مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الغزو الروسي.. رابحون وخاسرون في ميزان الأسواق العالمية

نشر
الأمصار

 يخيم الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ في شهر فبراير/شباط الماضي، على العديد من المجالات والقطاعات في العالم، والتي يعد الاقتصاد من أبرزها.

فالحرب في أوكرانيا،  دفعت بمنظمة التجارة العالمية إلى أن تخفض توقعاتها للنمو الخاصة بالعام الجاري بمقدار النصف تقريبا، من 4.7 في المئة إلى 2.5 في المئة، بسبب تأثير الحرب والسياسات المتعلقة بذلك، حسب ما افادت د نغوز أوكونجو، رئيسة منظمة التجارة العالمية.

 


تأثرت الدول اقتصاديًا بالحرب الروسية الاوكرانية

حققت ثلاث دول أرباحا من الحرب الروسية الأوكرانية، فيما سجلت ثلاثة بلدان آسيوية خسائر، نتيجة استمرار ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي أثّر على السلع الأساسية كالوقود والغذاء.

تعهدت بكين بمواصلة العلاقات التجارية مع روسيا بشكل طبيعي، كما تدرس شراء حصص في شركات الطاقة والسلع الروسية مثل "غازبروم" للغاز و"روسال إنترناشونال" لإنتاج الألمنيوم، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء.

وتجري  بكين محادثات مع شركاتها المملوكة للدولة، بما في ذلك شركة البترول الوطنية الصينية وشركة البتروكيماويات الصينية وشركة الألمنيوم الصينية، بشأن أي فرص محتملة للاستثمار في الشركات أو الأصول الروسية، وبدأت شركات الطاقة الصينية والروسية محادثات تجرى في سرية تامة وقد لا تؤدي بالضرورة إلى صفقات.

مكاسب لألمانيا

كانت ألمانيا قد اتخذت حتى الآن الخطوة الأبرز، حيث أوقفت التصديق على مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بقيمة 11 مليار دولار من روسيا، "كان من المقرر أن يخفف الضغط على المستهلكين الأوروبيين الذين يواجهون أسعارا عالية قياسية".

والدول الأخرى كانت مترددة، كي لا تكون العقوبات على قطاع الطاقة في روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وبلد مسؤول عن 40 في المئة من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي، أو حتى قيام روسيا نفسها بإغلاق الحنفيات سلاحا مزدوجا".

وقد يكون لذلك تأثير مدمرعلى الاقتصاد العالمي في وقت تكون فيه الأسعار عند أعلى مستوياتها منذ عدة

سنوات".

وذلك "سيعني على الأرجح اعتماد العالم على الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز لضخ المزيد من الإمدادات للمساعدة في الحفاظ على انخفاض الأسعار أو، في أسوأ السيناريوهات، لسد النقص الفوري إذا أوقفت روسيا الإمدادات".

ويعتبر"هذا هو المكان الذي يمكن أن تستغل فيه دول الخليج أزمة أوكرانيا لصالحها، وربما تصبح واحدة من أكبر المستفيدين من  هذه الحرب".

وقد يكون لذلك تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي في وقت تكون فيه الأسعار عند أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات".

 

مكاسب تركيا

وتعتبر تركيا من الدول التي قد تستفيد من الحرب الأوكرانية، فهي عضو في "الناتو" يقدم الدعم العسكري لكييف، وفي ذات الوقت تربطه علاقات جيدة مع روسيا.

وبحسب مراقبين، فإن الرئيس رجب طيب أردوغان لن يفوت مثل هذه الفرصة للتقارب مع الولايات المتحدة من جهة، وتسوية خلافاته مع روسيا في الملف السوري على الأقل، من جهة أخرى.

ورغم بيعها طائرات مسيرة من نوع طائرة بيرقدار TB2 لأوكرانيا حققت بها مكاسب ضد الجيش الروسي، تتمسك تركيا بشراء النفط الروسي، كما أنها تستورد 70 في المئة من قمحها من روسيا.

وأعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، الثلاثاء، أن أنقرة ستواصل شراء النفط الروسي وتأمل في رفع العقوبات عن إيران، مما يجلب إمدادات إضافية لتلبية الطلب العالمي على الطاقة.

وأضاف بيرقدار على هامش مؤتمر "سيراويك للطاقة"، أن تركيا تعتمد على روسيا في 45 في المئة من طلبها على الغاز الطبيعي و17 في المئة من النفط و40 في المئة من البنزين، بحسب تقارير تركية.

وعن موقف تركيا من الأزمة الأوكرانية، قال المحلل السياسي محمد حامد، إن "أردوغان وعلى مدى سنوات، حافظ على علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا، وهو لا يستطيع أن يفضل أحد الجانبين حاليا، لأن ذلك ستكون له عواقب أمنية واقتصادية خطيرة على أنقرة".

وبيّن حامد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "روسيا ليست بديلا عن علاقات أنقرة مع الغرب، كما أن الغرب ليس بديلا عن علاقات تركيا مع روسيا، ففي حين زودت تركيا أوكرانيا بطائرات مقاتلة بدون طيار، اشترت أنظمة الدفاع الصاروخي S-400 من روسيا، رغم أنها عضو في حلف الناتو".

هل يكون الخليج الرابح الأكبر من غزو روسيا لأوكرانيا؟

تعود الحرب الروسية على أوكرانيا بالفائدة على دول الخليج من جهة تصدير النفط لتعويض النقص إذا أوقفت روسيا الإمدادات.

