لأول مرة منذ 6 سنوات.. وزير الخارجية السوري يزور الجزائر
في خطوة هي الأولى من نوعها ومنذ 6 سنوات يجري وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد زيارة رسمية إلى الجزائر، اليوم الاثنين.
وذكرت وسائل إعلامية، أن زيارة المقداد ستستمر لثلاثة أيام، حيث سيحضر احتفالات الذكرى 60 لـ”استقلال الجزائر”.
وربطت وسائل الإعلام، الخطوة بالتحركات المتعلقة بمقعد سورية في الجامعة العربية، والقمة المقرر عقدها في شهر تشرين الثاني المقبل.
الرئيس تبون يلمح إلى مشاركة سوريا في “القمة العربية”
ألمح الرئيس الجزائري عبد الحميد تبون إلى مشاركة سوريا في “القمة العربية”، التي تستضيفها بلاده، في مطلع نوفمبر المقبل.
وقال تبون في تصريحات بثها التلفزيون الجزائري، ديسمبر 2021: “من المفروض أن تكون سورية حاضرة”، مضيفاً: “نحن عندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق ونحن دولة تجمع الفرقاء دائماً”.
ومن جانبه قال نائب وزير خارجية سوريا، بشار الجعفري، في 29 من ديسمبر 2021، إنهم يتابعون المسار الدبلوماسي الخاص بالعودة إلى الجامعة العربية.
وأضاف الجعفري في تصريحات نشرتها صحيفة “الوطن”، حينها أن “سورية تتابع الأمر، وهناك تحركات دبلوماسية قوية وراسخة، وهي في الاتجاه الصحيح”.
وقبل أيام كانت العاصمة اللبنانية بيروت قد شهدت لقاء تشاورياً لوزراء الخارجية العرب، فيما استبعد النظام السوري منه.
وعلى هامش اللقاء صرّح وزير الخارجية الجزائري، أنّ “سورية عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، ولا مشكلة لدى الجزائر في عودتها لشغل مقعدها”.
وقال لعمامرة إنّ الجزائر “تسعى إلى جسّ نبضِ الدول العربية في اجتماع بيروت والاستماع إلى وجهة نظرها ونأمل تحقيق توافق بشأن سورية”.
وشدد وزير الخارجية الجزائري، على أنه الأوان قد آن لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وصرح لعمامرة بأن كرسي سوريا يجب أن يعود إليها دون التدخل في سياساتها وفي من يحكمها.
وأكد الدبلوماسي الجزائري على أن بلاده لم توافق أصلًا في تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، مشيرًا إلى أن ذلك لم يسهم ذلك في الحلول.
وتابع لعمامرة قائلا: "والآن سننظر إلى المستقبل".
وأوضح الوزير الجزائري أنهم سيعملون على تقريب وجهات النظر بين الإخوة العرب في القمة العربية والتحلي بقسط من الواقعية.
عودة سوريا للجامعة العربية “لم تحسم”
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط إن عودة النظام السوري “لم تحسم” حتى الآن، مؤكداً أن الأمر يتطلب توافق “عربي – عربي”.
وأضاف أبو الغيط، أنهم لا يستطيعون توجيه دعوة لرأس النظام، بشار الأسد لحضور القمة المرتقبة في الجزائر “إلا بتوافق عربي عربي”.
وتابع: “الدعوة تقدمها الدولة المضيفة التي يجب أن تتشاور وتتفاهم ولم أرصد أن هناك تشاوراً”.
وكانت الجامعة العربية قد علقت مشاركة سورية في اجتماعاتها عام 2011، نتيجة لعدم التزام النظام بقراراتها، فيما يتعلق بالمبادرة العربية حينها، لوقف عنف النظام في الشوارع التي كانت تشهد مظاهرات ضده.
وتطور بعدها الموقف العربي باتجاه فرض عقوبات اقتصادية، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي وسحب السفراء من دمشق.
إضافة إلى ذلك انخرطت العديد من تلك الدول في دعم المعارضة وقوى الثورة في سورية بعدة مستويات، سياسية وعسكرية وإغاثية، الأمر الذي كان يُظن حينها أنه سوف يكون عقبة في أي عملية إعادة للعلاقة ما بين تلك الدول ونظام الأسد.
ومنذ أواخر العام الماضي كان لافتاً الحراك الذي بدأته دول عربية اتجاه سوريا، من أجل فتح قنوات حوار وتواصل، في سياق إعادة تطبيع العلاقات التي انقطعت عقب انطلاقة الثورة السورية.
وبحسب أبو الغيط “لم تثار دعوة الأسد في دهاليز الجامعة حتى الآن”، مشيراً: “يتحدثون في خلفية الصورة. ولكن لم أرصد جهداً فعالاً لتحقيق هذا الهدف”.
وبشأن الحديث الذي يدور حول نية دول عربية إبعاد الأسد عن إيران، اعتبر الأمين العام للجامعة أن الأمر “منطقي للغاية وطبيعي”.
وأضاف: “هناك إعادة تفكير في أنه إذا فُتح الباب، لعل هذا يبعد سورية عن إيران وهناك رأي آخر يقول إن هذه علاقة استراتيجية قائمة منذ الرئيس الأسد الأب ولن تتغير الأيام هي الكفيلة بكشف هذه الحقيقة”.
