مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د.حسين هنداوي يكتب: جميل بشير رائد الموسيقى العراقية الحديثة

نشر
الأمصار

مر الفن الموسيقي العراقي، منذ نحو ثلاثة عقود من الزمن، في واحدة من انضب المراحل التي عرفها في تاريخه الطويل على صعيد العطاء النوعي. وهذا الحال يعكس مفارقة مزدوجة، حيث اقترن حصوله بتزايد اهتمام الدولة بدعم الموسيقى بشكل لم يعرف من قبل عبر قيامها بانشاء المعاهد واستقدام بعض الخبراء الاجانب واغداق الاموال على بعض الانشطة والمؤسسات المعنية بهذا الفن الذي كان قد عرف، في النصف الثاني من الستينات تحديداً، نهوضاً واعدا واصيلا صنعه الفنانون انفسهم وبدون اي دعم من الدولة، وتجسد في ظهور حركة تجديد شبه شاملة تظافرت على خلقها جهود نخبة من الملحنين الشباب آنذاك (محمد جواد اموري، طالب القرغولي، كوكب حمزة، سامي كمال، كمال السيد والعديد غيرهم) والاصوات الحميمة (حسين نعمة، فاضل عواد، انوار عبد الوهاب، ياس خضر وسواهم) والنصوص الشعرية الشعبية الجميلة الجديدة (لا سيما قصائد الشاعر الكبير مظفر النواب ونصوص اخرى لعريان السيد خلف وزهير الدجيلي وطارق ياسين وزامل سعيد فتاح وابو ضاري وعلي الشيباني بين غيرهم..) وتلك التراثية المكتشفة من جديد وخاصة روائع الشاعر الحاج زاير في الابوذية والزهيري.

لكن تلك الحركة الفنية الموسيقية البديعة سرعان ما اجهضت حال وصول حزب البعث الى السلطة. فقد سارع الى تنفيذ سياسة جديدة وطفيلية سميت بسياسة «لامكان للحزن في عهد الثورة»، وهدفت منها السلطة البعثية الهجينة في الواقع الى فرض رقابتها على الفن الموسيقي، الوجداني في جوهره، لاستخدامه في استراتيجية احكام سيطرتها على المجتمع بعد ان سيطرت على اجهزة الدولة بدءا بأدواتها القمعية. وهذه السياسة التي ركزت على مصادرة اللحظات الحميمة للفرد العراقي، تدرجت من جهة التنفيذ على عدة مراحل. تمثلت الاولى في حظر بث الاغاني «الركيكة» بالفعل. تلى ذلك منع بث الاغاني ذات البعد النقدي كنصوص الفنان الكبير عزيز علي، وحتّى بعض افضل الاغاني الوجدانية التي قد توحي ببعد سياسي (كأغاني روحي، البنفسج، وسواهما من نصوص مظفر النواب..) ثم جاءت رحلة التركيز على امطار المشهد بالاناشيد الشعاراتية والاغاني التعبوية وتبعيث الاغنية عموماً وهي عملية بلغت اوجها، في مرحلة لاحقة، في ارغام الفنانين على تلحين الاغاني التي تجمّل فظاظة النظام وفجاجة قائده ورموزه.

وهكذا، عبر هذه المراحل وبفضل تواطؤ جماعات انتهازية تعاونت معها نجحت السلطة في احلال نفسها وبشكل مطلق وسيطاً ورقيباً وقيّماً اوحداً على الموسيقى العراقية التي دخلت منذ مطلع السبعينات في فترة مظلمة بكل معنى الكلمة. فقد تعرضت علاقة الفنان بالناس، التي هي منهله الاساسي في الابداع، الى نوع من القطيعة وبالتالي الى تدهور جمالية وخصب النتاج الموسيقي العراقي الذي تحول في قسمه الاعظم الى مجرد ملحق باعلام حكومي مبتذل وبليد باستثناء النتاجات النادرة لاولئك الذين اختاروا الانسحاب اضطراراً لحماية كرامتهم الفنية مع كل ما ينطوي عليه ذلك من الم صامت يشبه النزيف.

