مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: مساومات في احتواء خطر نووي

نشر
الأمصار

الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى “لم يتحول إلى جثة هامدة ” التقى الجميع على إحيائه في سياق تصاعدي، بإغراء جسدته إدارة البيت الأبيض برفع حزمة من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على طهران.

مفاوضات خفية لم يكشف عن فحواها للرأي العام، سوى إنها على مشارف أبواب مفتوحة بغية الوصول لاتفاق نهائي تلتقي حوله إيران والقوى الكبرى، ينطوي على مساومات قد تعمق أزمات الشرق الأوسط وضمان إدامتها.

الاندفاع النووي في نزال صراع عالمي، لا يخدم إيران، ولن يمهد الطريق لتحقيق مخططات انتقالها إلى مركز قوة حاكمة في الشرق الأوسط، تفرض إرادتها وشروطها على العالم.

طموح نووي لم يحن وقته بعد، ينطوي على خطر كبير، لا يقوى أحد على إخفائه في برنامج سلمي يعالج نقصا في موارد الطاقة اللازمة في دورة حياة متطورة، وأدوات تصنيعه وتخصيب مواده على نحو متسارع تكشف عن تجهيز قوة تدميرية تقترب من مرحلة إتمامها.

أولوية نووية وضعتها إيران في برنامج نظامها “الديني” الحاكم،  اعتقدت فيه حصانة لوجودها، تخطت أولويات أكثر ضرورة في بناء “جمهورية إسلامية” مازالت تتعثر في بناء قاعدة اقتصادية أبطأت مسارات نموها، وتحاصرها الأزمات في جوانب الحياة كافة، أضحت أزمة دولة تواجه شعبا عجزت عن سد احتياجاته.

واقع إقليمي ودولي، لم يتكيف معه النظام الإيراني، أدخلها في أزمات صراع  خارجي، أدى إلى عزلتها سياسيا واقتصاديا، لم تضع الخطط اللازمة لاحتوائه، حتى تصاعدت وتائر حدته، فانعكست آثاره على الوضع الداخلي الفاقد أصلا لشروط الاستقرار.

موقف أوروبي – أمريكي استعاد وحدته، بعد خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، جسد إصراره على مواجهات السياسات الإيرانية ورفضها في المجال النووي وتطوير الصواريخ العابرة وتوسيع دائرة مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، جابهته “ولاية الفقيه” بإصرار أكبر يعمق الأزمة إلى خيار المواجهة بديلا عن المفاوضات التي تؤدي إلى إحياء الاتفاق النووي بصيغ جديدة يفرضها الواقع الراهن.

أمريكا ومعها دول الاتحاد الأوروبي لن تعود إلى الاتفاق النووي بشروط إيرانية، وستبقي العقوبات الاقتصادية ورقة ضغط في مفاوضات منتظرة، وإضافة شرطي إيقاف تطوير الصواريخ العابرة بقدرتها على حمل رؤوس نووية، وقطع الصلة بالميليشيات والتصرف كدولة طبيعية، أمر حتمي في توجه سياسة القوى الكبرى، التي تربط هذا الأمر بالأمن العالمي وأمن الشرق الأوسط، وروسيا والصين لن يكونا غطاء واقيا لإيران، ولن يفرضا على نفسيهما العزلة، في موقف لا يختلف عليه المجتمع الدولي.

الالتزام ببنود الاتفاق النووي 2015، خيار متاح أمام أعادها إلى طاولة المفاوضات 5 + 1 من جديد، من أجل غلق الأبواب على أسوأ الاحتمالات، تواجهه إيران بالرفض، رغم ما يحمله رفضها من مخاطر ستنعكس سلبا على واقعها الاقتصادي والاجتماعي غير المستقر.

القوى الكبرى لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي وفق أي ظرف كان، أمر بات بديهيا في خطاب دبلوماسي مبدئي يستنفذ زمنه في اللحظات الحرجة، يدرك مخاطر الخيارات الأخرى في حسم ما لم تحسمه المفاوضات.

خطاب التهديد الإيراني بحيازة أسلحة نووية، لا يمنح طهران مستلزمات القوة في مواجهة خصومها، ولن يجبرهم على الالتزام بالاتفاق النووي، وهم القادرون على التخلي عنه كليا، والتمسك بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي صادقت عليها إيران بإرادة سيادية، والخروج منها سيكلفها ثمنا باهظا، ويضعها في مواجهة المجتمع الدولي برمته.