إضراب البازاريين بإيران مسمار جديد في نعش النظام
لم يترك النظام الإيراني فئة إلا وخرجت ضده/ وكان آخرها إضراب البازاريين بإيران، و“بازار” مفردة فارسية تعني السوق، أو بالأحرى السوق الكبير، وهو مكان للبيع والشراء، غير أن البازار في إيران تحوّل عبر القرون إلى مؤسسة اقتصادية تقوم بدور توزيع السلع والمنتوجات على نطاق واسع، وتمثل الرأسمالية التقليدية في إيران.
“رئيسي الكذاب ما هي حصيلة وعودك” و”البرلمان والحكومة يكذبان على الشعب” و”إلى متى التخاذل؛ اما الموت واما الحياة”
خرج السبت 18 يونيو/حزيران البازاريون والكسبة في مختلف المدن للاحتجاج على الغلاء ومضاعفة الضرائب الجائرة، مع استمرار اضراب البازاريين بإيران.
كما قام أصحاب المتاجر في مجمع كاشاني التجاري في طهران بالإضراب أيضا، وحضرت القوات القمعية الموقع لإرغام الكسبة على كسر الإضراب اضراب البازاريين بإيران، غير أن البازاريين المحتجين وردا على هجوم عناصر الشرطة رددوا يا عديم الشرف واعتقلت قوات القمع عددا من البازاريين.
وفي أصفهان واصل إضراب البازاريين بإيران في 8 نقابات منها سوق لباف ها في “نقش جهان” وأسواق الموبايلات في شوارع بزركمهر واحمد آباد وفردوسي وسوق المستلزمات المنزلية في شارع هاتف وسوق باعة الأقمشة في شارع ابن سينا وسوق سبزه ميدان وسوق تجار العمدة.
كما أضرب البازاريون في كل من لنجان وخرم آباد وأراك وهنديجان ونورآباد ممسني وكوهجنار بمحافظة فارس وباعة الذهب في يزد للاحتجاج على الغلاء والضرائب الجائرة.
ويأتي بعد أن واصل التجار وأصحاب المحلات التجارية في مفترق طرق أمين حضور بالعاصمة طهران، اليوم الاثنين 13 يونيو/حزيران، إضرابهم لليوم الثاني، من اضراب البازاريين بإيران وحاولت القوات القمعية إجبارهم على فتح المتاجر، لكنها فشلت.
كما انضم أصحاب متاجر لاله زار في طهران إلى الإضراب احتجاجًا على ارتفاع الأسعارضمن اضراب البازاريين بإيران والضرائب الباهظة، داعين أصحاب المتاجر الآخرين إلى الإضراب تحت شعار “اغلقوا!”
كما دخل تجار سوق كازرون في إضراب، وأغلقوا متاجرهم وساروا في منطقة السوق. لم تتحقق تهديدات وإغراءات القوى القمعية لمنع الإضراب.
دخل بازار أراك في اليوم الثاني من اضراب البازاريين بإيران وسار البازاريون بشعار “أيها البازاري صاحب النخوة المطلوب دعمك” داعين زملائهم للانضمام إلى الإضراب. وانضم إليهم عدد من أهالي أراك.
الإيرانيون الأحرار يتظاهرون دعماً للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
تجمع الإيرانيون المقيمون في فيينا، أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ظهر يوم الجمعة، 17 حزيران / يونيو، في ساحة ستيفان بلاتز في فيينا، دعما لمظاهرات الشعب الإيراني ضد نظام الملالي.
وكان الحدث جزءًا من سلسلة مسيرات على مستوى البلاد للإيرانيين في أوروبا، بما في ذلك مدن باريس (فرنسا) وكوبنهاغن (الدنمارك) وستوكهولم (السويد) وبوخارست (رومانيا) ولاهاي (هولندا).
إن تضامن الجاليات الإيرانية مع انتفاضة الشعب الإيراني يحدث في ظل حالة اسُتغلت فيها قطاعات مختلفة من الشعب الإيراني من قبل استبداد ونهب واستغلال نظام الملالي.
وتتسارع الاحتجاجات الاجتماعية على الرغم من القمع الواسع النطاق. أصبحت المظاهرات والانتفاضات والحركات الاحتجاجية الآن أمرًا يحدث يوميًا في إيران.
وكان الشعار الإيراني في فيينا هو "الشعب الإيراني لا يريد نظام الملالي ولا القنبلة النووية". يريدون جمهورية حرة وديمقراطية وعلمانية ". وهتف المتظاهرون: "عدو شعب إيران: الشاه والملا تسببا في القتل والسجن: الشاه والملا".
