مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. مصدق العلي يكتب: اجتياح أوكرانيا وأثره على المواطن العراقي

نشر
الأمصار

في العراق هناك ثلاث وجهات نظر أساسية تجاه الدخول العسكري الروسي لأوكرانيا. النظرة الأولى وهي صاحبة الصدى الاوسع هي نظرة هزلية متمثلة باستغراب العراقيين من وجود حرب لا دخل لكلمة "العراق" بها. حيث ان اسم العراق عادة ما يرد مصاحبا لأغلب الحروب من حرب أفغانستان مرورا بحرب اليمن وانتهاء بحرب سوريا. النظرة الثانية بين مؤيد ومعارض لبوتين. وهنا التأييد والمعارضة مبنية على موقف أوكرانيا من أمريكا، وليس على واقع الحرب ومخرجات الصراع. قد تكون هذه هي النظرة العالمية التي تباينت حولها الدول. لكن الاعم الاغلب من العراقيين متعاطفين مع الشعب الاوكراني حيث ان الحرب امرٌ خبره العراقيين أكثر من غيرهم، فنحن نعرف نوع السلاح ومداه ونوع العجلة طائرة كانت ام أرضية من الصوت فقط. اما كيفية التعامل مع الازمات والحصار العسكري وانقطاع الخدمات، فهو امر معتاد لا زلنا نعيشه الى يومنا الحاضر. 
حادثة وعبرة
الحرب بشكل عام استهلاك للمال والجهد واستنزاف لطاقات المستقبل. وأي ابداء لرأي في الصراع بين دولتين ذات سيادة احداهما قطب فاعل في السياسة الدولية لكثير منا هو من باب ابداء الآراء والدلو بدلونا في بئر السياسة والسوشيال ميديا. الروس اهل مكتهم وهم أعلم بشعابها كما يقال. لكن من خلال الخبرة، نعلم ان حتى اهل مكة، قد يرتكبون الأخطاء، وهنا بحكم التخصص أورد المثل التالي:
توبوليف تو 22 كانت احدى الطائرات التي اخافت حلف الناتو كونها اول قاذفة فوق صوتية التي تدخل الخدمة في الجيش الأحمر في ذلك الوقت. كانت مفخرة الاتحاد السوفيتي كونها قادرة نظريا على خرق الدفاعات الغربية في منتصف الستينيات من القرن العشرين. قصة تو 22 بدأت كدراسة في منتصف الخمسينات بناء على مفهومين أساسيين متنافسين وهما بناء قاصفة كنسخة معدلة من القاصفة تحت الصوتية من نوع تو 16 او تطوير قاصفة فوق صوتية كاملة من الصفر، والذي سيستغرق وقتا وجهدا أكبر، لكنه سيأتي بالفائدة على المدى البعيد. وزير الصناعة الجوية المخضرم ميخائيل كرونتشيف، اعطى توصية خاصة للمفهوم الثاني كونه يعطي الاتحاد السوفيتي السبق في مجال الطيران فوق الصوتي والذي هو “من مقومات الامن القومي السوفيتي" كما كتب كرونتشيف في تقريره الذي رفعه للأمانة العامة برئاسة خروتشوف . لكن الأخير فَضل الحل السريع و " الذكي" على الحل المُتعِب والصعب. وبناء على ذلك تم استعمال هيكل تو 16 كنواة للتصميم. وليزيد الطين بلة أصر توبوليف على وضع المحركات النفاثة على جانبي الدفة الخلفية للقاصفة. كان هذا القرار مبني على المعطيات المحدودة عالميا. اجتمعت الكثير من المساوئ في هذه القاصفة الاستراتيجية لتجعلها " اسوء طائرة في مسيرتي" كما وصفها توبوليف شخصيا. عدم قدرة الطائرة على المناورة وشبه استحالة قيادتها وبل وحتى طبيعة تصميم أجزاء من الطائرة الذي ترك اثرا بالغا على سلامة العاملين النفسية والصحية، وكذلك الحلول الترقيعية التي تجاوزت كلفتها بناء مشروع كامل من الصفر، كله أدى الى خسارة فادحة في المال والانفس والطائرات. اما العالم الغربي فتعلم درسا هاما وهو عدم تصميم طائرة كهذه.
من هنا نستنتج ان كل تصرفات البعض مهما علا شأنهم ليست الحكمة العظمى ولا منتهى العقل والمنطق. وبناء عليه نرى ان الحرب هي الخيار الأخير لا الخيار السليم.
طلبتنا ضحية هذه الحرب
تداعيات دخول الجيش الروسي لأوكرانيا في الشارع العراقي ستكون واضحة في أسعار النفط، لكن كمواطنين عراقيين مساكين ليس لنا يد في الثور ولا في الطحين، ستتأثر شريحة من أبنائنا وهم الطلبة. حيث ان التحويلات المالية سيصعب إدخالها لروسيا نتيجة للعقوبات وروسيا كبلد متقدم كان ولا زال من اماكن الدراسة القليلة التي ترحب بأبنائنا بدون شروط تعجيزية لإعطاء الفيزة. ندعوا وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء العراقية للقيام بواجبهم والعمل على استثناء طلبتنا ومواطنينا العراقيين من هكذا عقوبات وتسهيل ارسال الاموال لهم من أهلهم وذويهم وإقناع الدول الفارضة للعقوبات بذلك كون الاموال التي ترسل الى أبنائنا الطلبة من قبل اهلهم في العراق ليست ذات اهمية للاقتصاد الروسي ولن تؤثر على سير العقوبات المزمع فرضها. انقذوا طلبتنا يرحمنا ويرحمكم الرحيم.