بالثقافة والرياضة.. كيف استعادت مصر مكانتها الريادية القديمة؟
تمكنت مصر رغم التحديات التي واجهتها مؤخرًا، من استعادة ريادتها الإقليمية والعالمية على مستوى الثقافة والرياضة والترفيه، وجذبت أنظار العالم بتنظيمها أحداث ضخمة أعادت للأذهان الريادة المصرية القديمة في عصور ما قبل التاريخ.
وعاود اسم مصر للظهور مجددًا في صدر الصفحات العالمية، متعجبين من روعة التنظيم ودقته وانضباطه، ونجاح الدولة التي كانوا يتهمونها بأنها من مصاف العالم الثالث، في تنظيم حدثين هما الأكبر على مستوى القارة والعالم على الترتيب، وهما “موكب المومياوات” في احتفالية متحف الحضارة، و”كأس الأمم الأفريقية”.
وفي هذا التقرير نستعرض الإنجازين المصريين في وقتين حرجين من محاربة الإرهاب في حالة كأس الأمم، ومحاربة كورونا المستجد في حالة موكب المومياوات.
موكب المومياوات
في يوم السبت الثالث من إبريل عام 2021، غادرت أكثر من 22 مومياء ملكية المتحف المصري بميدان التحرير بالعاصمة المصرية، إلى موقع جديد، في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط شرق القاهرة.
ضم الموكب عددًا من المومياوات، التي ترجع إلى عصور الأسر من السابعة عشر إلى العشرين، بينها 18 مومياء لملوك ذكور، و4 مومياوات لملكات.
الموكب ضم عددًا من المومياوات ترجع إلى عصور الأسرة السابعة عشرة، والثامنة عشرة، والتاسعة عشرة والعشرين من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات.
تزينت شوارع العاصمة، لاستقبال الحدث، واستعدت أكثر من 200 قناة تليفزيونية محلية وعالمية تتحدث 14 لغة، للحديث عن الحدث، إضافة للعديد من وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية الإلكترونية.
تأمين الموكب
ولأجل إِنجاح الحدث تعاونت كل الجهات من وزارة السياحة، والجهات الأَمنية، والمجلس الأَعلى للآثار، والشركة المنفذة، في عملية النقل كي تتم هذه بأَقصى إِجراءات تراعي معايير الأَمان والسلامة المتبعة عالميًا في نقل القطع الأَثرية داخل وحدات تعقيم مجهزة بأَحدث الأَجهزة العلمية، وتحميلها على حافلات مصممة ومجهزة خصيصًا للحدث، حفاظًا على سلامة المومياوات وضمانًا لتنفيذ الاحتفالية كما يليق بعظمة الحضارة المصرية القديمة.
واستغرقت رحلة المومياوات من المتحف المصري إلى الفسطاط نحو أربعين دقيقة، على متن عوامات على الطراز الفرعوني، وتحت مراقبة مشددة من الشرطة.
ونقلت المومياوات الملكية اثنتان وعشرون سيارة، تابعة لقيادات قوات المظلات بوزارة الدفاع لكل مومياء سيارة، وستون دراجةً ناريةً للتشريفة من وزارتي الدفاع والداخلية، ومائة وخمسون حصانًا للتشريفة، واثنتان وعشرون عربة من العجلات الحربية على الطراز الفرعوني صنعتها وزارة الدولة للإنتاج الحربي يجرها أربعة وأربعون حصانًا لكل عجلة حصانان، وثلاثمائة وثلاثون طالبًا من كلية التربية الرياضية بجامعة حلوان، وثلاث فرق موسيقية مجموعها مائة وخمسون فردًا مع مائة وخمسين قارع طبول من إدارة الموسيقات العسكرية بوزارة الدفاع.
عربات نقل المومياوات
صممت العربات بالاستلهام من روح الحضارة المصرية القديمة في الفكرة، مع مراعاة أن يكون التصميم والتنفيذ أقرب إلى العصر الحالي، ليكون المنتج النهائي يجمع بين الماضي والحاضر، وعمل على تصميم العربات 36 مهندسًا وحوالي 700 عاملًا لتصميم وتنفيذ “الديكور الخاص” بهذا الحدث الاستثنائي، ليكون ممتع بصريًا.
حيث صمم الهيكل الداخلي لعربة الموكب بشكل دقيق لزيادة نسبة الأمان أثناء نقل المومياوات، أما الهيكل الخارجي صنع بأنواع مختلفة من الأخشاب، وصمم بأسلوب يجمع بين الفن المصري القديم وروح العصر الذي نعيشه، ليكون مظهر العربة يليق بقيمة الملك الذي تنقل المومياء الخاصة به.
وكانت العربات مجهزة للتعامل مع أي ظرف طارىء، حيث كانت العجلات الخاصة بها مجهزة للنفخ تلقائيًا في حالة حدوث أي اختلال في نسب الهواء بداخلها، بالإضافة إلى وجود بطارية كهربية احتياطية داخل كل عربة، تعمل بشكل تلقائي في حالة تعرض البطارية الأصلية للضعف بسبب الإضاءات المستخدمة لتزيين العربات.
