مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

عبدالرحمن الكناني يكتب: البحر الأسود مسرح حرب عظمى

نشر
عبدالرحمن الكناني
عبدالرحمن الكناني

عوامل الإثارة في العلاقات الروسية- الأمريكية، في ظل الحرب القائمة في أوكرانيا تطرح المواجهة بين القوى العظمى، أمرا محتملا في أي لحظة، في ظل التساؤل عن شكل المواجهة إن كانت حربا "سيبرانية" أو عسكرية نووية؟
التوتر يزداد حدة بين موسكو وواشنطن، أخذ في البدء شكل مواجهة دبلوماسية، واتهامات متبادلة بالتجسس، وصل إلى حد إعلان الخارجية الروسية عن تعزيز الولايات المتحدة الأمريكية وجودها العسكري في الجوار المباشر لحدود بلادها عبر قواعد الناتو في استونيا وفلادلفيا ومولدافيا، وياتي التوتر تباعا حسب تطور التحرك العسكري للبلدين في البحر الأسود.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد هذا التعزيز العسكري غير المقتصر على التحشيد الأمريكي، وهو يعبر عن قلقه من تعزيز حلف شمال الأطلسي "الناتو" قدراته، وتوسيع بناه التحتية قرب الحدود الروسية.

البحر الأسود مسرح المواجهة الكبرى
 

الأزمة تشتد في البحر الأسود، مسرح المواجهة الكبرى، ودافعها واقع شبه جزيزة القرم التي ضمتها روسيا، ومازالت تعترف بها أمريكا وأوروبا أرضا أوكرانية بالمياه الإقليمية التي تطل عليها، والمواجهة كادت تحدث بإبحار المدمرة البريطانية في البحر الأسود قبالة القرم في وقت ليس بالبعيد، وقابلتها طلقات تحذيرية روسية.
أمريكا وبريطانيا، ودول حلف شمال الأطلسي كلها، ترى أن وجودها قبالة سواحل شبه جزيرة القرم، يعد وجودا قانونيا في المياه الدولية، باعتبارها لا تعترف بضمها من قبل روسيا، وهي تتحرك عسكريا في حدود المياه الأوكرانية.
الاتحاد الأوروبي وصلت علاقاته إلى توتر أكثر حدة مع روسيا والسبب هو ضم شبه جزيزة القرم، ويبحث الآن عن قنوات خاصة به، غير القناة الأمريكية التي توجها لقاء جو بايدن وفلاديمير بوتين، للتفاوض مع موسكو بغية إيجاد حل لما يراه استفزازا له، بدفع قوي من فرنسا وألمانيا.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أكد هذا الموقف حين برر تحرك قطع بلاده البحرية قبالة شبه جزيزة القرم، بقوله : " نحن لا نعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم لذا نعتبر أن سفينتنا كانت في المياه الأوكرانية" بالبحر الأسود.
ما أثار احتمال الرعب في مواجهة عسكرية عظمى، اتهام قائد البحرية الأمريكية في أوروبا وإفريقيا، لروسيا بتعمد دفع واشنطن نحو القيام بتوجيه الضربة الأولى، رغم استبعاده هذا الخيار إلا ردا على استفزاز روسي.
أصل الأزمة التي دعت أمريكا إلى التلميح بتوجيه الضربة الأولى المنذرة بحرب عظمى، يتحاشاها العالم الأجمع، هو المخاطر التي تتعرض لها الدوريات البحرية لدول حلف شمال الأطلسي في البحر الأسود، نتيجة ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، واتساع مساحات مياهها الإقليمية المحرم على القوات البحرية الأمريكية والأوروبية دخولها توتر روسي أمريكي أوروبي يشتد، ومفاوضات الحد من التسلح، اشتدت جديتها في جنيف العام الماضي بين خبراء واشنطن وموسكو أملا في "إنفراجة كبيرة" ترتقي إلى ما أسماه الرئيس جو بايدن "الاستقرار الإستراتيجي" قد تقلص حجم الخلافات المتعلقة بالهجمات السيبرانية وحرب أوكرانيا والتحرك في البحر الأسود.
تزامن التوتر مع مفاوضات بلا جدوى، هو تكتيك أمريكي، هدفه تعزيز التوجه نحو مواجهة الصين الآخذة دور الأولوية في "حروب" جو بايدن، معتقدا بإمكانية تحييد الشراكة الإستراتيجية الصينية – الروسية في مواجهات حربية توفرت كل عوامل اشتعالها في مياه البحر الأسود .