المتشددة تشكيل نفسها كقوة حاكمة و في الجزء الشرقي من سوريا والعراق ، يرفع مقاتلو داعش من مخاطرهم.

الأكراد.. القنبلة الموقوتة

بالإضافة إلى خطر داعش فإن الأكراد بجانب ذلك يمثلون قنبلة موقوتة؛ وليس هناك أدنى شكوك بأن قوات سوريا الديمقراطية (الأكراد) أثبتت أنها شريك مخلص وقادر في حملة دحر سيطرة داعش على الأرض من 2014 إلى 2019،  ومع ذلك  فإن التحدي الذي واجهته منذ ذلك الحين  يتجاوز قدراتها إذ أن النهج الحالي لاحتجاز داعش (بدون محاكمة ، في منشآت مؤقتة يحرسها طرف غير حكومي ضعيف الموارد) كان بمثابة قنبلة موقوتة للكرد، كما يقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية واضحة عن تأمين أسرى تنظيم الدولة الإسلامية بشكل أفضل مع ضرورة النظر بجدية في الحلول الأطول أجلًا وفي الوقت نفسه، أدى التحول في أوائل عام 2019 من حملة عسكرية شبه تقليدية إلى مهمة تجمع بين مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب إلى زيادة ملحوظة في التعقيد وتطلب استثمارًا أعمق للموارد  ومع ذلك فقد قلل التحالف من تواجده ، مما وفر فرصًا لتنظيم الدولة الإسلامية وقد أصبحت الآن واضحة.

سجن الكسحة

استراتيجية طويلة الأمد

الهجوم الداعشي يظهر قدرة التنظيم المتزايدة على الاستفادة من نقاط الضعف في السياق المحلي وشن هجمات أكثر تعقيدًا، فالهجوم قد وُصف بالأكثر قوة  مقارنة بالمحاولات  الأخرى المماثلة فبالعودة إلى أبريل 2019 ، كانت هناك محاولة أخرى للفرار من سجن في المالكية / ديريك في محافظة الحسكة ، وفي الآونة الأخيرة ، اعتبارًا من نوفمبر الماضي ، أفادت قوات سوريا الديمقراطية  بأنها أحبطت مؤامرة لمهاجمة سجن الصناعة ذاته.

تلك المحاولات تعكس تركيز التنظيم على السجون لإطلاق سراح مسلحيه المسجونين، وقد وقعت هذه الأنواع من الهجمات ليس فقط في سوريا ولكن أيضًا في مناطق أخرى من العالم  كما حدث في أغسطس 2020 ، عندما أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم على سجن في جلال آباد بأفغانستان .

 جرس إنذار

محاولا الاعتداء على السجون المتكررة تعد جرس إنذار للمجتمع الدولي حيث يجب على الدول أن تدرك أن ترك مواطنيها في الظروف القاسية التي شوهدت في المخيمات في سوريا والعراق لا ينتهك التزاماتها بموجب القانون الدولي فحسب، بل يفرض أيضًا عبئًا هائلًا على البلدان غير المجهزة بشكل كاف لمواجهة مثل هذا التحدي المعقد  فمن المحتمل أن يخلق هذا تهديدًا أمنيًا أكبر بكثير في المستقبل.

من الأهمية أن يدرك المجتمع الدولي الضرورة الملحة لاتخاذ نهج استباقي تجاه أفراد أسر المقاتلين الإرهابيين الأجانب  وإظهار الإرادة السياسية لإعادة مواطنيهم إلى أوطانهم ، ولا سيما الأطفال الذين لا ينبغي تحميلهم المسؤولية عن أفعال  آبائهم، حيث  يجب أن تتضمن خطط الإعادة الشاملة وذلك خلافًا للنهج الحالي المخصص  المحاكمات عند الاقتضاء ، ولكن أيضًا بشكل حاسم، جهود إعادة التأهيل وإعادة الإدماج التي تشمل فريقًا متعدد التخصصات من الأخصائيين الاجتماعيين والأخصائيين النفسيين والشرطة والجهات الفاعلة الأمنية بالإضافة إلى خبراء آخرين .

تنظيم داعش

جماعات إدلب

من خلال سلسلة من التحولات الداخلية ، نأت هيئة تحرير الشام بنفسها عن الحركة السلفية الجهادية العابرة للحدود مع تقليص مساحة الجهات الجهادية المتشددة بشكل كبير في شمال غرب سوريا، وبعد الانفصال عن جذورها الجهادية ، أعادت هيئة تحرير الشام بشكل مطرد تشكيل مجموعتها باعتبارها جهة فاعلة سورية محلية تركز على حكم إدلب وعلى استعداد لضمان عدم استخدامها كنقطة انطلاق لعمليات مسلحة خارجية، إن هذا التطور لا يمحو الماضي ، ولا يعالج مخاوف الكثيرين بشأن المجموعة، ولكن موقف هيئة تحرير الشام هو نتيجة تراكمية لسنوات من الاختلاف الأيديولوجي والاستراتيجي عن الحركات الجهادية العابرة للحدود الوطنية بشأن القضايا الرئيسية.

خلاصة القول: تزداد المخاوف الأوروبية بشأن تصعيدات الأحداث في منطقة الشرق بعد الهجوم الداعشي على سجن “غويران”، حيث عرض تقرير المعهد الإيطالي بشكل عام سلسلة الهجمات التي تبناها التنظيم في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، وأوضح التقرير أن الهجوم الداعشي من شأنه حرك الجماعات الجهادية الأخرى من صمتها، واقترح التقرير بأن يكون للمجتمع الدولي دور في تأمين السجون التي تجمع القيادات الداعشية؛ لأن القوات المخصصة لتأمين السجون لم تكن لديها الموارد الكافية بشكل كبير.