مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أحمد علي يكتب: هل يتجه العراق إلى الفوضى أم إعادة اختراع عراق جديد؟

نشر
الأمصار

بعد ثمانية أشهر من المشاحنات السياسية، نزل السيد مقتدى الصدر من شجرته وقلب الطاولة على الجميع عندما دفع نواب كتلته “الكتلة الصدرية” ال 73 إلى تقديم استقالتهم كخطوة أولى بانتظار سيناريوهات أخرى ربما تكون شديدة التعقيد وحالكة السواد الغريب في هذا الموضع أن بعض القيادات الصدرية كانت تراهن على أن هذه الخطوة هي بمثابة فرصة أخيرة عمرها الزمني 45 يومًا من السيد مقتدى الصدر إلى الإطار ربما يذهبوا إلى ترك شجر السلطة المتعلقين بأغصانها والعودة إلى تقديم بعض التنازلات التي تدفع السيد مقتدى الصدر إلى لإعادة النظر في قرار انسحاب نواب الكتلة الصدرية. على ما يبدو ومن خلال تسريبات من هنا وهناك فان القيادات الإطارية قد استحسنت انسحاب الصدر من البرلمان وبدأت في إرسال وفود منها إلى حلفاء السيد مقتدى الصدر في أمل أن يكون ثمة اتفاق ينجب حكومة توافقية جديدة ترضي الأطراف والقوى الإطارية وتسعد إيران الداعم الرئيسي للإطار التنسيقي  في ذات السياق يرى فريق آخر ويؤكد أن هذه الخطوة سوف تتبعها خطوات تصعيدية لاحقة سوف يعمد لها السيد مقتدى الصدر كجزء من سياسته المعتادة في استخدام خياره المفضل في دعوة اتباعه إلى النزول للشوارع وإعادة انتخابهم البرلمانيين الصدريين، على أمل الحصول على أغلبية لحكم العراق دون منازع من قبل القوى الشيعية الأخرى. وهذا لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها دون نوع من المواجهة التي ستخلق بلا شك الفوضى وعدم الاستقرار والاضطرابات الداخلية في العراق.

مما لا ريب فيه أن ثمة مشكلة سوسيولوجية تهيمن على العقل العراقي الذي يرهن ويراهن دائما عند كل خلاف بين أطراف مكوناتية أو حزبية على استحضار خيار المواجهة المسلحة أو فكرة الحرب الأهلية  ولعل هذه المشكلة قد تشكلت بعد عام 2003 لأسباب كثيرة جدا وأهمها شيوع السلاح  صناعة الجماعات المسلحة وتشرذمها إلى جماعات ثانوية كثرة المواجهات المسلحة بين الأحزاب سواء الشيعية-الشيعية أو الشيعية-السنية وحتى مع الأكراد الذين لديهم كذلك تاريخ طويل من حروب الدم .يمكن تفسير سبب هذا المشكلة خصوصا بعد تكرار عبارة “النزاع المسلح” و الحرب الأهلية الشيعية-الشيعية في آخر دورتين انتخابات على لسان رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي يوصف في داخل أروقة القيادات برجل صناعة الأزمات وخلق المطبات وشرذمة الواقع الشيعي, نوري كامل المالكي بمجرد ذكر هذا الاسم فأننا نستحضر كمية وعددية الازمات التي كان صانعها او طرف أصيل منها, والذي يبدو أن يتمتع بدعم إيراني كبير تمثل في دعمه والإصرار على دفع كثير من الأحزاب الشيعية للانخراط في منظومته التي أطرت بما يعرف اليوم بالإطار التنسيقي الشيعي.
بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية فاز التيار الصدري فيها ب 73 مقعداً من أصل 329 مقعدا، وهو ما يمثل أعلى عدد بين جميع الأحزاب السياسية الأخرى شيعية، سنيه او كردية, هذا الفوز دفع السيد مقتدى الصدر إلى الاعتقاد بانه سيكون قادر على اختيار رئيس البرلمان ,رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بالاتفاق مع تحالف السيادة السني وتحالف الديمقراطي البرزاني الكردي. ثمة أكثر من رأي يطرح لمناقشة ما يريده السيد مقتدى الصدر  فيوجد طيف واسع من العراقيين والعرب وحتى أجانب ينظروا إلى أن سبب استبعد الزعيم الصدري مقتدى الصدر جميع الأحزاب الشيعية الأخرى لأجل أن يصبح الحاكم الشيعي الوحيد للعراق, بينما ينفي هذا الرأي مبادراته بزيارة جميع الأحزاب الشيعية, وطلبه منهم الانضمام إليه من دون رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي في رفع السيد مقتدى الصدر (الفيتو) عن المالكي في وقت لاحق، لكن يبدو ان العداء ظل قائما والخلافات الشديدة القديمة والآثار السلبية لحكم السيد نوري المالكي حاضرة وبقوة). حاول السيد مقتدى الصدر ضم بعض القوى الشيعية الى تحالفه دون المالكي، وبالتالي يمكن السيطرة عليهم وهذه الفكرة لم تستحسنها إيران التي تشعر بقلق كبير نتيجة تغريدات ومواقف السيد مقتدى الصدر.
اعتقد السيد مقتدى أن الاتفاق التضامني الذي أبرمه قبل الانتخابات مع السيد هادي العامري (زعيم جماعة “الفتح” الذي يتمتع بشعبية ومكانة سياسية يقدرها الصدر) كان خطوة ذكية للحفاظ على مسافة من الأحزاب الشيعية الأخرى الموالية لإيران. ومع ذلك، استخدم العامري حق النقض (الفيتو) ضد الاتفاق وانضم إلى ائتلاف الأحزاب الشيعية بشكل جماعي في إطار “إطار التنسيق”. وفي وقت لاحق، تم تشكيل كتلة شيعية، طلبت من الصدر الانضمام إلى الجماعات للمشاركة في الحكومة وفقًا ل “حجمه البرلماني”. وهذا بالضبط ما رفضه زعيم التيار الصدري منذ البداية.
لاحظ السيد مقتدى الصدر النفوذ الذي بناه المالكي طوال فترتي حكمه كرئيس للوزراء. ظهر ذلك في أول اجتماع لمجلس النواب عندما افتعل محمود المشهداني احداث دراماتيكية في اول جلسة لتعطيلها بعد أن اتهم أحد نواب التيار الصدري بالاعتداء عليه. كان الهدف من هذه الحركة هو تفجير الاجتماع ومنع الكتلة الصدرية من نفسه كأكبر كتلة برلمانية في داخل مجلس النواب، ومع ذلك كسب التيار الصدري الجولة واستطاع وضع السيد حاكم الزاملي نائب أول لرئيس مجلس النواب وسارت الجلسة بانتخاب محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب مع انتخاب مرشح الديمقراطي البرزاني الكردي لمنصب النائب الثاني شاخوان عبد الله.

أدرك قيادات الإطار التنسيقي مجتمعين أن التيار الصدري قد كسب معركة أخرى وأصبح الوضع في داخل الإطار التنسيقي شديد التعقيد والتباين  وكثرة الآراء والتوجهات بشأن الموقف من الذهاب مع السيد مقتدى الصدر أو البقاء داخل الإطار الجامع لكل القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري , وهذا سبب قلق كبير للمالكي وازدادت مخاوفه وبدأ بالتغريد عبر حسابه الشخصي عن قوة تماسك الإطار ومتانة التحالف فيما بينهم  في الوقت ذاته كانت جيوش ومدونين التابعين له (المالكي) وبعض الجماعات المسلحة المقربة منه تشن حملات الإلكترونية ضد رئيس كتلة الفتح السيد هادي العامري وتتهمه بأنه يريد اللحاق بتحالف السيد مقتدى الصدر وهذا مما دفع بعض القيادات الأخرى في منظمة بدر إلى الذهاب باتجاه طهران ونقل خلافتهم الداخلية إلى قيادات إيرانية في الاطلاعات والحرس الثوري وأثمر هذا التوجه على وضع هادي العامري تحت ضغط كبير دفعه بالنهاية إلى البقاء في داخل قوى الإطار التنسيقي وعدم الالتزام بما وقع عليه مع السيد مقتدى الصدر في ما عرف بميثاق الشرف. الإطار التنسيقي كان بحاجة إلى وضع خطة تكتيكة لأجل عرقلة حركة السيد مقتدى الصدر والذي يبدو أنه كان جاد تماما في المضيء بقوة لإكمال مشروعه في تشكيل حكومة أغلبية وطنية كما يصطلح عليها والى حد ما يفسر هذا الأمر عودة السيد نوري المالكي لاستخدام ورقة القضاء كما فعل سابقا عندما تسبب في مشكلة كبيرة بالتعاون مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق مدحت المحمود عندما اجتهدوا في تفسير تعريف الكتلة الأكبر بما لا يناسب القائمة العراقية آنذاك وليكرر رئيس مجلس القضاء الحالي السيد فائق زيدان نفس النهج السابق؛ شرع في إصدار تعريفات قانونية لكثير من المواد شكلت تباعا عراقيل ومطبات امام تشكيل الحكومة الأغلبية برغم أن المحكمة الاتحادية أجابت عن إشكالية الأكبر سنًا بعد المشهداني، وقالت من القانوني لرئيس آخر تولي الجلسة وتأمينها. وأشاد السيد مقتدى الصدر بقرار المحكمة الذي أعلن قانونية التصديق على جميع النواب الذين يتولون مهامهم فما الذي حصل بعد ذلك؟