بمواجهة هذا الحال، كان طبيعياً ان تظل الموسيقى العراقية لفترة ما قبل انقلاب 1968، حاضرة بقوة وبكل عبقها وحميمتها ملاذاً بالنسبة للروح العراقية الجريحة. ولقد عزز ذلك ان تلك الموسيقى كانت قد استفادت من عطاء ظل يتواصل لأكثر من نصف قرن دون قطيعة تقريباً، ومن تراكم لم يكف عن التطور النوعي بفضل المثابرة الطيبة لثلاثة اجيال من الموسيقيين، تشابكت في ما بينها، وقدمت لنا عدداً من الفنانين الخالدين ابرزهم صالح الكويتي من الجيل الاول ومحي الدين حيدر من الجيل الثاني وجميل بشير من الجيل الاخير. لكن واذا كان الأولان قد نجحا فعلاً في بلورة اتجاه خاص بكل منهما، فان جميل بشير برز كوريث نموذجي الجدارة والوفاء من جهة وكمبدع اصيل من جهة اخرى. من هنا يأتي اجماع النقاد على اعتباره الممثل الاهم للموسيقى العراقية المعاصرة او في النصف الثاني القرن العشرين في الاقل، دون ان يعني هذا قطعاً نسيان الفنانين الاخرين الكبار الذين زامنوه وساهموا بشكل مستقل عنه في بناء مجد هذه الموسيقى ونذكر منهم بوجه خاص رضا علي وعباس جميل وعبد الوهاب بلال وروحي الخماش وسالم حسين وسلمان شكر.

ولد جميل بشير في عام 1921 في مدينة الموصل الحدباء. ومنذ طفولته وحتى وفاته في لندن في 27 ايلول 1977 ظلت الموسيقى بمثابة مبرر وجوده الاساسي. تتلمذ في البداية على يد والده الذي كان صانعاً ماهراً لألة العود وعازفاً مبدعاً تعرفه الموصل التي كانت مركزاً رئيسياً للموسيقى في الشرق الاوسط. اذ كانت ساحة لقاء وتفاعل بين الموسيقى العراقية وتيارات واساليب الموسيقى التركية والعربية والكردية والايرانية. وعندما غادر جميل بشير مدينته للدراسة في بغداد كان قد غادرها عازفاً ماهراً اصلاً. لكن انتقاله الى العاصمة العراقية لعب دوراً حاسماً في تطوره الكبير اللاحق. فقد تعلم الكثير من الدراسة في معهد الفنون الجميلة ببغداد واستفاد بشكل واضح من استاذه الموسيقار الشريف محي الدين حيدر مؤسس ومدير المعهد، وظل يحفظ له اعترافاً بالفضل حتى عندما اصبح جميل بشير الموسيقار العراقي الأكثر شهرة، وعبّر عن امتنانه هذا من خلال نشره عدة تآليف موسيقية مجهولة لاستاذه، الذي بلور لديه نزوع المغامرة مع الالحان الصعبة والحرص على ايلاء الجانب التقني والعلمي اهمية خاصة في العزف كما اخذ عنه ضرورة تدوين النوتات الموسيقية لكل ما يقع بين يديه من الحان تراثية اضافة الى الحانه المبتكرة. وكان هذا الجانب يقصى عادة من حساب الموسيقين العراقيين قبلئذ بسبب غرابته او صعوبته. 

وفي معهد الفنون الجميلة ايضاً استفاد جميل بشير كثيراً من الموسيقار التركي الكبير مسعود جميل الذي عمل لزمن في المعهد رئيساً لفرع الموسيقى، وظل كتاب «سماعي هماوند» الذي ألفه مرجعاً ثميناً لجيل من الموسيقيين العراقيين. فقد درس جميل بشير ستة سنوات في معهد الفنون الجميلة. إلا ان شهرته الموسيقية لم تنتظر تخرجه من المعهد انما ذاعت بين الناس وهو طالب بعد. ومن الطريف ان نشير هنا الى ما كتبه الشاعر السوري فخري البارودي عندما زار بغداد في 1943 حيث يذكر بانه حضر امسية موسيقية تكريماً له اقامها طلاب معهد الفنون الجميلة ببغداد، وعندما سمع عزفهم اثار اعجابه بشكل خاص طالب في الصف السادس يدعى جميل بشير قدم معزوفة اسمها «سماعي ديوان» اثارت دهشته لجمالها وعمق ادائها الى درجة ان البارودي وقف بعد العزف وارتجل ابياتاً من الشعر تكريماً للطالب جاء في مطلعها:

