الجزائر ترعى اتفاق السلم والمصالحة بمالي.. هل تنجح في إحياء السلام المتعثر؟
بدأت أول أمس الجمعة في باماكو العاصمة المالية اجتماع للجنة متابعة تنفيد اتفاق السلم والمصالحة بمالي المنبثق عن مسار الجزائر، بحضور ممثلي حكومة مالي والحركات الموقعة على الاتفاق وكذا عدة وزراء وإطارات سامية ممثلين لبلدان المنطقة والشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف لجمهورية مالي.
ويهدف الاجتماع إلى متابعة الخطوات العملية لتنفيذ الاتفاق وتذليل العقبات التي لا تزال تعيق التجسيد العملي للاتفاق ومنها دمج كافة مقاتلي الحركات المسلحة لتحرير إقليم أزواد بمالي والتي تتهم حكومة باماكو بالتلكؤ في تنفيذ الاتفاق والوفاء بالتزاماتها وتترأس الجزائر الوساطة الدولية حول مالي.
ووقعت الحكومة المالية وتنسيقية حركات تحرير أزواد المسلحة في الجزائر اتفاقًا في 15 أيار/مايو 2015 وضع حدًا للحرب في مالي بعد مفاوضات شاقة استمرت ثمانية أشهر.
الحركات الموقعة على الإتفاق
ويعد اتفاق السلم والمصالحة بمالي هي اتفاقية تمت بين مالي والجماعات السياسية والعسكرية المالية، توسطت وأشرفت فيها الحكومة الجزائرية وهي نتائج مفاوضات طويلة وقعت بمدينة الجزائر العاصمة في 1 مارس 2015.
وتمثلت الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والمصالحة بمالي كل من حكومة مالي المركزية والحركة العربية للأزواد، التنسيقية من أجل شعب الأزواد، تنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة، الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، وهي حركة عسكرية وسياسية أسسها الطوارق في إقليم أزواد شمال مالي، وتسعى الحركة إلى إقامة دولة أزواد المستقلة.
واندلعت مواجهات بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والجماعات الارهابية الناشطة في أزواد، حيث جرت اشتباكات بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد و حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في غاو عاصمة دولة أزواد الوليدة، برزت حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في أواخر عام 2011، ومنذ ذلك الحين زادت شهرتها وخصوصاً في شمال مالي، منذ ديسمبر 2011، وتوصف الجماعة بأنها «الجماعة الإرهابية المسلحة الأكثر إثارة للرعب في شمال مالي، أكثر الجماعات المسلحة نفوذا لأنها تتشكل من عصابات لتهريب المخدرات، ولأنها أيضا استولت على كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة القادمة من ليبيا.
ونجحت سيطرت الجماعات الإرهابية على معظم مناطق أزواد، وتراجع نفوذ الحركة الوطنية لتحرير أزواد، حتى تدخلت فرنسا عسكريا في 11 من يناير 2013 م لمحاربة هذه الجماعات الإرهابية، بعد طلب الحكومة المالية مساعدتها، وفي غضون أقل من شهر تمكنت القوات الفرنسية من السيطرة على مناطق أزواد الثلاثة كيدال، وغاو، وتمبكتو، ولا يزال التدخل الفرنسي مستمرا..
وشملت الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والمصالحة بمالي المجلس الأعلى لتوحيد الأزواد، هي حركة متمردة تنشط في شمال مالي أو ما يسمونه اقليم أزواد أسسها الزعيم التقليدي للايفوغاس الطاهر أغ أنتالا في مايو 2013 وأغلب أعضاءها منشقون عن حركة أنصار الدين، والحركة العربية للأزواد (منشقة)، وحضر مراسم التوقيع ممثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
بنود الإتفاق
ولا يتحدث الاتفاق عن حكم ذاتي ولا عن نظام فيدرالي ويشدد على الوحدة الترابية وسلامة وسيادة دولة مالي وعلى طابعها الجمهوري والعلماني.
