نزاع الصحراء يتسبب في قطع العلاقات السياسية والتجارية بين الجزائر وإسبانيا
أعلنت الجزائر، تجميد عمليات التجارة الخارجية للمنتجات والخدمات من وإلى إسبانيا اعتبارا من اليوم الخميس، وذلك عقب تعليق الرئاسة الجزائرية ل "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون"، التي أبرمتها مع إسبانيا في العام 2002.
وقالت الرئاسة في بيان إن الجزائر قررت "التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها بتاريخ 8 أكتوبر 2002 مع مملكة إسبانيا والتي كانت تؤطر إلى غاية اليوم تطوير العلاقات بين البلدين".
وأوضحت الرئاسة أن أسباب تعليق المعاهدة يرجع لقيام السلطات الإسبانية بحملة "لتبرير الموقف" من خلال تأييدها لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في 2007.
واعتبرت الرئاسة أن موقف الحكومة الإسبانية الجديد "يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية كقوة مديرة للإقليم".
موقف إسبانيا
ومن جهتها نددت إسبانيا بقرار الجزائر تعليق اتفاق التعاون بين البلدين، بعدما غيرت مدريد موقفها من قضية الصحراء ليتماشى مع الموقف المغربي.
وأوضح مسؤولون أن "الحكومة الإسبانية تأسف لإعلان الرئاسة الجزائرية تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون".
وأكدت إسبانيا التزامها الكامل بمضمون المعاهدة والمبادئ التي تقوم عليها، والواردة في ديباجتها، ولا سيما الاحترام الصارم لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون كعناصر أساسية لصون السلام والأمن والعدالة في المجتمع الدولي، وخصوصا مبادئ المساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وفيما شدد مسؤولون على أن الجزائر دولة مجاورة وصديقة، مؤكدين استعداد إسبانيا الكامل للاستمرار في الحفاظ على علاقات التعاون الخاصة بين البلدين وتنميتها.
بداية الأزمة
في 18 مارس الماضي أعلنت إسبانيا، دعمها للمبادرة المغربية، والتي تمنح منطقة الصحراء المتنازع عليها حكماً ذاتياً تحت سيادة المملكة، واعتبرت المبادرة الأساس "الأكثر جدية وواقعية ومصداقية" من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء، إذ تقترح المبادرة منح أقاليم الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية، فيما تطالب البوليساريو وتدعمها الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.
ولكن الموقف الإسباني قُوبل باستهجان من جانب الجزائر، التي تستضيف جبهة البوليساريو وزعماءها على أراضيها، واستدعت الجزائر سفيرها لدى مدريد، واعتبر حزب جبهة التحرير الوطني الخطوة الإسبانية "خيانة تاريخية"، وقالت الصحف الجزائرية إن الحكومة الإسبانية الحالية تفضل "لعبة الابتزاز".
وأصدر حينها مجلس الأمة الجزائري بيان استنكر فيه التوجه الاسباني وقال: "إن جنوح موقف الحكومة الإسبانية وتماهيه مع الطروحات المخزنية، يعد منافيا للواقع على الأرض وللأعراف ومفاهيم القانون الدولي الرافضة لكل أشكال الاستعمار والهيمنة، ويطرح علامات استفهام حول المقاصد الحقيقية لهذا التحول المشبوه الذي تٌقايض فيه المصالح بحق الشعوب في تقرير مصيرها".
صراع الصحراء الغربية
تمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
بدأ النزاع فعلياً عام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية، اتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا، والتي اقتسم بموجبها البلدان الجاران الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسسوا جبهة البوليساريو، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال، وصعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما اتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.
وتعزز موقف المغرب بتخلي ليبيا منذ 1984 عن دعم البوليساريو وانشغال الجزائر بأزمتها الداخلية.
أطول الصراعات السياسية
وتعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم.، إذ لجأ خلال هذه الحرب الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.
ويتباين تقدير عددهم حيث ينسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية القول إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و125 ألف لاجئ.
وتشير وكالات الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظل ظروف صعبة.
وقد تمكنت الأمم المتحدة من فرض وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو عام 1991 دون التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع حتى الآن.
وتمت إقامة منطقة عازلة بطول المنطقة المتنازع عليها، لتفصل بين الجزء الخاضع للإدارة المغربية والجزء الذي تسيطر عليه الجبهة. وتضطلع قوات حفظ السلام الأممية بتأمين المنطقة.
وتنعم الصحراء الغربية بمناطق غنية للصيد واحتياطيات الفوسفات، كما يُعتقد أنها موطن لمخزونات نفطية بحرية غير مستغلة.
وتحظى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي أعلنت جبهة البوليساريو عن قيامها عام 1976 باعتراف حكومات عدة، كما أنها عضو في الاتحاد الإفريقي.
وقد تمكنت الأمم المتحدة من فرض وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو عام 1991 دون التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع حتى الآن.
وتمت إقامة منطقة عازلة بطول المنطقة المتنازع عليها، لتفصل بين الجزء الخاضع للإدارة المغربية والجزء الذي تسيطر عليه الجبهة. وتضطلع قوات حفظ السلام الأممية بتأمين المنطقة.
وتحظى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي أعلنت جبهة البوليساريو عن قيامها عام 1976 باعتراف حكومات عدة، كما أنها عضو في الاتحاد الإفريقي.
جبهة البوليساريو
تأسست جبهة البوليساريو في 20 مايو/ أيار 1973 بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية.
ويشير اسم بوليساريو اختصاراً إلى الأحرف الأولى لـ" الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" باللغة الإسبانية.
وبدأ النشاط العسكري للبوليساريو أثناء الاستعمار الإسباني للمنطقة وقد تلقت مساعدات من ليبيا والجزائر.
ثم خاضت نزاعا مسلحا، مع كل من المغرب وموريتانيا، بشأن استقلال الإقليم، لكن موريتانيا قامت من جانبها بالانسحاب من جنوب الصحراء الغربية.
وأعلنت ما بين 1975 و1976 تأسيس "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وشكلت حكومة في منطقة تندوف بأقصى الجنوب الجزائري.
وتولى رئاسة الجبهة مصطفى سيد الوالي الرقيبي لمدة ثلاث سنوات منذ تأسيسها عام 1973 حتى مقتله في 9 يونيو/ حزيران 1976 خلال هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، فخلفه محمد عبد العزيز أمينا عاما للجبهة ورئيساً لمجلس قيادة الثورة من أغسطس/ آب 1976 حتى وفاته في مايو/أيار عام 2016 ليتولى القيادة إبراهيم غالي.