تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية تشعل اقتصاد العالم
في الوقت الذي يتابع فيه العالم تطورات الأزمة السياسية في أوكرانيا تتركز أنظار المستثمرين وقيادات العالم الاقتصادية على انتشار الاضطرابات وعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي نتيجة لتأثيرات هذه الأزمة، ويبدو أن الأزمة السياسية في البلاد تعود في جذورها إلى الأزمة الاقتصادية المزمنة، وأوكرانيا هي البلد الذي يشكل الممر الاستراتيجي بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن كونها من أكبر مصدري الحبوب في العالم وقد أصبح اقتصاد أوكرانيا بحاجة إلى عملية إنقاذ شاملة ممزقة بين خيارات اللحاق بروسيا أو اللحاق بالغرب.
قفزة في أسعار النفط
ارتفعت أسعار النفط متجاوزة 100 دولار للبرميل لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من سبع سنوات، بعد أن شنت روسيا هجوما على أوكرانيا، وتراجعت الأسهم العالمية، كما ارتفع سعر الذهب، وسط قلق المستثمرين من التأثير المحتمل للصراع.
وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام، وهي أيضا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، وتجاوز سعر النفط 105 دولارات للبرميل. وهناك مخاوف من أن تؤدي العقوبات إلى تقييد الإمدادات ورفع الأسعار في جميع أنحاء العالم.
وأدت أنباء التحرك الروسي إلى انخفاض حاد في أسواق الأسهم في جميع أنحاء أوروبا، إذ انخفض مؤشر فوتسي 100 البريطاني بأكثر من 3 في المئة، وهبط مؤشر داكس الألماني بأكثر من 5.5 في المئة.
وفي الولايات المتحدة، انخفض مؤشر داو جونز بأكثر من 2 في المئة، ومؤشرا اس اند بي 500 وناسداك بأكثر من 1 في المئة، وانخفضت في وقت سابق أسعار الأسهم في آسيا أيضا بشكل حاد.
ألمانيا توقف عملية ترخيص خط الغاز الروسي "نورد ستريم 2"
أصبح الرد الغربي على التصعيد الروسي الأخير بشأن أوكرانيا أكثر وضوحًا، حيث أوقفت ألمانيا عملية التصديق على خط أنابيب نورد ستريم 2، بعد قرار الرئيس فلاديمير بوتين إرسال قوات إلى جمهوريتين انفصاليتين معلنتين ذاتيًا.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي أجرى اتصالاً هاتفياً مع بوتين، إن اعتراف الزعيم الروسي بالجمهوريات الانفصالية في شرق أوكرانيا قد غير الوضع بشكل جوهري بحيث "لا يمكن أن يحدث أي اعتماد لخط الأنابيب في الوقت الحالي".
وأكد المستشار الألماني أن مواصلة الجهود الدبلوماسية ضرورية لتجنّب "كارثة" في ملف أوكرانيا، وحذّر شولتز روسيا من "عقوبات إضافية" محتملة، وقال المستشار النمساوي، كارل نيهامر، إن حزمة عقوبات يجهزها الاتحاد الأوروبي في حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، تتضمن إجراءات تستهدف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بألمانيا، وفقا لوكالة "رويترز".
وعقد نيهامر مؤتمرا صحافيا أبلغ فيه أن "المصادقة (على خط الأنابيب) سيجري وقفها عندئذ (إذا حدث غزو روسي)، ولا شك في ذلك، وعليه فإن ذلك يعني أن (نورد ستريم 2) جزء من العقوبات"، واكتمل بناء خط الأنابيب، لكن لم يبدأ تشغيله حتى الآن بانتظار موافقة من الهيئات التنظيمية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
تأثر أسعار الذهب بأزمة أوكرانيا
بعد شن روسيا الحرب على أوكرانيا، ارتفعت أسعار الذهب عالميًا بشكل كبير ووصلت لمستويات قياسية، لكن عدم تدخل الغرب، سواء الولايات المتحدة أو حلف الناتو، في الأزمة، أدى لهدوء الأسعار مرة أخرى.
وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده لن تدخل الحرب، وستكتفي بفرض عقوبات على روسيا مع تقديم الدعم اللازم لأوكرانيا، فضلا عن عدم تحول الأمر لحرب العالمية، أسباب أدت لانخفاض سعر الذهب تحت مستوي 1900 دولار، وهو المستوى الذي كان قد وصل إليه خلال الأيام الماضية على وقع الحرب على أوكرانيا، ليعود للتراجع في البورصات العالمية، بعدما حقق المعدن الأصفر مكاسب كبيرة في اليوم الأول لحرب روسية ضد أوكرانيا.