بين الداخل العراقي والفاعل الاقليمي .

قبل الإجابة عن السؤال الأخير أن تكون نظرة واقعية على شكل العلاقة بين السيد مقتدى الصدر وإيران فهذا الأمر كان أحد العوامل الرئيسية في تغيير بوصلة التحالفات لصالح المالكي. لقد بدا واضحا أن السيد مقتدى الصدر كان منزعجًا بشكل كبير من التدخلات الإيرانية وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال تغريدات السيد مقتدى الصدر وتأكيده المستمر على حكومة الأغلبية الوطنية  وشعار (لا شرقية ولا غربية) في إشارة غير مباشرة إلى إيران والقوى الغربية متمثلة في الولايات المتحدة وحلفائها , وكان هذا الشعار يستفز جمهور الإطار وقيادته بشكل مستمر مما يجعلهم دائمًا يهاجمون شخص السيد مقتدى الصدر بأقبح الأوصاف وأكثرها دونية دون أن يلتفت هذا الجمهور الشيعي والمسؤولين على الذباب الإلكتروني الإطاري أن هذه الممارسات تجذر حالة الخلاف وتوسع من الهوة بين أبناء المجتمع الشيعي ذاته, أما جمهور التيار الصدري فكان الكثير منهم سعيد بموقف السيد مقتدى الصدر من إيران وكان عبارة “ لا شرقية و لا غربية “ تدغدغ مشاعره فتدفع الكثير منهم إلى مهاجمة قوى الإطار وإيران على حد سواء برغم رفض الصدر هذه السلوكيات من اتباعه وطلبه منهم في أكثر من مناسبة التوقف عن الرد على حملات مدونين وجيوش المالكي و بقية قوى الإطار حتى لو كانت تطاله شخصيًا.

أرسل الرئيس برهم صالح والذي كان يمثل خيار الإطار التنسيقي للبقاء في المنصب رئيسًا للجمهورية كتابه إلى المحكمة الاتحادية حول تعريف الكتلة الأكبر، وكان هذا أول تفسير تقدمه المحكمة الاتحادية لم يصب لصالح سيد مقتدى، إذ قدمت المحكمة تفسيرها ل “الكتلة البرلمانية الأكبر” أنها الكتلة التي يمكن تشكيلها من قبل نواب مستقلين وكتل سياسية تجتمع تحت قبة البرلمان في ائتلاف واحد كبير، ومن الممكن إنشاء هذا الائتلاف حتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية ولكن قبل تسمية المرشح لمنصب رئيس الوزراء”. أدى التفسير القانوني للمحكمة الاتحادية إلى خسارة السيد مقتدى الصدر لتعريف الكتلة الأكبر برلمانيًا برغم حصوله عليها 73 نائبا، ومما لا شك فيه أن تفسير المحكمة الاتحادية خدم مصلحة “الإطار التنسيقي”، مما أتاح لها الفرصة — ولكن دون جدوى — لمحاولة التحالف مع المستقلين والسنة والأكراد من أجل هزيمة السيد مقتدى الصدر او على الأقل عرقلة مشروعه في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية الذي نجحوا فيه فيما بعد كذلك بسبب قوانين المحكمة الاتحادية الأخرى. يمكن النظر إلى مشروع السيد مقتدى الصدر بأكمله على أنه محاولة انقاذ العراق من الذاتية الجذرية التحويلية للعرف السياسي لشكل النظام السياسي بعد عام 2003 القائم على نظام الحكم التوافقي بين الأحزاب الفائزة عبر توزيع الوزارات بحسب الاستحقاق من حيث عدد المقاعد ثم توزيع مناصب القيادات العليا الأدنى من الوزير كذلك بطريقة ثنائية تارةً و ثلاثية وبحسب عدد مناصب المدراء بين الكتل الفائزة وتستمر هذه العملية لأصغر وحدة إدارية حتى تنتهي شكل الحكومة الى حكومة لوغاركية تحكم أكثرية جماهيرية بعناوين متعددة. لقد جذب مشروع حكومة الأغلبية الوطنية له اطراف سنية و كردية قبلت بالتحالف مع الصدر وخوض هذه المغامرة التي تهدد وجود أحزاب شيعية مواليه لإيران و أخرى سنيه و اليكتي الكردي الموالي كذلك لطهران , فالشاب محمد الحلبوسي ذو الأصول الأنباريه استطاع ان يشكل ظاهرة لدى المجتمع السني خصوصا بعد فترة داعش من حيث كونه ذو خطاب اتسم طيلة حضوره في مجلس النواب بالخطاب الوطني البعيد تماما عن الطائفية أما مسعود البرزاني فإنه يعلم تماما أن التحالف مع الإطار لن يأتي بالجديد له في إقليم كردستان ولن ينهي الانقلابات المستمرة بعد الاتفاقات عند تشكيل الحكومات السابقة ولأن البرزاني يشعر بشيء كبير من ألم الانكسار بعد فشله في الاستقلال بكردستان كدولة قرر هو الآخر الذهاب إلى التحالف مع الصدر؛ لأنه يعلم تماما أن الصدر يتفرد على الجميع في كونه الشخصية العراقية الملتزمة بكلمته والذي لا يمارس أساليب الغدر أو صناعة المجتمعات العدائية حتى ضد الد خصومه.

نجح التيار الصدري و تحالف السيادة مع الديمقراطي الكردستاني من تشكيل تحالف الأغلبية ب180 مقعد نيابي  وهذا النجاح اعطى اريحية للسيد مقتدى الصدر في المباشرة ببرنامج ترشيح رئيس جمهورية و رئيس وزراء مستثنياً الأطراف التي لا يريدها معه في الحكومة وفي ذات الوقت مثل هذا الرقم الكبير من عدد النواب خوفا شديداً دفع المالكي والاطار مع حلفائهم الاقليمين للبدء بخطة جديدة بغية إيقاف التفوق العددي وإعادة الحالة السياسية الى مستوها الأسبق من الانسداد عندما دفعوا المحكمة الاتحادية خطوة أخرى أبعد من خطوة تعريف الكتلة الأكبر واستطاعوا استخراج قانون قلب قانون الثلثين من المصوتين على رئيس الجمهورية في جلسة مجلس النواب الى شرط ان يكون نصاب حضور الثلثين في جلسة التصويت على رئيس الجمهورية وبهذا افسحت المجال امام نمذجة تجربة لبنان وخلق ما يعرف بالثلث المعطل لأجل إيقاف إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تتمثل مسؤوليته الدستورية في تكليف الكتلة الأكبر بانتخاب رئيس الوزراء, واختار السيد مقتدى الصدر مرشحه، ابن عمه، جعفر الصدر، سفير العراق الحالي لدى بريطانيا, الذي رفض من الاطار ويمكن لنا معاينة الرفض من خلال ملاحظة منشورات وحملات جيوشهم والذباب الالكتروني الذي قام بتجييشه نوري المالكي من عام 2012 على الفيسبوك وثم انتشر في كل مواقع التواصل. شن هذا الذباب الالكتروني هجوماً يفتقر الى الاخلاق حتى وصل الأمر ببعض أعضاء من حزب الدعوة إلى رفضهم هذه الممارسات لشدة هول ما شاهدوه من مستوى المنشورات المنحطة التي طالت السيد جعفر الابن الأكبر للفيلسوف والمفكر الكبير اية الله العظمى محمد باقر الصدر قدس الله سره. اما على مستوى القيادات السياسية فكان القبول مشروطاً بالتوافق وهذا كان رد السيد نوري المالكي على اتصال السيد مقتدى الصدر. لطالما كانت لعبة الهجمات الالكترونية تشكل ورقة ضاغطة بيد القوى الحزبية كمستوى أول يتبعه المستوى الثاني من التفاوض، وهو نوع من اللعب الذي يفتقر إلى الجانب الأخلاقي لأن هذه الجيوش لا مقدس لديها إلا من يمثل مصالحها تحديدا.

