الدولار يتراجع من أعلى مستوى في 20 عامًا.. والسوق يترقب "المركزي الأمريكي"
واصل مؤشر الدولار اليوم الأربعاء، التراجع عن أعلى مستوى في 20 عاما، بعد أن استوعب بالفعل توقعات برفع مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" أسعار الفائدة نصف نقطة في وقت لاحق اليوم، وحوالي 250 نقطة أساس بنهاية العام.
تترقب أسواق العملات في حذر شديد إعلان "المركزي الأمريكي"، ومؤتمرا صحفيا لرئيسه جيروم باول، بعد أن شهدت تعاملات شديدة التقلب في الأسابيع القليلة الماضية، قفز خلالها الدولار لأعلى مستوى في 20 عاما مقابل سلة من العملات المنافسة.
كما تترقب أسواق المال أن يرفع "المركزي الأمريكي"، سعر الفائدة إلى ما يصل إلى 3.6% بنهاية 2023 لكبح التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته في 40 عاما.
ومن المقرر أن يعلن البنك الفيدرالي قراره في حدود الساعة الثامنة مساءً بتوقيت القاهرة.
توقعات الأسواق
يتوقع محللون أن يقدم الفيدرالي على رفع الفائدة بنسبة 0.5%، لتكون هذه المرة الثانية التي يرفع الفائدة منذ عام 2018 وأكبر زيادة منذ أكثر من عقدين.
وفي مارس الماضي رفع المركزي الأمريكي سعر الفائدة 0.25% لتصبح 0.5% لأول مرة منذ 2018، للسيطرة على التضخم الذي ارتفع في أمريكا لأعلى مستوى له منذ 40 عامًا.
وتوقع الفيدرالي وقتها أن تكون الفائدة في نطاق 1.75% و 2% بنهاية العام، وهو ما يعني مزيدًا من قرارات رفع الفائدة خلال العام.
وفي أبريل الماضي ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 5% إلى أن وصل إلى 103.93، لكنه تراجع منذ ذلك الحين 0.3% عن تلك المستويات.
وكانت قوة الدولار ضغطت على العملات الأخرى ودفعت اليورو في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في عقدين قرب 1.0469 دولار.
فيما تذهب توقعات بنك “جي بي مورجان” إلى أن هناك فرصة بين 5 فرص للفيدرالي لرفع سعر الفائدة بنسبة 0.75% خلال اجتماع اليوم.
لكن في كل الأحوال سيكون الفيدرالي على موعد لرفع جديد للفائدة في اجتماعه الشهر المقبل.
كما يتوقع أن يعلن الفيدرالي عن تخفيض الميزانية العمومية البالغة 9 تريليونات دولار .
نسب الفائدة والركود الاقتصادي
ومنذ يومي الثلاثاء والأربعاء، البنك الفيدرالي الأمريكي، أمام معادلة صعبة تتعلق بنسب الفائدة، وإلى أي حد ينبغي رفعها لاحتواء التضخم دون إغراق أكبر اقتصاد عالمي في الركود، ومن شأنها ضبط الطلب وإبطاء ارتفاع الأسعار.
وكانت تترقب أسواق المال العالمية والبنوك المركزية قرار مجلس الاحتياطي الأمريكي، اليوم، بشأن أسعار الفائدة، إلا أن الأخير يحسب أقل الخسائر على اقتصاده في قراره المرتقب.
وكان جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي، أعلن شخصيا أن هذه الزيادة "ستكون مطروحة للبحث".
وتعتبر فرضية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لحماية الاقتصاد من أي ركود، يعني أن البنك المركزي عاجز عن اتخاذ قرار يخفف فيه عن المستهلكين، ووفق مراقبين، الفيدرالي الأمريكي أمام قرارين، إما رفع أسعار الفائدة، 0.25% أو 0.50% وهو ما يتوقع إقراره، الثاني الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
ويبحث الفيدرالي عن توفير أسباب خفض أسعار التضخم على المستهلك الأمريكي، بعد أن وصلت أسعار المستهلك في مارس/آذار الماضي 8.5% وهي ذروة ديسمبر/كانون الأول 1981.