البورصة والتأثر بالأزمة الأوكرانية
الأزمة الأوكرانية تهبط بأغلب بورصات الخليج
أغلقت أغلب بورصات منطقة الخليج على انخفاض بعد أن مددت روسيا تدريبات عسكرية إلى الشمال من أوكرانيا مما بدد آمال الغرب في أن تحل الجهود الدبلوماسية الأزمة، وقالت وزارة الدفاع في روسيا البيضاء في بيان إن قرار التمديد اتخذ بسبب زيادة النشاط العسكري قرب حدود روسيا وروسيا البيضاء وتصعيد الوضع في إقليم دونباس في شرق أوكرانيا.
ونزل مؤشر البورصة السعودية 0.1 بالمئة مع تراجع أغلب الأسهم المدرجة ومنها سهم سابك للمغذيات الزراعية، ولكن حد من تراجع المؤشر صعود سهم مصرف الراجحي الذي أغلق على ارتفاع 5.9 بالمئة بعد أن أعلن اقتراح مجلس إدارته بزيادة رأس المال إلى 40 مليار ريال سعودي (10.66 مليار دولار) عن طريق إصدار أسهم مجانية، وهبط مؤشر السوق القطرية 0.5 في المئة مع هبوط سهم بنك قطر الوطني أكبر بنوك الخليج واحدا في المئة.
في تأثير فوري للعمليات العسكرية، هوت البورصة المصرية بنحو 3.25% إلى مستوى 10939 نقطة ثم امتصت البورصة موجة الهبوط لتقلص التراجع إلى نحو 2.5% قبل أن تعود للتراجع مرة أخرى حاليًا في حدود 3.63% بنهاية الجلسة، وخسر رأس المال السوقي نحو 24.4 مليار جنيه من قيمته خلال جلسة اليوم، وهبط مؤشر EGX70 EWI للأسهم الصغيرة والمتوسطة 9.02%، كما انخفض مؤشر EGX100EWI الأوسع نطاقا بنسبة 7.28%.
البورصة في موسكو
شهدت بورصة موسكو تعليق التداول لفترة وجيزة، ولكن عند استئناف العمل انخفض المؤشر بأكثر من الثلث، وفي أسواق العملات، انخفض الروبل إلى مستوى قياسي مقابل الدولار الأمريكي، وقال روس مولد، مدير الاستثمار في إيه جيه بيل، إن ارتفاع أسعار النفط "أنباء مروعة للشركات والمستهلكين" لأنها "ستعمل على زيادة التضخم".
وأضاف: "لن تستمر فواتير الطاقة في الارتفاع فحسب، ولكن يبدو أن أسعار المواد الغذائية سترتفع أكثر. فأوكرانيا وروسيا كلاهما من كبار موردي المواد الغذائية، وأي اضطراب في الإمدادات سيجبر المشترين على البحث عن مصادر بديلة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار"، وقال مولد إن الانخفاض في مؤشر فوتسي 100 "كان أنباء سيئة لملايين المدخرين والمستثمرين الذين لديهم أموال في الأسهم البريطانية".
دول الاتحاد الأوروبي تعلن حرمان روسيا من نظام "سويفت" المصرفي
أعلنت دول الاتحاد الأوروبي، حرمان روسيا من نظام "سويفت" المصرفي مضيفة أنها ستغلق المجال الجوي كاملا أمام الطيران الروسي.
قفزة في أسعار القمح العالمية بعد تصاعد الأزمة الأوكرانية
قفزت أسعار القمح العالمية بنسبة 5.7%، على وقع إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن بدء حملة عسكرية في أوكرانيا، وسجل سعر البوشل (27.2 كيلو) 9.26 دولار، بزيادة 50 سنتًا عن تداولات أمس، وفقًا لبيانات وكالة رويترز.
وكان سوق القمح العالمي وسط حالة من القلق ما ستسفر عنه أحداث الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، نظرًا لما تمثله الدولتين من قوة كبيرة في سوق الحبوب العالمي، وتستحوذ روسيا وأوكرانيا على أكثر من ربع كمية القمح التي تصدر للعالم، بحسب ما ذكره المرصد الاقتصادي (OEC).
وتشير بيانات CNBC الأمريكية إلى أن البلدين يستحوذان على 29% من تجارة القمح العالمية.
وتشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن روسيا أنتجت 76 مليون طن من القمح العام الماضي، ومن المتوقع لها أن تورِّد 35 مليون طن من القمح للعالم خلال الفترة من يونيو إلى يوليو المقبل، وتمثل صادرات روسيا من القمح إلى العالم نسبة 17% من إجمالي تجارة القمح.