وفي تقرير للصحفية بل ترو، قال إنه في حال شملت العقوبات التي فرضها زعماء العالم على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، قطاع الطاقة، فإن ذلك قد يعود بالفائدة على دول الخليج.

وذكرت ترو بإرسال واشنطن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، لمناقشة قدرة الخليج على ضخ المزيد من النفط، بين ملفات أخرى.

وقد رفضت الرياض ذلك وبدلاً منه التزمت باتفاق إنتاج "أوبك +" لمدة خمس سنوات والذي يشمل روسيا، ما أثار اتهامات في وسائل الإعلام الأمريكية بأنها "تتواطأ" مع موسكو.

هنا أوضحت الكاتبة أن السعودية "يمكن أن تستفيد من هذه الحاجة في المستقبل".

وأشارت إلى أن المملكة "رضخت لطلبات الولايات المتحدة في الماضي: في عام 2018، استجابت السعودية.

وأضاف كريغ "يمكن للسعوديين أن يطلبوا نوعا من حزمة الصواريخ الشاملة التي يحتاجون إليها لإعادة التخزين أو الحصول على المزيد من الضوء الأخضر في ما يتعلق باليمن. وسيكون من الحماقة ألا يفعلوا ذلك عندما يكونون في مقعد القيادة".

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن إيران التي باتت في المراحل الأخيرة من المفاوضات الشرسة مع الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي الجديد، "تريد القدرة على بيع نفطها دون عوائق والعودة إلى مستوى 2.5 مليون برميل يوميا التي صدرتها قبل عقوبات ترامب".

وقد تضاءلت صادرات الخام الإيرانية إلى 700 ألف برميل يوميا في يناير/ كانون الثاني.

ونقل التقرير عن كارين إي يونغ، مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، قولها إن "الحاجة إلى مزيد من النفط في السوق وخط إمداد مضمون يقدمان لطهران قوة تفاوضية كبيرة حيث يجري العمل على التفاصيل النهائية لخطة العمل الشاملة المشتركة".

وأضافت "الكثير من النفط الإيراني موجود بالفعل في السوق من خلال وسائل أخرى، لكن ربما يمكنهم الوصول إلى 3.5 مليون برميل. لديهم القليل من النفوذ هناك".

كما أشارت يونغ إلى قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، والتي يزداد الطلب عليها الآن.

العقوبات ضد روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا

وحتى الآن كانت العقوبات ضد روسيا، وتحديدًا قطاع الطاقة، خاصة من الاتحاد الأوروبي، تأتي على استحياء؛ نظرًا للاعتماد الكبير على موسكو، رغم حظر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة النفط الروسي، في أقوى تصعيد ضد موسكو، عقب إخراج بعض البنوك الروسية من نظام المدفوعات (سويفت).

وبدأت العقوبات ضد روسيا تتجه إلى قطاع النفط، حينما أعلن الاتحاد الأوروبي عقوبات تستهدف قطاع تكرير النفط في روسيا، فضلًا عن حظر بيع جميع الطائرات وقطع الغيار لشركات الطيران الروسية.

وأعلنت الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وحلفاء آخرين، حظر بعض البنوك الروسية من نظام المدفوعات العالمي (سويفت).

وأعلنت شركة بي بي البريطانية أنها ستتخلى عن حصتها البالغة 19.75% في شركة النفط الروسية (روسنفط)، في أول تخارج لشركات النفط من موسكو.

وفرضت عقوبات إضافية من جانب الولايات المتحدة على البنك المركزي ووزارة المالية، من أجل عزل موسكو عن النظام المالي والتجاري العالمي.

كما أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، فرض حظر على واردات النفط الروسي في أعقاب غزو أوكرانيا، قائلًا: "رغم أن كندا استوردت كميات قليلة للغاية في السنوات الأخيرة، فإن هذا الإجراء يبعث برسالة قوية"، بالإضافة إلى حظر الطائرات الروسية.

وبدأت العقوبات الأميركية توجه لإضعاف قطاع الطاقة الروسي من خلال فرض ضوابط التصدير تستهدف تكرير النفط عن طريق تقييد الوصول إلى معدّات استخراج النفط والغاز، والتكنولوجيا التي من شأنها أن تدعم قدرة التكرير الروسية على المدى الطويل.

وانضمت شركة إكسون موبيل الأميركية إلى أقرانها من شركات النفط، بالإعلان عن التخارج من مشروعات النفط والغاز الروسية التي تُقدَّر قيمتها بأكثر من 4 مليارات دولار، في 2 مارس/آذار.

وفضلًا عن شركات الطاقة، قررت العديد من شركات صناعة السيارات وقف شحناتها وتعليق عمل مصانعها في روسيا، إذ أعلنت شركة مرسيدس-بنز الألمانية، تعليق تصدير سيارات الركّاب والشاحنات الصغيرة إلى روسيا، ووقف التصنيع المحلي.

وكان الإجراء الأكثر حدة جاء  حينما أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، حظر واردات النفط والغاز الروسية، رغم أن الواردات المباشرة تشكّل جزءًا صغيرًا من إجمالي ما تستورده الولايات المتحدة، إذ بلغت 5% فقط في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأعلنت شركة شل التوقف عن عمليات الشراء الفورية للنفط والغاز الروسي، مع غلق محطات الخدمة، وعمليات وقود الطائرات وزيوت التشحيم في موسكو.

وجاءت شركة إيني الإيطالية إلى شركات النفط الأخرى، لتعلن تعليق شراء النفط والمنتجات النفطية من روسيا.