مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

رؤساء ونواب بالوراثة.. هل تغير انتخابات 2022 الواقع السياسي في لبنان؟

نشر
الانتخابات اللبنانية
الانتخابات اللبنانية 2022

فتحت صناديق الاقتراع أمام المغتربين اللبنانيين منذ صباح الجمعة في دول عربية عدة للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقرر تنظيمها داخل البلاد في منتصف أيار/ مايو، في استحقاق لا يتوقع محللون أن يغيّر في المشهد السياسي العام للبلاد التي تعاني من أسوأ أزماتها الاقتصادية على الإطلاق، بينما يجد البعض في صناديق الاقتراع فرصة لانتشال لبنان من الخطر المقبل.

وتعد هذه الانتخابات البرلمانية، الأولى منذ خروج اللبنانيين إلى الشارع في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، حيث رفعوا وقتها شعارات عدة، كان أبرزها تشكيل حكومة اختصاصيين وتسليم السلطات إلى وجوه جديدة.

إجراء الانتخابات اللبنانية على مرحلتين بالخارج

وهذه هي المرة الثانية التي يُتاح فيها للمغتربين المشاركة في انتخاب أعضاء البرلمان الـ 128، حيث بدأت الانتخابات الخارجية المقرر إجراؤها على دفعتين أول أمس الجمعة في تسع دول عربية وفي إيران، وتستكمل اليوم الأحد في 8 أيار/ مايو في 48 دولة أخرى.

وفي ظل النقاشات المستمرة بين اللبنانيين حول هذا الاستحقاق، وأرائهم المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتفق البعض أنهم باتوا بأمس الحاجة للتغير من خلال أشخاص قادرين بالعبور بالبلاد إلى بر الأمان.

 

الشعب اللبناني يريد التغيير

يريد الشعب اللبناني انتخاب مجلس نيابي جديد، وتشكيل حكومة إنقاذ تشارك فيها وجوه وأسماء جديدة، بعيدة كل البعد عن الأحزاب والزعامات وحكم العائلة، قد يكون "الخلاص"، بالنسبة لهؤلاء.

حكومة غير تقليدية، لا تدخل فيها السجالات والتجاذبات، ولا تشهد تقاسما للحصص والمناصب بين الطوائف والمجموعات السياسية، ولا يعرقل الخارج تشكيلها والأهم أن تكون حكومة متعافية من "المرض الخبيث" المعروف باسم التوريث السياسي، كما يصفه البعض.

التوريث السياسي

هي ظاهرة قديمة جديدة، برزت بشكل رسمي منذ استقلال لبنان في العام 1943 بعد أن أمسكت العائلات الإقطاعية والبكوات مثل آل الصلح وآل الخازن وآل الأسعد وآل جنبلاط والزين وغيرها من العائلات التي وصلت إلى المشهد السياسي في ما بعد، بمقاليد الحكم في البلاد، هذه الظاهرة لا تزال قائمة وتتمدد وهي تبرز بوضوح مع كل استحقاق انتخابي يخوضه لبنان وتتسبب في مشكلات عدة أمام كل من يطمح في لعب دور سياسي من عائلات غير معروفة.

وللتوريث السياسي، مظاهر مختلفة، أقدمها وأكثرها تداولا ما يتم الإعداد له مسبقا إذ يتم تحضير الأرضية بعناية لاستقبال الوريث الجديد الذي يأتي لاستلام زعامة الطائفة والحزب وأبرز مثال هو تيمور جنبلاط نجل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب السابق، وليد جنبلاط الذي تسلم زعامة عائلته السياسية اثر اغتيال والده كمال، أحد أبرز الزعماء الدروز في لبنان في العام 1977 بإطلاق الرصاص من مجهولين اعترضوا سيارته.

التوريث الإجباري

وهناك التوريث الإجباري مثلما حصل مع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي خلف والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عقب اغتياله في شباط/فبراير من العام 2005.

وقد تولى سعد الحريري مرتين رئاسة الحكومة قبل استقالته عام 2019 وقد أعلن قبل فترة تعليق عمله بالحياة السياسية وعزوفه عن خوض معركة الانتخابات.