            جميل بشير انك سوف تغدو        بشير الانس بالفن الجميل
            قليل في البلاد اذا عددنا             عباقرة الفنون بكل جيل 
 

وبغض النظر عن بساطة هذا الشعر، فان ما توقعه البارودي حصل بالفعل. فبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة عمل جميل بشير مراقباً للأناشيد المدرسية في وزارة المعارف. وبصفته هذه قام بوضع عشرات الالحان المخصصة للاطفال والتلاميذ ما لبثت ان عممت على مدارس البلاد وانتشرت بسرعة لما تتميز به من اصالة موسيقية وروحية جديدة. وقد جمعها مع النوته فيما بعد ونشرها في كتاب بعنوان «مجموعة اناشيد المدرسة الحديثة»، صدر في 1949 عن مطبعة التفيض ببغداد. بموازاة ذلك واصل جميل بشير التألق في العزف على العود والكمان (وعلى البيانو فيما بعد). وحينما جرى تأسيس الفرقة الموسيقية العراقية الجديدة في العام 1948 اختير ليكون أهم عناصر هذه الفرقة التي ضمت ايضاً خضر الياس، عازف الناي الكبير، وعددا من العازفين الآخرين. وقد سمحت له تجربته الطويلة في الفرقة بتطوير مهارة الارتجال الموسيقي لديه واهلته للقيادة الموسيقية حيث كان يضطلع بنفسه بوضع نوتات الالحان التي تؤديها الفرقة ويحرص على تدريب زملائه على تنفيذها بدقة بعد ان كان يقوم بتحفيظها لمن لا يجيدون قراءة النوتة منهم، كما سمحت له بتعميق معرفته بالتراث الموسيقي العراقي ليصبح احد ابرز الذين ساهموا في حمايته من الضياع وتطويره، اذ قام بتدوين اصعب الالحان القديمة لاسيما في مجال المقامات، من بينها مقام الراست الذي دونه من اول الى آخره وقدمه لأول مرة انطلاقاً من النوتة المدونة في احدى حفلات معهد الفنون في اواخر الخمسينات. 

ومن جانب آخر عمل جميل بشير على اضافة مقدمات موسيقية من تأليفه لعدد كبير من الاغاني الشعبية لتغدو اليوم جزءاً لا يتجزأ منها. كما رفد الموسيقى العراقية بعدد من الالحان الجديدة والمبتكرة والمحافظة في نفس الوقت على الطابع العراقي. والى جانب دوره في الفرقة وفي مجال الانتاج الموسيقي، عمل جميل بشير استاذاً للموسيقى، ولتدريس العود خاصة، في معهد الفنون الجميلة طوال فترة تجاوزت العشرين عاماً ساهم خلالها في تدريب وتكوين نخبة من الموسيقين الذين لمعوا فيما بعد. وكتب عدداً من البحوث والدراسات الموسيقية التطبيقية اشهرها كتاب بجزئين عنوانه «العود وطريقة تدريسه» نشره في عام 1961 وضمنه العديد من نوتات المقامات العراقية ولازال لحد الان من بين اهم المراجع في هذا الصدد. ولقد تفرغ جميل بشير في العقد الاخير من حياته الى الكتابة الموسيقية في بيته الذي حوله الى «ورشة عمل» لتسجيل الاغاني العراقية.

من كل ما تقدم نستطيع ربما تكوين فكرة وافية حول المكانة الرفيعة التي يستحقها جميل بشير في تاريخ تطور الموسيقى في العراق. ودون الادعاء باننا نعرف كل شيء عن هذا الموضوع سنحاول هنا الاشارة الى الميادين الرئيسية التي توزعت عليها هذه المساهمة حسب معرفتنا الخاصة.


