مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

لييبا.. تحديات المشهد السياسي ومخاوف من سلطة موازية

نشر
الأمصار

تسير ليبيا في طريق اختيار حكومة جديدة حيث يبدأ البرلمان الليبي اليوم قبول أوراق المرشحين لرئاسة حكومة جديدة تتولى قيادة المرحلة المقبلة حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية من جديد، في سياق رفض من رئيس الوزراء الحالي عبدالحميد الدبيبة، وعدم الإجماع عليها محليّا ودوليّا، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول هذه الخطوة وعوائدها؛ وانطلاقًا من ذلك يناقش التقرير التالي آخر تطورات المشهد السياسي الليبي كالتالي:

 

اختيار الحكومة

سيختار البرلمان رئيس الحكومة الجديد عبر التصويت  في جلسة عامة، وذلك بعد الاستماع للمرشحين ولبرامجهم ورؤيتهم للمرحلة المقبلة، وبعد التأكد من مطابقة ملفاتهم مع شروط الترشح المطلوبة، وحتى الآن تم تداول 3 أسماء فقط، ستتنافس على كرسي رئيس الحكومة وتتسابق للحصول على أصوات أعضاء البرلمان، وهم وزير الداخلية بحكومة الوفاق السابقة “فتحي باشاغا” وهو المرشح الأكثر شعبية حيث حصوله على تزكية أكثر من 50 نائبًا وذلك بسبب استفادته من تقاربه مع القائد العام للجيش الليبي الجنرال “خليفة حفتر”،  والمرشح الثاني هو نائب رئيس المجلس الرئاسي السابق “أحمد معيتيق”، ووالمرشح الأخير هو مؤسس حزب موطني “محمد المنتصر”، وكانوا مرشحين للانتخابات الرئاسية.

واتصالًا بهذا أعلن رئيس مجلس النواب الليبى ” عقيلة صالح”  تحديد جلسة 8 فبراير الجارى لاختيار رئيس الحكومة الجديدة، موضحًا أنه بعد تسلم ملفات المرشحين ستتشاور لجنة خارطة الطريق مع المجلس الأعلى للدولة، وتعقد جلسة للاستماع إلى المرشحين فى 7 فبراير، وبعدها يوم 8 فبراير ستكون جلسة لاختيار رئيس الحكومة الجديدة.

وعلى هذا الضوء أوضح عضو لجنة خارطة الطريق المنبثقة عن مجلس النواب ” عبدالسلام نصية”، أن تعديل مشروع قانون الدستور يجرى عبر تشكيل لجنة تتكون من 24 عضوًا من 6 أعضاء من مجلس النواب و6 من الدولة و6 من هيئة صياغة الدستور، إضافة إلى 3 خبراء يسميهم مجلس النواب، و3 خبراء يسميهم مجلس الدولة، وللجنة أن تستعين بمن تراه مناسبًا لعملها”، مضيفًا أنه: ” إذا جرى إقرار التعديل الدستورى من مجلس النواب سيكون لدى هذه اللجنة 15 يومًا للاجتماع، ثم 45 يومًا لتعديل القضايا الخلافية الموجودة فى الدستور، كما أنه إذا جرى التوافق على تعديل الدستور يحال مشروع الدستور المعدل إلى المفوضية العليا للانتخابات ويجرى الاستفتاء بثلثى الليبيين وفي حال الموافقة سيتم إنتاج دستور دائم وبالتالي إجراء الانتخابات بعدها، وهذا المسار يحتاج 12 شهرًا”.

الانتخابات الليبية

مخاوف متعددة

ثمة مخاوف متعددة من المؤشرات الموجودة على الساحة السياسية الليبي؛ من شأنها أن يزداد الوضع تعقيدًا وتتمثل في:

  • على الجانب الآخرمن اختيار الحكومة الجديدة ترفض الحكومة الحالية بقيادة “عبد الحميد الدبيبة”، التخلي عن مهامها وتسليمها قبل إجراء انتخابات، وذلك يثير قلق بشأن وجود سلطتين في البلاد وبالتالي التعارض بين بعضهما البعض وبالتالي لن تستطيع الحكومة الجديدة المختارة من مجلس النواب السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس ومن ثم عد بسط نفوذها على كافة المناطق، ويصبح المشهد السياسي أكثر تعقيدًا، وتلك المخاوف طرحتها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا “ستيفاني ويليامز”، التي قد حذّرت من تشكيل حكومتين في البلاد، ودعت البرلمان لتحديد موعد الانتخابات قبل الدخول في أي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، كما أكدت أن: “‏المسؤولية تقع على مجالس النواب والدولة والرئاسي، والحكومة، لبذل كل الجهود والتحرك بسرعة لوضع خطة واضحة ومحددة زمنيًا لإجراء عملية انتخابية في ليبيا”، مشيرة إلى أن: “الخطة تمنح الليبيين فرصة ممارسة حقهم الديمقراطي وانتخاب ممثليهم”.
  • مخاوف بشأن عدم اتخاذ خطوة إجراء الانتخابات بشكل عام حيث هدّد السفير الأميركي في ليبيا “ريتشارد نورلاند” أيضًا بـ”معاقبة معرقلي العملية السياسية في البلاد”، محذرًا من مخاطر تشكيل حكومة جديدة، كما أكد أن: ” تكرار مرور موعد الانتخابات مثل مرور سابقه في الــ 24 من ديسمبر الماضي سيفقد المصداقية في تحديد الموعد الجديد”، وأن ذلك سيؤدي إلى فقد الليبيين الثقة في العملية الانتخابية بأكملها والتي يأملون فيها لإعادة إعمار البلاد وإنعاش الاقتصاد وحماية الحدود، وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية : ” إن المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاي ويليامز، تقود جهودًا لإعادة الأمور إلى نصابها وإجراء الانتخابات وفق الإطار الزمني الذي حددته خارطة طريق ملتقى الحوار الذي ينتهي في يونيو المقبل”.
  • وجود تدخلات خارجية تحاول فرض رغبتها وإبعاد بعض الشخصيات من الترشح لرئاسة ليبيا، هذا إلى جانب عائق وجود الميليشيات المسلحة والتي تعد من أهم التحديات لإجراء الانتخابات، حيث ضرورة تفكيك الميليشيات والسيطرة على السلاح من قبل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وبعدها يمكن الحديث عن الانتخابات والمصالحة المجتمعية.
رئيس الوزراء الحالي

