بعد زيارة بايدن.. هل ترضخ أوبك بلس لطلب زيادة إنتاج النفط
أصبحت “أوبك +” كلمة ثقيلة على مسامع الرئيس الأمريكي بايدن كلما طلب زيادة إنتاج النفط، وهو التحالف الذي تقوده كل من السعودية وروسيا ويجمع كبار منتجي النفط في العالم، فهل نجحت قمة جدة في فك الحصار عن واشنطن.
كثّف الرئيس الأمريكي جهوده للضغط على "أوبك" لزيادة إنتاج الخام، في محاولة لترويض ارتفاع أسعار النفط. وهو قام بأول زيارة له إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، والتي تتضمنت السعودية كمحطة أساسية.
إحراج فرنسي لبايدن
التقطت عدسات الكاميرات موقف محرج حول زيادة إنتاج النفط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة G-7 الشهر الماضي وهو يخبر بايدن أن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد اعترف له أن أبو ظبي قد وصلت إلى "الحد الأقصى" من الإنتاج وأن السعوديين يمكنهم فقط إضافة القليل.
سعى وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، على الفور لتوضيح أن الشيخ محمد كان يشير إلى الحصص المتفق عليها مع أعضاء "أوبك+"، وزيادة إنتاج النفط.
الكرة في ملعب السعودية والإمارات
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هما العضوان الوحيدان في "أوبك" اللذان لديهما كميات كبيرة من الإنتاج غير المستغل.
وتشير البيانات الرسمية من الدولتين إلى أنهما تمتلكان حالياً طاقة إنتاجية إضافية تبلغ حوالي 3 ملايين برميل يومياً.
يمثل زيادة إنتاج النفط لهذا الشكل حوالي 3% من إنتاج النفط العالمي، ويعادل تقريباً كمية النفط الروسي التي يمكن خروجها من السوق بسبب العقوبات في نهاية العام، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. لكن هامش إمدادات الطوارئ قد يكون أقل مما تشير إليه الأرقام الرسمية.
حذر بن فان بيردن، الرئيس التنفيذي لشركة "شل" (Shell Plc)، في 29 يونيو من أن العالم يواجه "سوقاً أكثر ضيقاً" (من حيث العرض) و"فترة مضطربة" لأن طاقة "أوبك" الاحتياطية أقل مما كان متوقعاً.
تقول شركة "أرامكو السعودية" العملاقة المملوكة حكومياً، إنها تستطيع الوصول إلى الحد الأقصى من الإنتاج وزيادة إنتاج النفط عند 12 مليون برميل يومياً، تُظهر بيانات "أوبك" أن المملكة حافظت على هذا المستوى لمدة شهر واحد فقط، وهو أبريل 2020، خلال عقودها العديدة كمنتج رئيسي للنفط.
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، عرضت السعودية ما تم تفسيره على نطاقٍ واسع على أنه بادرة إيجابية تجاه واشنطن من خلال توجيه تحالف "أوبك+" لتسريع زيادات الإنتاج في يوليو وأغسطس.
لكن حتى مع هذه الزيادة، لم تُسلّم الرياض سوى خُمس الكمية التي كان مقرراً ضخّها بالسوق، ما أثار مخاوفَ من أن المملكة قد تكون لديها طاقة إنتاجية فائضة محدودة. حيث إن الإنتاج الفعلي حالياً يبلغ 10.45 مليون برميل يومياً، أي أقل من المستهدف بنحو 210 آلاف برميل.
اتصال روسي سعودي بشأن النفط
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اتصالًا هاتفيًا، اليوم الخميس، لبحث سبل زيادة التنسيق داخل "أوبك+"، وهو أول اتصال عقب قمة جدة للأمن والتنمية.
وقال الكرملين في بيان: "أجرى رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، محادثة هاتفية مع ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان آل سعود، وقدم الجانبان تقييما إيجابيا للمستوى الذي تحقق من العلاقات الودية بين روسيا والسعودية".
وجاء في بيان الكرملين: "بوتين وبن سلمان يؤكدان أن دول "أوبك+" تفي باستمرار بالتزاماتها للحفاظ على التوازن في سوق الطاقة".
وتابع البيان: "تمت مناقشة قضايا التعاون الثنائي مع التركيز على توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة".
ونوه البيان إلى أنه "تم النظر بدقة في الوضع الحالي في سوق النفط العالمية".
