مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بين مظاهرات وسيطرة.. شوارع الخرطوم تشتعل

نشر
مظاهرات السودان
مظاهرات السودان

يشهد السودان احتجاجات متواصلة تتخللها اضطرابات وأعمال عنف منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر الماضي، حين أطاح بالمدنيين الذين تقاسموا مع الجيش السلطة بعد سقوط الرئيس السابق للبلاد عمر البشير.

وجدد آلاف السودانيين مظاهراتهم، أمس، في شوارع العاصمة ومدنها المجاورة وعدد من الولايات، للمطالبة بحكم مدني، في احتجاجات تصدّت لها قوات الأمن قرب القصر الرئاسي بقنابل الغاز المسيل للدموع، بحسب مراسلي وكالة “فرانس برس”.

وجرت التظاهرات في الخرطوم ومدينتها التوأم أم درمان وولاية القضارف ومدينة بورتسودان الساحلية (شرق) وإقليم دارفور (غرب).

مظاهرات

وحمل المحتجون في الخرطوم الأعلام السودانية وبالونات حمراء اللون ولافتات كتب عليها “اليوم عيد حب الوطن” بسبب تزامن تحركهم مع عيد الحب.

وطالب المحتجون الجيش بتسليم الحكم للمدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين ومحاسبة المسؤولين عن مقتل متظاهرين خلال الاحتجاجات منذ بدء الانقلاب، وقد بلغ عددهم على الأقل 79 شخصاً.

مظاهرات مرتقبة

مظاهرات
مظاهرات مرتقبة

وفي وقت سابق، استعدت مليونية نحو محطة 7 بالخرطوم، وتأتي المظاهرات المرتقبة بدعوة من لجان المقاومة السودانية التي حثت على الخروج في مواكب سلمية تتجه للقصر الرئاسي بالخرطوم للمطالبة بالحكم المدني.

وطالبت السفارة الأمريكية بالخرطوم في تعميم على صفحتها الرسمية بفيسبوك، رعاياها بتجنب الحشود والمظاهرات المتوقعة في العاصمة السودانية والولايات الأخرى، والابتعاد عن الأضواء.

وحثت سفارة واشنطن بالخرطوم رعاياها بتوخي الحذر في محيط المظاهرات أو الاحتجاجات المتوقع أن تستمر خلال اليوم والأسابيع المقبلة.

ويسيطر الجيش السوداني وحلفاؤه من الحركات المسلحة الموقعة اتفاق السلام وقوى مدنية أخرى على السلطة في البلاد بالكامل منذ 25 أكتوبر، عندما أصدر قائده قرارات وصفها بالتصحيحية لمسار الثورة، وقضت بإقالة الحكومة وفرض حالة الطوارئ، ما أدى للإطاحة بشريك الانتقال تحالف الحرية والتغيير.

ومنذ ذلك الحين تعيش البلاد في حالة اضطراب سياسي وتوترات كبيرة، نتيجة استمرار الاحتجاجات الشعبية الرافضة لهذه الإجراءات والمنادية بالحكم المدني.

وسقط خلال حركة الاحتجاجات التي أعقبت قرارات الجيش 79 قتيلا من المتظاهرين، وفق لجنة أطباء السودان المركزية، وهي واجهة نقابية، ولا توجد إحصائية رسمية بضحايا المظاهرات.

وتقود الأمم المتحدة عبر بعثتها في الخرطوم جهودا لحل الأزمة السياسية في البلاد من خلال المشاورات مع الأطراف الفاعلة في المشهد، ولكن لم تعلن عن أي تقدم حتى اللحظة، رغم مضي نحو شهر على انطلاق العملية التشاورية.

جمود سياسي في السودان

مظاهرات

 

وفي نوفمبر 2021، قاموا السودانيون بمسيرات حاشدة، رفضا للحكم العسكري، وسط جمود سياسي ناجم عن تمسك الشارع بمواقفه المطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي، وتعثر جهود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط، وفقا للاتفاق الموقع بينه وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

واستجابة لدعوات أطلقها تجمع المهنيين ولجان المقاومة السودانية، تجمع آلاف السودانيون في الميادين العامة في أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وعدد من المدن الأخرى، منددين باتفاق حمدوك والبرهان ومطالبين بمحاسبة من تسببوا في مقتل المئات من الشباب الذين سقطوا برصاص القوات الأمنية منذ الإطاحة بنظام عمر البشير في الحادي عشر من أبريل 2019.

