مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

فرنسا تحاول حل أزمة أوكرانيا بالمفاوضات.. وأمريكا تهدد لمنع الغزو الروسي

نشر
أزمة أوكرانيا
أزمة أوكرانيا

أكدت رئاسة فرنسا، الأربعاء، أن الجولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الأسبوع في موسكو وكييف وبرلين «حققت هدفها» بإتاحة «المضي قدمًا» نحو خفض حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، مشدداً في الوقت نفسه على وجوب عدم انتظار «مكاسب فورية» منها.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن «الهدف تحقق»، إن ماكرون أراد من هذه الجولة «السماح لكل طرف بالتوقف والبحث في وسائل خفض التصعيد في لحظة من التوترات المتزايدة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف البيان أن الكرملين، أكد أنه رصد «إشارات إيجابية» في أعقاب القمة التي جمعت ماكرون بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، الثلاثاء، والتي أعقبت قمة مماثلة عقدها الرئيس الفرنسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الاثنين.

وشدد بيان الإليزيه على أن جهود ماكرون «فتحت آفاقاً، ولدينا عناصر تتيح التفكير في حلول مثيرة للاهتمام للمشاكل الراهنة».

محادثات بين بوتين وماكرون

أزمة أوكرانيا 

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين أكد له أن القوات الروسية لن تُصعّد الأزمة بالقرب من الحدود الأوكرانية.

ويأتي التوتر بين روسيا من جهة وأوكرانيا والغرب من جهة أخرى بعد 8 سنوات من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها تمردا في منطقة دونباس شرقي البلاد.

كانت أوكرانيا جزءاً من الإمبراطورية الروسية لعدة قرون قبل أن تصبح جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وعندما تفكك الاتحاد السوفياتي مع نهاية الحرب الباردة في عام 1991، أصبحت أوكرانيا مستقلة.

وعلى الرغم من أن تاريخ أوكرانيا وروسيا المشترك يعني أن الاثنتين لا تزالان مرتبطين ثقافياً، إلا أن أوكرانيا سعت إلى النأي بنفسها عن روسيا في السنوات الأخيرة، وبدلاً من ذلك تتطلع كييف إلى الغرب للحصول على الدعم، فيما اعتبرت روسيا أن أوكرانيا «خسارة فادحة» لها.

بوتين روسيا
الرئيس الروسي بوتين

ومع صعود فلاديمير بوتين إلى السلطة، سعى الكرملين إلى استعادة نفوذه والسيطرة على مناطقه السابقة، وبدأ هذا بمقاربة أكثر دقة في مطلع عام 2000، ولكن عندما تمت الإطاحة بمرشح بوتين المفضل في الانتخابات الأوكرانية لعام 2004 وهو فيكتور يانوكوفيتش وسط احتجاجات «الثورة البرتقالية» في كييف، بدأت الأمور تتغير، ومع صعود نجم مرشح المعارضة الموالية للغرب فيكتور يوشينكو، أصبح نهج بوتين أكثر «عدوانية».

وبلغت ذروة «العدوانية» الروسية بضم موسكو غير القانوني لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014.

اتفاقيات مينسك
اتفاقيات مينسك

محاولات للسلام 

في محاولة لإنهاء الصراعات الكبرى، قادت فرنسا وألمانيا اتفاقية سلام بين الجانبين “مينسك“، والتي تنص على وقف الأعمال العسكرية بين الانفصاليين والجيش الأوكراني وتنفيذ خارطة طريق تقضي بإيجاد حل سياسي للنزاع في شرق أوكرانيا.

وقع على اتفاقية مينسك عام 2014 ممثلون عن حكومتي روسيا وأوكرانيا، وعن القوات الانفصالية في دونتسك ولوغانسك ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بهدف إنهاء الحرب بمنطقة دونباس شرق أوكرانيا. غير أن الاتفاقية لم تصمد أمام تبادل إطلاق النار والتوترات السياسية التي تهدد بمواجهة عسكرية بين روسيا وأوكرانيا.

وتتهم روسيا أوكرانيا بعدم الالتزام باتفاقية مينسك الدولية التي وقعت برعاية ألمانيا وفرنسا من أجل إعادة السلام إلى الشرق، حيث يسيطر متمردون مدعومون من روسيا على مساحات من الأرض، وقتل ما لا يقل عن 14 ألف شخص منذ عام 2014.