أكد الوزراء والمسؤولون في السعودية أن قرارات السياسة النفطية ستُتخذ وفقاً لمنطق السوق وداخل تحالف أوبك +، بعدما اختتم الرئيس الأميركي جو بايدن رحلة تاريخية إلى المملكة.
وقال بايدن في وقت متأخر من يوم الجمعة، إن المسؤولين في السعودية يشاركونه "الحاجة الملحة" لزيادة إمدادات النفط، ويتوقع "خطوات أخرى في الأسابيع المقبلة" لتحقيق هذه الغاية.
تحركات أوبك +
فيما شدد المسؤولون السعوديون خلال قمة جدة على أن أي قرار لضخ المزيد سيتخذ في إطار أوبك+ التي ستعقد اجتماعها المقبل في الثالث من أغسطس.
وقال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان للصحافيين "نستمع إلى شركائنا وأصدقائنا من جميع أنحاء العالم وخاصة الدول المستهلكة"، لكن في النهاية، تتبع أوبك + ظروف السوق وستوفر الطاقة حسب الحاجة، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية.نت".
ويضم تحالف أوبك + روسيا، التي تحاول الولايات المتحدة فرض عقوبات لمنع استفادتها من عائداتها النفطية بسبب غزوها لأوكرانيا. فيما كانت الرياض واضحة بشأن تمسكها بالعمل ضمن التحالف.
هل قمة جدة ستحرك الإنتاج
وكانت رحلة بايدن إلى المملكة مثيرة للجدل في الداخل، لكن أسعار البنزين التي تقترب من مستويات قياسية تشكل أيضاً خطراً سياسياً.
وقال بايدن يوم الجمعة "أفعل كل ما بوسعي لزيادة الإمدادات للولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أتوقع حدوثه".
من جانبه، قلل وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، من فكرة أي اتفاق. وقال "الأمر لا يتعلق بالاتفاق. يتعلق الأمر بسياسة المملكة الطويلة الأمد المتمثلة في العمل على ضمان وجود إمدادات كافية من النفط الخام في الأسواق ونتابع حالة العرض والطلب بعناية شديدة. إذا كان هناك نقص محتمل، فإننا نعمل على زيادة إنتاج النفط الخام من خلال ومع شركائنا في أوبك وشركائنا في أوبك +".
وتحرك التحالف بالفعل لتسريع زيادات الإنتاج في يونيو، بعد مكالمات من الدول المستهلكة بما في ذلك الولايات المتحدة. ومع ذلك، مع انخفاض أسعار النفط من المستويات المرتفعة الأخيرة مع سيطرة مخاطر الركود على الأسواق، قد تتغير الصورة قبل اجتماع 3 أغسطس المقبل.
بموجب شروط اتفاقية أوبك + الحالية، من المقرر أن يصل إنتاج المملكة العربية السعودية إلى 11 مليون برميل يومياً الشهر المقبل، وهو مستوى نادراً ما حافظت عليه في عقودها كمصدر للنفط الخام.
إصرار سعودي على الدور الروسي
قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إنه لا يرى نقصاً في النفط بالسوق وإنما في طاقة التكرير؛ مما يجعل من الضروري زيادة الاستثمار في القدرة على معالجة النفط الخام إلى مختلف المنتجات النفطية.
وأضاف الأمير فيصل بن فرحان للصحفيين في طوكيو، أنه بدون تعاون جماعي لتحالف أوبك+ سيكون من المستحيل ضمان إمدادات خام كافية؛ وفقاً لرويترز.
وشدد وزير الخارجية، على أن روسيا جزء مكمل لأوبك+، ولا بد من وجود تعاون جماعي للتحالف.
تفاؤل أمريكي
قال مستشار أمن الطاقة الأمريكي، عاموس هوكستين، إن واشنطن تعتقد أنه بوسع دول أوبك زيادة إنتاج النفط، وتتوقع منها اتخاذ خطوات الأسابيع المقبلة.
وأضاف “هوكستين”، لشبكة "سي بي إس" الأمريكية، "بناء على ما سمعته في الرحلة، أنا واثق تماما من أننا سنرى بضع الخطوات الأخرى في الأسابيع المقبلة".
وأكد مستشار أمن الطاقة الأمريكي "يوجد هناك طاقة إضافية، وهناك مجال لزيادة الإنتاج".