عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: إرهاب صمت
الصمت إرهاب أكثر وحشية من إرهاب القتل المبرمج .. فأي سر وراء الصمت الأمريكي على جرائم ميليشيات القتل الطائفي في العراق، تدعو القيم الأمريكية إلى محاربتها والقضاء عليها، باعتبارها نبع إرهابي خطير ؟
الميليشيات الطائفية أداة إيران في العبث بالعراق، لم تفكر إدارة البيت الأبيض، في إدراجها بقائمة التنظيمات الإرهابية، كما تنظيمات أخرى طالتها العقوبات الأمريكية، رغم الجرائم التي ترتكبها كل يوم في مدن العراق، وتحكمها بمفاصل المؤسسات الحكومية، وتماديها في سياسات الفساد والهمجية التي قتلت الحياة المدنية.
مازالت إدارة البيت الأبيض يقف وقفة العاجز أمام تركة جورج بوش سئ الصيت في العراق بعد تهجير شعبه، وإعادته إلى زمن العصور الوسطى ، وطرده كليا من العصر الحديث بعد أعوام من الاحتلال البغيض واستمرار هيمنة النظام الإيراني، وأخذت جغرافيا المعازل مكانها المتسع في الفكر الحديث السائر في فلك الطريق الأمريكي للحياة المنتفضة على معناها الإنساني خلف جدران عازلة عن محيطها الطبيعي.
كارثة العراق أسكتت الضمير الإنساني وأقعدته على كرسي معاق لا يقوى على الحركة العضوية.
والشعب العراقي لا يثق بدعوة أمريكية لمقاومة النفوذ الإيراني، ضاع صداها بين بقايا مدن مخربة، ومخيمات شعب شريد، ومقابر تداخلت مع مقابر الحياة، فأحدا لا يؤمن أن البيت الأبيض المعلق بحبل دعواته جاد في دعم إرادة تطهير العراق من هيمنة طائفية مريضة جاءت بها دبابات قطعان بلده الهمجية واختفت وراء عمامات دجل شيطانية.
سقط الجمهوريون من قبل في فخ أوهام سياسة جورج بوش فتراكمت على رؤوسهم بقايا حطام مدن تحولت إلى مقابر وخنقتهم عفونة الجثث المجهولة في شوارع العراق الذي يعيش موتا يوميا بيد قطيع من العصابات الطائفية المنطلقة قطعانها من معسكرات الجريمة الأمريكية- الإيرانية المنظمة، ويحصدوا ما زرعت إدارة البيت الأبيض من انتكاسات برزت مظاهرها في كراهية الشعوب لما يسمى ب”الحرية” التي رقص على نشاز إيقاعاتها الأمريكيون المندفعون بجنون نحو فرض هيمنتهم المرفوضة على العالم.
الرئيس الأمريكي يفتقر إلى المصداقية اللازمة في بحث المعضلة العراقية المستعصية على إدارة البيت الأبيض فهو الطرف الرئيسي المشرع في مركز القرار الأمريكي الذي أوصل العراق إلى فجوة الكارثة الكبرى بتدمير أركان دولته المالكة لشروط وجودها في منطقة الشرق الأوسط ، وطبقت وعد جيمس بيكر القائل:أن إعادة ألعراق إلى القرون الوسطى هو العقاب ألذي يستحقه..”
ونفذ هذا الوعد جورج بوش ّالابنّ بأدوات البنتاغون التدميرية ووحشية دونالد رامسفيلد وهمجية ميليشيات طائفية، أعادت العراق إلى العصور البدائية وإحالته إلى مقابر جماعية حقيقية تفضح طقوس الموت اليومي الذي يحتفل به التحالف ّ الطائفي ّ المحصن بغطاء العجز الأمريكي وصمت إدارة البيت الأبيض.