إن تاريخ الفكر السياسي مليء بمحاولات تقديم تفسير مقبول للالتزام السياسي من زمن سقراط حتى الوقت الحاضر وبالرغم أن هذه المحاولات والتفسيرات أصبحت بمرور الزمن معقدة بشكل متزايد حتى أصبح فك الالتباس بين الالتزام والإلزام في السنوات الأخيرة أمرا أشبه بالمستحيل, فإذا كان الالتزام لهذا الطرف أو ذاك يمثل مشكلة كبيرة فما بالك أن نجد السيد مقتدى الصدر قد نقل مستوى برامجه إلى مرحلة الإلزام عندما قرر أن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة الأغلبية الوطنية وتعهد بتحقيق هذا الهدف الكبير؛ ولهذا شاهدنا ان المساحة كانت بعيدة جدا عن القوى الشيعية التي كررت التزاماتها السابقة في الحفاظ على العرف السياسي القائم على التحاصص والتغانم.

مما لا شك فيه أن حالة الإلزام التي أدخل السيد مقتدى الصدر نفسه فيه كان تحتاج إلى دراسة أعمق ومشورات وبحوث واستقصاءات عدة تتوج بالنهاية في برنامج أكثر مرونة مع الظرفية السياسية التي يمر بها البلد على الرغم من كون هذا التوجه الشجاع يمثل الحالة الوحيدة المضيئة في عراق ما بعد2003 وهي تحسب له بكل تأكيد ولكن انعكاساتها كنت كبيرة وهذا ما شاهدناها بالتحديد في حالة السيد مقتدى الصدر عندما قرر الذهاب في جلسة التصويت على رئاسة الجمهورية مع حلفائه إلى البرلمان دون النظر إلى الأحزاب الكردية الشيعية والسنيه وما يعرف بالمستقلين الذين اثبتوا بالدليل ان علاقة بالاستقلال فقط علاقة بالاسم تحديدا معتمدا على أدوات شخصيات لم تكن بالمستوى المطلوب من الحرفية في جمع ما يلزم لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي وصل فيها عدد الحاضرين الى 202 نائب فقط , مما أدى الى دخول العملية السياسية غرفة الإنعاش و دخول العراق في مأزق سياسي خطير. لقد اعتقد السيد مقتدى الصدر أنه هدفه كان قابلا للتحقيق بدون ان يكون ثمة حل حقيقي للمشكلة الكردية قبل المشكلة الشيعية , فين البرزاني والطالباني تاريخ من الصراع الذي اصطبغ في بعض السنين بالدم في ما عرف بحرب الاخوة . ثمة حساسية تاريخية لا يمكن القفز فوقها فعشيرة طالباني في السليمانية و تعتبر الخصم السياسي لبارزاني حاكم أربيل في كردستان الذي يريد احتكار السلطة الكردية وحدها واستبعاد السليمانية من أي منصب سياسي مهم حتى تظل أربيل المصدر الوحيد للسلطة.

أصر السيد مقتدى الصدر على عدم مشاركته مع بقية القوى الشيعة الأخرى لإلغاء المحاصصة السابقة. ورفض السيد مقتدى الصدر اقتراح بارزاني، الذي اقترح توافقا مع الأحزاب الشيعية الأخرى لتشكيل حكومة وفتح الوضع السياسي الراكد. لقد كان رفض السيد مقتدى الاقتراح لأنه رفع مستوى التوقعات منذ البداية وهذا ما قصدته سابقا بالإلزام السياسي، وهذا من شأنه ان يدفعه الى مضاعفة الجهود والتي كانت تترجم بشكل جاهل على انها مواقف ضعف للسيد الصدر أمام العديد من العراقيين، بالتأكيد باستثناء أبناء التيار الصدري المخلصين. لقد بدى واضحا ان السيد مقتدى الصدر بالفعل يريد ان يقدم نموذج من التحكم بالقرار وعدم قبول أي صفقات تدار في الكواليس عندما اشتبك نائب رئيس البرلمان السيد حاكم الزاملي وهو أحد نواب التيار الصدري، مع رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي حول السلطة وحول من هو صانع القرار الفعلي.

وكانت هذه المؤشرات مشجعة جدا للقرار السياسي العراقي بالعموم والشيعي كذلك على صعود قوى سياسية قادرة على الإمساك بكل مفاصل الخلل والضعف التي يعاني منها النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 , لكن جماهير خصوم الصدر من الاطار كان لا يريدوا اي نجاح يحققه السيد مقتدى الصدر مهما كان وضد اي طرف حتى لو كان أعد أعدائهم  والأمر كذلك بالنسبة للعلمانيين والمدنيين الذي كانوا على مستوى من الجهل والتشدد في رفض أي قرار بحيث أنهم تقاسموا مع جمهور الإطار الشيعي الذي كان يعاني من متلازمة وعقدة نفسية اسمها مقتدى الصدر حالة العداء المزمن . يمكن لنا أن نسوق مصداق على هذه الحقيقة عندما طلب السيد مقتدى الصدر من كتلته وتحالف انقاذ وطن تشريع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني , كان ردة فعل ساسة الاطار مجتمعين مع مدونيهم و ذبابهم الالكتروني هجوم واسع لا زال الى يومنا هذا , بل الأمر لم يتوقف عند حدود العراق بل استعانت قوى الاطار بحلفائها من خارج العراق خصوصا من لبنان , سوريا , فلسطين و بعض الاعلام الإيراني , وكان لقناة الميادين والمساحات دور بارز في هذه الحملات المسعورة عبر فتح مساحات حوارية في تطبيق توتير والكلوب هاوس للتقليل من القانون أو التهجم الغير مباشر على التيار الصدري ,هذا السلوك الذي تقاسمه معهم ما يعرف بالمدنيين والعلمانيين و بعض الجمهور الطائفي السني الذي لا يستطيع التحرك إلا بحسب بوصلة دول الخليج .

وسط حالة ركود مطلق — وبعد أن نجح السيد مقتدى الصدر في دفع تحالف إنقاذ الوطن في تشريع قانون تجريم التطبيع وقانون الأمن الغذائي والذي اصطدم هو الآخر برفض تشريع هذا القانون من المحكمة الاتحادية أيضا، وبقاء السيد مقتدى الصدر على موقفه الرافض للأحزاب الشيعية التقليدية-قرر السيد مقتدى الصدر قلب الطاولة، وأمر نوابه ال 73 بالاستقالة ومغادرة البرلمان، وهو طلب تم الوفاء به بالكامل من قبل النواب التيار الصدري بدون أي تردد.