1- تأليف موسيقى الاغاني التراثية:

لولا جميل بشير لما كان ناظم الغزالي ليستطيع تحقيق الشهرة الكبيرة التي نالها. هذا الرأي الذي يقول به البعض لم يقم دون اساس. فالمطرب الكبير ناظم الغزالي الذي ولد في بغداد عام 1924 وتوفي فيها في 12-10-1963، برز فعلاً بفضل تلك الالحان التراثية التي التقطها جميل بشير من افواه الناس وثابر على عزفها وتسجيلها بعد ان اعاد توزيعها توزيعاً موسيقياً جديداً ومتطوراً، اصبحت بفضله خالدة في العراق وخارجه. ولا يقتصر الامر على الالحان التي غناها ناظم الغزالي انما ايضا على الكثير من الالحان التي غناها غيره ايضاً وخصوصاً فرقة الانشاد العراقية في فترتها الخصبة التي عرفتها سنوات الخمسينات ومطلع الستينات. أما الألحان العراقية التراثية التي ساهم جميل بشير في إحيائها فمن بينها الأغاني التالية: اغنية «فوك النخل فوك»، اغنية «جواد جواد مسيبي»، اغنية «خابيف عليها تلفان بيها»، اغنية «يابنت عينج عليّه والله المحبة جلبيه»، اغنية «واشبان مني الذنب ياعيوني»، اغنية «مروا بنا من تمشون»، اغنية «كلي يا حلو منين الله جابك»، اغنية «يا ابن الحمولة عليّه اشبدلك»، اغنية «طالعة من بيت ابوها»، اغنية «ماريده الغلوبي وعيونه سود محبوبي»، اغنية «بالحاجب ادعي عليك»، اغنية «يابنية ويابنية»، اغنية «ياحنينة وياحنينة».


2- تدوين وتسجيل موسيقى المقامات العراقية:

احتل تدوين وتسجيل موسيقى المقامات القديمة القسم الأهم من النشاط الذي كرسه جميل بشير للموسيقى العراقية. فقد اهتم من جهة، بصفته عازفاً، بمرافقة ابرز مطربي المقام العراقي اثناء التسجيل لهم كمحمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن خضر وعبد الهادي البياتي.. وكان هؤلاء يحرصون على وجوده معهم اثناء ذلك لمهارة ادائه وللرشاقة والسهولة التي يتميز بها اثناء التنقلات بما منها الاكثر صعوبة ودقة الى درجة كان المطرب يشعر بثقة عالية، ويغامر بتفجير طاقته الصوتية، عندما يكون جميل بشير الى جانبه. ومن جهة ثانية سجل هذا الفنان العديد من موسيقى المقامات العراقية على آلتي العود والكمان كمعزوفات منفردة وهي طريقة تميز بها في تجديد الموسيقى العراقية وحفظ تراثها في ذات الوقت. لكن عطاءه الاكبر والاكثر خلوداً هو تدوينه موسيقى المقامات بشكل مفصل وكامل احياناً ونشر مجموعة منها في الكتب التي اصدرها بينما ترك القسم الاخر على شكل مخطوطات. وابرز الأثار التي تركها في هذا المجال ما يلي: مقدمة موسيقية من نغم الحجاز، موسيقى مقام الحكيمي، موسيقى مقام البهيرزاوي، مقدمة موسيقية من نغم الخنبات، موسيقى مقام الخنبات، موسيقى مقام الاورفه (ديوان- حسيني)، مقدمة موسيقية من نغم الاوج، موسيقى مقام شرقي راست، مقدمة موسيقية من نغم الجهاركاه، موسيقى مقام المخالف، موسيقى مقام الحديدي، معزوفة موسيقية تتوسط مقام الصبا تبدأ بالصبا وتنتهي بالبيات، موسيقى مقام الطاهر، موسيقى مقام الجهاركاه، مقدمة موسيقية من نغم الاوشار، مقدمة موسيقية من نغم السيكاه، موسيقى مقام شرقي راست، مقدمة موسيقية من نغم الجهاركاه، موسيقى مقام المخالف، موسيقى مقام الحديدي، معزوفة موسيقية تتوسط مقام الصبا تبدأ بالصبا وتنتهي بالبيات، موسيقى مقام الطاهر، موسيقى مقام الجهاركاه، مقدمة موسيقية من نغم الاوشار، مقدمة موسيقية من نغم السيكاه، موسيقى مقام شرقي عشاق، موسيقى مقام الراست (مع مقدمة وفواصل كاملة).


