زيارة بايدن للشرق الأوسط.. إعلان القدس وملفات ساخنة في قمة جدة
بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن جولة إلى الشرق الأوسط أمس الأربعاء بزيارة إلى المحطة الأولي بإسرائيل، والتي تعد الزيارة الأولى لبايدن للمنطقة منذ توليه منصبه قبل عام ونصف العام.
وخلال اللقاء ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس الأمريكي جو بايدن، وقف البرنامج النووي الإيراني وبناء تحالف من الدول المعتدلة بالشرق الأوسط، متعهدا بأنه لن تكون هناك إيران نووية.
ووقع بايدن لابيد على "إعلان القدس" للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والذي ويؤكد أن "الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تقوم على أساس متين من القيم المشتركة والمصالح المشتركة والصداقة الحقيقية".
إعلان القدس
ونص الإعلان على أنه "تماشياً مع العلاقة الأمنية الطويلة الأمد بين الولايات المتحدة وإسرائيل والالتزام الأمريكي الراسخ بأمن إسرائيل، ولا سيما الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، تؤكد الولايات المتحدة التزامها الثابت بالحفاظ على قدرة إسرائيل على ردع أعدائها وتعزيزها والدفاع عن نفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات".
وأضاف: "تؤكد الولايات المتحدة أن جزءًا لا يتجزأ من هذا التعهد هو الالتزام بعدم السماح لإيران مطلقًا بامتلاك سلاح نووي، وأنها مستعدة لاستخدام جميع عناصر قوتها الوطنية لضمان هذه النتيجة. كما تؤكد الولايات المتحدة التزامها بالعمل مع الشركاء الآخرين لمواجهة العدوان الإيراني والأنشطة المزعزعة للاستقرار، سواء كانت مدفوعة بشكل مباشر أم من خلال وكلاء ومنظمات إرهابية مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين".
وتابع: "تدعم الولايات المتحدة بقوة تنفيذ بنود مذكرة التفاهم التاريخية الحالية البالغة 38 مليار دولار بالكامل، والتي تحترم التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن إسرائيل، فضلاً عن قناعتها بأن مذكرة التفاهم اللاحقة يجب أن تعالج التهديدات الناشئة والحقائق الجديدة".
وكشف النقاب أنه "تلتزم الولايات المتحدة بالسعي للحصول على مساعدة دفاعية صاروخية إضافية تتجاوز مستويات مذكرة التفاهم، في ظروف استثنائية مثل الأعمال العدائية مع حماس على مدى أحد عشر يومًا في مايو/أيار 2021".
اتفاقيات إبراهيم
من جهة ثانية، أشار الإعلان إلى أنه "تشكر إسرائيل الولايات المتحدة على دعمها المستمر والواسع لتعميق وتوسيع اتفاقيات إبراهيم".
وقال: "تؤكد الدولتان أن اتفاقيات السلام والتطبيع التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب تشكل إضافة مهمة لمعاهدات السلام الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر والأردن، وكلها مهمة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط ولقضية الأمن الإقليمي والازدهار والسلام".
وأضاف: "تشير الدولتان إلى أن قمة النقب التاريخية، التي بدأها واستضافها رئيس الوزراء لابيد، كانت حدثًا بارزًا في الجهود الأمريكية الإسرائيلية المشتركة لبناء إطار إقليمي جديد يغير وجه الشرق الأوسط، وترحب الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الصدد بالاجتماع الذي عقد في المنامة بالبحرين في 27 يونيو/حزيران، والذي شكل منتدى النقب حول التعاون الإقليمي".
كما رحبت الولايات المتحدة بهذه التطورات وهي ملتزمة بمواصلة لعب دور نشط، بما في ذلك في سياق زيارة الرئيس بايدن المقبلة إلى المملكة العربية السعودية، في بناء هيكل إقليمي قوي؛ لتعميق العلاقات بين إسرائيل وجميع شركائها الإقليميين، ودفع التكامل الإقليمي لإسرائيل مع مرور الوقت، وتوسيع دائرة السلام لتشمل المزيد من الدول العربية والإسلامية.
وأكد الرئيس بايدن على دعمه الطويل الأمد والمتواصل لحل الدولتين وللتقدم نحو واقع يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء التمتع فيه بإجراءات متساوية من الأمن والحرية والازدهار.
قمة جدة
بعد انتهاء المشاورات مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين يتجه بايدن إلى المملكة العربية السعودية، حيث ستعقد في جدة قمة مشتركة دعا إليها خادم الحرمين الشريفين تتضمن حضور الرئيس الامريكي اضافة الى جلالة الملك عبد الله الثاني وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.
ويرى خبراء عرب وغربيون أن الزيارة الأولى لبايدن إلى الشرق الأوسط، منذ دخوله البيت الأبيض مطلع عام 2021، تستهدف تدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج في ظل متغيرات سياسة واشنطن تجاه المنطقة.