من المؤكد ان هذا التحول الهائل والانقلاب الكبير الذي قاده السيد مقتدى الصدر قد ادخل أطراف سياسية كثيرة داخل العراق وخارجه كان يراهنوا على أن الانسداد السياسي يمكن أن يجبر السيد الصدر بالقبول مرة أخرى في الانخراط بحكومة توافقية بذات خلطة العطار الفاسدة والمسمومة، لكن السيد الصدر قرر المضيء بتعهداته عندما دع النواب المستقيلين 73 إلى الحنانة وأدى صلاة الجماعة بهم والتأكيد على أنه الاستقالة لا رجعة فيها و لا عودة مع الفاسدين في إشارة الى تحالف الاطار الشيعي.لا ريب ان هذا الموقف شعبياً و سياسياً قد جعل التيار الصدري يضرب مثالاً غير مسبوق في الالتزام بالإلزام الذي إلزم نفسه به , وانعكس سلباً على الإطار الشيعي الذي لم يحرك ساكن بل ان جهوده انصبت عبر ساسته مع ذبابهم الإلكتروني ومحلليهم البائسين في محاولة التقليل من هذا الانسحاب مذكرين بان السيد مقتدى الصدر سبق أن أعلن انسحابه من العملية السياسية في2007, 2013 ,2014 ,2016 و 2018 (إغلاق مكاتب السيد الصدر) و 2021 (انسحب من الانتخابات) وهذا يعطي لنا صورتين عن هذا الإدعاء , الأول جهلهم الحقيقي والكامل وجهل جمهورهم بأسباب الانسحابات  أو هو جزء من منهجية التشويه والتقليل من هذه الانسحابات لأنها جميعها كانت بسبب انقلاب نوري المالكي او غيره من ساسة الإطار على الالتزامات التي وعوده بتنفيذها  مع ذلك فان هذا الانسحاب الأخير من البرلمان في عام 2022 مختلف بشكل كبير.

السيد مقتدى الصدر في مرمى الصحف الإيرانية وإيران في مرمى التاريخ.

يقال أن ثلاثة عناصر تشكل الحدث التاريخي في فلسفة التاريخ و تعطيه تعريف و صورة و سردية الأحداث، هي الزمان و المكان و الإنسان، و تقوم السردية التاريخية بين هذه العناصر الثلاث وتعطيها الزخم و الحركة و التفاعل، ويلاحظ أن مسارات التاريخ تقترن كثيرا بالوعي بظاهرة التغيير و التحول أو التكرار الحلزوني لأحداث تاريخية و لكن ربما في متغير الإنسان الفاعل للحدث مع فاعل الزمن و قد يكون الثبات الوحيد المكان وقد يحدث العكس تماما، و نلاحظ تدهور فهم فلسفة التاريخ لدى الفاعل البشري فقد يغفل عوامل كثيرة واخطرها العامل النفسي أو الديني وتصبح إساءة تقدير الموقف التاريخي هي السبب في العودة للممارسة أحداث تؤكد لنا على أن التاريخ حي يرزق وإنما ما حصل بالأمس ما هو إلا حقيقة اكدها جهل الانسان الفاعل لذلك الحدث خصوصا عندما يأتي المكان حاضرا ومتزامناً معه .لعل هذه المقدمة البسيطة تكون خير مدخل لما اريد الخوض فيه و تحديدا المواقف الإيرانية من سماحة السيد مقتدى الصدر، و التي تؤكد بما لا يقبل الشك ان هذه الدولة لا يفارقها سوء السلوك بحق المرجعيات العراقية او العربية التي لا ترضى ان تكون في ركب مشروعها ، وليس ببعيد عن التيار الصدري الذي ارتكب ذات الخطأ عندما راهنوا على تغير خطاب حزب الدعوة تحديدا مكتب سوريا بقيادة نوري المالكي في مواقفهم من التيار الصدري ، فتاريخ الحرب التي قادها المالكي وجماعته ضد السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره في حياته وبالتحديد في فترة نهضته بصلاة الجمعة لا يمكن ان تمحى من التاريخ وخير دليل هي محاضر ما يعرف بالبيت الإسلامي التي تثبت مدى حالة الكره و الحقد وصفة التأمر الشبه ثابته . هذا السلوك الذي قادته قيادات دعوة سوريا استمر بالضد من ابنه و خط التيار الصدري وكان اكثر هذه الصور وضوحا ما فعل المالكي بالتعاون مع القوات الامريكية المحتلة ضد أبناء جيش المهدي و محاولة اغتيال للسيد مقتدى الصدر أيضا بمساعدة الاحتلال الأمريكي .

لقد اثار مواقف الصحف الإيرانية المهاجمة للسيد مقتدى الصدر روائح تاريخية وحساسيات حدثت بالأمس القريب ضد مرجعية السيد الشهيد الثاني قدس سره، بين الهجمات الإعلامية للصحف الصادرة في إيران واغلاق مكتب السيد الصدر في قم بعد أسبوع واحد من افتتاحه واعتقال السيد جعفر الصدر مواقف إيرانية تعجز عن تفكيك طلاسم هذه السلوك المشين والذي يؤشر على خلل أخلاقي في منظومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تستطيع مهما فعلت تجاوزه أو الهروب منه. لا أجد إيران الشيعية واعني إيران ولاية الفقيه قد تعلمت من التاريخ وأثبتت عجزها و جهلها الحقيقي في تقديم إطار مفاهيمي جوهري لحالة الأزمات التي كانت تحدث بينها و بين القوى أو المراجع الشيعة الخارجين عن وصاية ولاية الفقيه، لأنها عندما تذهب الى محاولة معالجة أزمة وقعت في أواخر التسعينيات من القرن العشرين فأنها سوف تصطدم بصعوبة تقديم تفسير رئيسي لخياراتها في التعامل مع مرجعية السيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره، لأنها ستكون تحت مرمى أقلام المؤرخين عندما تتم معالجة تلك الأحداث و تصبح صورة النوايا السياسية هي السبب الأكيد لكل ما فعلت و لازالت تفعل خصوصا عندما يكون الانسان ذاته موجود و المكان هو المكان الا متغير واحد هو الزمن الذي قطع اكثر ٢٥ سنة بين تلك الأحداث واليوم إذ ما قررنا الصوم عن مراجعة مواقف الحرس الثوري والاطلاعات من انخراطهم في لعب دور كبير تمثل في صناعة جماعات مسلحة عرفت فيما بعد تحت مسمى فصائل المقاومة اقتطعوا من داخل جسد التيار الصدري. مما لا شك فيه أن إيران راهنت على الذاكرة الجماعية للعراقيين من خلال تقديم صورة الدولة الممانعة والمقاومة للولايات المتحدة كجزء من أدوات تسكين الحساسية التاريخية ومن ثم اهتمامها بصناعة هياكل اجتماعية تجتهد في تعميد هذه المنطقة لدى العراقيين.

رجل في الزمن

عندما عرف “بلوخ” التاريخ بهذه الوصف فانه أراد أن يقول أن التاريخ هو نتاج عمل الإنسان من التفاعل والصراع والإبداع و … إلخ . فهل يكفي أن يتم استحضار انسان إيران ومواقفه لأجل عمل محاكمة لكل تلك المواقف؟ التاريخ يدور حول الممثل خصوصا عندما يكون هذا الممثل هو كيان ديني رفيع او اجتماعي و مسؤول عن صناعة هياكل دينية أو اجتماعية من خلال نظريات يتم زجها بتلك الهياكل و من ثمة نقلها إلى دوائر أوسع من المجتمع الديني حتى يندك فيها و يشكل هو لاحقا جزء من ذلك التاريخ، ومن خلال هذه المنطقة نجد أنفسنا بحاجة إلى معالجة حركة ولاية الفقيه الإيرانية بعيدا عن كينونة قدسية العنوان أو الممثل فيه قدر تقديم بيانات عن فواعل تعضيد ونشر هذه الولاية من خلال تقييم الفاعلين و نوعية دوافعهم و القيم التي يحملوها بعيدا عن استحضار العامل النفسي الآني أو العامل الديني كذلك، وهنا علينا أن نحدد هذا العمق حتى نضع خطًا تاريخيًا ونسحبه حتى هذا اليوم، ومهما كان حجم ولاية الفقيه فأنها يجب أن تخضع لهذه المعالجة بغية عدم التشظي في الفواعل الأخرى، وحتى نجد مساحة للتفسيرات المشروعة يكون علينا تقديم إجابة أو إجابات عن هذا السؤال الحيوي المتعلق بأسباب شعور إيران وأجهزتها بخطورة مرجعية السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره ومن ثمة أقدامها على إطلاق يد الإعلام في إيران ضد هذه المرجعية وتتويج هذا السياسيات بأغلاق مكتب السيد في قم واعتقال مديره والكادر الذي معه؟ ومن هذا السؤال ستخرج علينا أسئلة أخرى أكثر تحديدا منها، هل شكلت مرجعية السيد الشهيد الثاني قدس سره خطوا على مشروع ولاية الفقيه الإيرانية؟ وما هو نوع هذا الخطر أن وجد؟ هل أن معايير الشهيد الصدر الثاني لولاية الفقيه وهل كانت مكلفة على إيران والمؤسسة الدينية والسلطوية فقط، ام في الواقع هي كانت تهديد حقيقي ووجودي لتلك الولاية الانتخابية الإيرانية؟ وستتوالد الأسئلة تباعا وستجد طريقها إلى منصات التواصل، هذه المنصات التي تتمتع بحيوية خاطفة في نقل المعلومة وصناعة التفاعل معها ومن ثم تركها امام الجمهور المحب والحاقد، الجاهل والبسيط، المعني وغير المعني ……الخ ، فيا ترى هل تصمد ايران امام خلية الأسئلة النحلية هذه؟

