مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بهاء خليل يكتب: بلد غني وشعب فقير

نشر
الأمصار

بعد الإطاحة بالنظام السابق تصور الكثير من العراقيين ان احوالهم ستتغير نحو الأفضل وسيعيشون من خيرات بلدهم دون الدخول في حروب تسرق منهم ارواحهم ومواردهم، غير انهم اصدموا بواقع أكثر سواداً مما كانوا عليه أوقات الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الامن الدولي بعد دخول الجيش العرقي للكويت عام 1990. 
كانت الشعارات البراقة التي رفعتها الأحزاب بمختلف توجهاتها وخصوصاً الإسلامية قد استهوت الكثيرين من الباحثين عن الثراء والمستعدين لفعل أي شيء من اجل الوصول لأهدافهم، وقد وجدت ايران ضالتها لدى هؤلاء الذين اصبحوا اذرعها لسرقة العراق وعملت على ايصالهم لمراكز مهمة في الدولة ليتسنى لها استنزاف العراق اقتصادياً لصالح تمويل مخططاتها في المنطقة، كل ذلك لم يكن ليحصل لولا المساعدة أمريكية والاوربية لها والتغاضي عن ما يحصل في العراق وقد اعترف بذلك رئيس لجنة العراق في البرلمان الأوربي آنذاك ستراون ستيفنسون الذي قال في لقاء معه ان ايران قد وضفت اكثر من 32 الف موظف لها في مناصب حساسة في الدولة العراقية وقدم قائمة بأسمائهم والمرتبات الشهرية التي يتقاضونها من ايران ، غير ان ذلك لم يغير شيئاً من الواقع فقد عملت ايران بواسطة هؤلاء على استنزاف العراق اقتصادياً بصورة مخيفة، وقد اشارت آخر التقارير ان التي صدرت من معهد  تشاتام للأبحاث ان العراق خسر نحو 551 مليار دولار للفترة ما بين عامي 2006 و 2014 بسبب الفساد . 
ولو دققنا النظر في التقارير التي توضح حجم الفساد ومركز العراق عالمياً سنجد ان العراق قد أصبح في المراتب الأولى في الفساد وهذا الفساد يتج عنه بالتأكيد زيادة في الفقر والتخلف في مختلف المجالات كالتعليم والصحة والخدمات والمستوى المعيشي وهذا يتضح من تقارير وزارة التخطيط العراقية التي ذكرت في وقت سابق ان 40% من سكان العراق أصبحوا تحت خط الفقر ناهيك عن نسب الامية المرتفعة التي وصلت الى 35% من مجموع تعداد الشعب العراقي الذي تخطى 40 مليون نسمة حسب ارقام تقريبية أعلنتها الحكومة العراقية. 
ان آفة الفساد وجدت حاضنة لها في العراق بسبب ضعف الدولة والقضاء امام قوة وسلاح المليشيات المسلحة التي انشأتها ايران في العراق وهذه الآفة لا يمكن مكافحتها من قبل أي حكومة مهما كانت قوية وتحتاج لتدخل دولي ينقذ العراق منها ، وهنا نستذكر اول سطور هذا المقال عندما اشرت الى ان الإدارة الامريكية التي اسقطت النظام السابق تتغاضى عن ما يجري في العراق رغم علمها، وتتعامل مع المليشيات الخارجة على القانون وكأنها جهات شرعية تمثل الشعب رغم موقف الشعب الواضح من هذه المليشيات وهو ما عبرت عنه احتجاجات تشرين عام 2019 والتي راح ضحيتها اكثر من 1000 شهيد وآلاف الجرحى وسط صمت دولي عن كل الجرائم التي اقترفتها هذه المليشيات بحق المتظاهرين، وايضاً تهاون المجتمع الدولي المتمثل بممثليته في العراق مع المليشيات وتغاضيها الصريح عن الجرائم التي ترتكبها بعد ان أصبحت تتعامل بنفس طريقة التجاهل التي تتبعها أمريكا مع جرائم المليشيات. 
ان استمرار هذا التعاون الصريح بين إيران وامريكا على تدمير العراق بهذه الصورة الممنهجة قد يدفع بالعراق الى هاوية وينذر بتفجر الأوضاع خصوصاً ان انتشار السلاح في العراق أصبح مخيفاً لدرجة تثير مخاوف حتى دول الجوار لأن هذ المليشيات سبق ان هددت، بل وقصفت دول الجوار بالصواريخ وأطلقت طائراتها المسيرة تجاههم ناهيك عن عمليات تهريب المخدرات التي تتم على قدم وساق الى هذه الدول. 
وبين التجاهل والتعامل غير المنصف مع القضية العراقية يأن الشعب العراقي تحت خط الفقر والعوز بلا مستقبل وبلا امل في التغيير ليتحول من دولة يشار لها بالبنان الى دولة ممزقة فقيرة يعيش شبعها على حشاش الأرض.