3- المؤلفات الموسيقية الكلاسيكية:

يقوم هذا الصنف من الانتاج الموسيقي على التأليف المحض دون الخروج من مقومات وقيم المقامات والانغام العراقية الكلاسيكية وتسمى هذه المؤلفات «سماعيّات» (مفردها سماعي) ويرجع تأسيسها الى الموسيقار الفيلسوف أبي نصر الفارابي. وهي من اصعب انواع التأليف الموسيقي وعصية جداً في الاداء لذلك فهي لم تزدهر شعبياً انما انحصر وجودها على كبار الموسيقين في الفترتين العباسية والعثمانية حافظوا عليها لتصلنا حتى الان. فعن الموسيقيين العثمانيين انتقلت من جديد الى سوريا والعراق. ويعتبر الموسيقار الحلبي السوري الكمنجاتي سامي افندي الشوا الذي عاش في اوائل القرن التاسع عشر اول من سجلها على اسطوانة في العصر الحديث وهي تعرف باسم اسطوانة «السماعي الثقيل العربي». وعلى اية حال لم تعرف الموسيقى العراقية الحديثة قبل جميل بشير سوى محي الدين حيدر ممن اتجه للتأليف في هذا النوع من الموسيقى. اما اهم تأليفات جميل بشير فيه فهي: سماعي راست، سماعي نهاوند، سماعي ديوان (حسيني)، سماعي صبا، سماعي جهاركاه، سماعي يكاه.

ويضاف اليها نّصان آخران يعرفان بـ «بشرف سيكاه» و «لونكا فراق». ومن الجدير هنا ان نشير الى ان هذه التأليفات تتميز بالتقنية العالية وصعوبة الاداء جداً وخصوصاً بالنسبة لـ «سماعي ديوان» حيث وضعه جميل بشير بكل اقسامه من مقام واحد احكمت سيطرته بكل اتقان (وهو مقام الحسيني) وهي مهمة صعبة ذلك لأن التأليف الموسيقي بمقام واحد وبصيغة السماعي تتطلب قدرة عالية على استيعاب المقام بكل ابعاده النغمية الدقيقة. وكذلك الامر بالنسبة لسماعي النهاوند الذي تتدخل فيه عدة مقامات إلا ان الطابع التقني الذي وضع فيه صعب الاداء الى درجة تقتضي مهارة هائلة لدى العازف.

واضافة لها، ألف جميل بشير مجموعة قطع موسيقية اعتيادية ذات طابع راقص من بينها ثلاثة تحمل اسماء ابناء الفنان وهي: «جنيد وشروق» (من مقام الراست)، و«رقصة جمانة» (من مقام النهاوند) و«هيرمان» (من مقام الراست).

4- المؤلفات الموسيقية الاكاديمية:

هذا الصنف من المؤلفات يختلف عن سابقيه بالانطلاق من الخصائص الاكاديمية اساساً والالحان الاعتيادية ذات التقنية العالية المتحررة من مقومات موسيقى المقام. ولجميل بشير مجموعة مسجلة منها هي: «كابريس»، و«ملاعب النغم»، و«تأمل»، و«ذات الخال» (وتعزف بأصابع اليد اليمنى وبدون مضراب)، و«اندلس» (وتعرف ايضاً بأصابع اليد اليمنى وبدون مضراب)، و«فردوس»، و«سامبا حائر»، و«قطرات»، و«قيثارتي»، و«في الغروب»، و«همسات»، و«حيرة»...

5- تدوين نوتات عدد من الأغاني الكردية: دوّن جميل بشير ايضاً نوتات عدد من الاغاني الكردية لاسيما تلك التي قدمها المطرب الكردي الكبير علي مردان، إلا اننا في الوقت الحاضر لا نمتلك تفاصيل وافية حول هذا الجانب.


واخيراً فان هذه المقالة تظل بعيدة جداً من استيفاء جميل بشير حقّه. فهو يحتاج في الواقع الى دراسة اوسع بكثير وينبغي ان تركز على الجانب التقني في ابداعه وهو أمر لسنا في قدرة على تحقيقه في هذا المقال الذي هو مجرد تحية للفنان الكبير جميل بشير الذي حالفني الحظ السعيد مرة فقادني الى لقاء عابر معه عندما اصطحبنا لرؤيته الفنان العراقي الراحل مهند الانصاري وكان ذلك خلال زيارة قصيرة ووحيدة لنا الى الكويت في الايام الاخيرة من عام 1970.