وخلال زيارته لجدة، التي تبدأ غدا الجمعة، يلتقي بايدن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وكذلك ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
مشاركة الأردن في القمة
وبحسب المحللين فإن الأردن ركيزة أساسية في أية مباحثات ستجري وما سينتج عنها من خطوات مقبلة على هيئة مشاريع اقليمية، وتهتم الأردن بمناقشة ثلاثة ملفات، أولها الملف الذي يعد من أولويات الإدارة الاردنية وهو القضية الفلسطينية وما تتضمنه من تفاصيل لا سيما أن المباحثات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مصابة بحالة من الجمود، والدبلوماسية الأردنية تؤمن بضرورة الدفع نحو طاولة المفاوضات وإيجاد صيغ تفاهمية عادلة نابعة من الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين.
ويبين المحللون أن قدوم بايدن إلى الشرق الأوسط يثبت من جديد أنّ هذه المنطقة لا يمكن أن تتخلى عنها الولايات المتحدة، وأن فكرة الانسحاب منها والانشغال بملفات أخرى لا يعد أمرا متضاربة، وبالتالي ستبقى واشنطن على صلة بالمنطقة رغم ما يحدث في المشهد العالمي.
ويأخذ ملف الأمن اهمية قصوى بالنسبة للأردن، ويهمه بشكل كبير حالة أمن الحدود لا سيما مع الدول المجاورة له، ومن هنا فإن تعزيز العمل والشراكة في هذا الأمر يعد ضرورة، فالحدود الشمالية وأيضا الشرقية مثقلة وتحتاج إلى العمل الجماعي الدؤوب لمواجهة تهريب المخدرات والتصدي للمليشيات.
أما الجانب الاقتصادي سيأخذ حيزاّ مهما خلال المباحثات التي ستجري، فجميع الدول لديها الدافع والرغبة في تأسيس مشاريع اقليمية نوعية ستعمل على دعم الاقتصاد التشاركي وتحفيزه إحداث نقلات نوعية من الممكن البناء عليها، فلا يمكن التوصل إلى هذه الناقلات بشكل فردي، فالتعاون البيني بين الدول أساسي.
ويتضمن الجانب الاقتصادي ايضا ملف الطاقة، وهو ملف يحتاج الى الحوار بشأنه وترتفع أهميته وحساسيته نتيجة الأزمة الأوكرانية وما نتج من تداعيات لا يمكن إغفالها، وبحسب مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان «إن المسؤولين الأميركيين سيناقشون أمن الطاقة مع زعماء دول منظمة أوبك في الشرق الأوسط خلال جولة بايدن وسنخبر المسؤولين الخليجيين بضرورة تزويد سوق النفط بالكميات الكافية.
رسائل الكاظمي لبايدن
قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مقال كتبه بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يزور الشرق الأوسط، حيث المنطقة التي تواجه تحديات هائلة من الإرهاب إلى انعدام الأمن الغذائي، وتغير المناخ.
وأضاف الكاظمي في مقاله "سأقدم عراقا قويا يقف بمزيد من الثقة على الساحة الدولية، وأقوى مما كان عند زيارته الأخيرة إلى بغداد بصفته نائبا للرئيس عام 2016، أو حتى عما كان عليه عندما التقينا بالمكتب البيضاوي العام الماضي".
وأضاف الكاظمي: "الشيء الذي أريد أن يتحصل عليه من اجتماعنا في السعودية هو صلابتي وعزيمة الشعب العراقي على حل مشاكل العراق بحلول عراقية".
وأشار إلى أن "العراق الآن يتمتع بديمقراطية دستورية متعددة الأحزاب والأعراق، ولا نزال في عملية مطولة لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الوطنية الخريف الماضي".
وتابع: "لقد استغرقت وقتا طويلا، مما أحبط كثيرين في العراق وبالخارج. وأتشارك نفس الإحباط، لكنني أيضا فخور بكيفية تنفيذ بلدنا كل عمل يتعلق بخدمة المواطنين العراقيين، وحماية موارده الطبيعية، وقيادة المبادرات الإقليمية التي تعزز الرخاء والأمن".
وأردف: "لقد شهدنا حوالي عقدين من الانتخابات، دليل واف على مدى ترسخ الديمقراطية في العراق بعد أكثر من ثلاثة عقود من الحكم الديكتاتوري الوحشي، وهذا وحده قصة نجاح كبرى".
واختتم الكاظمي مقاله بالقول: "نطلب من الولايات المتحدة وشركائنا الدوليين الآخرين الاعتراف بالتقدم الذي أحرزناه والمصاعب التي نواجهها بينما نطور ونحمي ديمقراطيتنا التعددية في منطقة معقدة، التاريخ طويل في الشرق الأوسط، وقطعنا شوطا طويلا بالفعل خلال مثل هذه الفترة القصيرة".
ويأمل الخبراء والمحللون أن يكون هناك توافق كبير في قمة جدة حول التحديات التي تواجهها دول المنطقة، والحفاظ على إنتاج النفط وسلامة مروره، وأن تتم صناعة خريطة جديدة للمنطقة مع تحقيق السلام العادل والشامل وفق قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية، بالإضافة إلى العمل على تكامل المصالح بين دول المنطقة ليعيش الجميع في أمن وسلام.