موقف الليبيين

يطمح الليبيون في إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن أملًا في الخروج من الأزمات وإعادة إعمار ليبيا وعودة الأمن واكتمال السيادة الليبية فتلك المعضلات من شأنها تعطل مسار التحول الديمقراطي كما أن تكرار تأخير موعد الانتخابات ورفض الحكومة الحالية لحكومة جديدة سيؤدي إلى فقدان الثقة في السلطة وفقدان الأمل لخروج آمن من الأزمة.

سيناريوهات محتملة

المشهد السياسي الليبي يزداد تعقيدًا حيث آخر المخاوف قائمة على خلق سلطة موازية بسبب رفض الحكومة الحالية للتنازل عن مهامها وبالتالي تكون الحكومة الجديدة غير فادة على السيطرة الكاملة على جميع الأراضي الليبية، إن احتمالية إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا تقل يومًا بعد يوم وذلك لأنها تحاط بالعديد من الانقسامات السياسية والتحديات الأمنية وبالأخص في الغرب الليبي حتى وإن عُقدت الانتخابات فإن فرص الانتقال إلى الاستقرار السياسي ليست بكبيرة وسط صراعات سياسية فخطوة الانتخابات لم تشجع على القول بأن ليبيا على مشارف انتقال ديمقراطي مستقر بل تزيد هذه الانتخابات الوضع سوءً، وفي هذا السياق يمكن رصد عدة سيناريوهات كالتالي:

  • السيناريو الأول يطرح فكرة تأخر تشكيل الحكومة أيضًا حيث يأتي يوم 8 فبراير دون خطوة تشكيل حكومة في الوقت الحالي وهذا سيكون بسبب الظروف الداخلية السياسية ورفض الحكومة التعاون في المرحلة الانتقالية فتشكيل الحكومة  سيواجه بمعارضة بعض المجموعات المسلحة التي تقف دون تحقيق أي خطوة للاستقرار، كما يقترح هذا السيناريو استطاعة القوى الإقليمية والدولية التدخل لتعطيل هذه الخطوة عبر جماعاتها المسلحة فإنه ليس من مصلحة هذه القوى أن تستقر ليبيا.
  • السيناريو الثاني وهو مستبعد نسبيًا وقائم على التوقع بأن تسيطر الحكومة الجديدة وذلك بسبب فشل حكومة الوحدة الوطنية في إنجاز كل ما كلفت به من الإعداد للانتخابات، وتقديم الخدمات للمواطنين، إضافة لفشلها في توحيد المؤسسات، فتحولت من حكومة وحدة وطنية إلى حكومة تمثل مجموعة بعينها، وبات الشارع الليبي يطالب بتغييرها ومن ثم يدعم الشعب الليبي الحكومة الجديدة التي يعلق عليها آمال للتغيير، وفي هذا السيناريو أيضًا يتوقع أن تخرج اللجنة بدستور وبالتالي اكتمال خطوات تشكيل الحكومة والاستحقاقات الدستورية وبالتالي دعم التحول الديمقراطي.
المواطنون الليبيون

خلاصة القول: خطوة تشكيل حكومة جديدة تواجه الكثير من المعضلات أولها تعنت الحكومة الليبية الحالية تسليم مهامها الأمر الذي يخلق سلطة موازية ويعزز من تقسيم ليبيا، كما أن إجراء الانتخابات محفوف بشكوك من اتخاذ هذه الخطوة فعليًا كما أنه محفوف بمزيد من التعقيدات حيث انقسام سياسي بين أطراف المجتمع الليبي، وانتشار موسع للجماعات الإرهابية التي لها نفوذ في المشهد السياسية حيث تسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي الليبية، وفي ظل تلك التعقيدات ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية من المتوقع أن يعلم في الفترة المقبلة تأجيل الانتخابات، وبشكل عام فإنه رُغم أن كلا السبيلين معقد سواء إجراء انتخابات رئاسية أو تشكيل حكومة إلا أن التعديلات على البنود المختلف عليها في قانون الانتخابات أولًا من أفضل الطرق التي من الممكن أن تبدأ بها ليبيا وتكون نواة جديدة للاتفاق، ولكن ما تسير فيه ليبيا الآن يقول أن ليبيا تتجه في طريق السلطة الموازية.