ما فعلته صحف “صبح نو” وصحيفة “اعتماد” وعشرات المدونات الإيرانية التابعة لأجهزة إيران الاستخبارية هو مؤشر واضح على حالة التخبط والغضب الذي تعيشه أجهزة إيران وقياداتها، وبالتأكيد سوف لن يكون هذا السلوك هو الأخير وسوف يتصاعد مع كل حالة فشل في مستنقعات واهوار العراق، واعتقد على جناب اية الله السيد علي خامنئي ان يبادر الى التدخل وإيقاف هذه الأجهزة الاستخبارية وأذرعها الإعلامية قبل ان يصبح البحث في الماضي ممارسة يومية عبر منصات التواصل الاجتماعي, فكل موقف مختبط إيراني في العراق يترجم لأعدائها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائه على انه ضعف وفشل وهذا بالتأكيد ما لا يسرنا نحن؛ لأن إيران تبقى دولة تصارع الاستكبار والهيمنة الأمريكية ولكن على ايران الحذر من انتقال عدوى الهيمنة والنفوذ ضد بعض الشعوب التي تريد أن تعيد بناء أوطانها لأنها باستمرار تدخلها فهي تشرع سلوك ونهج عدائي هي أول من وقفت بوجهه وثار ضد الإمام الخميني قدس الله سره الشريف.

ما الذي يريده السيد مقتدى الصدر بعد قرار الانسحاب الأخير؟

من المسلمات أن السيد مقتدى الصدر شخصية فردية في معالجة التاريخ المستقبلي، من حيث حرفيته في فهم مضامين ما يسمى بـ “سياسات الاستدامة” وكونه يشعر بان العراق بلد لا يمكن إخراجه من بنود التبعيات المتعددة بنعاوينها المقدسة او البراقة لأطراف لا يجتمعوا الا كل اربع سنوات للتفاهم على تقسيم المغانم والحصص بدقة متناهية , لذا كانت رؤيته ان مستقبل استدامة حضور الفاعل الوطني العراقي و الفاعل الديني مهدد بشكل كبير بسبب تلك السياسية العرفية , ومن هذا قد نلتمس اهتمامه “بالمستقبل” كونه يشكل إطارًا مرجعيًا مهمًا للنوايا السياسية والعمل، وكذلك (لإعادة) محاذاة البوصلة الأخلاقية للمشروع الوطني وإعادة الثقة أن الدين فاعل خلاق وقادر بحيويته على إعادة تشكيل تجربة سياسية جديدة تخرج العراق من صدارة قوائم الدول الغنية الفاشلة الى قائمة الدول التي تحاول السير نحو التطور والنجاح. بعد شهور وجد السيد مقتدى الصدر ان تجربة هذه الانتخابات استهلكت فترة زمنية طويلة و لم تؤتِ أكلها فالأمر يسير نحو التوافقية مرة أخرى إذا ما قرر هو قبول شروط الإطار التنسيقي ولكن الآن بانسحابه الأخير فهو يعيد تشكيل برنامجه والصعود مرة أخرى إلى هرم السلطة ولكن بقدرة اكبر تمنحه أريحية في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، فالسيد مقتدى الصدر يريد إعادة انتخابه, وهو واثق من أن رفضه، بما في ذلك الأحزاب الشيعية التقليدية، سيحافظ على شعبيته ويجذب مؤيدين آخرين من المستقلين الشيعة والسنة. أصبح السيد مقتدى الصدر يمثل الطرف الوحيد الحقيقي الذي يريد تحقيق ما يبحث عنه كثير من العراقيين الذين هم على استعداد لرؤية تغيير جوهري في القادة السياسيين الذين حكموا العراق لما يقرب عقدين من الزمن. هذه الخطوة ستكون كفيلة لاحقا في تعزيز مكاسب السيد مقتدى الصدر في زيادة عدد المقاعد العائدة له وانحسارعدد نواب المعارضين الشيعة لمشروعه في أي انتخابات مقبلة. يأمل الصدر في الوصول إلى أكثر من مائة مقعد برلماني في المستقبل لإزاحة ثلث النواب من خصومه ويصبح صانع القرار بدون منافسين قد يشكلوا ثلث معطل، لذا يخطأ من يتصور أن السيد مقتدى الصدر قد أفسح المجال لقوى الإطار لإعادة تشكيل حكومة توافقية جديدة، بل ان تدخله سيكون قريب و مدوي ويجعل كل القوى السياسية الأخرى تعاني من دوار الصدمات  وهذا لن يحدث بالتأكيد دون مقاومة من الأحزاب الشيعية الأخرى التي ستدرك أنها أمام خطر وجودي يهددها بشكل مباشر وهنا يحتاج السيد مقتدى الصدر الى تغيير في خطابه حتى يجردهم من إدعاءاتهم التي يتعكزون عليها  

وحتى لا يعطيهم فرصة للمناورة أو محاولة جر الشارع إلى المواجهة المسلحة التي يبشر بها دائما نوري المالكي او حسابات الالكترونية تابعة لجماعات مسلحة منخرطة في قوى الإطار التنسيقي الشيعي ثمة أولويات ملحه من الضروري على السيد مقتدى الصدر إعادة النظر بها استعدادا للمرحلة القادمة، ومن دونها لا يمكن تقويم العملية السياسية بالكامل عبر الية إعادة الانتخابات التي من المؤمل اقامتها في القريب.وهي تقسم على أربع مناطق الأولى: تخص التيار الصدري
الثانية: تخص الشأن العراقي (الإطار التنسيقي” هادي العامري، عمار الحكيم، بعض الفصائل المحترمة).
الثالثة: تخص الشأن العراقي أيضا (تشرين، الاتحاد الكردستاني، السنة)
الرابعة: تخص إيران مع محور المقاومة ودول الجوار.
اولويات التيار الصدري
من الضروري على السيد مقتدى الصدر ازاحة الكثير من المسؤوليات عن كاهله عبر تنظيم العمل في داخل التيار الصدري، وتبدو صورة اعادة هندرة موارد التيار البشرية في خلق الفرق الاستشارية المتخصصة والتي تعد نقلة بمستوى الضرورة القصوى بهذا الصدد، فالحاجة تكون بالتأكيد للكفوء بالدرجة الاساس لأجل العمل على ضبط ايقاع عقارب الساعة في المرحلة القادمة لأنها ستكون فترة زمنية لا تقبل المدد او الازاحات الوقيتة. الدراسات من الضروري على السيد مقتدى الصدر ازاحة الكثير من المسؤوليات عن كاهله عبر تنظيم العمل في داخل التيار الصدري، وتبدو صورة اعادة هندرة موارد التيار البشرية في خلق الفرق الاستشارية المتخصصة والتي تعد نقلة بمستوى الضرورة القصوى بهذا الصدد، فالحاجة تكون بالتأكيد للكفوء بالدرجة الاساس لأجل العمل على ضبط ايقاع عقارب الساعة في المرحلة القادمة لأنها ستكون فترة زمنية لا تقبل المدد أو الازاحات الوقيتة. الدراسات الاستشرافية الحقيقة والواعية في كل مفاصل الوضع العراقي تجعل من السهولة بمكان مزامنة الكثير من السيناريوهات التي يمكن ترجحيها بين فترة وأخرى بغية الوصول الى العدد من المقاعد البرلمانية التي تمكن السيد مقتدى الصدر على الأقل من تعطيل الثلث المعطل مرة أخرى إذا شاءت الأقدار وحصل هذا الامر وأن كان مستبعد.

