ليث السعد يكتب: خارطة طريق أو طريق خارط.. العراق إلى أين؟
خرط أو خارط كلمة عامية عراقية نستخدمها للتعبير عن الكلام المبالغ فيه أو الذي يستحيل حدوثه، أو حتى الكلام الفارغ الذي ليس حقيقي أو كلام بدون أي قيمة وليس واقعي و كلام غير مفيد بالمرة، وكلامي هذا موجه الى المحللين السياسيين والباحثين في الشؤون السياسية الذين يطلون علينا يوميا على شاشات التلفاز وعلى أجهزة الراديو، ولم يكتفوا بذلك بل حتى غزو مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات بطرحهم مبادرات وخرائط طرق لحل الأزمة السياسية في العراق، وكأن الأزمة في العراق هي وليدة اللحظة وبإمكان هذه المبادرات وضع حد ونهاية لها، ومتناسين أن الازمة السياسية التي يعيشها العراق منذ سنوات عديدة هي صراع شخصي بين سياسيين اثنين يملكون أحزاب سياسية وميليشيات مسلحة هي الأقوى في البلاد حتى أقوى من القوات المسلحة نفسها.
الخلاف بين المالكي والصدر تحول منذ سنوات إلى صراع من أجل زعامة البيت الشيعي، حتى تحول هذا الصراع إلى حرب بين بعضهم البعض،
ويعود الخلاف المتبادل بين الرجلين إلى مارس/ آذار 2008، حين شنّ المالكي حملة عسكرية كبيرة مدعومة من الجيش الأميركي سُمّيت بـ"صولة الفرسان" ضدّ قوات "جيش المهدي" التابعة للصدر في بغداد ومدن الجنوب البصرة و ميسان. وأسفرت عن مقتل العشرات واعتقال المئات منهم، وزّجهم في السجون.
واعتبر الصدر يومذاك، هذه العملية محاولة لسحق "التيار الصدري" وإجباره على الرضوخ للقوى الشيعية الأخرى.
الصراع تحول من شخصي إلى اجتماعي ولاحقا إلى سياسي حتى وصل الأمر إلى كسر العظم بينهم، و التهديد والوعيد.
وكان الصدر مؤخراً تحول إلى ناقد رئيسي لسياسات رئيس الوزراء الأسبق حتى وصل الأمر مؤخرا إلى وصف المالكي بالدكتاتور ودعوته إلى محاسبته وحتى حكمه بالإعدام، المالكي لم يكتفي بالصمت فقد اظهرت التسجيلات المسربة المنسوبة للمالكي عن امتعاض الأخير من تصرفات الصدر واتهامه بالعمل على شق وحدة الصف الشيعي وأنه يعمل تحت تصرف الغرب، وأكد المالكي أيضا أنه سيقف ضد تطلعات الصدر مهما كلفه الامر.
ومع انسحاب الصدر من البرلمان سيسارع المالكي لتشكيل حكومة بمساعدة أكبر عدد من المقاعد الشيعية في مجلس النواب بمعزل عن التيار الصدري الذي انسحب من مجلس النواب، بينما الصدر سيحاول منع تشكيل الحكومة بأي ثمن بمساعدة من حلفائه الكرد والسنة وحتى الشارع، وعلى الأرجح ستشهد الأسابيع المقبلة استمراراً في التوتّر بين الطرفَين، وقد يتمّ اللجوء إلى المزيد من الوسائل غير السياسيّة في الضغط المتبادل بينهما، والواضح هو أن الصدر يميل إلى الدخول في مواجهة مفتوحة غير سياسيّة مرة أخرى في هذه المرحلة، وهو يميل إلى توظيف التذمّر الشعبي ومطالب التغيير لصالحه بينما يسعى المالكي إلى تسديد أكبر عدد من الضربات إلى منافسيه الصدريّين بغية إضعافهم وتقليص حجمهم في الشارع ، بعد إبعادهم من مجلس النواب.
وإلى الباحثين والمحللين ليس كل ما يتداول صحيح، وغير صحيح أن الأزمة في العراق ليست عميقة بل هي كبيرة جدا، وباختصار حل الأزمة في العراق هو تنازل إحدى الرجلين للآخر بزعامة المكون الشيعي والاعتراف بالهزيمة والانسحاب من العملية السياسية نهائيا وليس مؤقتا، لأن في قانون الممالك لا يمكن أن يتشارك ملكين لحكم مملكة واحدة وهم على قيد الحياة هذا ما أخبرنا به التاريخ، بقاء الأمور على حالها ستزيد من تأزم في الوضع الحالي حتى خروج العراق من الحالة المستقرة إلى مفترق طرق غير معروفة المصير.