عقب محاولتها قتل إسرائيلي.. إيران وتاريخها الحافل بالملاحقات والاغتيالات
اعتقلت قوات الأمن التركية، تسعة أشخاص يشتبه في محاولتهم اغتيال رجل أعمال إسرائيلي يقيم في مدينة اسطنبول، انتقاما من اغتيال عالم نووي إيراني.
وبحسب ما ذكرت صحيفة “صباح” التركية، اليوم الجمعة، فقد حاولت المخابرات الإيرانية اغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي يائير غيلر، ردا على اغتيال إسرائيل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في العام 2020.
ويقيم غيلر في إسطنبول، ورصدت الاستخبارات الإيرانية، وفق الصحيفة، أعماله وحياته الخاصة، وفي المقابل، راقب عناصر ميدانيون في الاستخبارات التركية مسؤولون عن التصدّي لعمليات التجسس الشبكة الإيرانية.
وخلصت الاستخبارات التركية في أعقاب المراقبة إلى أن إيران تخطط لجمع معلومات عن مكان سكن غيلر، وبعد ذلك اغتياله عبر عدة مواطنين أتراك، تفاديا للفت الأنظار.
واستخلصت الاستخبارات التركية أن عملية جمع المعلومات الإيرانية انتهت، وبدأت مرحلة التحضير للاغتيال، وفق الصحيفة وعند هذه المرحلة، قررت الاستخبارات التركية مشاركة المعلومات المتوفرة عندها مع “الموساد”.
وخلال الأيام الأخيرة، شنّت طواقم الحرب على الجريمة المنظمة في الشرطة التركية حملة لاعتقال المشتبهين التسعة وحددت تركيا أن ضابط الاستخبارات الإيراني ياسين طاهرمقندي (53 عاما) ويقيم في إيران، هو من يقود الخلية، بينما يديرها في تركيا الإيراني صالح مشتاق بيجهوز (44 عاما).
سجل إيران الحافل من الاغتيالات
ملاحقات واغتيالات عابرة للحدود حَفِل بها سجل إيران على مدار عقود، طالت معارضين للحاكم بسيطرته عبر وكلاء أو عملاء.
فقد ظل المعارضون للنظام الإيراني خلال العقود الماضية هدفاً للسلطات، ما بين اغتيالهم أو خطفهم بطريقة أو بأخرى في الخارج ونقلهم إلى داخل البلاد، ليتم إعدامهم في محاكمات لا تتسم بالعدالة، حسب المنظمات الحقوقية.
وتمارس إيران منذ عام 1979 في الشرق الأوسط، من خلال أجهزتها القمعية ومليشياتها الإرهابية انطلاقا من مليشيا حزب الله اللبنانية وصولا إلى مليشيا الحوثي والمليشيات الإرهابية في العراق وسوريا وحركة شباب 14 فبراير الإرهابية في البحرين، عمليات القتل والاختطاف ضد مواطني هذه الدول.
وقُتل في العراق وسوريا واليمن خلال السنوات الماضية عشرات الآلاف من المدنيين واختُطف آلاف آخرين.
وتشير المعلومات الأمنية إلى أن إيران تحتجزهم في سجون سرية تقع داخل القواعد العسكرية الإيرانية في هذه الدول التي يشرف عليها فيلق القدس.
وتشير إحصائية صدرت العام الماضي، إلى عمليات الاغتيال التي نفذها النظام الإيراني شملت 21 معارضا سياسيا على الأقل، جرى استهدافهم بالخارج في الفترة ما بين 1979 إلى سبتمبر 2020.
ومؤخراً أصدر مركز عبدالرحمن برومند لحقوق الإنسان تقريرًا وثق هوية أكثر من 540 إيرانياً نُسبت جريمة قتلهم أو اختطافهم إلى النظام في طهران.
وقال المركز إن “عملاء الجمهورية الإسلامية نفذوا منذ ثورة 1979 مئات الهجمات ضد لاجئين في دول مختلفة، ولأنهم كانوا محصنين في كثير من الأحيان من أي عقاب، فقد كرروا هذه الهجمات عدة مرات”.
ولم يكن اغتيال المعارض الكردي الإيراني البارز موسى باباخاني من قبل السلطات في فندق بمحافظة أربيل شمال إقليم كردستان العراق، السبت الماضي، الأخير في قائمة الاغتيالات والاستهدافات التي تطال المعارضين خارج الحدود.
زمن من الملاحقة
بدأت موجة الاغتيالات فور اندلاع ما يسمى “الثورة الإيرانية” عام 1979 وسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ومن حينها تلاحق السلطة الجديدة المعارضين للنظام، وفي مقدمتهم الأكراد.
من أوائل وأبرز المستهدفين شابور بختيار الذي كان آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وبعد الثورة اضطر للتوجه إلى باريس التي بقي فيها حتى تم اغتياله في 6 أغسطس 1991، وقد تعرض للطعن حتى الموت في منزله وتم التخطيط له من خلال تجنيد إرهابيين محترفين.