وأعلنوا دعمهم للاحتجاجات في عموم إيران، ونددوا بجرائم نظام الملالي، بما في ذلك قمع المتظاهرين واعتقال العشرات من النشطاء السياسيين، وطالبوا بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.
ودعت الجالية الإيرانية في النمسا الحكومة النمساوية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى إدانة قمع نظام الملالي للشعب الإيراني.
وحيت السيدة مريم رجوي المتقاعدين والبازاريين المنتفضين الذين رفعوا مرة أخرى اليوم صوتهم في مختلف المدن للمطالبة باستعادة حقوقهم المؤكدة في الحياة والحرية رغم اقتحامات القوات القمعية وقالت إن وقوفهم بوجه الاعتقالات والاعتداءات بالضرب يدلل على حقيقة أن الشعب الإيراني عقد عزمه لإسقاط نظام الملالي ولا يخاف شيئا.
نشأة البازار
تعود نشأة البازار إلى ما قبل الإسلام، وبالتحديد إلى عهد السلالة الساسانية، غير أنها استقرت وتطوّرت بعد الإسلام، من حيث الطراز المعماري وأسلوب التجارة، وقد تضاعف وتوسّع هذا الدور بعد احتكاك إيران بالغرب، ودخول الصناعات الحديثة إلى البلاد، وأصبح للبازار تأثير سياسي بارز في العصر الحديث، ويتكوّن البازار في المدن الإيرانية العريقة من عدة دهاليز مسقوفة، تحتوي على عدة دكاكين، يسمون كلّ واحد منها بالفارسية ” حجرة”، وهي مأخوذة من (الحجرة) العربية.
إذاً يمكننا الحديث هنا عن مثلث يتوسط الدائرة للمدن الكبرى في إيران، ويشكّل مركزها وقلبها الاقتصادي والسياسي والديني النابض عبر التاريخ، وهو يتألف من ثلاثة أضلاع: البازار، والمسجد، والقلعة (1)، يرمز الأول إلى الشعب ونشاطه الاقتصادي، والثاني إلى السلطة الروحية ونشاطها الديني، والثالث إلى السلطة الزمنية ونشاطها السياسي.
البازار والسياسة
أما جغرافيّاً فتقع هذه الثلاثة بالقرب من بعضها البعض، كما نشاهد ذلك على سبيل المثال في العاصمة الإيرانية طهران، حيث يقع البازار بالقرب من الجامع الكبير (مسجد الشاه قبل الثورة ومسجد الإمام بعدها)، وقلعة “ارك”، ومن ثم قصر جولستان الذي حل مكان القلعة بالتدريج، بالإضافة إلى طهران، يوجد حاليا “بازار” أو أسواق كبرى مركزية في كل من مدن أصفهان، وكاشان، وكرمان، وتبريز، ويزد، وقزوين، وشيراز، كرمانشاه، وأراك، وجميعها تتشابه في طرازها المعماري القديم التقليدي، ويلعب البازار في هذه المدن وعواصم الأقاليم الأخرى، نفس الدور السياسي الذي يلعبه في طهران مع الفارق، وهو أن لبازار طهران دوراً اقتصادياً وسياسياً رئيسياً يتخطى جغرافية العاصمة الإيرانية.
فمنذ القرن 16 حتى القرن 18، كان لتحالف المؤسسة الدينية الشيعية والبلاط الملكي دور مهم في الهيمنة السياسية على العباد والبلاد، وذلك من خلال تعزيز ودعم حكم “الشاهات” في الإمبراطورية الصفوية، لكن أخذ البازار يلعب دوراً سياسياً بارزاً إلى جانب البلاط والمؤسسة الدينية خلال الإمبراطورية القاجارية، إثر رواج العلاقات الرأسمالية الوافدة من الغرب، وقد استمر الأمر على ذلك المنوال حتى قيام الثورة الإسلامية في فبراير 1979، إذ تغيّرت، خلال هذه الفترة التاريخية، التحالفات بين أضلاع المثلث: البازار، القصر، والمسجد، فلم يفقد البازار دوره السياسي الفاعل بعد الثورة، بل شهدت الساحة الاجتماعية تقسيماً جديداً للفئات والطبقات الاقتصادية، بمن فيهم التجار وأصحاب المحلات في البازار، مما أدى إلى اصطفافات سياسية مختلفة.
وعندما نتحدث عن “البازار في إيران” نقصد بذلك مؤسسة البازار التي تضم الأسواق الكبرى في المدن الكبرى، مع التركيز على “بازار طهران” الذي له حصة الأسد في الاقتصاد الإيراني، مما يمنحه تأثيراً سياسياً أكبر على مستوى البلاد.