ورغم أنها كانت بعيدة عن السياسة، انتخبت الشابة حينها نايلة تويني نائبة في العام 2009 بعد اغتيال والدها النائب السابق جبران تويني في العاصمة بيروت في العام 2005.

غياب وريث مباشر

وفي ظل غياب وريث سياسي مباشر، كما هو الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، وقع الاختيار على أحد أفراد العائلة، كالصهر أو أبناء الإخوة، مثل رئيس التيار الوطني الحر الحالي، الوزير السابق جبران باسيل، والعميد المتقاعد شامل روكز ممن تبوؤوا مناصب سياسية في البلاد.

 

 لبنان قائم على فكر التوريث السياسي

ولفت عاهد ماضي وهو أحد أبرز الوجوه في "حراك 17 تشرين"، إلى أنه، في لبنان التوريث السياسي يسمح للسياسيين بالبقاء في أماكنهم والاستئثار بالحكم، وأنه ما من حاجز أو قانون يمنعهم من إيصال من حولهم إلى الكرسي، وقد يصل للولد أو لولد الولد أو الزوجة".

وذكر أن لبنان قائم على فكر التوريث السياسي، وأن الديمقراطية هي مجرد كلام"، مشيرا إلى أن "القوانين الانتخابية في لبنان لا يعول عليها، لأنها تصاغ لتأتي مناسبة لهم ولمصالحهم الخاصة".

 

لا تغيير في الأفق

وبحسب الأسماء التي تخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2022، فيبدو من الواضح أن "حمى التوريث السياسي" لم تنته قبل حراك 17 تشرين الأول/أكتوبر ولا بعده.

إذ أعلن الوزير السابق الياس المر مؤخرا، أن ابنه ميشال سيترشح لخوض الانتخابات المقبلة عن المقعد الأرثوذكسي في دائرة المتن الشمالي من أجل خدمة المواطنين.

وفي خطوة مشابهة، أورد الوزير السابق بطرس حرب، خبر ترشيح ابنه مجد عن المقعد الماروني في البترون، ونال مجد مسبقا دعم حزب الكتائب اللبنانية ورئيسه سامي الجميّل الذي وصف الإستحقاق الانتخابي بالمعركة المصيرية بالنسبة لمستقبل لبنان وأشار إلى أن المعركة المقبلة سيادية واصلاحية.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن الجميل هو نجل رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل وحفيد بيار جميل مؤسس حزب الكتائب السياسي، وعمه هو رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل الذي قضى اغتيالا عام 1982.

هؤلاء المرشحون المحتملون وغيرهم من الأسماء والعوائل المحفورة في أذهان اللبنانيين، قرروا الانضمام إلى قافلة أبناء الزعماء الذين دخلوا المعترك السياسي قبل سنوات عدة أو على الأقل خلال الانتخابات الأخيرة التي شهدها لبنان في العام 2018، أمثال طوني فرنجية، نجل النائب سليمان فرنجية، حفيد الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية الذي انتخب في العام 1970، وسامي فتفت نجل النائب عن تيار المستقبل أحمد فتفت، وتيمور جنبلاط، نجل النائب السابق وليد جنبلاط ، وطارق المرعبي نجل النائب السابق طلال المرعبي.

ويعتبر المرشحين الجدد الذين قرروا ارتداء عباءة الثورة والمجتمع المدني ورفعوا شعارات التغيير خرجوا من بيوت سياسية، حيث مرت عقود وتبدلت فيها الوجوه، إلا أن الأسماء لم تتبدل كثيرا.

الانتخابات اللبنانية مضيعة للوقت

وعلى مقلب آخر، وبعيدا عن مناصري الأحزاب، ترى شريحة من اللبنانيين أن صناديق الاقتراع هي "مضيعة للوقت"، وتشير إلى أن هذه الانتخابات لن تحدث تغييرا كبيرا في المشهد السياسي، ولهذا السبب قررت العزوف عن التصويت.