وكان شابور بختيار أحد رموز المعارضة قبل أن يتم تكليفه من قبل الشاه بتشكيل حكومة بعد مغادرة بهلوي، واستمر في منصبه إلى أن أتى المرشد روح الله الخميني وأطاح بحكومته، فغادر إلى منفاه بفرنسا وشكّل جبهة المقاومة الوطنية في إيران (NAMIR) المعارضة.
ويعتقد البعض أن اغتيال علي أكبر طبطبائي، المتحدث باسم السفارة الإيرانية في واشنطن في عهد بهلوي، هو ثاني اغتيال سياسي للنظام الإيراني الحالي، بعد اغتيال شهريار شفيق، ابن شقيق محمد رضا شاه بهلوي الذي تم اغتياله في باريس عام 1979.
وهناك قائمة طويلة للشخصيات السياسية من كافة القوميات التي تم استهدافها من قبل السلطات الإيرانية في الخارج، إما بالاختطاف والإعادة قسرا إلى البلاد ثم الإعدام، وإما إنهاء حياتهم في بلد المهجر.
وحادثة الاختطاف الأبرز في هذا العقد هي جلب جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني بخديعة محكمة، الصحفي المعارض المقيم في فرنسا روح الله زم، إلى البلاد، وإعدامه في شهر يوليو من العام الماضي.
وفي مطلع أغسطس 2020، أعلنت قوات جهاز الاستخبارات الإيراني اختطاف المعارض البارز جمشيد شارمهد بعملية أمنية وصفتها بالمعقدة، فيما قالت تقارير إن اختطافه تم في طاجيكستان.
ويحمل جمشيد شارمهد الجنسية الألمانية والإيرانية معاً، وقد حذرت منظمة العفو الدولية في أبريل الماضي، من أنه يواجه خطر الإعدام.
وفي أواخر أكتوبر العام الماضي، سلمت تركيا إيران حبيب أسيد نائب رئيس حركة النصال لتحرير الأهواز عقب وصوله إلى مطار إسطنبول عند استدراجه من قبل المخابرات الإيرانية عن طريق فتاة ايرانية.
ومؤخراً تمكنت الولايات المتحدة من إحباط محاولة اغتيال الناشطة السياسية والإعلامية المعارضة مسيح علي نجاد، التي تقيم في أمريكا.
وتعد مسيح علي نجاد أبرز ناشطة معارضة للنظام الإيراني وهي من أهالي محافظة مازندران شمال البلاد، وتبلغ من العمر 44 عاماً.
كما تعد من أبرز المؤيدين للحركة البيضاء المناهضة للحجاب الذي تفرضه السلطات الإيرانية على النساء والتي بدأت في عام 2017.
وتؤكد تقارير للمعارضة أن استهداف المعارضين والقادة السياسيين، وكذلك قادة ونشطاء الأقليات العرقية والدينية والمسؤولين في دول أخرى، يبقى هدفاً لقادة إيران التي تهدد بشكل متزايد نشطاء المجتمع المدني وترهيب الصحفيين في الخارج.
وتسعى إيران إلى إسكات نشطاء المجتمع المدني والصحفيين من خلال التهديدات بالقتل.
ولطالماً دعت الأمم المتحدة الحكومة الإيرانية إلى إنهاء التهديدات ضد الصحفيين العاملين خارج إيران.
العراق وإرهاب إيران
وكان العراق بشكل عام وإقليم كردستان بشكل خاص، خلال السنوات الماضية، مسرحا لفيلق القدس الذي نفذ فيه عمليات الاغتيال، فخلال العام الماضي 2018 اغتال فيلق القدس والاستخبارات الإيرانية في إقليم كردستان وحدها نحو ١٦معارضا كرديا إيرانيا؛ أبرزهم القيادي في الجناح العسكري للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني قادر قادري، في محافظة السليمانية.
كما اغتالت المسؤول عن إدارة الملف العسكري للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، خورشيد عزيز تمون شمال مدينة أربيل، وبالمدينة أيضا اغتالت مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني حميد قادر حمد مينه، وكذلك القيادي أمير أحمدي.
كما اغتيل نجل القيادي البارز صلاح رحماني وأصيب هو بجروح خطيرة، بتفجير عبوة لاصقة أسفل سيارته في أربيل.
ونجا رئيس حزب الحرية الكردستاني المعارض لإيران حسين يزدان بنا من محاولة اغتيال في المدينة نفسها، وشهدت في الوقت ذاته بغداد والبصرة عمليات اغتيال طالت فنانين وأطباء ومثقفين وضباطا وناشطين مدنيين نفذتها بحسب معلومات الأجهزة الأمنية العراقية، وفرق الموت التابعة لفيلق القدس التي يشرف عليها الإرهابي قاسم سليماني بشكل مباشر، أما الاغتيالات التي نفذها فيلق القدس في كردستان العراق فأشرف عليها الإرهابي إقبال بور القيادي في فيلق القدس ممثل قاسم سليماني في العراق.