يأتي هذا فيما تشدد أطراف دولية على ضرورة إنهاء الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر، والتي اعتبرت خطوات هدفت لقطع الطريق أمام عملية التحول الديمقراطي في البلاد.

وعقد مجلس الأمن الدولي، جلسة خاصة عن الأوضاع في السودان، رهن خلالها عدد من مندوبي الدول الأعضاء عودة المساعدات والتعاون مع السودان، برؤية إجراءات تؤكد عودة المسار الديمقراطي إلى الطريق الصحيح.

وأكد مندوبو بريطانيا والنرويج وإيرلندا أن الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش قوضت الانتقال الديمقراطي في السودان، فيما اعتبرها مندوبا السودان وروسيا ضرورية.

وحث فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان “يونيتامس” في تقرير من 18 صفحة قدمه للمجلس، السلطات السودانية إلى اتخاذ تدابير لبناء الثقة وإحياء الانتقال الديموقراطي، كما دعا المجتمع الدولي إلى استئناف مساعداته الاقتصادية في مجالات معينة مثل الصحة.

مظاهرات

وعبر المتداولين في جلسة مجلس الأمن عن قلقهم البالغ حيال استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أعقاب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، مطالبين بالتحقيق في عمليات القتل التي طالت نحو 43 متظاهرا خلال المسيرات الاحتجاجية التي تلت تلك الإجراءات.

وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أقرت مشروع قانون يقضي بفرض عقوبات على المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في البلاد وأدانت بإجماع الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين “الانقلاب” على السلطة المدنية.

وفي حال تمريره في وقت لاحق من قبل مجلس الشيوخ، سيصبح القانون الجديد ملزما لإدارة الرئيس جو بايدن، وسيشمل عقوبات فردية تطال عددا من القادة العسكريين.

ويؤكد مراقبون وجود 3 عقبات كبيرة تعيق جهود حمدوك لتشكيل حكومة جديدة. وقال الكاتب الصحفي شمس الدين ضو البيت لموقع سكاي نيوز عربية، إن غياب الحاضنة السياسية وتمسك بعض الكيانات الموقعة على اتفاق السلام السوداني بحقائبها الوزارية، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية حول بعض الوزارات كالدفاع والداخلية جميعها عوامل تشكل عائقا كبيرا أمام توجهات حمدوك الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط.

وأوضح ضو البيت أن الأوضاع التي سادت عقب الخامس والعشرين من أكتوبر تثير الشكوك حول قانونية أو دستورية اي خطوة قد يتخذها حمدوك او غيره.

وفي إشارة إلى حالة الجمود السياسي التي يعيشها السودان حاليا، طالب سفراء الاتحاد الأوربي في الخرطوم خلال اجتماعهم بحمدوك الثلاثاء بالعودة الفورية إلى النظام الدستوري المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019 بين المدنيين والعسكريين في السودان.

وفي ظل الجدل الدائر حول الوضع الدستوري الحالي في البلاد؛ أشار سفراء الاتحاد الأوربي في بيان إلى أن التدخل العسكري في 25 أكتوبر أدى بشكل فعال إلى إخراج تحالف المدنيين والجيش عن مساره.

الفارق بين شراكة الإذعان وشراكة الأنداد

بإرث التاريخ فإن الصدام بين المدنيين والعسكريين ليس جديدا، ولا مستغربا.
التاريخ ماثل في المشهد المأزوم، لكنه لا يعيد نفسه، فهناك أحوال جديدة وحسابات مختلفة لموازين القوى والضغوطات الدولية لا يمكن تجنب كلمتها.

على مدى خمس وستين سنة تعاقبت على الحكم تجارب مدنية باسم الديمقراطية والتعددية تتلوها انقلابات عسكرية باسم الأمن والاستقرار، قبل العودة مرة أخرى إلى تجارب مدنية جديدة تلقى المصير نفسه.. كأننا أمام باب دوار جيئة وذهابا ــ كما يقول السودانيون.
لم يقدر للحكم المدنى الأول، الذي أعقب إعلان الاستقلال مطلع عام (1956)، أن يستمر لأكثر من عامين على خلفية صراعات حزبية وطائفية استدعت الانقلاب الأول بقيادة الفريق «إبراهيم عبود».
جرت وقائع الانقلاب الأول بإيعاز من رئيس الحكومة المدنية «عبدالله خليل» لقائد الجيش أن يستلم السلطة ــ حسب شهادات ووثائق سودانية ثابتة.
كان ذلك دليلا على هشاشة البنية السياسية التى أعقبت الاستقلال وغياب أية قواعد حديثة فى إدارة الشأن العام.
بعد ست سنوات تقوض حكم الفريق «عبود» بانتفاضة شعبية واستلمت السلطة حكومة انتقالية مدنية شكلتها جبهة «الهيئات».
كان ذلك عام (1964).
امتد الحكم المدنى الثانى لست سنوات أخرى انتهت بانقلاب عسكرى ثانٍ بقيادة العقيد «جعفر النميرى» عام (1969).
كان التخبط السياسى وتغيير الحكومات على فترات قصيرة متعاقبة أحد المحركات الرئيسية لانقلاب «نميرى»، الذى أزاح «الديمقراطية الثانية» بتحالف مع قوى سياسية يسارية وقومية قبل أن ينقض عليها وينقل دفة تحالفاته إلى التيارات الإسلامية.
كانت قمة المأساة انتقال حلفاء الأمس إلى الصدام المفتوح وإعدام رفاق سابقين على خلفية محاولة انقلاب فاشلة ضده عام (1971).
بعد ستة عشر عاما انقضى عهد «نميرى» بانتفاضة شعبية ثانية أفضت إلى انقلاب ثالث عام (1985) قاده وزير الدفاع «عبدالرحمن سوار الذهب»، الذى قرر من اللحظة الأولى اختصار المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة.
لم تنجح «الديمقراطية الثالثة» فى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وحل معضلات المجتمع السودانى بكل تنوعه العرقى واحتياجاته المعيشية.
بانقلاب رابع وصل العميد «عمر البشير» إلى السلطة عام (1989) برعاية وتخطيط وتنفيذ «الجبهة الإسلامية القومية» التى يتزعمها «حسن الترابى».
على عكس الانقلابات السابقة حاول الانقلاب الرابع إخفاء هويته، اعتقل «الترابى» للتمويه حتى تصورت السلطات فى مصر على عهد «حسنى مبارك» أن الانقلاب قريب منها فسارعت بتأييده!
بعد عشر سنوات أطاح «البشير» براعيه ونكل به، لكنه حافظ على الهوية الأيديولوجية للنظام بقدر ما تسمح مصالحه.
بين الأسباب، التى سمحت بنجاح انقلاب «البشير»، التخبط السياسى فى الحكومات التى تعاقبت فى مدى زمنى ضيق بأكثر مما هو طبيعى بين عامى (1985 ــ 1989).
فى المراوحة بين نظم حكم مدنية لم تستقر قواعدها ولا ترسخت أصولها الديمقراطية ولا أضفيت عليها نظرة حديثة ونظم عسكرية تعددت انقلاباتها فى أزمان مختلفة بتوجهات متناقضة وتكرر فشلها يتبدى حجم الأزمة السودانية الحالية.
قبل إطاحة «البشير» أخذ العمل الشعبى الاحتجاجى مدى غير مسبوق، لكنه لم يكن بوسعه حسم سؤال السلطة بمفرده.
طرحت للمرة الأولى فى التاريخ السودانى مسألة «الشراكة» بين المدنيين والعسكريين كمرحلة انتقالية إثر الانقلاب الخامس على «البشير» تمهيدا لنقل السلطة كاملة لحكومة مدنية منتخبة، كما تردد وقتها كحلم فى المتناول.
كانت شراكة السلطة الانتقالية عملا إجباريا فرضته اعتبارات وتوازنات القوى أكثر من أن يكون اختيارا حرا.
كان أحد السيناريوهات الرئيسية، التى طرحت نفسها مبكرا، تبنى خيار الفريق «عبدالرحمن سوار الذهب»، باختصار المرحلة الانتقالية قبل انتخاب حكومة مدنية بأسرع وقت ممكن.
استبعد ذلك الخيار بذريعة أن مهام المرحلة الانتقالية تتطلب وقتا أطول، ومالت قوى «الحرية والتغيير»، قاطرة ثورة ديسمبر (2019)، إلى أن تمديدها يساعد على تكريس نفوذها السياسى وكسب الانتخابات النيابية عندما يحين وقتها.
كان ذلك رهانا خاطئا، فقد دبت داخلها الصراعات التى وظفت لضرب فكرة الثورة نفسها وخَفَّ بالوقت وزنها السياسى فى الشارع تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
لم تكن الحقائق الأساسية خافية على أحد عند خط البداية، فقد اضطرت «قوى الحرية والتغيير» إلى طلب مهلة يومين إضافيين حتى تعدل بالحذف والإضافة فى قائمة ممثليها لمجلس السيادة، حيث امتلكت بعض أطرافها حق الفيتو على أسماء بعينها، أو على تجاوز القواعد المتفق عليها فى الاختيار.
لم يتسق ذلك الخيار مع مبدأ رفض المحاصصة الحزبية والجهوية وأن يقتصر الاختيار على الكفاءة وحدها.
لاعتبارات عملية كان ذلك شبه مستحيل فى أوضاع تحكمها الجهويات والصراعات المعلنة والمكتومة.
لم يكن يحق لأحد من قيادات «الحرية والتغيير»، أو «تجمع المهنيين»، حسبما اتفق وأعلن، أن يتولى أى موقع تنفيذى، سيادى أو وزارى، خلال المرحلة الانتقالية تجنبا لأية مشاحنات حزبية، أو أن تفتقد التحالفات تماسكها وقدرتها على الإشراف العام على مدى الالتزام بنصوص الوثيقة الدستورية، وقد كانت تلك مفارقة فى بنية السلطة الجديدة.
طول المرحلة الانتقالية، كما تشققات قوة «الحرية والتغيير»، أفضت إلى اختلال التوازن بين المكونين المدنى والعسكرى.
لم يكن العسكريون على استعداد لنقل رئاسة المجلس السيادى إلى المدنيين، ولم يكن المدنيون قادرين على فرض كلمتهم.
هكذا جرت الإطاحة بالانتقال الديمقراطى باسم إصلاح المسار.
لم تكن ردة الفعل الشعبية الغاضبة تعبيرا عن قوة حضور «الحرية والتغيير» ولا مدى شعبية رئيس الحكومة المدنية «عبدالله حمدوك» بقدر ما كانت انعكاسا حقيقيا لإرادة عامة ترفض العودة إلى الماضى بعد كل الأحلام التى حلقت والتضحيات التى بذلت.

لمحة تاريخية عن السودان

مظاهرات
علم السودان

اطلق اسم السودان على الجزء الذى يقع جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية والذى يمتد من المحيط الاطلسى غربًا إلى البحر الأحمر والمحيط الهندى شرقًا. بينما يقصد بهذا الاسم الآن الرقعة التى تقع جنوب مصر وبالتحديد الجزء الأوسط من حوض النيل.

جمهورية السودان دولة عربية أفريقية تمثل نسيجاً اجتماعياً متفرداً بمختلف الثقافات والأعراق والسحنات قل أن توجد فى أي مكان فى العالم.

وعاصمة السودان هي الخرطوم، وتسمى بالعاصمة الثلاثية، حيث تتكون من ثلاث مدن هي الخرطوم (العاصمة السياسية)، وأمدرمان (العاصمة الوطنية)، والخرطوم بحرى والتي تعتبر (العاصمة الصناعية).

وبلغ عدد سكان السودان فى بداية العام 2011م بحوالى (33.419.625) نسمة ويتكون سكان السودان من قبائل تنحدر من أصول عربية وافريقية ونوبية.

نظام الحكم في السودان، لا مركزي وتتمثل مستويات الحكم فى الآتى: مستوى الحكم القومى، الذى يمارس السلطة ليحمى سيادة السودان الوطنية وسلامة أراضيه ويعزز رفاهية شعبه. ومستوى الحكم الولائي: الذى يمارس السلطة على مستوى الولايات فى كل أنحاء السودان ويقدم الخدمات العامة من خلال المستوى الأقرب للمواطنين. ومستوى الحكم المحلى: ويكون فى أنحاء السودان كافة. ويوجد في السودان 18 ولاية.

استقلال السودان

شكل مؤتمر الخريجين في عام 1938م كواجهة اجتماعية ثقافية لخريجي المدارس العليا في السودان ولكنه سرعان ما نادى بتصفية الاستعمار في السودان ومنح السودانيين حق تقرير مصيرهم. وقد استمرت الجهود حتى اجتمع البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955م وأعلن استقلال السودان وطالب دولتي الحكم الثنائي بالاعتراف بالسودان دولة مستقلة. وتم الجلاء ورفع العلم السوداني في 1 يناير 1956م.