بذور العظمة
هناك عامل رئيسي ينشده الجمهور ويتمثل في تمكين الهوية الوطنية و تعزيز الممثل السياسي ذو النزعة العراقية، فالجيل الشبابي لا يثق بالأحزاب ذات الهويات الفرعية وهو مقتنع ان التخبط الذي عليه العراق هو نتيجة حتمية لصعود الحزب ذو الهوية الطائفية أو القومية، وأي عنوان يغلب على شكل الحزب غير الهوية الوطنية الجامعة سيكون بالتأكيد محط جدل كبير ولا يخضع لتقييم اخلاقي لابتعاده عن دائرة المشروع الوطني وتغليب المصلحة الطائفية أو القومية وهذا يعني بقاء شريحة من العراقيين خارج دائرة اهتمامات هذا الحزب أو ذاك . من الواضح ان الرسالة التي اوصلها السيد مقتدى الصدر إلى العراقيين حملت عنوان كسر عرف انتخابي وسياسي وسم كل الحكومات العراقية بسمه واحدة تمثلت في أن كل الولادات للأنظمة الحاكمة كانت تتم برضا واتفاق قوى خارجية  وهذا الأمر ينهك العلاقة بين الشعب والديمقراطية بوصفها أحد أدوات الإصلاح السياسي في العراق بعد النظام الدكتاتوري. أصبح رضا امريكا وحلفائها ورضا إيران عامل أساسي في ولادة الحكومات العراقية فبدون رضا وقبول دول الجوار والولايات المتحدة تصبح عملية تشكيل اي حكومة ضربا من الجنون أو من المستحيلات التي لا تتحقق. لقد راهنت الأحزاب على رضا العامل الدولي والإقليمي وهمشت رضا الشعب في صناعة الحكومات ولذا فمن غير المناسب للأحزاب انزعاجها عندما اصبحت الجماهير تعاقبها وترفضها، لأن سلم أولويات الأحزاب كان يضع رضا الفواعل هناك عامل رئيسي ينشده الجمهور ويتمثل في تمكين الهوية الوطنية و تعزيز الممثل السياسي ذو النزعة العراقية ، فالجيل الشبابي لا يثق بالأحزاب ذات الهويات الفرعية وهو مقتنع ان التخبط الذي عليه العراق هو نتيجة حتمية لصعود الحزب ذو الهوية الطائفية أو القومية ، وأي عنوان يغلب على شكل الحزب غير الهوية الوطنية الجامعة سيكون بالتأكيد محط جدل كبير ولا يخضع لتقييم اخلاقي لابتعاده عن دائرة المشروع الوطني  وتغليب المصلحة الطائفية أو القومية وهذا يعني بقاء شريحة من العراقيين خارج دائرة اهتمامات هذا الحزب أو ذاك . من الواضح أن الرسالة التي أوصلها السيد مقتدى الصدر إلى العراقيين حملت عنوان كسر عرف انتخابي وسياسي وسم كل الحكومات العراقية بسمه واحدة تمثلت في أن كل الولادات للأنظمة الحاكمة كانت تتم برضا واتفاق قوى خارجية وهذا الأمر ينهك العلاقة بين الشعب والديمقراطية بوصفها أحد أدوات الإصلاح السياسي في العراق بعد النظام الدكتاتوري. أصبح رضا امريكا وحلفائها ورضا إيران عامل أساسي في ولادة الحكومات العراقية فبدون رضا وقبول دول الجوار والولايات المتحدة تصبح عملية تشكيل اي حكومة ضربا من الجنون او من المستحيلات التي لا تتحقق. لقد راهنت الأحزاب على رضا العامل الدولي والاقليمي وهمشت رضا الشعب في صناعة الحكومات ولذا فمن غير المناسب للأحزاب انزعاجها عندما اصبحت الجماهير تعاقبها وترفضها، لان سلم اولويات الاحزاب كان يضع رضا الفواعل الخارجية على حساب حاجة الشعب والمجتمع، وكون هذه هي الحقيقة المرة، انعكس ردة الفعل على رفض الجماهير الشيعية المشاركة او اعطاء اصواتها لمن يتحدث عنً مفهوم المكون الاكبر، فالشعب الشيعي لم يجد نفسه في اي يوم مهم عند هذه الاحزاب وقياداتها الا في فترات اقتراب الانتخابات ويوم الاقتراع .

اظهر الصدر تصميمه الكبير على رفض كل الاعراف السياسية التي أطرت العملية السياسية العراقية، فانقلب على النظام التوافقي ، و اظهر حده كبيرة في رفض اي وصاية خارجية لتشكيل الحكومة بين اللاعبين الدوليين او الاقليمين برغم ان الشريحة التي وثقت بخطاب السيد مقتدى الصدر كانت جمهوره و محبيه فقط ، لكن بمرور الوقت بدأت جماهير سنيه و حتى كردية تراهن على خطاب وموقف الصدر و بالرغم من فشله في مشروع حكومة الاغلبية الوطنية الا ان قرار انسحابه من البرلمان مفرطًا في ٧٣ مقعد برلماني ، شكل اضافة كبيرة جدا لدى شرائح مجتمعية كانت تشكك في صمود الصدر امام اغراءات الاحزاب الاخرى التي فعلت كل شيء لأقناعه بالعدول عن مشروع الاغلبية الوطنية والقبول بالمحاصصة التوافقية ولكنه رفض . أصبح الصدر الشخصية الدينية والسياسية الاكثر شعبية لدى كل المكونات العراقية والاكثر مقبولية وصدقًا فهو وجد في تمرده على اليات صناعة الحكومات اخر الحلول لإبقاء النظام السياسي البرلماني في العراق ولتجديد الثقة به بعيدا عن مغامرات أخرى قد تأخذ البلد نحو مصير مجهول.
قانون التضحية
يرى ماكسويل الملقب ابو القيادة أن من أهم القوانين للقادة هو أن القائد يجب أن يضحي لكي يعلو، ولأجل إيضاح هذا القانون سوف أسوق هذا المثال.
ثمة صورتان تتعلقان بموضوعة الانسحاب من البرلمان وإعادة الانتخابات, الأولى تصريح الشيخ قيس الخزعلي الذي دعا إلى إعادة الانتخابات, والثانية هي دعوة السيد مقتدى الصدر نوابه إلى الاستقالة تبعها تقديم الاستقالات نواب الكتلة الصدرية وختمها بإعلانه عن عدم عودته إلى البرلمان نهائيا وعدم مشاركة الفاسدين.

ما الفرق بين إعلان الشيخ الخزعلي وبين إعلان السيد مقتدى الصدر؟
الأمر بسيط أن كينونة شخصية مقتدى الصدر تشتمل على كامل معايير وشروط القيادة فهو قائد جماهيري وشخصية سياسية بالإضافة الى عنوانه الديني، ويمتلك الصدر ما لا يمتلكه الخزعلي ولا أية شخصية أخرى إطارية وأعني تحديدا بذور العظمة. الثمرة عندما تسقط من الشجرة لا تذهب بعيدا وإنما تجدها تحت الشجر أو بالقرب منها، وهذا بالضبط هو أقرب تصوير لأهم عوامل ولادة القادة فكون الشخصية القيادية تدور في بيئة ولادة للقادة وتصنعهم فهذا يعني إمكانية أن يكون الأقرب والأكثر تماس بالقائد الأكبر هم الاكثر مستوفي لشروط القيادة. مقتدى الصدر هو سليل أسرة ال الصدر وهو ابن مرجع كبير امتلك تجربة استثنائية في صناعة قاعدة بالملايين من الاتباع والمريدين ولهذا هو يتفوق على كل الشخصيات السياسية الأخرى العراقية فهو متفرد تماما وليس من الغريب أن يضحي بهذا النصر الكبير وينسحب من تشكيل الحكومة ولديه أكبر عدد النواب والسبب … بذور العظمة … بينما الشيخ قيس الخزعلي هو شخص سياسي بعنوان شبه ديني وشبه عسكري، وهناك فرق هائل بين شخص سياسي وشخصية سياسية، فالشخص السياسي لن يكون قادر الا الدوران في حلقة اغتنام الفرص حتى لو كانت على حساب تصريحات ومواقف اتخذها او أعلن عنها. لن يستطيع الخزعلي ولا كل قادة الإطار او حتى حلفاء السيد مقتدى الصدر أن يفعلوا خطوة مشابه لما قام به الصدر إلا عندما يصلوا الى طريق مسدود في تشكيل الحكومة التوافقية. 

