الأزمة الأوكرانية بين النظرة الإسلامية والتاريخية
مع تصاعد التوتر بشأن أزمة روسيا وأوكرانيا التي تنذر بحرب وشيكة ليست بين البلدين فحسب، وإنما قد تنزلق إليها دول عدة، بسبب التحالفات والدعم بين الدول.
تأتي هذه التوترات بعد ثماني سنوات من إعلان روسيا ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى الاتحاد الروسي في 2014 علاوة على الدعم الروسي الذي يوجه للانفصاليين في منطقة دونباس، شرقي أوكرانيا.
وتتهم روسيا أوكرانيا بأنها فشلت في الوفاء بالتزاماتها وفق اتفاقية منسك -وهي اتفاق دولي لاستعادة السلام في شرق أوكرانيا- حيث يسيطر المتمردون المدعومون من روسيا على الكثير من الأراضي الأوكرانية.
وأدى القتال بين الأطراف المتحاربة في المنطقة إلى مقتل حوالي 14 ألف شخص منذ نشوبه في 2014، وتصر روسيا على أن أوكرانيا لا ينبغي أن تنضم إلى الناتو.
الغزو الروسي وعلاقته بما فعلته الصين بالإيغور
يذكرنا اقتراب الحرب، بما فعلته الصين بالإيغور، وكذلك ما فعله الغزو الروسي أيضًا لأوكرانيا المُسلمة عام 1833م، إذ قامت القوات الروسية بالاستيلاء على المكتبات الإسلامية وهدمها وحرق الكتب الإسلامية والمصاحف وإبادتها، أما المساجد فأكثر من 900 مسجد تم هدمها و استخدامها في مجالات أخرى وحتى الآن في كثير من قرى القرم توجد معالم لتلك المساجد المهدمة.
عام 1876م حرمت السلطات الروسية على المسلمين الحج إلى بيت الله الحرام، وبدأت حملات التطهير العرقي والديني لمسلمي القرم حيث قامت السلطات في سنة 1890م بإغلاق المدارس وكافة المؤسسات التعليمية التي انخفض عددها من 1550 إلى 275 مؤسسة تعليمية فقط لإجبار المسلمين على مغادرة موطنهم.
ولم تكتفِ السلطات بما فعلته في المساجد والمدارس بل وصلت يدها إلى مقابر المسلمين والتي تم نبشها والعبث بها، حيث سرقت منها الحجارة لاستخدامها كمواد للبناء.
الثورة الاشتراكية وعلاقتها بالمسلمين في أوكرانيا
في أكتوبر 1917 قامت الثورة الاشتراكية وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الإسلام والمسلمين في أوكرانيا.
وفي العشرينات والثلاثينيات من القرن الماضي تعرض المسلمون مرة أخرى لحرب شعواء واسعة النطاق ضد الدين والمتدينين على حدود الاتحاد السوفييتي وخاصة ضد مسلمي أوكرانيا والقرم على وجه الخصوص فعلت روسيا كل ما تفعله الصين اليوم وبقسوة متناهية قامت بإغلاق المساجد والمدارس الإسلامية والمكتبات الدينية والقبض على الزعماء والدعاة الإسلاميين و تعذيبهم في السجون وكانت الدعاية الإعلامية وقتئذ تربط وبصورة مباشرة بين التوجه الإسلامي وعدم الوعي الاشتراكي وأن الإسلام يتصادم مع الثورية الإشتراكية.
استولى النظام الروسي على (المسجد الكبير) في مدينة سيمفيروبل وتم تحويله إلى معاصر للزيوت، والمسجد الحجري إلى مبنى لأرشيف سلاح البحر عام 1921م، ومسجد تينيستاف تم تحويله إلى مخزن للمحاصيل الزراعية والمسجد الرئيسي في مدينة بخشيسراي تم تحويله إلى متحف وما زال ليومنا هذا متحفاً يرتاده السواح ولم يبقَ في القرم أو أوكرانيا كلها مسجد أو مبنى إسلامي إلا وقد طالته يد النظام السوفيتي بالهدم والمصادرة.
القضاء على معالم الثقافة الإسلامية في أوكرانيا
في الثلاثينيات والأربعينيات وبدون رحمة تم القضاء على ما تبقى من معالم الثقافة الإسلامية بتغيير اللغة وأسلوب الكتابة ومنع التعليم الإسلامي، ومنع استخدام الحروف العربية في الكتابة، وكذلك جمع الكتب الإسلامية من كل المدن والقرى التي يتواجد فيها المسلمون وحرقها، كما وتمت إعادة صياغة تاريخ المسلمين هناك ومحو الصبغة الدينية.
في نهاية الثمانينيات بدأ المسلمون في تجميع صفوفهم والعودة إلى دينهم وأرضهم و أعلنت أوكرانيا استقلالها بعد سقوط الإتحاد السوفييتي وانتهاء الحقبة الشيوعية فبدأ المسلمون في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وعاد المسلمين المُهجرين من القرم إليها وطالبوا باسترداد جميع حقوقهم المسلوبة منهم.
وفي سنة 2014 قامت روسيا مجدداً بإعادة احتلال شبه جزيرة القرم، وهي الآن تحشد جيشها على حدود أوكرانيا متوعدة باجتياحها إن لم تضمن موالاتها لسياستها ولو دخلتها روسيا فسيكون المسلمون هم المستهدفون أولاً لأن الإسلام دائماً هو العدو الأول.
قوة الجيش الروسي
الجيشين الروسي، وفق آخر إحصاء لعام 2021، يحتل الثانية عالميًا بعد نظيره الأمريكي، والذي يحتل المرتبة الأولى ويدعم أوكرانيا.
ويمتلك الجيش الروسي قوات جوية ضاربة، وترسانة نووية ضخمة وفتاكة، وقدرات عسكرية برية وبحرية ولوجيستية كبيرة.
تعداد جنود الجيش الروسي في الخدمة 3.569 مليون جندي، إضافة إلى 2 مليون جندي في قوات الاحتياط، كما يمتلك 4144 طائرة حربية، من بينها 789 مقاتلة، و742 طائرة هجومية، كما يمتلك 1540 مروحية عسكرية منها 538 مروحية هجومية، و13 ألف دبابة.
كما تمتلك روسيا أكثر من 27 ألف مدرعة، ومن حيث المدافع يمتلك الجيش الروسي أكثر من 6540 مدفع ذاتي الحركة، وقرابة 4465 مدفع ميداني، و3860 راجمة صواريخ.
ومن حيث القوة البحرية، يتكون الأسطول الروسي من 603 قطعة بحرية، من بينها حاملة طائرات وحيدة، وكذلك 64 غواصة، و11 فرقاطة و48 كاسحة ألغام، بالإضافة إلى قوتها النووية.