مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

محمد النوفان الجبوري يكتب: ثورة تشرين والتحديات الكبيرة

نشر
الناشط المدني محمد
الناشط المدني محمد النوفان الجبوري

منذ انطلاق ثورة تشرين في عام 2019 واجهت هذه الثورة العفوية الشعبية العديد من التحديات الكبرى المتمثلة في القمع ومحاولة اسكات صوتها الهادر الذي صم آذان الساسة القابعين في الخضراء ومن يقف خلفهم في طهران، غير أن فشلهم المتكرر زاد من قوة وعظمة هذه الثورة الكبيرة بتضحياتها والعظيمة بأهدافها التي تتمثل في اسقاط النظام السياسي الذي جاءت به قوات الاحتلال الأمريكي عام 2003 والتي عملت على تدمير الدولة العراقية وليس لإسقاط النظام السابق كما ادعت الولايات المتحدة وحلفائها. 

ومع إصرار الثائرين على تحقيق أهدافهم ومواجهة آلة القمع الحكومية والمدعومة بالحرس الثوري الإيراني ومليشيات ايران في العراق برزت تحديات قد تبدو اكبر من مجرد التصدي لقمع السلطة، حيث كان للمتسلقين على أكتافها الأثر البالغ في محاولة مصادرة حقوق الثوار وحرف الثورة عن أهدافها، اذ ان من الصعب جداً تمييز المتسلقين عن غيرهم من الثوار الحقيقيين الذين يطمحون للتغير لا اكثر دون التفكير بمنصب او مكانة تتيح لهم البروز عن زملائهم في الثورة، وطبعاً هذا الامر شكل تحدي حقيقي على الارض وبين خيم المعتصمين في التحرير وفي باقي ساحات الاعتصام في المحافظات الأخرى المنتفضة.

كشف المندسين

التحدي الآخر هو كشف المندسين من العناصر الذين دفعتهم الأحزاب السياسية للدخول بين المتظاهرين لكشف الأساليب التي يتبعها الثوار في التواصل فيما بينهم والاتفاق على الخطوات القادمة التي كانوا يتحضرون لها وايضاً كشف الشخصيات القيادية داخل الحراك الثوري وتهديدهم او تصفيتهم كما حصل مع الكثيرين من الثوار الذي تم اختطافهم واغتيالهم بكواتم الصوت الإيرانية، وقد نجحت الأحزاب السياسية الى حد ما في ذلك مما دفع الكثيرين الى الهرب خارج العراق او اللجوء الى إقليم كردستان للحصول على قليل من الأمان هناك.
التحدي الأخر الذي واجه الثوار كان التصدي لعملية التعتيم الإعلامي التي مارستها قوى السلطة، حيث منُعت جميع القنوات الفضائية من التغطية والنشر عن التظاهرات وعملت على قطع الانترنت عن العراق أيام عديدة وتقييد الوصول الى مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت الوسيلة الوحيدة للتواصل بين المتظاهرين ونقل الصور والفيديوهات من موقع الحدث ومن مختلف الساحات، هذا الامر اظهر المعدن الحقيقي للعراقيين في خارج العراق الذين حاولوا بكل ما يملكون دعم الثورة وايصال صوتها الى العالم ولفت انظار المجتمع الدولي الى المجازر التي ارتكبتها القوات الحكومية ضد المتظاهرين العزل.

أما أكبر التحديات التي واجهت ثوار تشرين ومازالت تشكل العائق الحقيقي امام المحافظة على الثورة من النهاية الأبدية هي مسألة القيادة والتي عجز فيها المتظاهرين عن اختيار قيادة موحدة لثورة تشرين بسبب كثرة الحركات والتنسيقيات التي تشكلت في جميع المحافظات وايضاً تغلغل عناصر كثيرة من المنتمين للأحزاب السياسية وعناصر حكومية والتي عملت بجهد كبير على خلق الانقسامات الكبيرة والخلافات بين قادة الحركات والتنسيقيات بغية عدم الوصول فيما بينهم الى اختيار قيادة موحدة تقود هذه الثورة العظيمة بكل تفاصيلها الى بر الأمان للوصول الى أهدافها الكبيرة والمتمثلة في تحرير العراق من الطبقة السياسية الفاسدة التي باعت العراق بثمن بخس وسرقت ونهبت وقتلت منذ بداية دخولها للعراق مع قوات الاحتلال الأمريكي.

لذلك ونحن الان امام منعطف خطير في تاريخ العراق اصبح لزاماً على ثوار تشرين العظيمة ان يتحدوا فيما بينهم و يختاروا قيادة حقيقية تمثلهم وتمثل كل عراقي غيور على ارضه و وطنه، متجاوزين خلافاتهم الشخصية والفئوية من اجل وحدة الصف وإكراماً لدماء الابرار الذين سالت دمائهم وضاعت زهرة شبابهم من اجل العراق.