الأمر بسيط أن كينونة شخصية مقتدى الصدر تشتمل على كامل معايير وشروط القيادة فهو قائد جماهيري وشخصية سياسية بالإضافة إلى عنوانه الديني، ويمتلك الصدر ما لا يمتلكه الخزعلي ولا أي شخصية أخرى إطارية وأعني تحديدا بذور العظمة. الثمرة عندما تسقط من الشجرة لا تذهب بعيدا وانما تجدها تحت الشجر او بالقرب منها، وهذا بالضبط هو أقرب تصوير لأهم عوامل ولادة القادة فكون الشخصية القيادية تدور في بيئة ولادة للقادة وتصنعهم فهذا يعني امكانية ان يكون الاقرب والأكثر تماس بالقائد الأكبر هم الأكثر مستوفي لشروط القيادة. مقتدى الصدر هو سليل أسرة ال الصدر وهو ابن مرجع كبير أمتلك تجربة استثنائية في صناعة قاعدة بالملايين من الاتباع والمريدين ولهذا هو يتفوق على كل الشخصيات السياسية الاخرى العراقية فهو متفرد تماما وليس من الغريب أن يضحي بهذا النصر الكبير وينسحب من تشكيل الحكومة ولديه أكبر عدد النواب والسبب … بذور العظمة … بينما الشيخ قيس الخزعلي هو شخص سياسي بعنوان شبه ديني وشبه عسكري، وهناك فرق هائل بين شخص سياسي وشخصية سياسية، فالشخص السياسي لن يكون قادر إلا الدوران في حلقة اغتنام الفرص حتى لو كانت على حساب تصريحات ومواقف اتخذها او أعلن عنها. لن يستطيع الخزعلي ولا كل قادة الإطار أو حتى حلفاء السيد مقتدى الصدر ان يفعلوا خطوة مشابه لما قام به الصدر الا عندما يصلوا الى طريق مسدود في تشكيل الحكومة التوافقية. التضحية هي لب القيادة وهي سرها الاعظم وغالبا ما يكون القادة مطالبين بالتضحية أكثر من غيرهم ولهذا كل ما كان مستوى القيادة أعلى كانت التضحية أعظم، وهذا الدرس تعلمه وتعايش معه السيد مقتدى الصدر من ابوه المرجع الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الذي قدم للتاريخ صورة من صور التضحية بالنفس لأجل أن يوقد في نفوس العراقيين جذوة المقاومة والوقوف بوجه الطغاة. لا يمكن لهذا التضحية العظيمة إلا أن تكون سبباً تعطي السيد مقتدى الصدر هذه الرشاقة في التعامل مع المواقف بوصفه المضحي الأكبر , وبنفس الوقت ليس علينا أن نطالب الآخرين بهكذا تضحيات لأن هذا الخصلة هي خصلة وصفة حصرية لدى القادة الحقيقيين وليس الذي يجدوا أن أوزانهم مرهونة بالمناصب التي يشغلوها ولعل المثال الثاني خير دليل على ما أقول والتي سوف استدعي فيها سياسي إطاري وأعني السيد نوري المالكي الذي كان شخصاً مجهولاً بالكامل لا يمتلك أي إرث أو تاريخ بمستوى أن يوضع في مصاف القادة  بل كان قيادي في حزب الدعوة الإسلامي في سوريا.عندما نستحضر شخصية زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ونتابع سري تصريحاته مواقفه ,نجده قد مال في كلامه الى استخدام منطق التهديد الغير مباشر و التبشير بحرب اهلية شيعية-شيعية والأمر تكرر من انتخابات ٢٠١٨ والانتخابات الأخيرة ، بينما العكس لدى الصدر كان لا يراهن على أسلوب تخويف الخصوم بهذه الطريقة، والفرق أن حلم المالكي بعد عودته من سوريا كان هو تسنم منصب رسميا يكفل له عنوان ، وهذا يعني أنه رجل سلطة او إدارة سلطة و ليس رجل دولة فهو كان تنازل عن وزارتين من حصته عام ٢٠١٤ مقابل حصوله على عنوان نائب رئيس الجمهورية ، بينما مقتدى الصدر لا يلتفت لهذه الجزئيات الشكلية لان الصدر الشاب قائد و في داخله زرع أبوه المرجع الشهيد بذور القيادة و لا يشكل أي منصب مهما كان أي معادل لما يتملكه السيد مقتدى الصدر ، و لربما هنا يكمن السر الصدر الذي لم يكن يرد على هذه التصريحات لأنه لا تصدر من قائد أو شخصية سياسية وإنما من شخص سياسي يرى وزنه السياسي في المنصب الذي يشغله هو و عدد المناصب الوزارية والقيادات الوسطى، الصدر لا يلتفت لهذه اللغة لأنها لغة الخائفين الذين يحاولوا جذب الانتباه بأي صورة بيننا الصدر قد يكتفي فقط بزيارة هنا او هناك و ستجد كل الاعلام من الخصوم قبل المحبين منشغلين به.

لن يستطيع المالكي ولا قيس الخزعلي وكل بقية قيادات الإطار من القيام بمثل هذه التضحية والسبب بسيط: المرء يكره ما يجهل. والتضحية لا يفك طلاسمها الا حقيقي في عزة قوته زهد و تنازل.
الصدر وصناعة القادة
التحدي الكبير هو في قدرة السيد مقتدى الصدر على صناعة قادة من طراز خاص يتعاملوا مع الأزمات والمغريات بشيء مما يمتلكه. تبدو أن مشكلة القيادات الصدرية انهم أكثر شراسه عندما يكون الميدان فيه أزمات وهذا يعني انهم محصنين ضد الخوف وضد الهزيمة ولكن تكمن المشكلة في المغريات وأحدها والأكثر تأثيرا فيهم هو ديمومة قربهم من قائدهم السيد مقتدى الصدر. هذا الأمر جعلهم يميلوا للطاعة أكثر من ميلهم لتقديم المبادرات التي تفكك الازمات التي تواجه السيد مقتدى الصدر، وكذلك جعلهم ضحية لعبة المعادلة الصفرية امام أي كفاءة أخرى قد تحضر وتشكل خطرا على البعض منهم بحسب تصورهم.يحتاج هؤلاء الشباب مزيدا من خلطة الثقة والرؤية البعيدة النظر حتى يكون بمقدورهم على الأقل تتبع اثار السيد مقتدى الصدر ومعرفة وجه خطواته. ان مسؤولية هذه الشخصيات الصدرية اليوم تتمثل في قيامهم بمهام خلق جماعات او فرق متخصصة لمعالجة كل الازمات وسد كل مكامن الخلل التي قد ينفذ منها خصوم السيد مقتدى الصدر ،، وعليهم كذلك عدم تكرار الوقوع في أخطاء اخر التحدي الكبير هو في قدرة السيد مقتدى الصدر على صناعة قادة من طراز خاص يتعاملوا مع الازمات والمغريات بشيء مما يمتلكه. تبدو ان مشكلة القيادات الصدرية انهم أكثر شراسه عندما يكون الميدان فيه أزمات وهذا يعني انهم محصنين ضد الخوف وضد الهزيمة ولكن تكمن المشكلة في المغريات واحدها والأكثر تأثيرا عليهم هو ديمومة قربهم من قائدهم السيد مقتدى الصدر. هذا الامر جعلهم يميلوا للطاعة أكثر من ميلهم لتقديم المبادرات التي تفكك الازمات التي تواجه السيد مقتدى الصدر، وكذلك جعلهم ضحية لعبة المعادلة الصفرية امام أي كفاءة أخرى قد تحضر وتشكل خطرا على البعض منهم بحسب تصورهم.يحتاج هؤلاء الشباب مزيدا من خلطة الثقة والرؤية البعيدة النظر حتى يكون بمقدورهم على الأقل تتبع اثار السيد مقتدى الصدر ومعرفة وجه خطواته. ان مسؤولية هذه الشخصيات الصدرية اليوم تتمثل في قيامهم بمهام خلق جماعات او فرق متخصصة لمعالجة كل الازمات وسد كل مكامن الخلل التي قد ينفذ منها خصوم السيد مقتدى الصدر ، وعليهم كذلك عدم تكرار الوقوع في أخطاء اخر تجربة .سيكون بمقدور القيادات الصدرية تقديم دعمًا غير مسبوق اذا استطاعوا أولاً التغلب على بعض الابجديات التي هم وضعوها و سيكونون في موقع اكثر إنتاجية و حيوية امام الاستحقاقات القادمة ، اما بقائهم في دائرة عدم المبادرة والخوف من السيد مقتدى الصدر فهذا لن يخلق قادة مخلصين بل يخلق اتباع قلقين على الدوام . حتى تنمو بسرعة يجب ان يقود القائد قادة وليس اتباع وهذا ما يصطلح عليه ب (قانون النمو المتفجر).عندما تكون المؤسسة فيها قيادات فأنها عامل الوقت وسقف النجاح سيكون التعامل معهما أقرب وأيسر لان الاتباع سوف يسببوا تأخر كبير في الإنجاز قد يأخذ يستهلك أكثر من ٨٠٪؜ من الجهد والوقت بينما لو كان هناك ٢٠٪؜ قادة و٢٠٪؜ من العشرين الأولى ستكون نسبة القيادات أقرب الى ٥٪. وسوف تشكل ٥٪؜ النسبة المسؤولة عن نتائج أصل الى ٨٠٪؜ من جحم التوقعات.بشكل عالم الوقت والتوقيتات امرا حاسما في إنجاح او فشل أي تجربة ولعل التيار الصدري قد عانى من خسارات كبيرة في الوقت ولعل اهم نقطة أتمنى ان تكون حاضرة عند السيد مقتدى الصدر هو خصوصية، التوقيتات، فلا أرى أي فائدة من انتظار وإعطاء الإطار أي مدد إضافية لأنهم بالنهاية سوف يقودوا العملية التفاوضية بنفس ادبيات التوافق والمحاصصة المقيتة ولن قدر لهم النجاح فهذا يعني ان قادة الإطار وصلوا الى مرحلة غير مسبوقة في تقديم التنازلات وسيدفع إبناء الوسط والجنوب ثمنًا باهظا مقابل المنافع الحزبية الضيقة.