أخر الزيارات إلى الجزائر
في 28 مارس 2016، بدأ وزير الخارجية السوري وليد المعلم زيارة رسمية إلى الجزائر بدعوة من نظيره الجزائري رمطان لعمامرة تتناول العلاقات الثنائية والأزمة السورية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية عن المعلم قوله لدى وصوله إلى العاصمة الجزائرية "إن الجزائر وسوريا في خندق واحد ضد الإرهاب والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول".
وأوضح أنه سيتم خلال زيارته بحث "العديد من القضايا" وعلى وجه الخصوص "الوضع في سوريا وصورة التآمر الخارجي عليها".
وأكد أن بلاده "تتطلع لحل هذه الأزمة".
وأشار إلى أن الزيارة ستكون أيضا مناسبة لبحث "العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات".
وتعد الجزائر من الدول العربية القليلة التي لا تزال تستقبل رموز نظام الرئيس بشار الأسد، وكانت استقبلت في نوفمبر 2014 رئيس البرلمان السوري محمد جهاد اللحام وفي أغسطس 2015 مفتي سوريا أحمد حسون.
العلاقات بين البلدين
العلاقات الجزائرية السورية تشير إلى العلاقة بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية السورية.
والجزائر هي من الدول العربية القليلة التي تحافظ على علاقتها بالحكومة السورية في ظل حكم بشار الأسد، وهو إرث خلفته المشاكل بين الجزائر والسعودية بسبب الحرب الأهلية الجزائرية، على هذا النحو، عارضت الجزائر بشدة قرارات الدول العربية الأخرى لتسليح المعارضة السورية في خضم الصراع في سوريا بسبب الصدمة التاريخية الجزائرية، وتدعم الحكومة السورية بهدوء.
الحرب الأهلية في سوريا
وخلال الحرب الأهلية في سوريا، حافظت الجزائر على العلاقات الدبلوماسية وعارضت أي خطة لتسليح المعارضة. من وجهة النظر الجزائرية، تسببت الحرب السورية وصعود الأصولية في مخاوف كبيرة من وجهة نظر الجزائر.
واعتبر البعض أن الجزائر هي مفتاح السلام في سوريا ولأن الجزائر واجهت أيضاً حرباً أهلية مدمرة ضد الفصائل الإسلامية في التسعينيات، والتي يعرفها الجزائريون بـ "العشرية السوداء"، ينظر الجزائريون إلى سوريا بتضامن ويعتزمون استعادة السلام وكذلك «ترسيخ شعور بالمصالحة الوطنية»، لذا اختاروا لدعم الحكومة السورية بهدوء. كما عملت الجزائر كوسيط بين سوريا وتركيا.
إستقبلت الجزائر ما يقرب من 25,000 لاجئ سوري فارون من بلادهم معظم السوريين في الجزائر يعملون الآن في شركات صغيرة ومتوسطة.
الجزائر تستأنف العلاقات الاقتصادية مع سوريا
أبدت السلطات الجزائرية استعدادها لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع الحكومة السورية. أعلن ذلك سفير سوريا لدى الجزائر، نمير وهيب الغانم، عقب محادثاته مع وزير التجارة الجزائري كمال رزيق.
وبحسب رئيس البعثة الدبلوماسية السورية، فقد أشير أيضا، خلال المفاوضات، إلى أن الجزائر تعمل حاليا على تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي يمكن، كما أوضح رزيق، أن تصبح بوابة للسوريين إلى إفريقيا.
ومن جانب آخر مهم من الشراكة هو المساعدة على حلحلة العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة السورية واللاعبين العرب.
وفي الصدد، قال خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف:
"لا مفاجأة في العلاقات السورية الجزائرية، سواء في النموذج التاريخي أم من منظور الربيع العربي: لقد دعمت الجزائر نظام الأسد باستمرار منذ العام 2011 وحافظت على علاقات دبلوماسية معه.
ومن وجهة نظر دبلوماسية، كان ذلك مفيدا للطرفين: فقد دافعت الجزائر عن دورها في المنطقة، بما في ذلك من خلال منظور أحداث التسعينيات الداخلية، ووفرت منبرًا لمباحثات بين الاستخبارات السورية والتركية بشأن المسألة الكردية".
وبحسب مارداسوف، كانت دمشق في هذا الوقت قادرة على الحديث عن الدبلوماسية والإدلاء بتصريحات حول دعم تتلقاه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع ذلك، كان من الواضح أن هناك معارضين للتقارب مع سوريا في أوساط النخبة الجزائرية. لذلك، تبدو الجزائر راضية تماما عن وضعها الحالي كشريك حذر. أمّا ما يدفع الجزائر إلى الحذر فليس فقط رغبتها في عدم سبق المملكة العربية السعودية، التي تفضل عدم الإعلان عن علاقاتها مع دمشق والبقاء في الظل - فتساعد أحيانا في تكثيف التجارة مع سوريا، ثم تضغط على دمشق- إنما والموقف الأمريكي أيضا".