في زيارة مرتقبة.. آخر مستجدات تونس في محادثاتها مع صندوق النقد الدولي
تسعى تونس للخروج من أزمتها الاقتصادية الحادة، من خلال تحقيقها لطلب مساعدات من صندوق النقد الدولي، وخلال الشهور الماضية جرت مناقشات واسعة بين تونس والصندوق حيث بات الحديث عن مفاوضات صندوق النقد الدولي يأخذ مساحة كبيرة من النقاش بين الأوساط السياسية والاقتصادية في تونس، وعلي ضوء ذلك هناك زيارة مرتقبه من صندوق النقد الدولي إلى تونس.
وفد من النقد الدولي يزور تونس الأسبوع القادم
قال خبير اقتصادي، الإثنين، إن وفدًا من صندوق النقد الدولي سيزور تونس الأسبوع المقبل.
واستبعد الخبير، أن تتوصل تونس إلى اتفاق مع النقد الدولي نهاية شهر جوان الجاري، واعتبرا أن البرنامج الاصلاحي الذي أعدته الحكومة يفتقر فيه خطوط عريضة فقط ويفتقرإلى الآليات العملية والوضوح.
وبعد جولة من المحادثات مع صندوق النقد الدولي، تقترب تونس من التوصل إلى اتفاق نهائي سعيًا لتجاوز الوضع الاقتصادي المعقد.
وتقول وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، إن بلادها تبذل جهودًا حثيثة لتسريع الإصلاحات الاقتصادية ووضعها حيّز التنفيذ بالتشاور مع شركائها من المنظمات الوطنية سعيًا لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب، الذي تعيشه الدولة منذ سنوات، وزادته سوءا أزمة وباء كورونا وتداعيات حرب أوكرانيا.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجوفيا، إن "المحادثات الجارية بين الصندوق والحكومة التونسية تسير بنسق مُرض إلى حد ما وهي تنبئ بقرب التوصل إلى اتفاق نهائي، إلا أن المؤسسة المالية الدولية تحتاج لمزيد من الوقت لفهم طبيعة الإصلاحات التي ستنفذها حكومة نجلاء بودن، وبناء على ذلك سيحدد الصندوق موقفه من دعم تونس خاصة فيما يتعلق بالدين الخارجي".
شروط صندوق النقد الدولي
ويذكر أن صندوق النقد الدولي يشترط على الحكومة التونسية إصلاحات تتعلق بالمالية العمومية وتخفيض كتلة الأجور وإعادة هيكلة المؤسسات العامة ومراجعة منظومة دعم المواد الأساسية وتحسين مناخ الأعمال، بينما تحتاج تونس حسب قانون المالية لسنة 2022 إلى تمويلات خارجية تقدر بـ12 مليار دينار، منها 4 ملايين دينار من صندوق النقد.
ولأن تونس لا تملك خياراً آخر في الوقت الراهن، كونها تواجه أزمة اقتصادية خطرة مع ديون تزيد عن 100% من الناتج المحلي الإجمالي وتضخم مرتفع، فهي ستوافق على شروط الصندوق، وهذا له تأثيره على الجبهة الاجتماعية، الأمر الذي جعل المراقبين يتوقعون اتجاه تونس نحو زيادة الأزمة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية.
اجتماعات الربيع
وعرض الوفد التونسي خلال اجتماعات الربيع مع صندوق النقد الدولي، ممثلاً بوزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد وعدد من الخبراء، أبرز ملامح البرنامج الإصلاحي الاقتصادي للحكومة التونسية وخطتها لمجابهة الصعوبات المالية والاجتماعية في البلاد.
تونس تجري محادثات جديدة مع النقد الدولي
قال وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد إن وفدًا تونسيًا سيتوجه إلى واشنطن لإجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي، مضيفًا أن خطة الإصلاح التونسية جاهزة.
ويأتي إعلان الوزير التونسي في خضم جدل بين الحكومة واتحاد الشغل التونسي بشان الإصلاحات الحكومية والتي تعتبرها المنظمة العمالية الأبرز في تونس خطيرة على الطبقات الفقيرة.
وتأمل تونس، التي تمر بأكبر أزمة مالية في تاريخها، في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد مقابل تنفيذ إصلاحات لا تحظى بشعبية بما في ذلك خفض الدعم وتجميد الأجور لتجنب انهيار ماليتها العامة.
رفض الاتحاد العام التونسي للشغل
وتلقي الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم حكومة نجلاء بودن عرضها على صندوق النقد الدولي معارضة شديدة من الاتحاد العام للشغل، إذ أكد أمينه العام المساعد أنور بن قدور، أن "اللقاء الذي جمع ممثلين عن الاتحاد وصندوق النقد الدولي كان مناسبة أبرز خلالها الاتحاد تحفظاته على البرنامج الحكومي المقدم للصندوق، بخاصة في ما تتعلق برفع الدعم وتجميد الانتدابات والأجور".
وأوضح أن "أبرز مؤاخذات الاتحاد على مقترح الحكومة أنه لا يمثّل برنامجاً اقتصادياً، بل هو مجرد حزمة من الإجراءات التقنية المحاسبية التي لا تهدف إلى إصلاح الوضع الاقتصادي ولا تتضمن أية رؤية".