انبهار عالمي
تم عرض المومياوات بالترتيب الزمني لعهد الملوك والملكات، وأطلق حرس الشرف 21 طلقة تحية لملوك مصر من أمام المتحف، وتم نقل المومياوات في عربة تحمل اسم صاحب السيارة ومجهزة بآليات امتصاص الصدمات، في مظروف يحتوي على النيتروجين للحفاظ عليها، وتخلل الحدث عروض موسيقية لفنانين مصريين.
وحاز خبر موكب نقل المومياوات الفرعونية الـ22 على متن عربات مزينة على الطراز الفرعوني تحمل أسماءهم، على اهتمام وسائل الإعلام العالمية، وتسارعت الصحف الإلكترونية وقنوات ومحطات إذاعية على نقل الحدث.
تناول موقع صوت أمريكا الحدث تحت عنوان “القاهرة تنظم موكبا مهيبا لنقل 22 من المومياوات الملكية إلى متحف الحضارة”، بينما نقل موقع «تي كى ميديا» الروسي الحدث تحت عنوان «العرض الذهبي للفراعنة.. في القاهرة نقل المومياوات القديمة من متحف إلى آخر»، «هندوستان تايمز»، وتحت عنوان استعراض مهيب لنقل مومياوات ملكية في مصر تحدثت صحيفة «هندوستان تايمز» الناطقة بالإنجليزية عن الحدث.
ووصفت صحيفة «أبسي» الإسبانية عن الحدث التاريخي، بمتن تزين بعنوان “القاهرة تطرح السجادة الحمراء للعرض الإعلامي لمومياوات الفراعنة.”
كما تصدر وسما #مصر_تبهر_العالم منصات مواقع التواصل في عدد من الدول العربية تعبيرًا عن انبهارهم بالعرض وإجراءات نقل المومياوات.
كأس الأمم الأفريقية
لم يكن حدث نقل المومياوات أي متحف الحضارة الحدث الاستثنائي الذي أبهر العالم، ولكن في عام 2019 حققت مصر نجاحاً باهراً في تنظيم حفل غير مسبوق لقرعة أمم أفريقيا عام 2019، في منطقة سفح الأهرامات في الجيزة بالإضافة إلى تنظيم البطولة بمشاركة 24 منتخباً للمرة الأولى في تاريخ المسابقة.
وقال حينها وزير الشباب الرياضة، أشرف صبحي، إن هذا الحفل سيكون الأفضل في تاريخ الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، والذي سيعكس قدرة مصر التنظيمية لأي حدث رياضي عالمي”، بينما توقع الاتحاد الافريقي لكرة القدم أن يشاهد الحفل مليار شخص.
وحينها أجمع نجوم الكرة العالمية والعربية، بجانب الصحافة في مختلف دول العالم، على نجاح مصر في تنظيم المونديال الأفريقى، حيث أقيمت المباريات على ملاعب رائعة تنافس الملاعب الأوروبية.
وقال حينها أحمد أحمد، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “الكاف”، إن “مصر حققت نجاحاً باهراً في تنظيم بطولة كأس الأمم الأفريقية، والجميع شاهد على العمل الكبير والرائع الذى قامت به اللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية، خاصة الملاعب التي نالت إشادة كبيرة من جانب لاعبي المنتخبات المشاركة.
وعن عودة الأمن والسلام لأم الدنيا قال الأسطورة الكاميرونية صامويل إيتو، “أشكر الجميع على كل ما بذلوه من أجل إنجاح هذه البطولة، فخور جدا بالظروف التنظيمية، الأمن متوفر والملاعب على درجة عالية من الجودة هذه هي أفريقيا”.
وأشادت صحيفة “الشروق” الجزائرية بالأمن المصري الذي استحق العلامة الكاملة، على حد قولها، وقالت، “تنظيم دخول الجماهير إلى مدرجات الملاعب كان يجرى بشكل رائع، باعتراف عشاق منتخب الجزائر.
وفى تقرير نشره موقع “الصريح أونلاين” التونسي تحت عنوان “كان مصر.. كان العالمية”، أشادت بتنظيم مصر للبطولة “يمكن القول إن النسخة الـ32 من المسابقة القارية ولدت على ملاعب الإبداع في مصر الغالية”.
كان أكبر عدد للسائحين سجلته مصر في العام 2010، قبل انتفاضة يناير 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك، عندما زارها 14.7 مليون سائح وبلغت الإيرادات 12.5 مليار دولار، وعاودت السياحة ازدهارها ففي عام 2019 زار مصر 13 مليون سائح بإجمالي إيرادات بلغت 13 مليار دولار.
ساهمت تنظيم الاحتفالات التاريخية والبطولات الرياضية في استعادة صورة مصر أمام العالم، والتي فقدتها خلال سنوات أعقبت ثورة 25من يناير 2011، وما تلاها من غياب الأمن وانتشار الفوضى والعمليات الإرهابية خلال حكم الإخوان.