بعد رفع حالة الطوارئ.. تفاصيل تطورات الأوضاع في السودان
بعد نحو أكثر من 7 أشهر من الاضطرابات والاحتجاجات المستمرة التي يشهدها السودان منذ أن تسلم البرهان السلطة في تشرين الأول/أكتوبر.
وقرر رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان عبد الفتاح البرهان، رفع حال الطوارئ التي فُرضت في البلاد منذ تسلم السلطة أكتوبر الماضي، فيما أُرجئت محاكمة بعض المحتجين السودانيين بتهمة قتل ضابط شرطة، ومنذ ذلك تظاهر آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين الذين قُتل 98 منهم وجرح العشرات، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية.
وقال بيان صادر عن المجلس: "أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مرسوماً برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد"، وأرجع البيان سبب ذلك إلى "تهيئة المناخ وتنقية الأجواء، لحوار مثمر وهادف، يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية".
إطلاق سراح جميع المعتقلين
وجاء القرار بعد إصدار مجلس الأمن والدفاع السوداني (الذي يضم قيادات عليا من الجيش) عقب اجتماع له، توصيات بـ"رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد" إضافة إلى "إطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ بما لا يتعارض مع القوانين التي تتعلق بقضايا أمن الدولة أو القانون الجنائي".
ويأتي رفع حال الطوارئ أيضًا إثر تغريدة للممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس الأحد جاء فيها، "حان الوقت لوقف العنف، حان الوقت لانهاء حالة الطوارئ".
وكانت لجنة أطباء السودان المركزية ذكرت في بيان أن متظاهرَين قُتلا في منطقة الكلاكله جنوب العاصمة.
وقال وزير الدفاع الفريق يس ابراهيم يس الناطق الرسمي باسم هذا المجلس أن التوصيات التي تم رفعها إلى رئيس مجلس السيادة.
وكانت السلطات حظرت عمل هذه القناة القطرية في كانون الثاني/يناير واتهمتها "بتغطية غير مهنية" للاحتجاجات في السودان.
محاكمة أربعة متظاهرين
وكانت قد بدأت الخرطوم محاكمة أربعة متظاهرين متهمين بقتل ضابط في الشرطة السودانية، لكن القاضي قرر رفع الجلسة إلى 12 حزيران/يونيو.
وكانت الشرطة السودانية أعلنت في كانون الثاني/يناير الماضي عن مقتل ضابط برتبة عميد اثناء تفريقها محتجين كانوا في طريقهم الى القصر الجمهوري في وسط العاصمة وفي وقت لاحق أعلنت توقيف محمد ادم و محمد الفتاح ومصعب الشريف وأحمد الننه بتهمة قتل الضابط .
وبدأت محاكمة الشبان الأربعة الأحد لكن الجلسة رفعت إلى 12 حزيران/يونيو المقبل، وتجمع مئات المحتجين امام قاعة المحكمة في شرق الخرطوم وهم يرفعون صورا للمتهمين ويطالبون بالافراج عنهم .
كتبت اللجنة الشعبية لأحياء البراري المضطربة في الخرطوم أن "هذه القضية لا تخص هؤلاء الثوار الأربعة وحدهم بل تمثل انقضاضاً على الثورة وقيمها ومواصلة لتسييس القضاء واستهداف الثوار والثائرات بالبلاغات الكيدية للتخلص منهم".
ودعت إلى التجمع أمام المحكمة "للبرهنة على اننا لن نسمح لقوى الردة أن تعود لمفاصل الدولة مهما كان الثمن".
الاتحاد الأفريقي يطالب بحوار سياسي
ويطالب الاتحاد الأفريقي، الذي علق عضوية السودان، والأمم المتحدة بحوار سياسي حتى لا ينهار السودان تمامًا "على الصعيدين السياسي والأمني".
وتقول الأمم المتحدة أن واحدًا من كل سودانيين اثنين سيعاني من الجوع بحلول نهاية العام 2022 بعد أن حرم الانقلاب، الذي أزاح المدنيين من السلطة وانهى التقاسم الهش الذي كان قائما بينهم وبين العسكريين، من المساعدات الدولية.
تولي البرهان السلطة
في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 قال الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إن الجيش السوداني تولى السلطة لتجنب اندلاع حرب أهلية.
ووصف البرهان تحرك الجيش بأنه ليس انقلابًا، إذ كان الجيش يحاول تصحيح مسار الانتقال السياسي، حسب تعبيره.