إلا أن الخطر الذي يتربص في الاقتصاد الأمريكي اليوم، بسبب توقعات زيادة أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري، يتحمل في احتمالية ركود الاقتصاد، والدخول في حال ركود تضخمي.
بينما فرضية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لحماية الاقتصاد من أي ركود، فإن ذلك يعني أن البنك المركزي عاجز عن اتخاذ قرار يخفف فيه عن المستهلكين في الأسواق المحلية.
وفي الحالتين سيكون الفيدرالي أمام مخاطر عدة حال اتخذ أي قرار، وهنا قد ينتصر أعضاء لجنة السوق المفتوحة في البنك المركزي إلى قرار سيسبب أقل ضرر ممكن على البلاد والاقتصاد.
والأسبوع الماضي، توقع “دويتشه” بنك أن يغرق الاقتصاد الأمريكي في ركود اقتصادي كبير قبل نهاية عام 2023، إذا ما تم رفع أسعار الفائدة إلى ما بين 5% و6%.
حيث كتب الاقتصاديون في البنك، بقيادة ديفيد فولكرتس لانداو، في مذكرة أنهم يعتقدون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى رفع أسعار الفائدة أعلى بكثير مما يتوقعه المحللون حالياً للحد من التضخم بنجاح.
الركود الاقتصادي والحرب
قال كبير الاقتصاديين في شركة “أليانز” محمد العريان إن محاولة مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض ميزانيته العمومية مع رفع أسعار الفائدة بشكل متزامن، سوف يتسبب في اضطرابات كبيرة في الأسواق.
وأضاف: "لقد نما الاقتصاد الأمريكي معتاداً على ظروف المال السهل (حزم التحفيز التي تجاوزت 4 تريليونات دولار)، وإذا ارتكب الاحتياطي الفيدرالي خطأً في السياسة، فقد تغرق الولايات المتحدة في ركود اقتصادي".
ولا تملك لجنة السوق المفتوحة في الفيدرالي الأمريكي الكثير من الأدوات لكبح جماح التضخم، خاصة مع بدء دورة امتصاص أموال حزم التحفيز التي تم ضخها في الأسواق خلال جائحة كورونا.
وتعاني السوق الأمريكية من استمرار ارتفاع الطلب على الاستهلاك على الرغم من زيادات الأسعار، بقيادة قطاع الطاقة، وهذا ما يفسر أن سبب ارتفاع الطلب على الاستهلاك هو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
وحتى ذلك الحين، فإن الدولار الأمريكي يشهد ارتفاعات قوية، وهو ما سيكون في غير صالح الصادرات الأمريكية، إذ تعتبر الصادرات تنافسية للدول ذات العملة الضعيفة، مثل اليوان الصيني.
ولطالما طالب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب بدولار ضعيف ليكون قادرا على مواجهة اليوان، وتعزيز تنافسية الصادرات الأمريكية في وقت ما يزال السوق الأمريكي في رحلة التعافي من جائحة كورونا.
البنك الفيدرالي الأمريكي
البنك الفيدرالي الأمريكي أو نظام الاحتياطي الفيدرالي هو النظام المصرفي المركزي للولايات المتحدة. تأسس في عام 1913 بموجب قانون الاحتياطي الفيدرالي، حيث جاء بشكل رئيسي ردا على سلسلة من حالات الذعر المالية أو غياب السيولة النقدية البنكية، وخاصة حالة الذعر الشديد في عام 1907، ومع مرور الوقت، توسعت مهام ومسؤوليات النظام الاحتياطي الفيدرالي وتطور هيكله
وبنهاية الأمر أن صدقت التوقعات أو خلفت فأن هدف البنك الفيدرالي الأمريكي، يتمثل في استخدام كل الأدوات للوصول إلى التوازن بين الطلب والعرض وخفض معدلات التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي