بعد بدء التعبئة الجزئية للجيش الروسي.. هل يستعد بوتين لحرب عالمية ثالثة؟
في ظل سعي العالم أجمع لإيجاد حل للحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في آثار مدمرة على العالم، جراء الصراع القائم بين روسيا والغرب خاصة من الناحية الاقتصادية، والتي بدورها أدت لخلق حالة من عدم الإتزان العالمي على مختلف الأصعدة.
وبالرغم من تلك المحاولات التي لم تحقق تقدمًا حتى الآن، شهدت الأيام القليلة الماضية تطورًا خطيرًا ينذر بإطالة أمد الحرب ويقوض فرص الحل وينهي المساعي الدولية، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التعبئة الجزئية للجيش في خطوة من شأنها أن تزيد من حدة الصراع القائم بين كييف وموسكو، وسط ترقب من دول العالم وخوف مما هو قادم.
يأتي ذلك الإعلان بعدما تعرض الجيش الروسي، لضربات موجعة من قبل الجيش الأوكراني، خلال الأيام الماضية، والتي خلفت خسائر كبيرة فقدت فيها روسيا عدة كيلومترات من الأراضي التي سيطرت عليها منذ انطلاق العمليات العسكرية في 24 فبراير الماضي.
تفاصيل القرار
وبخصوص تفاصيل القرار، فقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزارة الدفاع الروسية ورئاسة هيئة الأركان بتنفيذ التعبئة الجزئية للجيش.
وقال “بوتين”، إنه وقع مرسومًا رئاسيًا لتنفيذ التعبئة العامة الجزئية، وعلى أثر القرار على الحكومة توفير أموال لزيادة إنتاج الأسلحة، كما سيتم استدعاء 300 ألف من قوات الاحتياط وفق القرار، ومن يتم استدعاؤهم سيحصلون على تدريب عسكري قبل نشرهم، وينطبق هذا القرار على من لديهم خبرة عسكرية سابقة.
وأوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب موجه للشعب الروسي: "نواجه اليوم القوات الأوكرانية والماكينة الكبرى للناتو، وبالتالي يجب أخذ القرار لحماية أرضنا ووطننا وسيادتنا".
وتابع: "المواطنين الروس المجندين سيحصلون على وضع خاص وامتيازات عسكرية"، لافتا إلي أنه أصبح جليا أن الحل السلمي لم يعجب الغرب، حيث حصلت كييف على دعمه لتقويض مقترحاتنا السلمية.
وشدد “بوتين" على أن روسيا، ستعمل على ضمان إجراء الاستفتاءات في المناطق الأوكرانية التي تريد الانضمام إلى روسيا، ولا يمكننا أن نتخلى عن أهل البيت، ويجب علينا حمايتهم ضد التنكيل الذي تمارسه السلطات في أوكرانيا.
وأضاف أن النظام في كييف هو من بدأ هذه الحرب، عام 2014، ورفع السلاح في وجه مواطنيه العزل، وارتكب تطهيرا عرقيا ومارس الإرهاب والحصار تجاه الذين رفضوا انقلاب عام 2014.
ما مدلول الإعلان الروسي؟
يعد قرار الرئيس الروسي بالتعبئة الجزئية للجيش هو أحد القرارت التي جاءت وفقًا للقوانين الفيدرالية الصادرة في 31 مايو 1996 بشأن الدفاع
وجاءت أيضا في 26 فبراير 1997 بشأن التحضير للتعبئة والتعبئة في روسيا الاتحادية، والقوانين المؤرخة في 28 مارس 1998 الخاصة بالواجب العسكري والخدمة العسكرية.
وتعبر هذه القوانين كافة على القيام بدعوة مواطني روسيا الاتحادية للخدمة العسكرية من خلال التعبئة في القوات المسلحة لروسيا الاتحادية، بالإضافة لتمتع المواطنو روسيا الاتحادية بوضع الأفراد العسكريين المتعاقدين الذين يخدمون في القوات المسلحة الروسية
وتتطابق مستوى الأجور لمواطني روسيا الاتحادية الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية بالتعبئة في القوات المسلحة الروسية مع مستوى أجور الأفراد العسكريين المتعاقدين العاملين في القوات المسلحة الروسية.
وتوالت ردود الفعل الدولية تجاه قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان التعبئة الجزئية للجيش الروسي، حيث وصف الجميع القرار الروسي بأنه دليل على ضعف الموقف على مستوى العمليات العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية.
ردود فعل دولية
جاء الرد الفعل الأمريكي على لسان سفيرة الولايات المتحدة في أوكرانيا، بريدجت برينك، التي اعتبرت أن التعبئة الجزئية التي أعلنها الرئيس بوتين تشكل "مؤشر ضعف".
وكتبت السفيرة في تغريدة لها على تويتر: "الاستفتاءات الزائفة والتعبئة هي مؤشرات ضعف وفشل روسي" مؤكدة أن بلادها ستستمر في "دعم أوكرانيا طالما اقتضت الضرورة".
وأعلن الاتحاد الأوروبي أن قرار التعبئة الروسية سيكون له عواقب من جانبه، مؤكدًا أن تعبئة الرئيس بوتين للجيش تظهر يأسه.
وأوضح في بيان له، أن التعبئة الروسية تظهر أن بوتين لا يهتم إلا بمواصلة حربه المدمرة، وأن أوروبا لن تعترف أبدا بالاستفتاءات في الأقاليم الانفصالية في أوكرانيا.
وفي الشرق جاء الرد الفعل الصيني الحليف لروسيا، حيث حثت وزارة الخارجية في بكين، الأطراف على الدخول في حوار ومشاورات وإيجاد طريقة لمعالجة المخاوف الأمنية لكل طرف.
وقال المتحدث باسم الوزارة وانج ون بين، إن موقف الصين بشأن أوكرانيا ثابت وواضح.
وفي ألمانيا قال روبرت هابيك نائب المستشار الألماني اليوم الأربعاء، إن التعبئة الجزئية للجيش التي أمرت بها روسيا هي تصعيد إضافي للصراع في أوكرانيا، وتدرس الحكومة في برلين الرد عليه.
وأضاف في التعليق على التصعيد الروسي أنه خطوة أخرى سيئة وخاطئة من روسيا، والتي بالطبع سنناقشها ونتشاور بشأنها سياسيا فيما يتعلق بكيفية الرد.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية جيليان كيجان، إن خطاب الرئيس الروسي "يمثل تصعيدا مقلقا ويجب أخذ التهديدات التي وجهها فيه على محمل الجد".
وتابعت: "علينا بكل وضوح أن نأخذ الأمر على محمل الجد، لأننا لا نسيطر على الوضع ولست متأكدة من أنه يسيطر على الوضع أيضا. هذا تصعيد واضح".
أما أوكرانيا المعنية الأولى بالتصعيد الروسي، فقد قال مستشار الرئاسة ميخايلو بودولاك، إن التعبئة الروسية كانت خطوة متوقعة وستثبت أنها لا تحظى بشعبية كبيرة وتؤكد أن الحرب لا تسير وفقا لخطة موسكو.
وأضاف في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن الرئيس بوتين يحاول تحميل الغرب مسؤولية بدء "حرب غير مبررة" والوضع الاقتصادي المتدهور في بلاده؛ وفق تعبيره.
وحتى الآن لم يتضح النية الخفية للرئيس الروسي بوتين من هذا القرار خاصة في ظل العقوبات الدولية التي تم توقيعها على النظام الروسي منذ بداية الغزو وحتى وقتنا الحالي.