وأضاف أنه يحتفظ برئيس الوزراء المدني، عبد الله حمدوك، في منزله "من أجل سلامته"، مشيرًا إلى أنه سيعيده إلى منزله.
واتهم البرهان في أول مؤتمر صحفي له منذ إعلان تولي الجيش السلطة، السياسيين بالتحريض على القوات المسلحة، قائلا إن حمدوك كان محتجزًا في منزله ولم يتضرر.
وكان جنود قد اعتقلوا رئيس الوزراء وأعضاء حكومته قبل ساعات من ظهور البرهان على شاشة التلفزيون للإعلان عن حل مجلس السيادة، وهو الهيئة التي أُنشئت لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين.
وتوقفت الحياة في الخرطوم ومدينتها التوأم أمدرمان عبر النيل، مع إغلاق المتاجر وتصاعد أعمدة الدخان بسبب إشعال المتظاهرين النيران في إطارات السيارات.
ونددت بعض الدول الغربية بتولي الجيش ودعت إلى إطلاق سراح الوزراء المعتقلين وقالت إنها ستقطع المساعدات إن لم يتقاسم الجيش السلطة مع المدنيين.
وكانت الاحتجاجات على تولي الجيش السلطة قد استمرت فترة، وشملت قرارات الجيش إعلان حالة الطوارئ، وحل مجلسي الوزراء والسيادة.
وكان المتظاهرون يهتفون ويلوحون بالأعلام، وأغلقوا الطرق في العاصمة الخرطوم وفي أنحاء أخرى من البلاد بعد تولي الجيش السلطة.
وانحصرت معظم المظاهر الاحتجاجية، في الشوارع الرئيسية والفرعية داخل الأحياء السكنية، حيث عمد المحتجون إلى وضع المتاريس، وقطع الطرقات لمنع حركة قوات الأمن وأطلق الجنود النار على حشود المحتجين وقتلوا عشرة أشخاص.
وقوبل تولي الجيش في السودان بإدانة عالمية.
غلق مطار الخرطوم
وأغلقت السلطات مطار الخرطوم وعلقت الرحلات الدولية كما عطلت خدمة الإنترنت ومعظم خطوط الهاتف.
وبدأ موظفو البنك المركزي إضرابا، ويقال إن الأطباء في جميع أنحاء البلاد يرفضون العمل في المستشفيات التي يديرها الجيش، إلا في حالات الطوارئ.
وكان القادة المدنيون ونظراؤهم العسكريون منقسمين منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن تصرفات الجيش "خيانة للثورة السلمية في السودان"وجمدت الولايات المتحدة معونة قدرها 700 مليون دولار.
وتوالت ردود الأفعال من عدة عواصم غربية، حيال التوتر بين فرقاء السلطة في السودان، بينما أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في مختلف المناطق.
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس عن قلق المنظمة الدولية العميق "بشأن التقارير حول محاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان"، واصفا الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين بـ"غير المقبولة".
ودعا بيرتس قوات الأمن السودانية إلى" الإفراج الفوري عن الذين تمّ اعتقالهم بشكل غير قانوني، أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية"، محملاً هذه القوات مسؤولية ضمان أمن وسلامة الأشخاص المحتجزين لديها.
وحث بيان الأمم المتحدة جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وعلى العودة فوراً إلى الحوار والمشاركة بحسن نية لاستعادة النظام الدستوري.
وأعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون عن دعم بلاده للحكومة الانتقالية في السودان، داعيا إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك الذي ذكرت التقارير أنه وُضع تحت الإقامة الجبرية.
وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم، إنها تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن القوات المسلحة اتخذت إجراءات ضد الحكومة المدنية في السودان، مؤكدة أنها تدين الأعمال التي "تقوض الانتقال الديمقراطي في السودان".
ودعت السفارة الأميركية جميع "الفاعلين الذين يعرقلون الانتقال في السودان إلى التنحي، والسماح للحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون بمواصلة عملها المهم لتحقيق أهداف الثورة".
وفي المنحى نفسه، دعا الاتحاد الأوروبي إلى "الإفراج سريعا" عن قادة السودان المدنيين، مشددا على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء".
وقالت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية، نبيلة مصرالي، لصحافيين "يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق بالغ حيال التقارير عن وضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية واعتقال عدد من أعضاء القيادة المدنية وندعو إلى الإفراج سريعا عنهم".