بالرغم من المحاولات الدبلوماسية.. هل تستمر روسيا في توجيه ضربات صاروخية لأوكرانيا؟
يبدو أن الحرب الروسية - الأوكرانية، ستظل على صفيح ساخن لفترة ليست بالقليلة، فبالرغم من كافة المحاولات الدولية للوصول لحل دبلوماسي يهدأ من الوضع، لكن الجانب الروسي يسعى جاهدًا لفرض قوته العسكرية على المشهد.
ففي حوالي الساعة الحادية عشر من صباح اليوم الأثنين، وردت تقارير من أوكرانيا تفيد بتعرض عدة مدن ومناطق لضربات صاروخية روسية، أدت لضرر أجزاء من البنية التحتية للطاقة في البلاد في نحو 11 مدينة ومنطقة.
وأفادت وسائل إعلام محلية بوقوع إضرابات في ما مجموعة 16 مدينة، بما في ذلك العاصمة كييف، وأسفرت الضربات أيضًا عن وقوع عدد من الوفيات، ولكن لم يتم الإبلاغ عن الرقم الدقيق بعد.
رد الفعل الأوكراني
عاشت أوكرانيا لحظات عصيبة في ظل الضربات الموجعة والمميتة التي وجهتها القوات الروسية، ولكنها لم تقف مكتوفة الأيدي بل أسرعت القادة السياسية هناك لإطلاق تصريحات بها تهديد ووعيد للجانب الروسي في حالة استمرار هذه الأفعال المنافية للسلام والمضادة لمحاولات الدول المختلفة لوصول حل دبلوماسي للأزمة.
فمن جانبها، قالت وزارة الدفاع الأكرانية إنها ستسعى للانتقام من الضربات الصاروخية الروسية التي استهدفت مدنا في أنحاء أوكرانيا صباح الاثنين.
وأضافت الوزارة: "سقط ضحايا ووقع دمار.. سيُعَاقَب العدو على الألم والموت الذي تسبب فيه بأرضنا، سنأخذ بثأرنا".
وكشفت الشرطة الأوكرانية، عن مقتل 8 أشخاص على الأقل وإصابة 12 بجروح في حملة القصف التي استهدفت كييف.
وبدوره، أعلن الجيش الأوكراني أن روسيا أطلقت 75 صاروخًا على أوكرانيا في حملة قصف استهدفت عدة مدن.
وكتب قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجنيي على تليجرام، أن المعتدي أطلق قبل الظهر 75 صاروخا أسقطت دفاعاتنا الجوية 41 منها، مشيرا إلى أن روسيا استخدمت كذلك "طائرات مسيرة عسكرية".
كارثة كبرى في نظام الطاقة
بعد انتهاء الهجوم الروسي الشرس على القوات الأوكرانية، بدأت الأخبار في الانتشار عن حدوث كارثة كبيرة في نظام الطاقة بأوكرانيا والذي من شأنه جعل هناك مشكلة في تشغيل الكهرباء باتت واضحة تمامًا مع قدوم الليل حيث عم الظلام.
وهذا ما أكده وزير الطاقة الأوكراني، هيرمان جالوشينكو، حيث قال إن الضربات الصاروخية الروسية على البنية التحتية لأوكرانيا هي أكبر هجوم على نظام الطاقة في البلاد منذ بداية الحرب.
وقال جالوشينكو، في بث تلفزيوني:" هذا هو أكبر هجوم على نظام الطاقة الأوكراني خلال الحرب بأكملها، تعرضت شبكة الطاقة بأكملها لأضرار كبيرة من أجل تعقيد إمكانية إعادة الاتصال وتزويد الطاقة من مصادر أخرى”.
إدراج مسئولين روس على قائمة المطلوبين
وفي صعيد متصل، بدأت القيادة الأوكرانية في اتخاذ عدد من الإجراءات للرد على الهجمات الروسية، خاصة وأنها استهدفت مواقع معينة لإضعاف البنية التحتية الأوكرانية حتى يسهل الأمر على القوات الروسية في المستقبل، حسبما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومن هذا المنطلق، أعلنت أوكرانيا، إدراج عدد من المسؤولين الروس، بينهم وزير الدفاع سيرجي شويجو، ووزير الخارجية سيرجي لافروف، على "قائمة المطلوبين".
وأدرجت الاستخبارات الأوكرانية كل من نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين، وسكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، ووزير الدفاع سيرجي شويجو، ورئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف، ووزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف، ورئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو، بقائمة المطلوبين.
ووجهت أوكرانيا للمسؤولين الروس "المطلوبين" تهم التعدي على سلامة أراضي أوكرانيا وحرمة البلاد.
ونشر الموقع الإلكتروني لقاعدة بيانات الأشخاص المطلوبين لوزارة الشؤون الداخلية بأوكرانيا، صورًا لعدد من الشخصيات التي تم إدراجها على قائمة المطلوبين.
ردود فعل زيلينسكي
لم يقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مكتوف الأيدي، بل خرج ليطلق عددًا من التصريحات ردًا على الهجوم الروسي، حيث قال: "روسيا تهاجم البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء البلاد".
وأضاف زيلينسكي:"ناقشت مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعزيز دفاعنا الجوي والحاجة إلى رد فعل أوروبي ودولي قوي".
وتابع الرئيس الأوكراني:"اتفقت مع المستشار الألماني على عقد اجتماع عاجل لمجموعة الـ7 الكبرى لبحث الهجمات الروسية".
مواقف دولية
بعد وقوع الهجمات، بدأت ردود الفعل الدولية في رفض ما يحدث، مطالبين الجانب الروسي بضبط النفس وترك القوة جانبًا والعمل على فتح باب للتواصل والوصول لحل دبلوماسي ينهي الأزمة دون وقوع خسائر بالجانبين.
فمن جانبها، دعت وزارة الخارجية الصينية، إلى وقف التصعيد في أوكرانيا بعد أن هزت انفجارات عدة مدن منها كييف.
وقال المتحدث باسم الوزارة ماو نينغ، في إفادة صحفية "نأمل في وقف التصعيد قريبًا".
وعلّق وزير الخارجية البريطاني، قائلًا:"من الواضح أن ما شاهدناه اليوم هو عرض للضعف وليس القوة من قبل بوتين".
وبدوره، عبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي عن صدمته "العميقة" إزاء الضربات الروسية على أوكرانيا.
وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "قلق بالغ" حيال تطورات أوكرانيا ويؤكد التزامه "زيادة" الدعم العسكري.
وتابع ماكرون:"فرنسا مستعدة لتقديم مزيد من المساعدة للجيش الأوكراني بعد الهجمات الروسية الأخيرة".
رد الفعل الأمريكي
وكالعادة ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية في المشهد، متمثلة في الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أكد في تصريحات له اليوم، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر في دعم أوكرانيا، قائلًا:"الهجمات الروسية ستعزز التزامنا بدعم أوكرانيا".
وأشار بايدن، إلى أن الولايات المتحدة ستواصل فرض أثمان على روسيا بسبب عدوانها ضد أوكرانيا، مضيفًا:"ندعو روسيا إلى إخراج قواتها فورا من أوكرانيا ووقف عدوانها".
ومن جانبه، أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، أعرب عن أعمق تعازيه لوزير الخارجية الأوكرانيا، ديمترو كوليبا بعد سقوط ضحايا اليوم، مؤكدا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب أوكرانيا.
وأشار بلينكن، إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدة الاقتصادية والإنسانية والأمنية الحيوية حتى تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن نفسها ورعاية شعبها، مجددًا التأكيد على دعم الولايات المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها.
أمريكا تعقد الحل الدبلوماسي
بعد التأكيد الأمريكي على استمرار دعم اوكرانيا، بدأت روسيا في الحديث عن مساعي أمريكا الخفية، ودورها في هدم الحوار الدبلوماسي، والذي من شأنه أن يعقد الأمور أكثر.
وهذا وفق لما قالته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن روسيا منفتحة على الدبلوماسية، لكن تشجيع واشنطن "للطابع العدواني" لأوكرانيا يعقد الجهود الدبلوماسية لحل الصراع.
وكتبت زاخاروفا، على موقع الوزارة على الإنترنت:"نكرر مرة أخرى، للجانب الأمريكي بوجه خاص: المهام التي نحددها في أوكرانيا سيتم إنجازها"، وفقا لوكالة"رويترز".
وأضافت:"روسيا منفتحة على الدبلوماسية والشروط معروفة جيدا. وكلما طال أمد تشجيع واشنطن لطابع كييف العدواني، وتشجيع الأعمال الإرهابية للمخربين الأوكرانيين بدلا من منعها، كان البحث عن حلول دبلوماسية أكثر صعوبة".
توقعات بخفض حدة الضربات
ويتوقع عدد من الخبراء بخفض حدة الضربات في الأيام القادمة، حيث قال ديمتري ألبيرتوفيتش، وهو خبير في الأمن القومي، على “تويتر”، إن “الضربات، على الرغم من مأساويتها، من المرجح ألا تكون مستدامة بمعدلها”، ووصف المعدل الحالي للضربات بأنه “معبر”.
وأضاف: “على الرغم من فظاعة اليوم بالنسبة لأوكرانيا، فإن الأخبار السارة هنا هي أن روسيا لا تستطيع على الأرجح الحفاظ على هذا المعدل من إطلاق الصواريخ، من الواضح جدا أنهم لم يكن لديهم هذا المعدل من الصواريخ بعيدة المدى منذ بداية الحرب”.
وأعاد ألبيروفيتش في وقت لاحق نشر تغريدة، ردًا على منشوره الأولي من مايكل كوفمان، المحلل ورئيس الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية.
وأشار كوفمان إلى أن معدل الضربات ضد أوكرانيا قد تضاءل على مدار الغزو وأن أنواع الصواريخ التي تم نشرها مؤخرا تشير إلى وجود مشكلة في إمدادات روسيا من الأسلحة.
وكتب كوفمان: “لقد رأيت عددا من التقديرات السيئة. هذه لا تزال تعكس اليقين الزائف للأرقام، ما يمكن قوله ببعض الثقة هو أن معدل الضربات انخفض بمرور الوقت، وأن أنواع الصواريخ المستخدمة في كثير من الأحيان تشير إلى تضاؤل مخزونات الصواريخ الموجهة بدقة”.