ويعتبر الاتفاق تسمية "أزواد" التي يطلقها المتمردون على منطقتهم "حقيقة إنسانية"، ملبيا بذلك رغبة المتمردين وأغلبهم من الطوارق.
إعادة الإحياء
بحث وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مع نظيره المالي عبد الله ديوب آفاق الدفع بتنفيذ اتفاق السلام والمصالحة بمالي المنبثق عن "مسار الجزائر" عام 2015، في إطار الجهود الجارية الرامية إلى العمل على إقرار فترة انتقالية ناجحة في جمهورية مالي.
جاء ذلك خلال استقبال لعمامرة، بمقر وزارة الخارجية الجزائرية، بالعاصمة، لنظيره المالي، الذي يقوم بزيارة إلى الجزائر، في إطار المشاورات السياسية الدورية بين البلدين.
وأوضحت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، أن المحادثات، التي جرت خلال اجتماع الوزيرين على انفراد، وجلسة العمل الموسعة التي تلت الاجتماع، تمحورت حول تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين، وكذلك آفاق الدفع بتنفيذ اتفاق السلام والمصالحة في مالي.
وبخصوص تنفيذ اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة بمالي، رحب الوزيران بالنتائج "المشجعة" للاجتماع الثاني رفيع المستوى لصنع القرار الذي عقد في باماكو خلال الفترة من الأول إلى 5 أغسطس الجاري، والمتعلق أساس بمسألة نزع السلاح، وإعادة الإدماج المقاتلين، وكذلك بعض جوانب الإصلاحات السياسية والمؤسساتية.
وشدد الوزيران على ضرورة الحفاظ على هذه الديناميكية الإيجابية للسلم والمصالحة ودعمها من أجل توطيد مسار الإصلاح الجاري والعودة إلى النظام الدستوري وتعزيز السلم الدائم في البلاد.
وفي هذا الصدد، حدد رئيسا دبلوماسية الجزائر ومالي تاريخ اجتماع لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق المقرر عقده قريبا في باماكو برئاسة الجزائر.
كما ثمن وزير خارجية مالي الالتزام الشخصي للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لصالح السلم والاستقرار في مالي، مجددا تقدير بلده للتضامن الفعال المعبر عنه في كل وقت من قبل الجزائر.
وأشار بيان الخارجية الجزائرية إلى أن لعمامرة طمأن نظيره المالي بأن الجزائر، وبالنظر لمسؤولياتها على رأس الوساطة الدولية، ولجنة متابعة تنفيذ الاتفاق وبصفتها بلدا مجاورا، لن تدخر أي جهد لدعم الأطراف المالية في سبيل السلم والمصالحة في مالي.
الإجتماع بالحركات المسلحة
وجاءت الجولة الأخيرة عندما التقى وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي يزور مالي، بممثلي الحركات الموقعة على اتفاق السلم والمصالحة بمالي المنبثق عن مسار الجزائر، واللقاء سمح بالاطلاع على وجهات نظر الحركات، مما يمكن من استكمال التقييم العام لمدى تنفيذ الاتفاق وآفاق تسريعه على ضوء الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف الموقعة خلال آخر اجتماع رفيع المستوى لاتخاذ القرارات.
وبهذه المناسبة، "جدد ممثلو الحركات تمسكهم بالاتفاق باعتباره حجر الزاوية في الجهود المبذولة لتعزيز عوامل المصالحة والسّلم وحفظ استقرار ووحدة هذا البلد الشقيق بشكل مستدام".
وذكر المصدر أنّ "المشاركين اغتنموا الفرصة لتجديد ثقتهم بدور الجزائر بصفتها قائدة الوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي".
من جهته، أكد رئيس الدبلوماسية مجدداً "استعداد الجزائر لمواصلة مرافقتها لمساعدة الأطراف الموقعة على ضمان التنفيذ السريع والفعال والكامل للاتفاق حفاظاً على المصالح العليا لمالي، لاسيما وأنّ البلد قد انخرط في مسار تجديد مؤسساتي".