في أوائل عام 2021 كانت هناك حوادث متزايدة لخرق وقف إطلاق النار لعام 2015، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب، لكن في أبريل (نيسان)، سحبت موسكو معظم قواتها وخفّت حدة التوترات.

وما لبث أن بدأت التوترات من جديد مع تحذير بوتين من حرب قد تبدأ إذا انضمت أوكرانيا إلى الناتو، أو حدثت محاولات لاستعادة شبه جزيرة القرم.

ورفضت الدول الغربية قد رفضت بالفعل مطالب موسكو، باستبعاد ضم حلف الناتو أوكرانيا إلى عضويته، وتقليص وجوده العسكري في أوروبا الشرقية.

واقترحت الدول الغربية بدلا من ذلك مجالات أخرى للتفاوض.

روسيا بوتين

تحذيرات وتهديدات دولية 

يتمركز حالياً أكثر من 100 ألف جندي روسي في نقاط مختلفة على طول حدودها مع أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، فيما يصر الرئيس فلاديمير بوتين ومسؤولوه على أنهم يقومون فقط بتدريبات عسكرية، لكن المخاوف من حدوث غزو تصاعدت منذ أواخر العام الماضي عندما أظهرت صور عبر الأقمار الصناعية أن روسيا ترسل المزيد من المعدات والأفراد إلى حدود أوكرانيا.

وحذّرت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأن روسيا «ستدفع ثمناً باهظاً» إذا غزت أوكرانيا. في الوقت الذي تعد فيه التوترات بين روسيا والغرب هي الأسوأ منذ الحرب الباردة، حيث قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إن الغزو «لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح».

كما حذر المسؤولون الأمريكيون من أن الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا قد يودي بحياة حوالي 50 ألف مدني. كما رأوا أن الهجوم المحتمل قد يسفر عن سقوط العاصمة الأوكرانية كييف خلال أيام قليلة في أيدي روسيا، وهو ما ينتج عنه أزمة لاجئين في أوروبا حيث من المتوقع أن يهرب ملايين الأوكرانيين إلى دول الجوار الأوروبية.

وهدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بإغلاق خط أنابيب الغاز الروسي “نورد ستريم 2” إذا غزت موسكو أوكرانيا، وجاء ذلك عقب محادثات مع المستشار الألماني أولاف شولتز في واشنطن، قال بايدن إن الولايات المتحدة “ستضع حدا” لخط أنابيب الغاز الذي يصل إلى ألمانيا.

وتزامنت محادثات بايدن وشولتز مع اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.

مطالب أوكرانيا

تصر أوكرانيا على أن موسكو لا تستطيع التحكم فيما إذا كانت كييف تقترب من أن تصبح عضواً في «الناتو» أو التحالفات الغربية الأخرى، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تحاول زعزعة استقرار البلاد في محاولة للإطاحة به، محذراً من احتمال أي غزو عسكري محتمل من روسيا.

وعانت أوكرانيا من أزمة نقص في الطاقة في الشتاء، بعد أن فرضت روسيا عقوبات شديدة على واردات الوقود.

ماكرون ورئيس أوكرانيا
ماكرون ورئيس أوكرانيا

مفاوضات بوتين 

قال ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي إن الفرصة مواتية الآن لتقدم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وإنه يستطيع رؤية حلول ملموسة لتخفيف حدة التوتر.

أضاف أن هناك “إصرارا مشتركا” من أجل تنفيذ اتفاقية مينسك، وقال إن حل الأزمة قد يستغرق شهورا، لكنه كرر أن الرئيس بوتين أخبره أنه لن يدفع باتجاه التصعيد.

من جهته قال زيلينسكي إنه يتوقع أن تكون هناك محادثات في المستقبل المنظور بين روسيا من جهة وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى حول معالجة التوتر في شرق أوكرانيا.

فيما أشار إلى أن باريس تعتبر خصوصاً أنه «من المهم جداً» أن تتواصل المفاوضات بشأن تنفيذ اتفاقيات «مينسك» التي أبرمت في 2015 بين كييف والانفصاليين الموالين لموسكو شرقي أوكرانيا، والرامية إلى إنهاء حرب أودت خلال ثماني سنوات بأكثر من 13 ألف شخص.

وبعدما استضافت باريس في 26 كانون الثاني/ يناير الماضي اجتماعاً رباعياً لآلية «النورماندي» المعنية بتطبيق اتفاقات مينسك (فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا)، ستعقد هذه الآلية اجتماعها المقبل في برلين، غدًا الخميس.