وأشار إلى أن "الحكومة لا تمتلك نظرة اقتصادية، مما يفسر العجز عن مواجهة الغلاء والتضخم والبطالة. وأكد أن "الاتحاد متمسك بإصلاح الشركات الحكومية، غير أن الحكومة لم تقدم إلى الآن أي تصور للإصلاح".
صندوق النقد الدولي: المباحثات الفنية مع تونس تحرز تقدمًا
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، إن «المحادثات الفنية للصندوق مع تونس تحرز تقدمًا».
وعبر في مؤتمر صحفي عن الأمل في أن تبدأ المحادثات على برنامج جديد مع السلطات التونسية «قريباً»، دون أن يحدد توقيت المناقشات بين الخبراء.
وقال صندوق النقد الدولي، إنَّه أحرز "تقدماً جيداً" في المحادثات مع تونس، والتي تستهدف في نهاية المطاف إقرار حزمة إنقاذ محتملة لتفادي ما يخشاه خبراء الاقتصاد من أزمة في المالية العامة للبلاد يتسارع اقترابها.
وأتم الصندوق اجتماعات على مدى أسبوع عبر الإنترنت مع مسؤولين تونسيين للاستماع إلى تفاصيل الإصلاحات الاقتصادية المقترحة المطلوبة للحصول على المساعدات.
وقال الصندوق في بيان: "أحرزنا تقدّماً جيداً، وسنواصل مناقشاتنا خلال الأسابيع المقبلة لبحث آفاق تقديم الدعم المالي المحتمل من صندوق النقد الدولي".
وقالت الحكومة التونسية، إن البنك الدولي سيُقرض تونس 400 مليون دولار، ويقول دبلوماسيون، إنَّهم يستبعدون الاتفاق على حزمة إنقاذ قبل حلول الصيف، وهو إطار زمني ربما يسبب مشكلات للسلطات.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى "التحديات البنيوية الكبرى" التي تواجه تونس في ظل "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية".
وأضيف إلى تلك الصعوبات الكبيرة تأثير الحرب في أوكرانيا التي تسببت في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، لا سيما أن أوكرانيا وروسيا هما الموردان الرئيسيان للقمح إلى المغرب العربي.
وذكّرت المؤسسة أن برنامج السلطات التونسية الإصلاحي يجب أن يؤدي إلى حلّ اختلالات الاقتصاد الكلي بشكل مستدام، والتخفيف من تداعيات الحرب في أوكرانيا على المدى القصير.
واعتبر صندوق النقد الدولي أن من الضروري إدخال إصلاحات عميقة على الشركات العامة لتقليص الاختلالات واستعادة القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي.
وشدد الصندوق على أن "المبادرات التي تهدف إلى تعزيز المنافسة ومناخ الأعمال ستكون أساسية أيضا من أجل تحرير إمكانات النمو في البلاد واستحداث الوظائف".
وقدمت الحكومة التونسية في تشرين الثاني/نوفمبر طلب مساعدة جديدا للمؤسسة التي تتخذ مقرا في واشنطن. وجرت مذاك نقاشات "فنية"، ويشترط الصندوق أن تكون المساعدة مقترنة ببرنامج إصلاحات اقتصادية وبنيوية، ولكن الوقت ينفد لأن تونس تواجه أزمة اقتصادية خطرة مع ديون تزيد عن 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وتضخم مرتفع.
أزمة مالية
تواجه تونس أزمة تتعلق بتمويل ميزانيتها للعام الحالي، وسداد مدفوعات الدين العام، كما تأجلت محادثاتها مع الصندوق بسبب أزمة سياسية ناجمة عن استئثار رئيس البلاد قيس سعيد بجميع السلطات منذ الصيف الماضي بعد تعليق عمل البرلمان.
وحذّر محافظ البنك المركزي، من أنَّه إذا عجزت تونس عن الحصول على التمويل؛ فإنَّها ستواجه سيناريو يشبه ما حدث في لبنان وفنزويلا، حيث انهارت المالية العامة.
وقال المانحون الغربيون ودول الخليج التي أنقذت تونس مراراً خلال السنوات الماضية، إنَّ أي مساعدة أخرى ستتطلب اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي.
وتأمل تونس، التي تمر بضائقة مالية خانقة، باتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على الحصول على الضوء الأخضر من الصندوق لتلقي تمويلات من بقية المؤسسات المالية الدولية.
وتعثرت المفاوضات مع الحكومات السابقة إلى درجة أن صندوق النقد الدولي أوقف إكمال منح تونس بقية مستحقات القرض المتحصل عليه في 2016 والبالغ حوالى 1.7 مليار دولار، بسبب عدم إنجاز الحكومات السابقة الإصلاحات الاقتصادية التي التزمتها.
وسبق لبعثة صندوق النقد الدولي أن أجرت زيارة افتراضية إلى تونس من الـ 14 وحتى الـ 22 من فبراير 2022، لمواصلة المحادثات مع السلطات التونسية حول جملة الإصلاحات التي تنوي تونس تنفيذها بهدف الانطلاق في برنامج تمويل جديد مع الصندوق.
وتمر تونس بأزمة اقتصادية تحولت إلى أزمة مالية خانقة قلصت هامش تحركها، بخاصة صعوبة انفتاحها على الأسواق المالية العالمية من أجل تعبئة الموارد الضرورية لتمويل موازنة 2022.