ومنذ العام الماضي، تعمل روسيا للحد من صادرات الحبوب عن طريق تقسيم الصادرات لحصص وفرض ضرائب كجزء من جهودها الأوسع لقمع معدلات التضخم في موسكو.
وتشير أرقام المرصد الاقتصادي (OEC) إلى أن روسيا باعت أقماحًا في موسم 2018- 2019 بقيمة 8.14 مليار دولار، فيما باعت أوكرانيا أقماحًا بقيمة 3.11 مليار دولار، وبلغت تجارة القمح العالمية في هذا الموسم نحو 44.1 مليار دولار.
تأثير أزمة أوكرانيا على استثمارات دول الخليج
مع ارتفاع وتيرة التصعيد على الحدود الأوكرانية الروسية، وارتفاع مؤشرات اندلاع حرب بين الطرفين، سارعت دول الخليج العربي كما سارعت دول العالم إلى سحب رعاياها، ومطالبتهم بمغادرة كييف، في خطوة تهدف لحمايتهم في ظل مواصلة الحشد العسكري على الجانبين الروسي والأوكراني، وأيضاً في شرق أوروبا مع نشر حلف شمال الأطلسي "الناتو" قوات إضافية على الحدود، وعلى الرغم من أن الأزمة بين البلدين توصف في طابعها العام بأنها أزمة سياسية، فإن تداعياتها السلبية على الاقتصاد أمر حتمي في حال تطورها إلى مواجهات بين الطرفين، وبخاصة مع دول الخليج العربي، والتي تتداخل مصالحها الاقتصادية مع الدولتين.
أوكرانيا إحدى أهم الدول التي استثمرت فيها دول الخليج العربي
تعد أوكرانيا إحدى أهم الدول التي استثمرت فيها دول الخليج العربي في السنوات الماضية، لا سيما في القطاع الزراعي بجانب القطاعات الأخرى التي وقعت فيها الدول اتفاقيات شراكة معها، والتي تطورت بشكل لافت في السنوات الأخيرة، حيث تولي كييف اهتماماً كبيراً لتطوير تلك العلاقات، لا سيما في المجال الاقتصادي، كان آخرها إصدار رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، في أغسطس 2020، مرسوماً يعفي مواطني دول الخليج من التأشيرة عند دخول بلاده.
السعودية من أوائل دول الخليج التي بدأت العلاقات السياسية مع كييف
وتعد السعودية من أوائل دول الخليج التي بدأت العلاقات السياسية مع كييف بعد انفصالها عن الاتحاد السوفياتي السابق، وأقيمت العلاقات بين البلدين في عام 1993، عن طريق زيارة الوفد الحكومي الأوكراني برئاسة ليونيد كوتشمافي، رئيس الوزراء الأوكراني في ذلك الوقت إلى السعودية.
وفي عام 2016 بدأت العلاقات تقوى بين البلدين، لا سيما في مجال الاستثمارات، من خلال الاستثمار السعودي في أوكرانيا في المجال الزراعي، بخاصة القمح، وجاء هذا التوجه بالتزامن مع إيقاف السعودية زراعته في أراضيها، وتصدر أوكرانيا نحو 450 ألف طن من اللحوم سنوياً، حيث تأتي المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول المستوردة للدواجن الأوكرانية بنسبة 18.4 في المئة، تليها على الترتيب: هولندا، ثم الإمارات بنسبة 8.3 في المئة.
يؤثر اشتعال الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد المصري
تؤثر الحرب الروسية، على الاقتصاد المصري من عدة جوانب سواء كانت تأثيرات فورية لإعلان الحرب وبدء العمليات العسكرية أو تأثيرات قد تحدث على مدى أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، وأعلنت روسيا شن حرب على أوكرانيا وبدأت عمليات عسكرية على عدة مناطق أوكرانية وهو ما يمثل ذروة تصاعد التوترات الروسية مع أوكرانيا والغرب خلال الفترة الأخيرة.
السياحة والتأثر بالأزمة الأوكرانية
تعد دولتا روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول التي يفد منها السياح إلى مصر، وبالتالي من المتوقع أن يؤثر اندلاع الحرب على أعداد الوفود القادمة منها إلى مصر، وقبل اندلاع الحرب، قال عاملون ومستثمرون في مجال السياحة، لمصراوي، إن حجوزات السياح الروس والأوكرانيين إلى مصر تراجعت خلال الشهر الجاري بحوالي 30%، مع تصاعد التوترات السياسية بين البلدين خلال الفترة الماضي.