سلام مسافر يكتب: حمض ماكرون وDNA بوتين
رفض إيمانويل ماكرون؛ فحص كوفيد عند هبوطه في مطار موسكو، فاجلسوه الى مائدة مباحثات طويلة وجها بعيدا لوجه نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
الرئيس الفرنسي،مهووس بان الاستخبارات الروسية ستكشف حمضه النووي، وهذا برأي خبراء الأليزيه خطر على الأمن القومي الفرنسي. فامتنع عن الفحص.
مع ان فرص ماكرون بولاية ثانية؛ لا تبدو قوية، الا ان رغباته الخاصة، تدفعه للعب دور الوسيط بين ” الغرب الجماعي” وروسيا التي يحفظ له رئيسها مودة خاصة، حتى انهما يتخاطبان بدون كلفة او تفخيم؛ بعد ان أمضيا نحو يوم في لقاء منزلي حميم خلال زيارة ألرئيس الروسي الى فرنسا عام 2019.
ان فرنسا ماكرون، ليست ذلك العملاق الأوربي على مقاس شارل ديغول في حقبة، كان قادة العالم، من أوزان ثقيلة؛ في اوروبا وخارجها، وحتى في البلدان النامية، المتمردة على تصنيف” العالم الثالث” ففرضت مواقفها على البيت الأبيض ، وكسبت إحترام الكرملين، وكان السباق بين العملاقين النوويين ؛ الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة على كسب ود دول التحرر الوطني في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية.
مع أفول الاتحاد السوفيتي، افلت شمس أوروبا أيضا، حتى تغطت بناطحات السحاب الأميركية ، وقدم أسامة بن لادن، هدية للعم سام ، بغزوتي واشنطن ونيويورك، ناطحا برجي التجارة العالمية؛ لينهار تماما النظام العالمي الهش أصلا ، وينفتح الطريق امام غزوات اليانكي في الشرق الاوسط، وفرض الهيمنة الانغلوساكسونية على الاوربيين، وتضاؤل دور فرنسا، في القارة العجوز وفي العالم.
قبل ان يبطل العجب من الاستطالة الغريبة لمائدة المفاوضات الروسية الفرنسية؛ بعد معرفة السبب؛ كان المحللون يضربون اخماسا باسداس، لهذا التباعد المكتبي، وسط عبارات الود ورفع الكلفة بين بوتين وماكرون.
محللون مغرمون بقراءة لغة الجسد ،افصحوا ان بوتين أراد ان يقول لمندوب القارة العجوز،إن بين روسيا وبينكم مسافة عليكم قطعها تدحرجا ، كي نرضى.
وذهب آخرون الى التاكيد، بان بوتين كان ودودا مع ماكرون الصديق، ولكنه أظهر صرامة مع ماكرون ألرئيس لدولة عضو في الناتو، كان وصف الحلف في وقت سابق بانه مصاب بشلل في الدماغ، لكنه عاد الى الحضيرة، فاستحق غضب الكرملين.
ومع ان المتحدث باسم ألرئيس الروسي، أستبق مباحثات ماكرون الطويلة زمنا( ست ساعات) وجلوسا الى مائدة عملاقة من الانتيك الروسي، بانها لن تسفر عن نتيجة، الا ان ماكرون ارادها، ورقة في ملفه الانتخابي، فيما سجلها بوتين في دفتر طلب الزيارات المتواترة من قادة اوروبا،بعد انقطاع دام سنوات، لم تفتح بوابات الكرملين وقاعاته القيصرية، الا لرؤساء تمثل زياراتهم لموسكو تحصيل حاصل، وتدخل في سجل السياحة السياسية.
تعتقد غالبية المحللين الروس ان بوتين نجح ، في استدراج التحالف الانغلوسكسوني،الى حلبة المصارعة التي اختارها وحدد اطرها و حبالها، وان ” الغرب الجماعي” كما توصف الجوقة الأوربية الأميركية في الادبيات السياسية الروسية، مضطر للتفاوض مع روسيا ، وفقا “لقواعد الاشتباك” التي تروق لسيد الكرملين؛ بغض النظر عن النتائج والتداعيات الناجمة عن التهديد بفرض عقوبات لا سابق لها على روسيا، يقول منظروها انها ستصيب منها مقتلا.
بيد ان أداء بوتين، الذي تجري التحضيرات لعقد قمة جديدة بينه وبين بايدن، لا يبدو قلقا من التبعات، وغير مكترث للتهديدات، الامر الذي يدفع الى الاعتقاد بان ألرئيس الروسي، صاحب الخبرة في اخفاء الانفعالات والمشاعر، بحكم عمله السابق،في جهاز امن الدولة، لن يسمح للمتربصين ببلاده في الكشف عن نواياه الحقيقية، وتحليل ( DNA) خطواته اللاحقة؛ مثلما حرص ماكرون في التستر على الحمض النووي.
انها حرب أعصاب شعارها؛؛؛
البادئ أظلم.
واذا عُرف السبب بطُل العجب!