عودة المباحثات النووية في فيينا وسط تحركات إسرائيلية
بعد 5 أشهر من التوقف، تستأنف الثلاثاء في فيينا المباحثات النووية الهادفة لإحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي، مع تأكيد طهران أن نجاح التفاوض سيكون رهن الإجابات التي سيحملها الوفد الأميركي، وذلك وسط تحركات إسرائيلية، مع بعض القادة الأوروبيين.
وتجري إيران والقوى المنضوية في اتفاق العام 2015 (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، مباحثات لإحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه عام 2018. وتشارك واشنطن في المباحثات بشكل غير مباشر.
وعلّقت الجولة الثامنة من المباحثات أواخر يناير، لعودة الوفود الى عواصمها للتشاور مع بلوغ مرحلة تتطلب “قرارات سياسية”.
وتهدف المحادثات غير المباشرة إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية واستئناف امتثال إيران لها، وتم التوصل إلى الاتفاق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما وتعهد بايدن بمحاولة إعادة الولايات المتحدة إليه.
وأرسلت وزارة الخارجية تقريرا موقعا من وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الكونغرس يوضح أن إعادة الإعفاء ستساعد المحادثات في فيينا بشأن العودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة من الدول من بينها الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة. ويُطلق على الاتفاقية رسميا اسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
انسحاب ترامب الاحادي من الاتفاق النووي 2018
وانسحب ترامب أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي وأعاد فرض معظم العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، وألغى في مايو 2020 هذه الإعفاءات أيضا، وتتعلق هذه الإعفاءات خصوصا بمفاعل طهران المخصص للأبحاث وبمفاعل الماء الثقيل في آراك الذي تم تحويله تحت أنظار المجتمع الدولي بشكل يجعل من المستحيل إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري.
والإثنين، أعلن الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق المباحثات، أن الجولة الراهنة ستستكمل اعتبارا من الثلاثاء.
وفي ذات السياق، قال المبعوث الأمريكي لشؤون إيران روب مالى، إن الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة الأمريكية لن يكون ملزما بأى اتفاق تعقده الإدارة الحالية للرئيس جو بايدن ،مع إيران حول أنشطتها النووية، حسب ما نشر موقع السى ان ان.
وكانت إيران قد طالبت بتأكيدات تفيد عدم انسحاب أي رئيس مستقبلى للولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي بعدما انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاقية التي أبرمت بين إيران ومجموعة من الدول الغربية، وعلى رأسهم أمريكا عام 2015.
وقال مالى في تصريحات صحفية إنه من الصعب إلزام أى رئيس قادم بالاتفاق النووى مع طهران، مطالبا في نفس الوقت بسرعة إبرام اتفاق ذو نتائج نجعل من المرجح أن يلتزم به أى رئيس قادم.
وحذر مالى من أي تأجيل للتوصل إلى اتفاق مع طهران لما سيسببه ذلك من تصعيد للأزمة حسب تعبيره، مضيفا بأنه من المحتمل في القريب أن يمحى اتفاق 2015 ليستبدل باتفاق جديد تماما مما قد يسبب تصعيدا في المستقبل القريب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
الهدف الأول لطهران من المباحثات
ومن جانبة، أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني، علي باقري كني، الذي يرأس الوفد الإيراني في فيينا، أن الهدف الأول لطهران من المباحثات هو إلغاء جميع العقوبات المفروضة على إيران.
وأضاف: “يجب أن يكون الإلغاء الكامل والقابل للتحقق للعقوبات ضد إيران”، مشيرا إلى أن الهدف الثاني من مشاركة بلاده في المباحثات هو تسهيل انتفاع طهران بالعلوم النووية ضمن حقوق الشعب الإيراني.
وبدورها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لم تغير موقفها من مسألة إحياء الاتفاق النووي، بينما اعتبر وزير الدفاع للولايات المتحدة، لويد أوستن، أن تصرفات إيران في الفترة الأخيرة لم تكن باعثة على التفاؤل.
وفي هذا السياق قال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي، إنه من المرجح أن تمارس الولايات المتحدة وشركاؤها ضغوطا على إيران إذا استغلت المباحثات كذريعة لتسريع برنامجها النووي
بينما توجه وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، إلى أوروبا، أمس الأحد، لإجراء محادثات مع القادة البريطانيين والفرنسيين قبل الاستئناف المرتقب لمباحثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
وأعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، عن قلقه بشأن إحياء الاتفاق، مؤكدا أن “إسرائيل قلقة للغاية بشأن الاستعداد لرفع العقوبات والسماح بتدفق المليارات إلى إيران مقابل قيود غير كافية على البرنامج النووي”.
وأفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية بأن الجيش الإسرائيلي يواصل تطوير قدرته على توجيه ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني في حال فشل المباحثات النووية في فيينا، موضحة أن “الجيش الإسرائيلي أجرى تدريبات واسعة في الشمال في أكتوبر ونوفمبر، كما أن هناك خططا لإجراء تدريبات أكثر بنسبة 50% خلال العام المقبل، علما أن سنة 2020 شهدت ارتفاع نسبة التدريبات 30% مقارنة بالسنة التي سبقتها، ويأتي هذا الارتفاع الكبير في التدريبات بعد سنوات من الركود”.
طهران تشدد على أولوية رفع عقوبات حقبة ما بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق
وفي ساق متصل، تشدد طهران على أولوية رفع عقوبات حقبة ما بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق، والتحقق من ذلك عمليا، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي.
في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبيون على عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها في الاتفاق.
وشدد خطيب زاده على أن “مسألة الفائدة الاقتصادية للجمهورية الإسلامية من رفع العقوبات مهمة جدا، وهي الخط الأحمر في ما يتعلق برفع العقوبات”.
وأبدى أمله بعودة الوفد الأمريكي “مع تعليمات واضحة بشأن طريقة الوفاء بالتزاماته لرفع العقوبات بما يتلاءم مع الاتفاق النووي”.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه طهران بشكل دائم.
إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ انسحاب ترامب منه، واعتماده سياسة “ضغوط قصوى” على طهران شملت فرض عقوبات جديدة أو إعادة فرض أخرى كان قد تم رفعها بموجب الاتفاق.
وشدد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني على أولوية رفع عقوبات “الضغوط القصوى”.
وكان شمخاني قد أكد أن طهران وواشنطن ما زالتا بعيدتين عن “تحقيق التوازن الضروري في التزامات الأطراف”، معتبرا أن بلوغ ذلك يحتاج إلى قرار سياسي “في واشنطن”.
وبدأت المباحثات في أبريل. وبعد تعليق لنحو خمسة أشهر، استؤنفت أواخر نوفمبر، وفي الأسابيع الماضية، أكد المفاوضون تحقيق تقدم مع تبقي نقاط تباين عدة.
وشدد خطيب زاده أيضا على “تحقيق تقدم مهم في مجالات مختلفة”، مشيرا إلى أن “الأجوبة التي ستحملها الولايات المتحدة إلى فيينا الثلاثاء ستحدد متى يمكننا التوصل إلى اتفاق”.
وسبق لدبلوماسيين معنيين بالمباحثات، أن أكدوا بلوغ التفاوض “المرحلة النهائية”، على أن يبقى انجازه رهن التوافق بين الطرفين الأساسيين، أي الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أبدى عزمه على العودة للاتفاق بشرط عودة إيران لاحترام التزاماتها، قد كشفت نهاية الأسبوع الماضي عن إعادة العمل بإعفاءات كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية إيرانية غير عسكرية من خطر عقوبات أمريكية، ألغاها ترامب في 2020.