المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية.. هل تنهي النزاع مع البوليساريو؟
أثارت المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية الكثير من الجدل خاصة بعد انضمام العديد من الدول الأوروبية إلى مقترح الحكم الذاتي.
أعلن وزير الخارجية المغربية، خلال ندوة صحفية تلت اختتام اجتماع التحالف الدولي ضد داعش في مراكش، بدينامية أوروبية لحل ملف الصحراء بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية ، ما يعني بوجود احتمال كبير لحدوث تحول جذري في موقف الاتحاد الأوروبي نفسه، وهو الأمر الذي بدأت تتضح معالمه منذ أن انضمت ألمانيا وقبرص وإيطاليا.
وكانت ألمانيا تتزعم محور "الجمود" الذي يُفضل الإبقاء على دعم المسار الأممي دون الحكم الذاتي، إلى صف فرنسا التي حسمت قرارها مبكرا بخصوص هذا الأمر، ثم جاء الإعلان الإسباني في مارس المنصرم ليؤكد أن أوروبا أضحت أكثر اقناعا بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية هي الأكثر واقعية.
الجديد الذي حملته قمة مراكش، والمتمثل في إعلان هولندا، عبر وزير خارجيتها فوبكي هويكسترا، الوقوف إلى جانب هذا المقترح باعتباره "مساهمة جادة وذات مصداقية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة".
وإلى جانب هولندا ومعها رومانيا، استطاعت الرباط جلب بلد عضو آخر في الاتحاد الأوروبي إلى صف طرح المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية، ويتعلق الأمر بقبرص البلد الذي يعاني إلى اليوم من الانقسام المفروض بحكم الأمر الواقع بين قبرص الجنوبية ذات الأغلبية اليونانية وقبرص الشمالية ذات الأغلبية التركية، لذلك فإن موقف وزير خارجية نيقوسيا، يوانيس كاسوليدس، كان واضحا في إعلان دعم الحكم الذاتي والتأكيد على أن بلاده تساند "مبدأ احترام الوحدة الترابية للدول ولقرارات مجلس الأمن الدولي، ورفضها التام لكل المحاولات الانفصالية التي يواجهها المغرب وقبرص".
ومن جهتها ابتعدت مصر كثيرا عن "المنطقة الرمادية" التي اعتادت التموقع فيها بخصوص ملف الصحراء واختارت الانضمام إلى مواقف الدول العربية الأكثر تأثيرا الداعمة لمغربية الصحراء، على غرار السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان والأردن إلى الوقوف بجانب طرح المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية .
بادرت البوليساريو إلى اتهام الدول التي ساندت مقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية بـ"الارتشاء"بعد اللقاءات الثنائية التي جرت على هامش أشغال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد "داعش" بمراكش ومن بينها هولندا وتركيا ومصر والسعودية وإسبانيا وقبرص ورومانيا، مبدية أيضا غضبها من ربطها بالإرهاب.
واعتبرت البوليساريو نفسها معنية بما جاء في هذا الاجتماع من إشارة إلى العلاقة التي باتت تربط الحركات الانفصالية بالجماعات المتطرفة في إفريقيا، حيث جاء في بيان لما يسمى "وزارة الشؤون الخارجية" في مخيمات تندوف بالجزائر، أن "المغرب يلجأ إلى التزوير والمغالطات والأكاذيب بهدف تضليل رأيه الداخلي وربح الوقت لمواجهة أزمة عميقة تدفع كل يوم نحو المجهول"، وأضافت أن "ما حصل في مراكش يثبت فشلا وورطة للرباط، وأن إلصاق تهم الإرهاب والانفصال بالشعب الصحراوي يؤكد خيبة الأمل لدى السلطات المغربية".
ولم تُخف الجبهة غضبها من البيانات المشتركة المُعلنة لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، لدرجة أنها وضعت نفسها في موضع المتحدث الرسمي باسم حكومات تلك الدول لنفس مضامينها، وأوردت أن المغرب "يتعمد إصدار بيانات ملفقة وأكاذيب وتصريحات ينسبها إلى بعض الوفود المشاركة تعبر فيها، حسب ادعاءاته، عن تأييدها لمشروعه التوسعي الإلحاقي تحت ما يسميه بالحكم الذاتي"
وخلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، الذي عُقد برئاسة مشتركة مغربية أمريكية، قال بوريطة إن "التحدي الذي يواجه إفريقيا حاليا هو بروز التيارات الساعية للانفصال والمرتبطة بالإرهاب والتي لديها وسائل مالية وتكتيكية ولها علاقات قائمة مع المجموعات الإرهابية غالبا ما نجد الانفصال والإرهاب وجهين لعملة واحدة"، موردا "علينا ألا نخطئ، لأن تشجيع الانفصال يعني التواطؤ مع الإرهاب".
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، نقلا عن البعثة الجزائرية لدى الاتحاد الأوروبي، إن "المفوضية الأوروبية اتخذت هذا الموقف دون استشارة مسبقة أو تحقق مع الحكومة الجزائرية، ودون التأكد من أن تعليق هذه المعاهدة مع إسبانيا لن يؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على التزامات الجزائر الواردة باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، بعد المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية.
وأضافت الخارجية الجزائرية في بيان لها، أنه فيما يتعلق بإمدادات الغاز إلى إسبانيا، أكدت الجزائر من قبل، على لسان الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، بأنها ستواصل الوفاء بتعهداتها التعاقدية في هذا الشأن، مشيرة إلى أن "الأمر متروك للشركات التجارية المعنية لتحمل جميع التزاماتها التعاقدية".
ودخل الاتحاد الأوروبي على خط تعليق السلطات الجزائرية لاتفاقية الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع اسبانيا، معتبرا أن القرار “مقلق للغاية” ولا سيما أن الجزائر “شريك مهم” للاستقرار الإقليمي، داعيا إلى “إعادة النظر في قرارها”.
وكانت الرئاسة الجزائرية، قد أعلنت الأربعاء الماضي، تعليق "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمت عام 2002 مع إسبانيا بعد تغيير موقفها في ملف الصحراء واعتبرت الحكم الذاني“حلا أساسيا ووحيدا لنزاع الصحراء”، مؤكدة الاحترام التام للوحدة الترابية للمغرب.
كما قررت الجزائر حظر كل وارداتها من إسبانيا بدءا من اليوم الخميس، وفقاً لبيان صادر عن جمعية المصارف الجزائرية، جاء الحظر بعد ساعات من إعلان الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون في خطوة تزيد تصعيد الخلاف حول موقف مدريد إزاء الصراع في الصحراء.