ما القادم وماذا ننتظر؟

من الممكن استكمال النصاب القانوني للبرلمان بإعطاء المقاعد ال 73 الشاغرة للمرشحين الذين وصلوا إلى المركز الثاني خلال الانتخابات الأخيرة. ومن شأن ذلك أن يسمح باستكمال البرلمان وتشكيل الحكومة. سوف تصر الجماعات الشيعية على عودة السيد مقتدى الصدر وستحاول التفاوض معه من منطلق علمها بأن المتاعب وحدها هي التي يمكن أن تأتي من ترك التيار الصدري خارج أي حكومة , وهنا مكمن الخطر ان انسحاب التيار الصدري كان بسبب الاكراه من قبول الجماعات والقوى الشيعية الأخرى على ضرورة النزول لمعالجة تشكيل الحكومة بالطريقة المعتادة (نظام توافقي يكفل للأحزاب تحقيق حصتها من السلطة واموالها) ويتم استبعاد الجماهير عن دائرة الأولويات . علينا التريث قليلا و مراجعة كلمة الاكراه , وهذا يعني ثمة جمهور غاضب و هذا الجمهور لا يماثله أي جمهور اخر لا عددياً ولا كيفياً.

المعتادة (نظام توافقي يكفل للأحزاب تحقيق حصتها من السلطة واموالها) ويتم استبعاد الجماهير عن دائرة الأولويات . علينا التريث قليلا و مراجعة كلمة الاكراه , وهذا يعني ثمة جمهور غاضب و هذا الجمهور لا يماثله أي جمهور اخر لا عددياً ولا كيفياً.
قد تمارس حكومة الإطار واحزابها من حيث لا تعلم مبدأ رولز في التبرير العام من حيث أن السلطة السياسية هي دائمًا قوة قسرية، وهذا تماما ما ذهب اليه جوناثان كونج عندما أشار الى أن التبرير العام قد يتعلق بفرض قوانين قسرية قد يكون فيها صفة الاكراه عالية وهذا ما بدى واضحاً من خلال جهود الإطار التنسيقي الذي لم يخفي بعض قياداته سرورهم بهذه الفرصة وعبر عنها اغلب محلليهم وقنواتهم الفضائية عبر برامجها فهم دخل فخ التبرير العام الذي في جذوره، فكرة لتبرير الإكراه , هذا اذا ما كنا نتحدث عن وجود نخب سياسية. عندما تختفي الحكمة يكون البديل عنها دائما الحماقة وسوف يسود الحمقى في كل مكان , ولعل هذه الصورة تبدو واضحة في شكل الممارسة التي اجتهدت فيها قوى الاطار عبر اغلب قيادتها وساستها مدعومة بمدونيها و جيوشها والذباب الالكتروني في نشر الاشاعات وصناعة الأكاذيب و توزيع الاتهامات وحملات التسقيط التي طالت التيار الصدري و شخص السيد مقتدى الصدر وشيطنة وصهينة حلفائه وجعلتهم أعداء السماء والأرض ,والان بعد انسحاب الكتلة الصدرية اصبح على قوى الاطار الشيعي الذهاب الى الصهيوني مسعود و المطبع الحلبوسي لتشكيل حكومة عراقية . خذ هذه الصورة واستحضر معها استحقاق التيار الصدري بصفته الكتلة الأكبر مروراً بحملات التسقيط وتهم الصهينة والتطبيع والتجريح اللاخلاقي الذي مارسته القوى الاطارية طال السيد مقتدى الصدر فكيف سيكون الهوية النفسية لجمهور التيار الصدري و ماهي كمية الغضب والحنق على هذه الحكومة؟
من المتوقع أن يكون متوسط العمر المتوقع لأي برلمان أو حكومة من هذا القبيل قصيرا جدا. لن يذهب العراق بعيدا جدا بدون المكون الصدري المدرج في النظام. ونتيجة لذلك، وعلى أقل تقدير، تم تأجيل استقرار العملية السياسية في العراق، والاضطرابات خيار صحي. الصيف الحار قمعي بالفعل ، ونقص الكهرباء في البلاد يخلق رد فعل قوي من السكان ، يشكون من نقص الخدمات وارتفاع معدلات البطالة. خرج الناس إلى الشارع لهذه المطالب في تشرين عام 2019 وكانت نتيجتها الإطاحة بحكومة السيد عادل عبد المهدي ,لكن تشرين ضعفت عندما أمر السيد مقتدى الصدر جمهور التيار الصدري والذي يشكل اكبر شريحة من الفقراء بإخلاء الطرق والعودة للمنازل . ولهذا يتبادر سؤال يختزل كل ما ذكرت : كيف سيكون الوضع إذا كان التيار الصدري هو الذي يطالب ويدفع ويشارك في المظاهرات “المليونية” القادمة في الشوارع، كما يحب السيد مقتدى أن يسميها؟ ومن هو العاقل الذي يراهن على ان أي سلطة تستطيع مواجهة هذا الجمهور الغاضب والفقير وهو مدعم بكل الشرعيات التي تبحث عنها جماعة غاضبة ومظلومة؟
لقد أراد السيد مقتدى الصدر ان ينتشل كل القوى السياسية والشيعية بالخصوص ويجعلها تكفر عن اخطائها وتتصالح مع تاريخها قبل 2003 ولهذا اخذ المبادرة من الجماهير المنتفضة في تشرين ضمن اشبه بعقد في ولادة نظام سياسي جديد بنكهة صحيحة تشعرهم بان وطنها لم يضيع بعد لكن هذه الطبقة السياسية الجاثمة على صدر العراق لم تفتهم هذه الدرس لأنها مسكونة بغريزة السلطة والمال الحرام و لا تستطيع ان تفكر مع العراق الا بعقلية الغزاة و المحتلين.