سامر الساعدي يكتب: حكاية جدتي ..!
لي جده يرحمها الله (ام حسون ) كانت تفوح منها رائحة الجنة لكثرة طيبتها ووفرة حنيتها ، ابتسامتها لم تفارق وجهها حتى في منامها تعلمت منها الكثير والكثير ، كنت اهوي الى حضنها الحنين كأنه ارجوحة العيد ..!
وهي تمسك بيدها الحنونة رأسي وكأني احلقُ في بساط السندبادالسحري بقصص الخيال ،
مُزجت فيها الطيبة والبساطة والعفة والشجاعة و( الحسچة الجنوبية) والاصالة لكم افتقدكِ (جده)
وكانت في صلاتها تدعي الى الكل بدعاء فطري يصل الى ابواب السماء من ابواب يدها الريانة ،
سمعت جدتي وهي تحكي لي قصص عن الامانة والخيانة والشهامة والشجاعة والشرف والقيم والاخلاق ، وقد ربطت الماضي بالمستقبل بغير فضائيات ولا تلفاز ولا موبايلات وبدون وجود مواقع التواصل الاجتماعي كانت فضائية متكاملة ، وكانت بحد ذاتها صحف يكتب بها اخبار اليوم وما سيحصل لغداً حيث اشارت الى ان النفوس سوف تتغير وتحل عليها طابع الفساد السياسي والاجتماعي وكأنها ترى صورة المستقبل المشوه ذات الولادة العسيرة ، ومن هنا انتقل من صورةالماضي الجميل الى صورة الحاضر القبيح الذي حيرني وادهشني وانا استمع لها وكنت افكر في بالي اصحيح هذا الذي تتكلم به ( جدتي ) ام هي توقعات لا صحة لها ، لكن وبعد مضي الاعوام والسنين فمهت ان جدتي كانت تقول الحق وكانت رؤيتها محقةً وصحيحةً ان الناس اختلفت نفوسها واختلفت المفاهيم الاجتماعية ، وانفقدت صلة الرحم بملاصقت الهاتف الرنان الموبايل في ايدينا وقلوبنا وعقولنا ، واختفت مسرعة مع تطور الزمن كانت انذاك قيم لايمكن تخطيها ، اما الان فذهبت هذه القيم مع الريح الى كهف ( قتام ) شديد الظلمة لا يُرى النور فيه ابدا ، هذا كله من الفساد الذي حصل في الماكنة السياسية والاجتماعية ، وادارة الدفة من قبل ناس لا يفقهوه شيئاً من تلك القيم والمفاهيم الاسلامية وعلم الاجتماع السياسي ، الذي غادر منه الفطره الالهية ، اختفى اللون الاخضر في الشجر وقل اللون الازرق في السماء وتضاءل ماء دجلة والفرات واصبحت الارض قاحلة مصفرةً متربتةً هذا من فعل الانسان الذي عث في الارض فساداً ، انزلق وانزلف القطار عن سكته وعم الخراب والدمار في زمن القائد الاوحد ومن ثم انتقل الخراب الى الشعب من قبل كثرة الاختلافات وكثرة الاراء ، التي لا تجد من قراراتها منعطف سليم يعيد القطار الى مساره الصحيح ،
جدتي كانت دائما تقول على صدام حسين ( فلك طره انهجم بيته )
كنت متحير على من تدعوا جدتي بالشر هذه اول مرة اسمعها تدعوا بهذه اللهجة الشديدة المتعصبة الغاضبة وبعدها فهمت غضب جدتي ودعوتها ،
والان لايزال الغضب موجود من الاغلبية الصامتة ، على كل من يدعي الخلاص من الفساد ومن يدعي الاصلاح ومن ينادي بخدمة المواطن ؟
لكن لم نلمس ولم تتحقق اي امنية ( لجدتي ) سابقا ولا لنفسي حاضراً،
فارقت الحياة وهي غير مطمئنة لما سوف يجري ويحصل في المستقبل ومع كل مخاوفها على اولادها واحفادها الا انها لم تنسى لحظةً واحدة ً ان تدعوا للكل وبالاسماء ،
حقيقة الامر الكل منا فقد الجده والكل منا فقد الامل الممزوج بالآلآم الى ان يتحقق ما نصبوا اليه ،
فقدنا الامن والاطمئنان وعشنا ازمة السهام الكل يرمي الكل ..!
متى تلجم هذه السهام عن التسبب في الجروح العميقة ومتى يتوقف الحدادين عن سن تلك السهام الجارحة المالحة،
متى يكون للشعب دوره في صناعة المستقبل ويكون له ممثلين حقيقين نابعين من رحمهم ويكونوا لهم عونا ولايكونوا لهم خصماً .....
كانت ( ام حسون ..البخت )الذي لا يمكن لاي احد ان يسرقه او يشتريه باموال الدنيا وكنوزها كانت المبداء الذي فارقنا اليوم مع الاسف ،
اختفى (البخت )واختفت القيم وراء ظهور السياسين المحكومين باجندات خارجية نفي حب الوطن نفي حب الدين نفي حب الانسان ، المهم ان تبنى القصور والمهم (الموضى) والماركات والمهم السيارات المصفحة والحمايات ( والاتكيت ) ، المهم ( البوتكس ) و( الفلر ) والسفر والتجول في بلاد الغرب والمهم الجنسية الاوربية ،
المهم المال وان اختلط بالحرام
المهم الشعب يعاني من الظلام
المهم المسؤول بعيد عن الازدحام
المهم يعيش المسؤول برخوة الايام
اصبحتُ ارآك ِ( جده ) فقط بالاحلام